عون سيربح وتخسر المؤسسة التي وعد بها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فداء عيتاني من بيروت: ربما أبرز التطورات في لبنان انتخابيا قبل ساعات من افتتاح التصويت في صناديق الاقتراع اتى من النائب نسيب لحود، الذي اتهمه ميشال عون، العائد من باريس مؤخرا، بدور في تسهيل عبور السوريين الدموي إلى قصر بعبدا في العام 1991، لانهاء تمرد الاخير، في الوقت الذي عقد فيه ميشال عون التحالف نهائيا مع ميشال المر الذي قال عنه نسيب لحود انه "ابرز عناصر الفساد" في السلطة اللبنانية الحليفة لسورية بين اعوام 1990 والانسحاب السوري من لبنان العام الحالي.
وفي طريقه الذي يشتهيه ميشال عون إلى قصر بعبدا مجددا، بعد ان اخرجه منه الجيش السوري بموافقة اميركية، يتحالف ميشال عون مع كل الاطراف من رئيس الجمهورية الحالي الممدد له اميل لحود إلى ابرز حلفاء سورية بين الدروز طلال ارسلان، ويطمح عون إلى الحصول على 20 نائبا في تمهيد ضروري للوصول إلى الرئاسة، دون ان ينسى طبعا "القصف العشوائي" على كل الموارنة البارزين في لبنان، من بطرس حرب إلى نسيب لحود إلى غطاس خوري الذي تطفلت ماكينات ميشال عون بتشويه سمعته دون ان تقدم ملفا قضائيا بحقه رغم خطورة اتهامات الفساد المشهورة بوجهه.
وفي الطريق نفسه إلى قصر بعبدا، حيث ينتظره بعد عامين ونصف تقريبا جنرال اخر اتى من رحم المؤسسة العسكرية نفسها وهو يتمتع اليوم بلقب فخامة الرئيس، يحتكم الجنرال ميشال عون إلى طائفته، ويستفيد من عطف المسيحيين عامة، من غير الموارنة الذين يطمحون إلى دور مؤسساتي في لبنان، وفي سياق البحث عن المؤسسات سيحاول عون، كما طوال حياته السياسية التي بدأها بحربي تحرير والغاء، دون ان يربحهما، سيحاول ميشال عون ان يبدو كرجل مؤسسات، وان كانت نتائج الانتخابات في الغد ستظهر ما بات معروفا، الجنرال ميشال عون هو المقياس، ومن يتحالف معه يكون "مناضلا ضد الوجود السوري، وشفافا، ونزيها وطاهرا، ورجل دولة ومؤسسات" مثله، ومن يستعديه يكون على عكسه تماما، أي رجل عمالة لسورية وفساد وهدر وبترودولار ويجب ان يوضع على الكرسي ويسأل "من اين لك هذا؟".
الجنرال ميشال عون، وللحظة كان يذكر بامكانية الحلم في بلد يستند إلى الطوائف، وكان يمكن للانتخابات النيابية ان تكون فرصة جدية لاطلاق سراح الحياة السياسية في لبنان من صيغة حكم الطوائف والعائلات التقليدية، والاطراف التي تمتلك مجموعة المصالح المعروفة في الهدر والفساد وتقاسم الحصص في دولة تشبه مزرعة، الا ان ميشال عون ابعد الكوادر الشابة الاكثر اخلاصا في انتخاب لكوادره الاكثر طاعة لا الاكثر فاعلية ودينامية، وقدم عنهم غيرهم، وقرر خوض الانتخابات بنفسه ولنفسه، ومن لحظة ترجل من الطائرة التي اقلته من باريس إلى بيروت، وبدأ بممارسة ما اعتاد عليه، الصراخ على الصحافيين، ومن ثم انتقل إلى شتم وسائل الاعلام، كما استخف لحظة موت سمير قصير بموت الرجل، وبالرجل نفسه، وبعدها بلحظات تابع مؤتمره الصحافي لاعلان لائحته، وهو بعد ساعات سيحتكم إلى صناديق الاقتراع ليترك للناخب ابداء موقفه.
الجنرال يداعب حلم المسيحيين في لعب دور أكثر فاعلية في حكم لبنان، ولكنه أيضا سيحطم هذا الحلم بعد لحظات من انتهاء الانتخابات، وهو من اليوم يقود المسيحيين مجددا نحو احباط اخر، بعد احباط سبق ان قادهم اليه، ربما بمشاركة جزئية من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع القابع الان في السجن، وربما لم يتخلص المسيحيون في لبنان من هذا الاحباط إلى اللحظة.
الا ان قصف الجنرال ميشال عون لم يطاول فقط الاطراف اللبنانية، ولم يكتف فقط بشتم رفيق الحريري (وذريته في السياق) ولكن ابى الجنرال الدخول إلى الانتخابات النيابية الا على دوي قصف دولي، حيث اخرج بعض الاطراف الخليجية من هدوئها، عبر تكرار الحديث عن تدخل البترودولار في الانتخابات اللبنانية، بينما كان هو في لحظات جنون القصف يدك المناطق السكنية بقذائف كتب اسفلها "صنع في العراق" كما كان ينير الطرقات في المناطق التي يسيطر عليها بفضل نفط العراق، الذي وجد فيه افضل شوكة في خاصرة عدوه انذاك الحكم البعثي في سورية، الذي كان يقترب من نقطة التوافق مع واشنطن، ووصل اليها لحظة شارك ضد بغداد في حرب الخليج الثانية، ولحظة حلقت طائرات السوخوي فوق قصر بعبدا، مما حدا بالجنرال ميشال عون إلى ترك القصر وفيه عائلته، متوجها إلى السفارة الفرنسية.
الجنرال يخوض غدا حربا اخرى، من بداية الجبل إلى نهايته، وقد وحد الجنرال الكل، الكل حرفيا ضده، لم يعد ير في المدى المنظور اية قوى يمكن ان يتحالف معها، الا جنرالا يقبع في قصر بعبدا، وبعض القوى الاكثر هامشية في تركيبة لبنان.
وغدا سيفوز الرجل الذي طالما قيل انه رجل مؤسسات، سيفوز الرجل وتخسر المؤسسة التي كان يعد بها.