تلفزيون قطر يشطب أرشيف القرضاوي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نصر المجالي من لندن: في آخر خطبة جمعة له في مسجد عمر بن الخطاب في العاصمة القطرية الدوحة، ودع الشيخ يوسف القرضاوي المثير للجدل، جمهور المصلين ممن سمعوا الخطبة بالقول "إنها قد تكون آخر خطبة له في هذا الموسم"، وتلا هذا الوداع بدعاء مؤثر حسب ما نقلت صحيفة (الراية) القطرية في عددها يوم السبت (11 / 6/2005 ) ، ولكن ما هو أغرب من ذلك هو أن الشيخ الداعية الذي يحتل برنامج (الشريعة والحياة ) الذي تبثه فضائية (الجزيرة) التي تمولها حكومة الدوحة، أعلن من على منبر الخطبة أن تلفزيون قطر الرسمي
مسح جميع الأشرطة التي سجلت عليها خطبه.
وفتح هذا الإجراء من جانب التلفزيون الذي تشرف عليه إدارة الإعلام التابعة لوزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر، بوابات كانت مغلقة لجهة نقاش أية قضية تتعلق بالقرضاوي على الساحة القطرية، سواء على صعيد إعلامي أو سياسي أو شعبي بالتالي.
وتركزت التساؤلات حول ما إذا كان هنالك قرار قطري من المستويات العليا بذلك، تمهيدًا للحد من نشاطات الشيخ الذي كانت دولة قطر منحته جنسيتها في العام 1977 ، وأنشئ لها معاهد دينية كثيرة كانت تشكل مصنعا لتفريخ الدعاة ورجال الدين والخطباء على مختلف مشاربهم ومناهلهم ومدارسهم الدينية بما في ذلك المتشددين، خصوصا وأن القرضاوي "كان سيد قرارات تعيين المدرسين في تلك المعاهد حيث جلّهم إن لم يكونوا جميعهم ينتمون لحركة (الإخوان المسلمين) سواء في مصر أو الأردن أو سورية.
وإن صحت أهداف التساؤلات، فإنه يبدو أن قطر التي دخل دستورها الدائم حيز التنفيذ، في التاسع من الشهر الحالي وبدأت تستعد لانتخابات برلمانية وتكريس خطوات إصلاحية، تستعد سواء بسواء إلى خطوات نحو "انتخاب برلمان جديد في غضون أقل من عام وهي تريده مفتوحا لجميع التيارات لا أن يسيطر عليه المتشددون الذين يقودون مواقع مهمة في البلاد ومنها مواقع إعلامية مؤثرة كفضائية الجزيرة ومؤسسات إعلامية وتربوية وتعليمية رسمية أخرى".
يذكر أن القرضاوي حاول القيام بوساطات لم تحقق نجاحات لدى بعض الأنظمة العربية، ومن بينها سورية والجزائر، في محاولة منه لتقريب بين هذه الأنظمة والجماعات الإسلامية، والتقى القرضاوي في الشهر الماضي مع الرئيس السوري بشار الأسد لمصالحته مع جماعة الإخوان المسلمين التي تطاردها السلطات السورية منذ مطلع ثمانينيات القرن الفائت، لكن يبدو أن المحاولة باءت بالفشل، حتى أن الحكم السوري شن حملة مطاردة جديدة للاجئين السوريين من جماعة الإخوان العائدين من الخارج.
حتى أن القرضاوي لمح في شكل سريع إلى مسألة التشدد في بداية خطبته، ودافع عن نفسه في هذا المجال
بكلام مقتضب في سياق الخطبة قائلا "أنا لست من المتشددين، كما يعلم الناس"، وأضاف "بل بالعكس الناس يتهمونني بالتسهيل وأنا مسهل وميسر"، وهو تعلل بالسنة النبوية بقول "لأن الرسول هو الذي أمرنا بذلك: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ولكن التسهيل والتيسير لا يعني ان نحلل الحرام، لا يعني ان نسقط الواجبات، لا يعني ان نستهين بالمقدسات.. هذه خطوط حمراء لابد ان يحترمها الناس، ويقفوا عند حدودها.. وهذه نصيحتي لكم أيها الإخوة والأخوات ولعل خطبتي هذه تكون الأخيرة في هذا الموسم، وأسأل الله تعالي ان يردنا اليكم مرة أخرى"، وقالت الراية القطرية "ثم دعا القرضاوي دعاء مؤثرا".
وقالت الصحيفة القطرية إن "القرضاوي تأسف لما قام به تلفزيون قطر من محو الأشرطة التي تسجل خطبه، خاصة خطب هذا العام التاريخية ودعا المصلين والمشاهدين إلي أن يزودوه بها بعد أن فاته تسجيلها"، ولوحظ أن خطبته الأخيرة يوم الجمعة الموافق ( 10/ 6 / 2005 ) تركزت على فقه السفر والسياحة، "حيث دعا المسلمين إلي تحويل المباحات إلي عبادات وطاعات والعادات إلي عبادات، مبيحاً السفر والسياحة لأمور عددها، وأوصاهم باختيار الزمان والمكان والرفيق المناسبين، محذراً من ترك الفرائض والتكاليف، كما حذر من الحفلات الماجنة، وذهاب المرأة إلي المسابح المشتركة بلباس البحر".
يذكر أن القرضاوي غير مسموح له زيارة الولايات المتحدة، كما أن الولايات المتحدة وضعت البنك الذي يساهم فيه بنسبة كبيرة وهو بنك (التقوى) على قائمتها المحظور التعامل معها، على أن محكمة فيدرالية سويسرية كانت حكمت لصالح البنك بالبراءة. ويدير البنك وساهم في تأسيسه المليونير المصير المقيم في سويسرا يوسف ندا وهو من الزعامات الدولية لتنظيم (الإخوان المسلمين).
وفي خطبته، هاجم القرضاوي عادات التدخين والشيشية في دول الخليج العربية، وقال "انتشرت للأسف في بلاد الخليج: التشييش، يمكن أن يرتكب الرجل هذا، أما أن ترتكب المرأة معصية تعاطي الشيشة؟ هذه أشياء غريبة دخيلة علي مجتمعاتنا يجب أن نقاومها.. لقد أعلنت مراراً وتكراراً أن التدخين حرام، حرام لا أشك فيه لأنه إضرار بالجسد، وتضييع للمال فيما لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة، واستعباد للإرادة وإضرار بالآخرين تلزمهم أن يدخنوا معك قسراً، ونفع للشركات الاستعمارية".
وقال "شركات السجائر، وكذا.. كذا.. أنا أحرم هذا على الجميع وعلى المرأة أكثر ما أقبح المرأة التي تسود أسنانها من شرب السجائر ولا تطاق رائحتها، من هذه الرائحة الكريهة.. النبي صلى الله عليه وسلم حرم على المسلم اذا أكل بصلاً أو ثوماً أو كراتاًً أن يذهب الي المسجد حتي لا يتأذى منه الآخرون فكيف تؤذي هذه المرأة رفيقها وزوجها والصاحب بالجنب؟.. هذا كله لا يجوز". ..
وأضاف "لا يجوز أن تذهب المرأة الي المسابح والشواطيء المشتركة بالملابس المعروفة: المايوه والبكيني.. أصبحت المرأة، حرة فلماذا تظل في هذا الكبت -قال ذلك ساخراً -في بلدها؟ ورد: والله هذا ليس كبتا، انه الاحترام، انه الوقار، انها الحشمة، انه الإحصان، انه الحياء الذي هو من الإيمان، ولا يأتي إلا بكل خير، لا ينبغي للمرأة المسلمة ان تضيع دينها اذا ذهبت في سياحة ولا الرجل أيضاً".
واعتبر القرضاوي نساء الخليج العربي كـ "الخيام السوداء في ملابسهن"، وقال "رأيت بعيني في مدينة كبري من مدن الخليج لا أذكر اسمها دفعاً للحساسيات، كنت ذاهباً إلي باريس وبعد منتصف الليل قامت الطائرة، أنا راكب في الدرجة الأولي، دخل علي قبل أن تقوم الطائرة بضع نسوان لم أر منهن شيئاً، خيام سوداء.. وأكلنا بعض الطعام ثم نمنا.. وحينما اقتربنا من باريس أيقظونا، نوشك أن نهبط، وتطلعت عن يميني وعن شمالي أبحث عن الخيام السوداء فلا أجد لها أثراً: آخر المودات، شيء لا أستطيع أن أصفه، أناس أخريات، ما هذا أهذا ما شرعه الله؟ المرأة تكون محتشمة ومحجبة ومنقبة أمام أهلها، ثم تترك كل شيء؟".
ولد يوسف القرضاوي (9 سبتمبر 1926) في قرية صفت بالمحافظة الغربية في مصر. مات ابوه عندما كان سنّ القرضاوي عامين، وتولى عمّه تربيته. حفظ الشيخ القران الكريم و هو دون سن العشر سنوات وقد التحق بالأزهر حتى تخرج من الثانوية و كان ترتيبه الثاني على مملكة مصر حينما كانت تخضع للحكم الملكي ثم التحق الشيخ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومنها حصل على العالية سنة 1953 .
وفي سنة 1958 حصل الشيخ القرضاوي على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب، وفي سنة 1960 م حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين , وفي سنة 1973 حصل على (الدكتوراة) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية، وكان موضوع الرسالة عن "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية".
وفي مواقع الكترونية إسلامية ينفق عليها الداعية ومنها (إسلام أون لاين) يرد الآتي في الكلام عن سيرة القرضاوي "لقد عانى الشيخ يوسف القرضاوي الكثير من الصعاب و الاضطهاد السياسي في بداية حياته و قد سجن الشيخ يوسف عدة مرات لاتباعه فكر الاخوان المسلمين بزعامة حسن البنا والتي كانت تُعدّ من الحركات المحظورة. فقد دخل السجن اول مرة عام 1949في العهد الملكي وزُجّ به في المعتقل 3 مرات في عهد الرئيس المصري جمال عبدالناصر".
وفي سنة 1961 تمت الإستعانة بالشيخ يوسف القرضاوي للمعهد الديني الثانوي بدولة قطر و عمل هناك مديراً للمعهد . كما حصل القرضاوي على الجنسية القطرية واتخذ من دولة قطر مستقراً له. وفي سنة 1977 تولى تأسيس و عمادة كلية الشريعة و الدراسات الإسلامية بجامعة قطر و ظل عميداً لها الى نهاية 1990 ، كما اصبح الشيخ يوسف مديراً لمركز بحوث السنة و السيرة النبوية بجامعة قطر ولا يزال قائماً بإدارته الى الآن.