الاتفاق مع المسلحين والانسحاب والدستور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اسامة مهدي من لندن : توقعت مصادر عراقية وصول السفير الاميركي الجديد زلماي خليل زادة الى بغداد خلال ايام اثر موافقة مجلس الشيوخ اليوم على تعيينه بمنصبه الجديد مشيرة الى ان ملفات صعبة ومعقدة تنتظر الرجل الذي استطاع ان يضع العملية السياسية في افغانستان خلال عمله سفيرا هناك على الطريق المطلوب فيما ابدى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس ثقتهم في قدرته على التغلب على التحديات الخطيرة التي سيواجهها في العراق حيث قتل أكثر من 1700 جندي أميركي وآلاف العراقيين منذ الحرب التي اطاحت بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في اذار (مارس) عام2003 .
واشارت المصادر التي تحدثت معها "ايلاف" اليوم الى ان اولى المهمات التي سيتصدى لها زادة هي مواصلة الاتصالات مع المسلحين المقاومين للوجود الاميركي بالترافق مع تصعيد مليات تدريب القواتالعراقية وتاهيلها لاستلام الملف الامني في وقت بدات ترتفع فيه اصوات للمرة الاولىداخل مجلس الشيوخ لاصدار جدل زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق وتوسيع اعملية السياسية وانجاز كتابة الدستور الجديد وسط تجاذبات طائفي وقومية حول الفيدرالية ودور الدين في التشريع واجراء الانتخابات الثانية اضافة الى الشروع بعمليات فعلية لاعادة اعمار البلاد التي انهكتها الحروب .
واشارت الى ان زادة عازم على تشجيع المجموعات المسلحة الراغبة في القاء السلاح على الدخول في العملية السياسية وخاصة المنظمات التي ترتكب اعمال قتل موضحة انه سيولي اهية الى انهاء ملف متابعة البعثيين واشراك العناصر التي لم تشارك النظام جرائمه في هذه العملية وفي هذا المجال يؤكد زادة انه "لايمكن اعتبار اي فئة مسؤولة عن جرائم الماضي التي ارتكبتها قلة منها". وقالت ان انجاز دستور جديد للعراق يعتبر ايضا من المهمات الملحة التي سيعمل زادة على المساعدة على انجازها وسط خلافات بين القوى العراقية حول تمثيلها في لجنة كتابته ومضامينه خاصة بالنسبة للفيدرالية ودورالدين الاسلامي في التشريع العراقي وهما قضيتان ستشهدان خلافات حادة يبدو انها لن تحسم الا بتدخل اميركي حاسم على انجاز الدستور في الموعد المحدد له وهو منتصف اب (اغسطس) المقبل ليتم التصويت عليه منتصف تشرين الاول (اكتوبر) المقبل .
وحول جدولة انسحاب القوات الاميركية الذي تطالب به قوى عراقية تشددة مشترطة تحقيقه للمشارك في العملية السياسية فان هذهالمسالة بدات تاخذ بعد جديدا اه صدى داخل الادارة الاميركية نفسها من خلال مطالبة اعضاء في مجلس الشيوخ بهذا الجدول وهو امر يتوقع ان تتوسع المطالبة به مما سيدفع بزادة الى العمل على تسريع عمليات بناء القوات العراقية واستكمال جاهزيتها لاستلام الملف الامني تجنبا لاي مفاجئة بقرار بالالنسحاب برغم رفض الرئيس الاميركي جورج بوش لهذه المطالب لحد الان .وتشير المصادر الى ملف اعادة الاعمار كواحد من القايا المهمة التي يجب ان يتصدى لها السفير الجديد للبدء بعمليات اعمار عاجلة لمرافق الدولة وبنيتها التحتية المدمرة وسط فساد اداري طال الاجهزة العراقية والاميركية على السواء والتي تجري حاليا تحقيقات حولها وقالت ان انتعاش الاقتصاد العراقي وتوفير الخدمات الاساسية والقضاء على البطالة تعتبر اسسا مهمة لانجاح مساعي زادة سياسيا وامنيا .
وبمصادقة مجلس الشيوخ على التعيين يكون خليل زاده وهو أميركي من أصل أفغاني مسؤولا عن اكبرسفارة للولايات المتحدة في العالم تضم الفا و160 عسكريا ومستشارا وخبيرا امنيا ليحل مكان جون نغربونتي الذي أصبح مديرا للمخابرات القومية حيث أشرف في افغانستان على الانتخابات وعملية إعادة الإعمار.
خطط زادة لعراق آمن وجديد
وأثناء جلسة استماع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في السابع من الشهرالحالي للتصديق على تعيينه عرض خليل زاده خطة من سبعة بنود للعمل مع العراقيين لمساعدتهم في هزيمة المسلحين الذين يشنون حملة عنف وإعادة بناء البلاد. وأشاد أعضاء اللجنة بعمله في أفغانستان وأبدوا ثقتهم في قدرته على التغلب على التحديات الصعبة التي يواجهها في العراق بعد ان عرض عليها خطة من سبعة بنود للعمل مع العراقيين لمساعدتهم على تذليل الصعوبات الراهنة، وفي مقدمتها توفير الأمن والنهوض بالعراق نحو مستقبل يعمه الرخاء والازدهار.
فقد قال خليل زاد لأعضاء لجنة الشؤون الخارجية: "في حال تثبيتي سأعمل من خلال شراكة مع جميع العراقيين- جميع الفئات الدينية وجميع المجموعات العرقية من رجال ونساء- لتعجيل تحقيق النجاح في العراق. وما أقصده بالنجاح هو عراق يمكنه الوقوف على قدميه يوفر عملية سياسية مفتوحة وتمثيلية يمكن لجميع العراقيين المشاركة فيها، ويوطد الأمن لشعبه، ويخلق الازدهار الاقتصادي الذي سيمكن العائلات العراقية من الحصول على التعليم والعناية الصحية وغيرهما من الخدمات الأساسية".
أما بالنسبة للتصدي للمتمردين الذين يواصلون سفك الدماء البريئة في العراق فقد أعلن السفير المعين قائلا "للحيلولة دون تحقيق الإرهابيين لهدفهم بإشاعة حرب أهلية شاملة في العراق سأعمل مع الزعماء العراقيين لتوحيد المواطنين العاديين ضد الإرهابيين والبعثيين المتعصبين. وسأتواصل مع أفراد جميع فئات الشعب العراقي لمساعدتهم في التوصل إلى رؤيا مشتركة موحدة- ميثاق وطني لمستقبل بلدهم السياسي. ولا يمكن وضع هذا الميثاق إلا من خلال عمل جميع العراقيين معا .. وينبغي أن يتجسد هذا التفاهم المشترك بين جميع الفئات العراقية في دستور سليم مستنير يشتمل على الديمقراطية والتعددية والحقوق الفردية ويتم التوصل إليه من خلال عملية شمولية تشارك فيها جميع فئات الشعب كم ينبغي، في عملية المصالحة هذه، ألا تُعتبر أي فئة مسؤولة عن جرائم الماضي التي ارتكبتها قلة منها. وسيُخرج نجاح هذه العملية من القتال تلك العناصر التي تتصرف الآن انطلاقاً من مخاوفها بشأن الاتجاه الذي سيتخذه العراق في المستقبل ودور الفئة التي ينتمون إليها فيه".
واضاف قائلا " بعد انتهاء مهمتي في أفغانستان كان توقعي هو أنني سأعود لأكون إلى جانب عائلتي في واشنطن أو لأشغل وظيفة لا تتصف بصعوبة الظروف ولكن الرئيس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس طلبا مني أن أتولى منصب سفير الولايات المتحدة لدى العراق ورأيي هو أنه يتعين أن ينجح العراق ولذا قبلت الخدمة في هذا المنصب . واشار الى انه يعتزم العمل مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري وأعضاء الحكومة العراقية الجديدة الآخرين "ولدي الكثير من الصداقات داخل الحكومة وخارجها والتي يعود عهدها إلى أيام شغلي منصب مبعوث الرئيس الخاص إلى العراقيين الأحرار في عامي 2002 و2003."
واكد زادة انه سيعمل مع جميع العراقيين من الفئات الدينية وجميع المجموعات العرقية من رجال ونساء لتعجيل تحقيق النجاح في العراق ليتمكن الوقوف على قدميه ويوفر عملية سياسية مفتوحة وتمثيلية يمكن لجميع العراقيين المشاركة فيها ويوطد الأمن لشعبه ويخلق الازدهار الاقتصادي الذي سيمكن العائلات العراقية من الحصول على التعليم والعناية الصحية وغيرهما من الخدمات الأساسية.
وحدد السفير الجديد رؤيته للاوضاع العراقية بخمسة نقاط هي :
- لقد أوجدت انتخابات 30 كانون الثاني/يناير، التي اقترع فيها 58 بالمئة من العراقيين المؤهلين للتصويت رغم التهديدات الأمنية والتخويف، جمعية وطنية عراقية انتقالية شكلت الحكومة الجديدة. وتشكل النساء 31 بالمئة من مجمل أعضاء البرلمان الجديد.
- طرح العراق في التداول عملة جديدة مستقرة، وهو يمارس الانضباط المالي، كما أنه اتخذ خطوات لا يستهان بها في العودة للاندماج في الاقتصاد الدولي، بينها التوصل إلى اتفاقية غير مسبوقة لتقليص ديون العراق مع نادي باريس للدول الدائنة.
- لقد انتهت عملية التدريب الأولي والتجهيز لأكثر من 91 ألف عنصر من الشرطة وقوات الأمن الأخرى في وزارة الداخلية و76 ألف نفر في وزارة الدفاع، وقد تولت بعض الوحدات المهمات الأمنية التي كانت تتولاها في السابق قوات الولايات المتحدة وشركائها في التحالف.
- يجري العمل حالياً في آلاف مشاريع إعادة الإعمار في حين انتهى العمل في مئات منها لتشييد المدارس والعيادات والمستشفيات والطرق والمطارات والموانئ والسكك الحديدية ومرافق الاتصالات عن بعد ومشاريع المياه والصحة العامة والصرف الصحي وتوليد الكهرباء.
- يزدهر المجتمع المدني العراقي من خلال صحف جديدة ووسائل إعلام إلكترونية، بالإضافة إلى الجمعيات والمنظمات المدنية من جميع الأنواع ويتم العمل حالياً ببرامج التبادل لإعادة ربط المجتمع العراقي بالعالم الأوسع.
واشار الى أن العراق يواجه تحديات عظيمة ويقف الآن على مفترق طرق "لان الإرهابيين الأجانب والبعثيين المتعصبين يريدون أن ينزلق العراق إلى حرب أهلية تجر القوى الإقليمية إليها ويستخدم الإرهابيون الأجانب الشعب العراقي كمجرد مادة يمكن الاستغناء عنها في سعيهم لتحقيق برنامجهم الآثم الرامي إلى إشاعة الحرب الأهلية في العراق والهيمنة على العالم الإسلامي، وإشعال فتيل صراع حضارات مسلح على الصعيد العالمي" وقال "ان هؤلاء الإرهابيين الأجانب لا يهمهم أمر العراق أو العراقيين. إن البعثيين المتعصبين يريدون التشجيع على حرب أهلية شاملة على أمل إما إحياء النظام الدكتاتوري وسيطرتهم على العراق أو تدمير البلد معهم. أما الشعب العراقي فيريد من الجهة الأخرى، تشييد دولة ناجحة".
واوضح انه سيعمل مع جميع الذين يحاولون جلب الأمن إلى الشعب العراقي من خلال سبع جبهات تعزز بعضها بعضاً لإنهاء مرحلة الانتقال الصعبة هذه التي يمر بها العراق حالياً وإنجاز تقدم مهم في تحقيق طموحات الشعب العراقي في حياة آمنة مزدهرة :
أولا : للحيلولة دون تحقيق الإرهابيين لهدفهم بإشاعة حرب أهلية شاملة في العراق، سأعمل مع الزعماء العراقيين لتوحيد المواطنين العاديين ضد الإرهابيين والبعثيين المتعصبين. وسأتواصل مع أفراد جميع فئات الشعب العراقي لمساعدتهم في التوصل إلى رؤيا مشتركة موحدة- ميثاق وطني لمستقبل بلدهم السياسي. ولا يمكن وضع هذا الميثاق إلا من خلال عمل جميع العراقيين معا. وينبغي أن يتجسد هذا التفاهم المشترك بين جميع الفئات العراقية في دستور سليم مستنير يشتمل على الديمقراطية والتعددية والحقوق الفردية ويتم التوصل إليه من خلال عملية شمولية تشارك فيها جميع فئات الشعب . وينبغي، في عملية المصالحة هذه، ألا تُعتبر أي فئة مسؤولة عن جرائم الماضي التي ارتكبتها قلة منها. وسيُخرج نجاح هذه العملية من القتال تلك العناصر التي تتصرف الآن انطلاقاً من مخاوفها بشأن الاتجاه الذي سيتخذه العراق في المستقبل ودور الفئة التي ينتمون إليها فيه.
ثانياً : سأعمل مع العراقيين لكسر شوكة التمرد. سأعمل مع قواتنا المسلحة وأجهزة استخباراتنا لضمان وجود فهم جيد لدينا للعدو، مكامن قوته وضعفه، ووجود استراتيجية متكاملة تقيم التوازن الصحيح بين استخدام جميع أدواتنا السياسية. وسنواصل زيادة عدد القوات العراقية والمؤسسات الأمنية العراقية وتعزيز قدراتها. وينبغي أن تتحلى هذه المؤسسات العراقية بالمصداقية لدى جميع فئات الشعب العراقي. وعلينا ان نسعى لتعزيز أمن الشعب العراقي باضطراد، ولعزل الإرهابيين الأجانب والبعثيين المتشددين ثم إلحاق الهزيمة بهم في نهاية المطاف.
ثالثا : سنعمل مع العراقيين لإنشاء وضع إقليمي مؤات لإشاعة الاستقرار في العراق ولإعماره. وحاليا تلعب بعض جارات العراق أدوارا مفيدة في حين تستنكف جارات أخرى عن المساعدة. ونحن سنتخذ خطوات تعمل على تحييد النشاطات غير المفيدة لبعض جارات العراق التي تستخدم أراضيها من قبل أعداء العراق او التي تسعى للهيمنة على أجزاء من العراق او على مؤسساته الرئيسية. كما سنشجع اصدقاءنا في المنطقة على لعب أدوار أنشط وايجابية من خلال حض العراقيين على التوحد وراء رؤيا مشتركة لبلادهم، وذلك بإيفاد سفراء لهم الى بغداد، وبمسامحة العراق عن دينه لهم، والمساعدة في إعادة إعمار اقتصاد العراق والاستثمار في العراق الجديد.
رابعا : سيعمل العراقيون والأميركيون وأصدقاء آخرون للعراق سوية لتسريع وتيرة بناء المؤسسات العراقية. وسنضع توكيدا أكبر على دعم بناء الطاقة لغرض النهوض بالحكم وترقية سيادة القانون، لهدف تمكين العراقيين من دعم البنى التحتية المستحدثة ولمساعدة العراقيين على تحقيق الإعتماد على الذات.
خامسا : سأواصل البناء على أسس العمل الطيب الذي تم لإعادة بناء العراق. وبالرغم من المشاكل الأمنية التي كان لها أثر على وتيرة الإعمار فان قدرا كبيرا قد أنجز. وفي سبيل المضي قدما، ينبغي على الأميركيين والعراقيين ان يكيّفوا برنامج مساعداتنا بما يتيح نقل مزيد من الملكية والمسؤولية الى الحكومة والشعب العراقيين. وبعملنا هذا، فاني سأزيد التوكيد على التعاون الاقتصادي الرامي الى دفع اللامركزية من خلال اعطاء صوت أكبر للمجالس المحلية المتنخبة في وضع الخطط الخاصة بإعادة الإعمار والتنفيذ، وذلك لغرض استخدام الشركات العراقية والعاملين العراقيين بقدر اكبر، ولتحسين ايصال الطاقة، ولإعادة إحياء قطاعات أساسية مثل القطاع الزراعي. ومع توطيدنا للأمن سنعمل مع الحكومة العراقية من أجل ايصال مزايا دائمة للإعمار الى المجتمعات المحلية.
سادسا : سأنشط في تسخير الدبلوماسية العامة لشرح أهدافنا وسياساتنا للشعب العراقي لهدف تعزيز ثقته بالولايات المتحدة. فسأشرح له ان الولايات المتحدة تسعى لتسريع تحقيق العراق للاعتماد على الذات. وسأشدد للعراقيين ان الأميركيين لا يطمعون في موارد العراق او اراضيه. وسأروي قصة نجاح أميركا في إنشاء انظمتها السياسية والاقتصادية على المثل العليا للحرية والديمقراطية وسيادة القانون والحرية الاقتصادية واعتماد المواطنين على أنفسهم. وبعدها يمكن للعراقيين ان ينهلوا من تقاليدهم الخاصة ومن تجارب الآخرين لتحقيق العظمة ثانية. كما سأوضح ان مسار التطرف سيقود الى طريق مسدود.
سابعا : سأعمل مع العراقيين لوضع شروط انتخابات ناجحة بموجب الدستور الجديد -- انتخابات تجرى وفقا للجدول الزمني الذي حدّدته قرارات الأمم المتحدة والتي تقيم الشرعية من خلال مشاركة جميع طوائف العراق وترسي الأسس لعراق مستقل ومعتدل تقوده حكومة تمثل العراق بجميع تنوعاته السياسية والدينية والعرقية. ومع هذا التنفيذ الناجح لهذا النهج فان شوكة حركة التمرد سيمكن كسرها خلال فترة معقولة من الزمن.
واشارالسفير الجديد ان لبلاده مصالح كثيرة في العراق وقال "ان مساعدة العراقيين على النجاح هو من مصلحتنا القومية الحيوية بالذات فضلا عن أنه الأمر الصواب".
سفيرشركات نفط بثياب دبلوماسي
وحين يلتحق زلماي خليل زادة بعمله الجديد سفيرا لبلاده في بغداد لن يجد اي صعوبة في التعامل مع السياسيين العراقيين الذين يمسكون بشؤون البلاد حاليا فهو سبق ان تعرف عليهم منذ خمس سنوات عندما كانوا يمثلون قوى المعارضة العراقية الخارجية ضد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين .
ويعتبر زادة (54 عاما) سفير واشنطن في كابل الذي اعلن البيت الابيض تعيينه ثاني سفير للولايات المتحدة في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين ربيع عام 2003 ارفع مسؤول مسلم من اصل افغاني في الادارة الاميركية وجاء تعيينه مؤشرالى دور حاسم يتوقع ان يلعبه في الحياة السياسية العراقية وهو احد الخبراء الذين عرفوا بكونه جزءًا من جهود الولايات المتحدة منذ مدة طويلة للحصول على مدخل إلى احتياطات النفط والغاز في آسيا الوسطى حيث كان يعمل مستشارًا للطاقة لدى شركة شيفرون كما عمل مشرفًا لدى شركة النفط الأمريكية العملاقة ينوكول التي كانت ترغب في بناء أنبوب للغاز يربط بين تركمانستان وباكستان عبر أفغانستان .. وهاهو الان في العراق حيث مقدرات النفط التي يتردد انها احدى مبررات الحرب الاميركية الاخيرة بين يديه .
وزدة ليس بعيدا عن الشؤون العراقية وشخصياتها وسياساتها فهو عمل سفيرا فوق العادة للادارة الاميركية لدى المعارضة العراقية عام 2002 حين رعا مؤتمرا لها في منطقة كردستان العراق ثم اخر في لندن اواخر عام 2002 حين تم اعداد برنامج متكامل لمرحلة مابعد صدام حسين الذي سقط نظامه بعد اربع اشهر من ذلك ليشرف على مؤتمر في مدينة الناصرية جنوب بغداد بعد ايام من رحيل صدام لبحث مستقبل العراق وتشكيلته السياسية ومتطلبات مرحلة الاحتلال ودور القوى العراقية في شؤون العراق الجديد .
ولد خليل زلماي زادة في بلدة مزار الشريف وكان والده موظفا انتقل بالاسرة الي العاصمة كابول ولكنه حصل علي ميزة تلقي الدراسة في الجامعة الاميركية ببيروت لأن والده كان يعتبر من الاعيان وبعد ذلك تحصل علي درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو الامريكية عام 1979. وخلال الفترة بين 1985و1989 عمل زلماي بوزارة الخارجية الاميركية وكان يقدم للحكومة الاستشارات عن الحرب العراقية الايرانية وايضا عن الغزو السوفييتي لافغانستان وخلال عامي 1991 و1992 اصبح مساعدا لنائب الوكيل الدائم لوزارة الدفاع بقسم التخطيط وكان يرأسه بول وولفوتيز وهو نائب وزير الدفاع الامريكي حاليا وخلال ادارة الرئيس كلينتون عمل في مكتب خاص لرسم السياسات في مدينة واشنطن.
شغل زادة الذي يميل الي المرح والمزاح وهو في سن تجاوز الخمسين مناصب رفيعة في الخارجية الاميركية وايضا وزارة الدفاع ومعروف بين اصدقائه ومعارفه انه يميل الي لبس الملابس الانيقة خاصة ذات التصميم الفرنسي ولكنه يتمتع بالحيوية والنشاط ولا تبدو عليه سمات رجال المجتمع ويقال انه يجب الاشتراك في الولائم والحفلات .
عمل زادة مساعداً خاصاً لدى الرئاسة الاميركية لشؤون جنوب غربي آسيا والشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجلس الامن القومي الاميركي وإثر وصول جورج دبليو بوش الى البيت الاببيض اقترح نائب الرئيس ديك تشيني ضمه الى فريق الامن القومي برئاسة كوندوليزا رايس للعمل في القضايا المتعلقة بمنطقة الخليج وآسيا الوسطى حيث عرف عن صلاته بجناح الصقور في الادارة الاميركية. وكان عمل في الثمانينات على صعيد افغانستان مع بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الاميركي وأحد ابرز مؤيدي العمل العسكري الذي اسقط الرئيس العراقي صدام حسين .. كما يحتفظ بصلات وثيقة مع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي يستدعيه احياناً لطلب مشورته.
وفي محاضرة مهمة القاها في مطلع تشرين الاول (اكتوبر) عام 2002 عرض خليل زادة رؤية مستقبلية لعراق ما بعد صدام وقال انه "اذا دعت الضرورة الى استخدام القوة فإن قوات الولايات المتحدة والتحالف ستحرر الشعب العراقي من استبداد صدام حسين" واضاف "لن ندخل العراق كفاتحين ولن نعامل الشعب العراقي كأمة مهزومة".
بعد حصوله على الجنسية الاميركية عمل زادة في مكتب تخطيط السياسة التابع لوزارة الخارجية الاميركية في الفترة من 1985 الى 1989 وكان جزءاً من مجموعة صغيرة من مخططي السياسة الذين اقنعوا ادارة ريغان بتزويد المجاهدين الافغان اسلحة من ضمنها صواريخ ستينغرالمضادة للطائرات خلال قتالهم ضد القوات السوفياتية. وقبل ان يتولى مهمته كمسؤول في الادارة كان مساعد بروفسور في العلوم السياسية في جامعة كولومبيا وفي الوقت نفسه مديراً تنفيذياً لاصدقاء افغانستان وهي مجموعة مؤيدة للمجاهدين الافغان.
وفي عهد جورج بوش الأب شغل خليل زادة منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون تخطيط السياسة وكان مستشاراً اساسياً خلال حرب الخليج التي اخرجت صدام حسين من الكويت كطلع عام 1991. وبعد انتهاء ولاية بوش في عام 1992 اصبح احد كبار محللي السياسة في مؤسسة "راند كوربوريشن" التي تعتبر مركز ابحاث البنتاغون وانشأ هناك "مركز الدراسات الشرق الاوسطية" المتخصص في القضايا العسكرية والسياسية.
وكان خليل زاد يدعو آنذاك الى تطوير صلات اوثق بين الولايات المتحدة وطالبان وقال في مقالة نشرت في صفحة الرأي في "واشنطن بوست" ان طالبان لا تمارس ذلك النمط من الاصولية المناهض لاميركا الذي تمارسه ايران وحض واشنطن على عرض الاعتراف بهم والمساعدات الانسانية وتشجيع عملية دولية لاعادة بناء الاقتصاد . وفي مقالة بالغة الاهمية نشرتها مجلة "واشنطن كوارترلي"الاكاديمية عام 2000 عرض خليل زاد ما اصبح يمثل في وقت لاحق المباديء الاساسية لحرب بوش في افغانستان وبفضل هذه المقالة والنجاح الذي حققته الحرب اصبح مستشاراً يتمتع بنفوذ كبير لدى الرئيس بوش.
وشغل خليل زادة منصب السفير الأميركي في كابول منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2003 أما نيغروبونتي أول سفير للعراق في عهد ما بعد صدام فقد اختاره الرئيس بوش ليكون مديرا لأجهزة المخابرات الوطنية. وكان خليل زادة يشغل منصب المبعوث الأميركي لدى قوى المعارضة العراقية قبل اسقاط نظام صدام حسين في نيسان (ابريل) عام 2003. وفي أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) عمل مستشارا للشؤون الأفغانية ضمن فريق المستشارين الخاص بالرئيس بوش. ثم تولى خلال حياته العملية عدة مناصب بعد حدوث الهجمات وبروز اهمية الاستعانة بمستشار عليم ببواطن الأمور بافغانستان لم يضطر الرئيس بوش للبحث كثيرا حيث كان زاد قريبا منه فكان هو الذي وضع تفاصيل المواصفات المطلوبة لأي عمل عسكري يجري في افغانستان حينما كانت الولايات المتحدة تنعم بالسلام وقال عنه شارلز فيربانكس مدير معهد آسيا الوسطي والقوقاز ان زادة يعرف عن افغانستان ما لا يعرفه اي شخص اخر في ادارة الرئيس بوش وهذا من حسن حظ الادارة الاميركية.
لم يكن زادة يميل بصورة دائمة الي شن الحرب علي طالبان فبعد ان سقطت كابول علي يد طالبان عام 1996 كان زلماي كغيره من اكاديمي افغانستان يأمل في ان يسود الاستقرار في موطنه الاول والذي تشرذم الي فئات متناحرة بسبب تطلعات امراء الحرب بعد انسحاب السوفييت عام 1989 فنظام طالبان لم يكن يتبني سياسة التطرف ضد اميركا كايران . وبعد ان انتشر موقفه هذا كان زلماي قد قابل وفد طالبان ورافقه في ولاية تكساس وفي ذلك الوقت كان زلماي يعمل كمستشار في شركة استأجرتها شركة "يونيكول كورب" التي يقع مقرها في كاليفورنيا والتي كانت تجاهد لاقناع نظام طالبان بمد بعض انابيب النفط فوق اراضي افغانستان الي اسيا الوسطي ولكن عدم الاستقرار بافغانستان ادى الي اسقاط المشروع في النهاية .
وزلماي خليل زادة متزوج من الكاتبة النمسوية تشريل برنارد ومن اعمالها سبع روايات نسوية ولهما ولدان هما : مكسيمليان والكساندر. وعرفت زوجته برنارد بدراستها عن الإسلام الديمقراطي المدني الى احدى اشهر المؤسسات الاميركية المهتمة بهذه القضايا وهي عالمة اجتماع نَشرت روايات تتضمن موضوعات تطالب بمساواة المرأة بالرجل منها مقاومة المغول وشجاعة المحجبة وتسخر فيها من المظاهر الدينية وتصوِّر المرأة المسلمة بأنها مضطَّهدة تعيش تحت وطأة حكم شيوخ مستبدين ومصابين بجنون العظمة.
عبرت شاريل بينارد عن نواياها في تقرير الإسلام المدني الديمقراطي حيث إن الهدف هو بناء نموذج جديد من الخطاب الإسلامي غير الفعال يكون مصمَّمًا ليتماشى مع الأجندة الغربية لفترة ما بعد الحادي عشر من ايلول وبتركيزها على أكثر المصطلحات وضوحًا لم تدع الكاتبة مجالاً للشك فيما يخص الطموحات العظيمة في مشروعها وتضيف قائلةً إن تحويل ديانة عالم بكامله ليس بالأمر السهل إذا كانت عملية بناء أمة مهمةً خطيرةً فإن بناء الدين مسألة أكثر خطورة وتعقيدًا منها.
من المؤكد ان تعيين زلماي المسلم الذي يتحدث العربية سيكون اكثر قبولا لدى العراقيين من سلفه نيغروبونتي الخبير في حروب العصابات ومؤامرات المخابرات الذي عينه بوش رئيسا لاجهزة المخابرات الوطنية بعد تسعة اشهر فقط من مهمته في العاصمة العراقية .. لكن عيون زلماي على ثروات العراقيين وفي مقدمتها النفط قد تكشف في وقت لاحق عن النوايا الحقيقة من وراء تعيينه التي غلفت لحد الان بمهمة دبلوماسية لتولي شؤون اكبر سفارة اميركية في العالم سيكون لها دور كبير في تنفيذ المخططات الاميركية لانشاء ماتسميه الادارة الاميركية بالشرق الاوسط الكبير