الإيرانيون يتجهون نحو مزيد من الإنفتاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الشباب يحسم معركة اليوم بين رفسنجاني ونجاد
الإيرانيون يتجهون نحو مزيد من الانفتاح
علي آل غراش طهران:
يتوجه الناخبون الإيرانيون اليوم إلى مراكز الاقتراع في الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الرئاسية، لاختيار الرئيس المقبل في الدورة الانتخابية التاسعة غير محسومة النتائج مسبقًا بين المرشحين المتنافسين الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وعمدة طهران المتشدد محمود أحمدي نجاد، وسط أجواء انتخابية مثيرة من المتوقع أن تشهد تنافسا حاميًا. وشهدت الأيام الماضية التي أعقبت الإعلان عن نتائج المرحلة الأولى مفاجآت غير متوقعة ومن العيار الثقيل، كما جرى تبادل اتهامات جارحة وخروج أسماء معروفة من المنافسة، واستخدام المرشحين المتنافسين جميع الأساليب لكسب أصوات المرشحين الستة الخارجين من معركة المنافسة. كما سعى المتنافسون لكسب تأييد المؤسسات والشخصيات المؤثرة في المجتمع الإيراني، حتى إن بعضهم لجأ لاستخدام أساليب الترهيب وتخويف الناخبين والإعلانات المغرضة لتسقيط مرشح أمام آخر، وبالتالي التأثير على الناخب والفوز بصوته.وتأتي انتخابات اليوم بعد دورة أولى أجريت يوم الجمعة المنصرم، لم يحقق خلالها المرشحون نسبة أصوات تتخطى الخمسين بالمئة، الأمر الذي استدعى إجراء جولة ثانية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الإيرانية. وشوهت المرحلة الأولى بادعاءات بوقوع غش وتزوير على نطاق واسع.
وحث الرئيس المنصرف احمد خاتمي الاجهزة الحكومية على ضمان سلامة وحرية الجولة الثانية من التصويت. وقال خاتمي في تصريحات نشرتها وكالة الانباء الطلابية الايرانية اسنا إن "جوا من الرعب" يخيم على الانتخابات الرئاسية. وكانت السلطات الايرانية قد اعتقلت 25 شخصا للاشتباه في قيامهم بالتزوير في الجولة الاولى من الانتخابات، وتقول الانباء إن تعليمات قد صدرت لموظفي وزارة الداخلية للتصدي للاكراه في مراكز الاقتراع.
الانفتاح والاقتصاد
وأكد الشعب الإيراني بكل انتماءاته وقومياته وشرائحه من خلال نسبة المشاركة العالية التي سجلها خلال الدورة الأولى من الانتخابات التاسعة، ووسط توقعات بأن تكون المشاركة في المرحلة الثانية أقوى، أكد أنه يتوقع من الرئيس المقبل الذي تحدده انتخابات اليوم - بغض النظر عن التيار الذي يمثله - مزيدًا من الانفتاح والحرية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والعلاقات الخارجية مع الدول الأخرى وخاصة المؤثرة في العالم على غرار الولايات المتحدة الأميركية.
الفئة المؤثرة
ويحسم الإيرانيون اليوم، وفئة الشباب على وجه الخصوص الصراع بين المتنافسين رفسنجاني ونجاد. وسعى المتنافسان لكسب هذه الفئة المتمثلة بالجنسين لما تشكله من قوة مؤثرة في عدد الأصوات، والقدرة على الاتفاق فيما بينها على مرشح معين يحقق لهم مطالبهم، ومن خلال طرح وتبني مطالب الشباب خلال حملاتهم الانتخابية.
واهم مطالب هذه الفئة إيجاد فرص عمل وتحسين الوضع الاقتصادي والمزيد من الحرية والانفتاح. فقد أكد رفسنجاني في خطاب موجه للشباب: أنه سيواصل العملية الإصلاحية وسيغير أسلوبه العملي والمنهج الفكري كما علمته الأحداث والتطورات التي شاهدها، وانه كان برغماتيا أم الآن فهو إصلاحي برغماتي وبانتخابه من قبل فئة الشباب والنساء فإنهم يختارون مسيرة الإصلاحات. كما وعد رفسنجاني بدفع 100 مليون ريال (حوالي 11 ألف دولار) لكل عائلة في حال فوزه.
في المقابل، قال المرشح الدكتور نجاد إنه سيعمل إذا فاز بالرئاسة على توزيع عادل للثروة الوطنية بين أبناء البلد، وسيقضي على البطالة والمخدرات التي يعاني منها الشباب، مشيرًا إلى أنه لا يرغب في فصل الرجال عن النساء في أماكن العمل أو قمع الشباب. ويثق الشباب الإيراني المحروم من العمل بكلام نجاد لأن له سجلا نظيفا وفي محاربة الفساد ايضا.
طهران والتعددية
ومن يتجول في شوارع مدينة طهران الكبرى التي تقع على سفح جبل دماوند الشهير المزدحمة بالبشر حيث يصل عدد سكانها في فترة النهار نحو 15 مليون نسمة ونحو 9 ملايين بالمساء. يجد أن هذه المدينة تتميز بحجمها واتساعها الكبيرين وبالتنوع الجغرافي حيث الشمال يختلف في الطقس والثقافة والميول عن الجنوب.. كما أنها تمثل الأمة الإيرانية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بكل انتماءاتهم الفكرية والدينية والثقافية والعرقية، وتجسد طموحات وآمال الشعب الإيراني.
إذ ينتشر فيها المدافعون بقوة عن مبادئ الثورة الخط المحافظ والمتشدد والمعتدل وفيها من يرفع راية الانفتاح وإقامة علاقات مع جميع الدول وعلى رأسها أميركا.
همة وصبر
ويمكن للمتجول أن يرى بكل وضوح بان الشعب الإيراني مثل بقية شعوب العالم فيه المتدين المتشدد والمعتدل والواقعي والليبرالي والعلماني لا ديني، وان الشباب الإيراني كبقية شباب العالم في هذا الزمن المتأثر بالغزو الثقافي الغربي الجذاب. كما أن الشباب الإيراني يتطلع للمستقبل بعيون واسعة وهمة عالية وانه يعشق الانفتاح والحرية والثقافة والتحدي, ويتميز بقدرته الفائقة على التحمل والصبر.. وانه إذا تحرك فهو قادر على إنشاء ثورة.
زمن الانغلاق ولى
ويشعر المراقب بان إيران الحديثة متجهة نحو الانفتاح الفكري والسياسي والثقافي والمدني المقنن بكل ما تعنيه الكلمة الذي أصبح حقيقة وواقعا لا محالة ولا رجعة لما كانت عليه الجمهورية قبل سنوات، وان أيام الانغلاق والعزلة التي عاشتها الجمهورية الإيرانية منذ تأسيسها المفروضة عليها من قبل بعض الدول في محاولة لعزلها وتطويقها خوفا من انتقال شرارة الثورة أو المحاولة لقتلها في مهدها..أو نتيجة الأساليب التي سلكها بعض الساسة والمسؤولين في إيران خلال تلك الفترة... وان قيادة الدولة والحكومة الحالية على علم بذلك.. والشيخ الرفسنجاني الخبير في السياسة الإيرانية وتقليد المناصب على علم ودراية بذلك.
إيران غير
فمن خلال سيارات الأجرة التي تعج بها المدينة المزدحمة بالسيارات التي تعمل بالغاز والبنزين يسمع المرء النقد الواضح والجريء للوضع الاقتصادي والفساد وكذلك للشخصيات والرموز في الدولة اذ كانت واضحة خلال الانتخابات الحالية، ويرى في الأكشاك المنتشرة على أرصفة الطرقات كميات كبيرة من الصحف والمجلات التي تصدر في إيران ذات التوجهات المتعددة التي تنقل حالة الانفتاح والتنوع الثقافي في الشارع الإيراني بعدما أخذ التوجه الثوري والمتشدد حجمه الطبيعي حسب الواقع والمتغيرات الداخلية والخارجية ،وإعطاء مساحة اكبر للآراء الأخرى بالظهور والتعبير مما أعطى الساحة الإيرانية قوة اكبر.
كما يمكن مشاهدة الوجوه والأجساد المتنوعة والألوان المتعددة التي تعبر بوضوح عن أعراق وقوميات وثقافة وحضارة هذا الشعب فالشباب الإيراني لا يختلف في اللباس والمظهر والحركات وقصات الشعر عن الشباب في دبي وبيروت والقاهرة وباريس ونيويورك، وان ملابس السيدات الطهرانيات تحاكي الموضة العالمية في باريس وروما، ويمكن رؤية ألوان المكياج الصارخة ترتسم على وجوه الفتيات وخاصة المراهقات اللاتي يعشقن وضعه منذ الصباح الباكر مع بروز الشعر الملون وانحسار الحجاب الذي يغطي جزءا بسيطا من الراس. في ظل وجود فتيات يرتدين اللباس الكامل المحتشم الشادر أو البالتو بحيث لا يمكن رؤية شعرة واحدة، ووجود الشباب الملتزم باللحى الكثيفة والخفيفة يلبسون القمصان الطويلة بالإضافة إلى ازدحام المساجد بالمصلين وتواجد شريحة كبيرة من الشباب من الجنسين في المراكز والحسينيات لاحياء المناسبات الدينية والأدعية.
ومما يدل على التغيير في إيران خلال الفترة الحالية عبور رجال دين يلبسون العمائم البيضاء والسوداء وكذلك من المتدينين المتشددين على تجمعات الشباب من الجنسين في الحدائق والمترو ... بدون أن يعارضوا أو يتفوهوا.. وكأنه يمثل حالة من الانفتاح والحرية الشخصية، والإيمان بان القطار نحو المستقبل والانفتاح والحرية قد انطلق ولا يمكن الوقوف في وجهه وان طريق الهداية والتقوى واضح لمن أراد اتباعه.
مقعد الرئاسة
من الخطأ الكبير التصور بأن فوز مرشح محافظ أو متشدد قادر على إيقاف رقعة التغيير والانفتاح التي أخذت في الاتساع في الجمهورية الايرانية أو التوقع بان وصول شخص إصلاحي قادر على فتح البلاد وتغيير النظام المحافظ وروح التدين.. في ظل وجود عدد كبير من الشعب الذي لا يساوم على مبادئ الثورة، وشباب يطالب بتحسين الوضع الاقتصادي والحريات.. فالمسألة والقضية في إيران ليست فقط بيد من يجلس على مقعد الرئاسة ويحقق أعلى نسبة من الأصوات وإنما هناك حسابات ومجالس لها نفوذ وسلطة.