أخبار

حكومة لبنان لم تتفق على لجنة دولية للتفجيرات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلي الحاج من بيروت : لم يتمكن مجلس الوزراء اللبناني الذي اجتمع في جلسة حامية من الاتفاق على التجاوب مع مطالبة رئيس مجلس إدارة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" بيار الضاهر وشخصيات سياسية بإحالة سلسلة التفجيرات الأمنية الى مجلس الأمن الدولي والطلب إليه تشكيل لجنة تحقيق دولية فيها على غرار اللجنة التي يترأسها القاضي الالماني ديتليف ميليس والمكلفة كشف جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابقرفيق الحريري.

وقال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عقب جلسة مجلس الوزراء التي استمرت من الخامسة إلى العاشرة ليلاً في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية إميل لحود، إن الحكومة ستراجع الدول الكبرى والأمم المتحدة في إمكان تشكيل لجنة دولية لكشف مرتكبي التفجيرات ، لكنه وصف هذه المسألة بأنها "صعبة" ، وعندما سئل هل توافق الحكومة اللبنانية على تشكيل اللجنة في حال قررها مجلس الأمن ، أجاب باقتضاب "طبعا".

وأضاف: "نحن لا نتصدى لمجرم عادي . هناك دول كثيرة في العالم تتعرض لحوادث من هذا النوع لها امكانات اكبر بكثير من امكاناتنا، وسنستعين بها لتأهيل قوانا وعناصرنا كي تصبح في المستوى المطلوب. ولن نوفر اي وسيلة ممكنة حتى ننتصر في عملية التصدي للارهاب".

وبالنسبة إلى الخطة الامنية التي كان مقرراً بحثها في الجلسة، قال السنيورة إن هذا البحث قد أرجئ، لكنه أشار الى انه منذ الاثنين، غداة الاعتداء الذي تعرضت له الاعلامية مي شدياق، تنتشر قوات الشرطة والجيش في مناطق مختلفة من العاصمة وضواحيها.

وكان تردد على نطاق واسع في لبنان أن أحد الذين شاهدوا واضعي العبوة الناسفة تحت سيارة الإعلامية مي شدياق في مدينة جونية الأحد الماضي أبدى استعداده للإدلاء بإفادته أمام لجنة تحقيق دولية وليس أمام القضاء اللبناني لأنه يخشى على حياته.

في المقابل قرر مجلس الوزراء إحالة قضية محاولة إغتيال شدياق الى المجلس العدلي ، وهو أعلى هيئة قضائية في لبنان ، لكن هذا الإجراء اعتبره المراقبون روتينياً ولا يبدو أنه يثير الخوف لدى مرتكبي التفجيرات.

وكان رئيس مجلس الأمن، مندوب الفلبين لهذا الشهر لاورا باخا قد حض الحكومة اللبنانية، أمس الخميس، في حديث إلى صحيفة "الحياة" اللندنية على طلب الإفادة من خبرة فريق ميليس وخبرائه في التحقيقات الجارية في اغتيالات الصحافيين وغيرهم في لبنان. وقال: "نحن في انتظار أن نسمع الطلب من الحكومة اللبنانية"، كما أصدر بياناً رئاسياً جاء فيه أن أعضاء مجلس الأمن ينددون بمحاولة اغتيال الصحافية اللبنانية المرموقة والمتميزة مي شدياق ويتمنون لها الشفاء العاجل ، وهم يحذرون المسؤولين عن جرائم التفجير بأنه لن يسمح لهم بتقويض استقرار لبنان وسيادته وديمقراطيته ووحدته.

تضامن إعلامي مع مي شدياق

وكان رئيس مجلس ادارة "إل.بي.سي" بيار الضاهر تحدث خلال لقاء تضامني إعلامي في مقر المحطة عن اتصالات هاتفية أجراها صباحاً بكل من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ووزير العدل، طالبهم فيها بالتجاوب مع رغبة مجلس الامن الدولي وضم قضية محاولة اغتيال شدياق وكل حوادث التفجير والاغتيالات الى التحقيق الدولي. وقال: «وعدني رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير العدل بطرح هذه الرغبة في جلسة مجلس الوزراء اليوم، والطلب الى مجلس الامن الدولي إنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذه الملفات».

ورأى الضاهر ان «عجزين لا يصنعان حرية: العجز عن ممارستها، والعجز عن حمايتها. الممارسة هي مسؤوليتنا نحن، ولن نعجز، والحماية مسؤولية السلطة، واذا كانت مسؤولية السلطة مشتتة وموزعة داخل اتحاد قوى غير متحدة، فإن مسؤوليتنا نحن الاعلاميين مضاعفة لتحدي العجزين».

وسأل: «هل يكفي التضامن ضد مجهول وضد من لا يظهره التحقيق؟ هل دخلنا في دوامة القبول مكرهين بهدر الدم بعدما اعتدنا هدر الوقت وهدر المال؟ وهل انتقلنا من زمن خنق الانفاس الى تفجير الاجساد؟ ولماذا ترك لنا الخيار بين حقيبة يضعها اي كان وحقيبة السفر؟ ولن نسافر. وهل حافظنا على ارواحنا من دون روح في زمن الوصاية، ليخطف القاتل أرواحاً في زمن السيادة؟ نحن فهمنا الرسالة، وجوابنا ان عملية ارهابنا لن تؤدي الى ارعابنا. لن نقبل ان يستمر نزف رصيد بنك الادمغة لان أحداً قرر رمينا أمام بنك الدم والمستشفيات. وسنبقى منبراً جامعاً للافكار وتعدد الآراء، معبراً عن نبض الحرية والسيادة والاستقلال ووجدان الناس».

وختم: «الرسالة وصلت، وأجاب الشعب اللبناني وجمهورنا في العالم، بالاصرار على التمادي في ارتكاب المزيد من الحرية».وتوالى على الكلام عدد من الإعلاميين والصحافيين ، بينهم المحلل السياسي سركيس نعوم الذي كان آخر ضيوف شدياق في برنامجها "نهاركم سعيد" والإعلامية دوللي غانم صديقة شدياق التي طالبت باكثر من التضامن الفولكلوري. وطلبت الزميلة ديانا مقلد من كل اعلامي مورس عليه الضغط في الماضي الكشف عن تجربته ومن قَبِلَ بان يكون «بوقاً» ان يعيد النظر بما كتبه وقاله».

ونفذت المنظمات الشبابية (قوى 14 آذار(مارس) و «حزب الله» والحزب الشيوعي) اعتصاماً تضامنياً مع الزميلة شدياق، في إطار نشاطات حملة «كفى» التي أطلقت مساء أول من أمس. وتخللت الاعتصام في وسط بيروت إضاءة شموع.

دفاع السنيورة

إلى ذلك لفت دفاع الرئيس السنيورة بعد جلسة مجلس الوزراء عن طلب حكومته مساعدات اقتصادية وعلى صعيد تقوية أجهزة الأمن والتحقيق ، فنفى أن تكون تقبل استبدال وصاية بوصاية ، أو أن تكون المساعدات مشروطة بمواقف سياسية. وقال إن طلب المساعدة الأمنية الذي وجهه إلى الولايات المتحدة وغيرها ليس جديداً بل هو متبع منذ أعوام طويلة، وبدا أنه يرد على حملة متجددة تعرض لها من "حزب الله" وحليفته حركة "أمل" وقوى سياسية أخرى موالية لسورية في لبنان.

وفي موضوع آخر ردّ على وزير العدل في حكومته القريب من الرئيس لحود ، شارل رزق الذي سرّب إلى الصحف وأشاع جواً مفاده أن ميليس لم يتوصل إلى أدلة دامغة تثبت تورط أحد في سورية في اغتيال الحريري، ولا الضباط الأمنيين الأربعة الموقوفين، والمحسوبين هم أيضاً على لحود ، فقال السنيورة إنه شخصيا لا يعرف ما سيتضمنه تقرير ميليس لأنه لم يكتبه بعد ، وإنه أكيد من أن أحداً غيره لا يعرف أيضاً، من دون أن يسمي رزق مباشرة .

استبعاد "الانتحاري" في اغتيال الحريري

إلى ذلك ، استبعدت مصادر لبنانية مواكبة لعمل لجنة التحقيق الدولية، ان يكون لأي «انتحاري» دور في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وذكرت صحيفة «الحياة» ان موكب الحريري استُهدف بواسطة سيارة مفخخة وضعت على جانب الطريق، وفُجّرت لاسلكياً بواسطة جهاز «ريموت كونترول» لحظة مرور الموكب من امام فندق «السان جورج».

وقالت المصادر إن سائق السيارة المفخخة كان أوقفها على جانب الطريق قبل نحو دقيقتين من وصول موكب الحريري الى المكان الذي انفجرت فيه، مشيرة الى ان لجنة التحقيق أسقطت عملياً من حسابها ان يكون الانفجار ناجماً عن سيارة قادها انتحاري يدعى أحمد أبو عدس ولا يزال مجهول المصير.

ورجحت ان تكون الجهات المتورطة او المشاركة في الجريمة عمدت الى تصفية «أبو عدس» بعدما استخدمته لتصوير فيلم «فيديو» كانت بثته «قناة الجزيرة» بعد حصول الجريمة، وادعى فيه ابو عدس انه ينتمي الى «جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام»، في محاولة لتضليل التحقيق، من خلال الزج بعنصر وهمي من أجل طمس معالم الجريمة من جهة، وتحويل الأنظار عن الطريقة التي استخدمت في تفجير موكب الحريري من جهة ثانية.

وذكرت المصادر ان التحقيق سرعان ما اكتشف ان جهة ما تولت التشويش الذي أدى الى تعطيل الأجهزة التي يستخدمها الموكب لكشف المتفجرات، اضافة الى اللجوء الى تنفيذ خطة مدروسة فنياً، كانت وراء التشويش على الاتصالات الخلوية والثابتة في المنطقة التي نفذت فيها الجريمة، خصوصاً انها بدأت قبل تفجير الموكب واستمرت نحو ساعتين بعد الجريمة.

ولفتت الى ان التحقيقات التي تولاها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع فريق المحققين الدوليين، كشفت عن تباطؤ في تزويد الأجهزة الأمنية بشريط الاتصالات الخاص بمسرح الجريمة، خصوصاً التي حصلت ويُعتقد بأنها على علاقة مباشرة بالتخطيط للجريمة، وصولاً الى تنفيذها.

على صعيد آخر، أكدت المصادر ان مهمة لجنة التحقيق في دمشق لم تنته رغم ان رئيسها القاضي الألماني ميليس ونائبه كانا استمعا الى ضباط ومسؤولين سوريين كشهود في جريمة اغتيال الحريري. وعزت السبب الى ان لدى لجنة التحقيق شعوراً بأن تعاون السلطات السورية معها لم يكن بحجم التوقعات التي كانت تراهن عليها. ولم تستبعد احتمال تجدد الاتصالات بين ميليس - قبل ان يغادر بيروت الاثنين المقبل لإعداد تقريره الذي سيرفعه الى مجلس الأمن، بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان - وبين دمشق، في محاولة للتمهيد لتوجه فريق من المحققين إليها، لعله يحقق هذه المرة تقدماً من خلال الاستماع مجدداً الى عدد من الشهود، وبعضهم كان الفريق قابلهم سابقاً.

لكن هذه المصادر توقعت في حال عدم حصول التجاوب الذي ينشده ميليس، ان يبادر الأخير الى طلب الاستماع الى الشهود السوريين خارج الاراضي السورية، معتبرة ان مثل هذا الطلب سيقود حتماً الى احالة ملف اغتيال الحريري إلى محكمة دولية خاصة، يتولى مجلس الأمن تشكيلها بالتعاون مع انان وفريق التحقيق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف