طالباني: 2006 مولد حكومة الوحدة الوطنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن : اكد الرئيس العراقي جلال طالباني ان عام 2005 شهد هموما ومرارات سببها العنف والارهاب رغم اجراء انتخابات ديموقراطية وتشريع دستور جديد واقر بعدم حل مشاكل يعاني منها المواطنون وفي مقدمتها الأمن وانقطاع الكهرباء والماء داعيا الى عدم تجاهل استشراء الفساد الإداري والمالي الذي غدا آفة بالغة الخطورة تترك آثاراً سلبية في ميادين الاقتصاد والسياسة والأخلاق مشددًا على ان هذه المشاكل ينبغي أن تشكل محور اهتمامات الحكومة المقبلة التي عبر عن امله في ان تكون حكومة الوحدة الوطنية الشاملة.
وقال طالباني في خطاب وجهه الى العراقيين اليوم بمناسبة العام الجديد 2006 انه رغم تحقيق منجزات ديموقراطية من خلال عمليتي انتخاب واستفتاء على دستور جديد الا إن السنة الماضية لم تكن خالية من الهموم والمرارات وفي مقدمتها الخسائر التي يسببها الإرهاب والعنف مشيرًا الى ان الحملة التكفيرية هي مخالفة لكل القيم الانسانية و الاسلامية ويجب على الجميع و خاصة علماء السنة الافاضل إدانتها بشدة و وضوح. وقال انه في مواجهة موجة الإرهاب "حققنا خلال السنة الماضية تقدماً ملحوظا في تدريب وتجهيز قوات حفظ الامن التي أخذت تتسلم المسؤولية من القوات الحليفة في مناطق عديدة وتقوم بواجباتها في التصدي للإرهاب. ولئن كانت قد سجلت انتهاكات محددة هنا وهناك فإنها ترصد باستمرار وتجري معالجتها لمنع أي تجاوز على حقوق الإنسان التي تبقى محور اهتمام النظام الديمقراطي".
وتطرق الى محاكمة الرئيس السابق صدام حسين وسبعة من معاونيه السابقين فقال ان المتهمين يتمادون في استغلال منابرها لأغراض سياسية أو حتى للتطاول على ذكرى الضحايا لكنه اشار الى ان هذه المحاكمة هي دليل بليغ على أن الوضع الراهن بكل ما يشوبه من سلبيات، لا يمكن أن يقارن بزمن الجور المطلق والاضطهاد الفادح والتعسف القضائي .
وشدد الرئيس العراقي على ضرورة عدم تجاهل استشراء الفساد الإداري والمالي الذي غداً آفة بالغة الخطورة تترك آثاراً سلبيه في ميادين الاقتصاد والسياسة والأخلاق مؤكدا ضرورة وضع علاجات اقتصادية و قانونية إضافة إلى خلق بيئة أخلاقية رافضة ومستنكرة له ..
وفيما يلي نص الخطاب :
أيها الشعب العراقي الكريم الابي،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
ها نحن نودع معا عام 2005 الحافل بالأحداث الكبرى لنستهل، بإذن الله، عاماً جديداً نأمل ونسعى إلى أن يعود على شعبنا بالأمن والسلام والخير والرفاهية.
لقد كان العام المنصرم تأريخياً ، فقد توجه أبناء شعبنا إلى صناديق الاقتراع ثلاث مرات لينتخبوا جمعية وطنية، ثم ليدلوا برأيهم في مسودة الدستور، وأخيرا ليختاروا أعضاء مجلس النواب الجديد.
وكان الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والتنافس على المقاعد النيابية، رغم ما شابه من احتقانات، نقلة نوعية كبرى في حياة شعبنا الذي حرم من الممارسات الديمقراطية طوال عقود الحكم الدكتاتوري البغيض الذي لم يترك للمواطنين سوى خيارات الموت و الاضطهاد أو الخضوع والاستكانة.
والآن أصبح تعبير ثورة الإصبع البنفسجي مصطلحا معروفا نبع من الممارسة الديمقراطية العراقية التي ستغدو سابقة منقطعة النظير في تاريخ المنطقة وتسجل بمداد من نور انتصارا لشعبٍ تحدى الإرهاب واصطف أبناؤه عند مراكز الاقتراع وشاركوا في التصويت بنسب متعاظمة بلغت في كانون الثاني 58 في المائة ثم ارتفعت الى 62 بالمائة أثناء التصويت على الدستور لتصل إلى قرابة 70 في المائة في الانتخابات الأخيرة.
وتعكس هذه الأرقام حقيقة بالغة الأهمية تتمثل في اتساع نطاق مشاركة مناطق تخلف سكانها عن الاقتراع في دورات سابقة بسبب من الظروف الأمنية أو لعدم توفر القناعة الكافية بالعملية السياسية. وان إقبالهم على المشاركة الواسعة في الانتخابات الأخيرة لهو مؤشر ايجابي ينطوي على دلالات هامة.
وشهد العام المنصرم ولادة أول دستور صيغ بمشاركة ممثلي الشعب ووافق عليه الناخبون. إن هذه اللائحة التاريخية هي حجر الزاوية في دولة المؤسسات التي تكفل الحريات والحقوق والمساواة وتحصَن البلد ضد خطر انبعاث الدكتاتورية بأي صيغة كانت.
ورغم أن الدستور أقر بأغلبية كبيرة إلا انه يبقى وثيقة قابلة للتطوير استجابة لاحتياجات سائر مكونات الشعب العراقي و متطلبات التطور الاجتماعي.
وفي عام 2005 بدأت واحدة من محاكمات العصر، وهي تنظر في جرائم فادحة ارتكبت ضد الانسانية ولسوف يحدد القضاء مسؤولية الجناة. بيد أن الأهم من ذلك هو أن الجلسات الأولى أخذت تبين تدريجياً آليات نظام القمع الذي تأسس في العراق خلال العقود الأربعة الماضية. ويرى أبناء شعبنا والعالم كله الفرق الشاسع بين محاكمات الدقائق الخمس التي كانت تجري في العهد البائد وتنتهي بإصدار عشرات الأحكام بالإعدام، وبين المرافعات الحالية التي تعرض على الملأ ويشارك فيها محامون أجانب ويتمادى المتهمون في استغلال منابرها لأغراض سياسية أو حتى للتطاول على ذكرى الضحايا.
إن هذه المحاكمة، بحد ذاتها، هي دليل بليغ على أن الوضع الراهن بكل ما يشوبه من سلبيات، لا يمكن أن يقارن بزمن الجور المطلق والاضطهاد الفادح والتعسف القضائي.
وكما في أي مرحلة انتقالية خطيرة فإن السنة الماضية لم تكن خالية من الهموم والمرارات وفي مقدمتها الخسائر التي يسببها الإرهاب والعنف. وستبقى مأساة جسر الأئمة التي سعى الجناة خلالها إلى قتل الأبرياء العراقيين تحت يافطة المقاومة علامة عار في جبين الارهابيين. إن قتل الأطفال في كراجات السيارات والمصلين في الحسينيات و المساجد والمعزين في مجالس العزاء واستهداف خطوط الكهرباء وشبكات إسالة المياه وأنابيب النفط هي كلها أعمال إجرامية يجب أن تُدان بشدة ووضوح من قبل الجميع.
كما ان الحملة التكفيرية هي مخالفة لكل القيم الاتساتية و الاسلامية، يجب غلى الجميع و خاصة علماء السنة الافاضل إدانتها بشدة و وضوح.
وفي مواجهة موجة الإرهاب حققنا خلال السنة الماضية تقدماً ملحوظا في تدريب وتجهيز قوات حفظ الامن التي أخذت تتسلم المسؤولية من القوات الحليفة في مناطق عديدة وتقوم بواجباتها في التصدي للإرهاب. ولئن كانت قد سجلت انتهاكات محددة هنا وهناك فإنها ترصد باستمرار وتجري معالجتها لمنع أي تجاوز على حقوق الإنسان التي تبقى محور اهتمام النظام الديمقراطي.
إن من حقنا جميعاً الافتخار بمميزات ومكاسب عديدة تحققت خلال العام الماضي مثل اعتماد تشريعات للتقاعد وزيادة رواتب الموظفين، ولكن لا يسعنا أن نغفل المشاكل التي يعاني منها المواطنون وفي مقدمتها قضية الأمن وانقطاع الكهرباء والماء وغيرها وهذه مشاكل ينبغي أن تكون في طليعة اهتمامات الحكومة القادمة التي نتمنى ان تكون حكومة الوحدة الوطنية الشاملة.
كما لا يسعنا أن نتجاهل استشراء الفساد الإداري والمالي الذي غداً آفة بالغة الخطورة تترك آثاراً سلبيه في ميادين الاقتصاد والسياسة والأخلاق، ويتعين أن نضع علاجات اقتصادية و قانونية إضافة إلى خلق بيئة أخلاقية رافضة ومستنكرة للفساد.
إن نجاح التجربة الديمقراطية في العراق يقتضي أن تكون لنا علاقات طيبة ووثيقة مع العالمين العربي والإسلامي وسائر دول العالم. وخلال السنة الماضية توطدت علاقاتنا مع بلدان عديدة وتوثقت روابط التعاون في مجالات مختلفة ومنها مكافحة الإرهاب، هذا الورم السرطاني الذي أخذت الدول القريبة والبعيدة تدرك أنها قد تصبح، أو أصبحت فعلاً هدفا لهجماته المرتدة.
أيتها الأخوات أيها الأخوة
إننا نودع عام 2005 بشعور من الأمل في ان العملية السياسية التي بلغت ذروتها باعتماد الدستور و انتخاب مجلس نيابي سوف تتكلل انشاء الله بولادة حكومة وحدة وطنية تراعي الاستحقاق الانتخابي ايضا من دون أن تغفل الاستحقاقات الوطنية الهامة. حكومة لتحقيق السلام الداخلي و تعزيز التعاون بين جميع مكونات الشعب و مكافحة الارهاب و التكفيريين الذين يشنون حرب ابادة على الاكثرية الشيعية في العراق و على القومية الثانية القومية الكردية و كل العرب الستة المخلصين الرافضين لاطروحاتهم التضليلية و الاجرامية.
إن مصلحة الوطن تتمثل في ضمان الأمن و الاستقرار و استكمال بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية التعددية التي تكفل الاستقلال الناجز و تؤمن الحريات و الحقوق والفرص المتكافئة و تحول القيم السامية المثبتة دستوريا إلى واقع عملي.
أهنئكم جميعا بحلول عام 2006 و أتمنى أن يكون عام السلام و الامن و الازدهار و الخير للعراقيين جميعا و للبشرية جمعاء.و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.