أخبار

فرنسا غير مستعدة لتسهيل الأمور على دمشق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اندريه مهاوج من باريس : من المتوقع ان يضمن الرئيس الفرنسي جاك شيراك كلمته امام اعضاء السلك الدبلوماسي لمناسبة تقديم التهاني بالسنة الجديدة موقف بلاده من الملف اللبناني ـ السوري والتحقيق الدولي في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري . و في هذا الاطار سيعمد الرئيس شيراك الى اعادة التأكيد على المبادئ التي يستند اليها هذا الموقف لازالة اي غموض او لبس حول ما قد يتبادر الى ذهن البعض من احتمال ان تؤدي الاتصالات المتعددة الجوانب التي تقوم بها بشكل خاص المملكة لعربية السعودية ومصر الى " التخفيف مرحليا من قوة الاندفاع الفرنسي باتجاه تنفيذ الاستحقاقات الدولية الملقاة على عاتق دمشق ،استنادا الى القرارات الصادرة عن مجلس الامن و في ضوء التطورات الناجمة عن تصريحات النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام" وما تلاها من طلبات لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري بشأن الاستماع الى الرئيس بشار الاسد ووزير خارجيته فاروق الشرع .

كما يتوقع ان يحدد الرئيس شيراك في هذه الكلمة آفاق المرحلة المقبلة وما يترتب على اي تأخير او مماطلة في تنفيذ القرارات الدولية وامكانية اللجوء مجددا الى مجلس الامن خصوصا بعدما سمح تعيين خليفة للقاضي دتليف ميليس للجنة التحقيق الدولية باعادة تفعيل عملها . وكلمة الرئيس اليوم ستتطرق الى ملفات ساخنة اخرى منها العراق وعملية السلام في الشرق الاوسط والملف النووي الايراني .
واذا كانت هذه المساعي تصب كلها باتجاه باريس كما حصل من خلال زيارة الرئيس المصري حسني مبارك بعد قمة جدة الاولى التي جمعته بالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والقمتين السورية ـ السعودية والسورية ـ المصرية ، فان الرئيس شيراك لم يترك اي مجال للشك بامكان "مهادنة " دمشق في ضرورة تعاونها الكامل مع لجنة التحقيق وازالة اي نفوذ او تاثير لها على الموضع اللبناني . وهذا ما اكده علنا نهار الاربعاء الماضي قبيل لقاءه بالرئيس المصري اذ قال ان على سوريا "ان تكون اكثر تعاونا مع لجنة التحقيق الدولية" واعتبر "كل ما يزعزع استقرار لبنان سينقلب في نهاية المطاف ضد سوريا".مؤكدا ان "الوضع خطير ويجب الانتباه كثيرا". ولم يحد الرئيس الفرنسي قيد انملة عن هذا الموقف بعد استقباله امس وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل اذا اعلن قصر الاليزيه ان شيراك كرر دعوة سوريا "التعاون من دون قيود" مع محققي الامم المتحدة الذين يريدون الاستماع الى الرئيس السوري بشار الاسد. ومن الواضح ان باريس لا تأخذ هنا كثيرا بمسألة " السيادة " "والحصانة" لرؤساء الدول اذ ان تفسير القرار الدولي واضح في هذا المجال .
مشددا على ضرورة تطبيق قراري مجلس الامن 1595 و1644 حول التحقيق في اغتيال رفيق الحريري "يجب ان يطبقا ويجب ان تتعاون سوريا من دون قيود
مع التحقيق".
وهذا الكلام لا يترك ادنى شك لدى كل المعنيين خصوصا دمشق التي زارها الفيصل نهار الاحد الماضي بتمسك فرنسا بدفاعها عن لبنان ومصالحه وعدم القبول باي تسوية تؤجل تنفيذ الملطوب من دمشق او تخفف من الضغوط الراهنة عليها في اطار تنفيذ القرارات الدولية و" ضرورة افساح المجال امام الشعب اللبناني وقادته للتعبير بشكل كامل وحر عن خياراتهم السياسية" كما قال قصر الاليزيه في مؤشر واضح الى دعم اتجاه ازالة اي نفوذ لسوريا او حلفائها على مجرى الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان . وربما كان حادث اطلاق مسلحين فلسطينيين النار على شرطيين لبنانيين قبل ساعات من وصول الوزير السعودي الى باريس دافعا لباريس للتأكيد على سيادة لبنان ولقطع الطريق على كل من يحاول استخدام عناصر على الساحة اللبنانية لضرب مؤسسات الدولة خصوصا دمشق عبر حلفاء لها يرفضون حتى الان تنفيذ البند الثاني من القرار1559 المتعلق بنزع سلاح الميليشيات فيما تبدو باريس مستاءة جدا من تعطيل عمل الحكومة اللبنانية من خلال استمرار مقاطعة وزراء حزب الله وامل المتعاطفيني مع دمشق. هذا وترى بعض الاوساط الدبلوماسية ان كل الاقتراحات التي نقلت الى باريس عبر الوسطاء بشأن حل معضلة طلب لجنة التحقيق الدولية الاستماع الى الرئيس بشار الاسد لم تؤد الى تغيير جوهر الموقف الفرنسي الداعي الى عدم مراعاة الشكليات اذا كانت ستؤثر على سير التحقيقات في اغتيال الحريري وتنفيذ القرارات الدولية هذا اضافة الى ان باريس لا تريد ان تسهل الامور على دمشق نظرا لتجاربها الماضية معها والتي اثبتت ان سوريا كانت تحاول كل مرة استغلال الوقت لعله ياتي بتغيير لصالحها . وتجربة انقاذ سوريا من معضلة الاستماع الى المسؤولين الامنيين الخمسة والذي تم في فيينا شاهد على ذلك, من هنا فان باريس لا تريد لا اكثر ولا اقل من تطبيق القرارات الدولية وترك شؤون تنفيذها للمعنيين مباشرة بمعنى ان لجنة التحقيق الدولية تتمتع بالسيادة على قراراتها ويعود لها ان تحدد سبل تنفيذ المهمة المسندة اليها وتقويم موقف الاطراف المعنيين بالقرارات الدولية . وتستند باريس بذلك الى الطابع القانوني والقضائي لعمل اللجنة الدولية وكانت اكدت في اكثر من مناسبة هذا الطابع ردا على اتهامات بتسييس التحقيق باغتيال الحريري كانت وردت في مناسبات عدة من اطراف معينة .
لذلك فان باريس تعمل بالتشاور المستمر مع اركان المجتمع الدولي وخصوصا مع الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا من اجل متابعة الملف داخل مجلس الامن حيث المشارورات بين السفراء مستمرة لمتابعة الوضع وتحديد الخطوات المقبلة وفقا لما تنص عليه القرارات الدولية ومنها احتمال فرض عقوبات في ضوء ما سيتضمنه التقرير المقبل للجنة التحقيق الدولية .
كما ان باريس ترفض ان تكون"بيضة التوازن والاعتدال" في ميزان التشدد الدولي تجاه دمشق خصوصا وهي على تناغم تام مع الشركيين الدوليين الرئيسيين في هذه القضية اي واشنطن ولندن وقد كانت تصريحات وزير خارجية بريطانيا جاك سترو خلال زيارته لبيروت واضحة في هذا الاتجاه في حين تؤكد باريس انها مطمئنة الى ثبات واشنطن على موقفها ولا تؤمن بكل ما يقال عن صفقات محتملة بين ادارة جورج بوش والنظام السوري .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف