أخبار

ووتش: ليبيا لا تبدو جادة في إجراء إصلاحات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نبيل شرف الدين من القاهرة: قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) في تقرير لها أصدرته اليوم ـ وتلقت (إيلاف) نسخة منه ـ إنه على الرغم من خروج ليبيا من عزلتها الدولية الطويلة، خطت بعض الخطوات الهامة لتحسين سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان؛ وتضمنت تلك الخطوات اطلاق سراح 14 سجينا سياسيا في الفترة الأخيرة، غير أن الحكومة الليبية ما زالت تواصل احتجاز سجناء سياسيين، وإجراء محاكمات غير منصفة، وتمارس تقييداً شديداً لحرية التعبير والتنظيم وغير ذلك من الحقوق المدنية .

ومضى تقرير المنظمة قائلاً إن نظام العقيد الليبي معمر القذافي "ودائرته الضيقة تبدو غير راغبة لتنفيذ إصلاحات حقيقية لا سيما في مجالات حرية التعبير والتجمع السلمي، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف سيطرتهم على السلطة" التي وصلوا إليها قبل أكثر من ثلاثة عقود .

ودعت المنظمة الحكومات الغربية لممارسة الضغوط على ليبيا لتحسين سجلها في حقوق الانسان، كما طالبتها أيضاً بعدم غض الطرف عن ليبيا بسبب تعاونها في "الحرب على الارهاب"، مشيرة إلى أن سجل ليبيا يتضمن انتهاكات خطيرة كالاضطهاد السياسي وممارسة للتعذيب لانتزاع الاعترافات وإقامة محاكمات جائرة لا تكفل حقوق المتهمين، ورغم كل هذه الاتهامات فقد استدركت المنظمة قائلة إن ليبيا اتخذت بعض الخطوات الرامية لتحسين سجلها الحقوقي في الاعوام الاخيرة .

سجل الانتهاكات

وقالت هيومن رايتس ووتش أن القوانين الأساسية الليبية تضمن كثيراً من الحقوق الجوهرية، لكن التشريعات التي تقيد حرية التعبير والتجمع تقف على طرفي نقيض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأبرز تلك التشريعات القانون رقم 71 الذي يحظر نشاط أية جماعة استناداً إلى عقيدة سياسية تعارض مبادئ ثورة الفاتح التي أوصلت الزعيم الليبي معمر القذافي إلى الحكم عام 1969. وقد حبست الحكومة مئات الليبيين بسبب مخالفة هذا القانون، وثمة رجل ان محكوم عليهم بالإعدام الآن.

ويعتبر فتحي الجهمي أبرز السجناء السياسيين الليبيين الآن، فقد وجه نقداً عنيفاً للقذافي في مقابلات أجراها مع وسائل الإعلام الدولية عام 2004. وما زالت مديرية الأمن الداخلي تحتجزه دون محاكمة منذ ذلك الحين؛ وهو موجود في الحبس الانفرادي منذ يونيو/حزيران 2004. وتجري الآن محاكمة الجهمي في طرابلس بتهمة اشاعة معلومات من شأنها اهانة القذافي والاتصال بجهات أجنبية فيما يمس مصالح الدولة.

كما يضم السجن أيضاً 86 عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة سياسية واجتماعية تنبذ العنف، حكم على زعيميها بالإعدام. وفي تطور ايجابي، نقضت المحكمة العليا، في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2005، الحكم الصادر بحق 86 عضوا في الجماعة وأمرت باعادة المحاكمة في الوقت الذي يتوقع فيه أن يصدر الحكم بحقهم في 31 كانون الثاني (يناير) الجاري، وقد قابلت هيومن رايتس ووتش كلاً من فتحي الجهمي وزعيمي الإخوان من أجل إعداد التقرير.

أما التعذيب فما زال يمثل مشكلة خطيرة. وقد جرمت الحكومة ممارسة التعذيب، وادعت مراراً بأنها حققت في الحالات التي ادعي بحدوث التعذيب فيها وقدمتها إلى القضاء. لكن 15 من أصل 32 شخصاً قابلتهم هيومن رايتس ووتش في السجون الليبية (سجناء سياسيين ومجرمين عاديين) أفادوا بأن قوات الأمن قامت بتعذيبهم أثناء الاستجواب بقصد انتزاع الاعترافات.

ومن أشهر الادعاءات بالتعذيب قضية الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني الذين حكم عليهم بالإعدام لاتهامهم بنقل مرض الإيدز إلى 426 طفلاً ليبياً، فقد قال أربعة من عمال الصحة الأجانب هؤلاء أن المحققين أخضعوهم للصدمات الكهربائية وضربوهم على أجسادهم وباطن أقدامهم بالكابلات والعصي الخشبية، وفي تطور إيجابي قررت المحكمة العليا فسخ حكم الإعدام وإعادة محاكمتهم مجدداً .

الانبطاح الاستباقي

وشهدت علاقات ليبيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا تحولاً هائلاً في العام 2003 حين وافقت طرابلس على دفع تعويضات لذوي ضحايا تحطم طائرة فوق اسكتلندا عام 1988 وبعدما أعلنت ليبيا تخليها عن برنامج التسلح النووي الذي كان قد قطع شوطاً كبيراً، وهو ما أثار سخرية بعض المحللين، فاستخدموا المصطلح الذي تبنته الإدارة الأميركية في السنوات الأخيرة عن "الحرب الاستباقية"، أي استباق المخاطر المحتملة بتوجيه ضربات استباقية، ووصفوا إقدام ليبيا على تسليم كافة ما يتعلق ببرنامجها النووي، وحتى الكشف عن الدول التي ساعدتها في ذلك البرنامج، بأنه يشكل "انبطاحاً استباقياً" لنظام القذافي الذي طالما تبنى خطاباً راديكالياً، ودعم منظمات إرهابية .

ورغم كل ما أقدمت عليه طرابلس الغرب من تحولات هائلة في سلوكها السياسي، غير أن واشنطن لم ترفع اسمها حتى الآن من لائحة الدول التي ترعى الارهاب، وتعهدت واشنطن باقامة علاقات وثيقة مع ليبيا ولكنها قالت ان طرابلس بحاجة لاتخاذ مزيد من الخطوات تتعلق بالديمقراطية وحقوق الانسان ومحاربة الارهاب.

وقالت المنظمة في التقرير الذي يحمل عنوان "من الاقوال الى الافعال.. ضرورة الاصلاح في مجال حقوق الانسان ان 15 من اصل 32 سجينا التقت بهم في ليبيا قالوا للباحثين انهم تعرضوا للتعذيب وان السبب يكون في العادة محاولة انتزاع اعترافات.

وقال فريد إبراهامز المسؤول في هيومان رايتس ووتش للصحافيين في القاهرة "إنه ينبغي على واشنطن خاصة والحكومات الاوروبية عامة أن تكون اكثر انتقادا لسجل حقوق الانسان الليبي والا تسكت لمجرد انها شريك في الحملة العالمية ضد الارهاب، لافتاً إلى أنه "على الرغم من ان بعض السجناء السياسيين افرج عنهم فان كثيرا منهم ـ ربما المئات فنحن لا نعلم بالضبط ـ ما زالوا في السجون"، وأشار إلى تقرير المنظمة استند إلى اول زيارة يقوم بها باحثو المنظمة على الاطلاق لليبيا في العام الماضي، وأن الزيارة كانت بتسهيل من مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية التي يديرها سيف الاسلام القذافي نجل العقيد الليبي .

الإعلام واللجان

وقالت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة تمارس رقابة شديدة على الإعلام؛ فلا وجود لمحطات إذاعة أو تلفزة خاصة، والجهات الحكومية هي التي تتولى إصدار الصحف الكبرى في البلاد. أما المصدر الوحيد للأنباء غير الخاضعة للرقابة فهو الإنترنت والقنوات التلفزيونية الفضائية، حيث انتشر استخدام هاتين الوسيلتين انتشاراً كبيراً في السنوات الماضية. وتعمد الحكومة أحياناً إلى حجب بعض مواقع الإنترنت، كما قامت عام 2005 بمحاكمة أحد كتاب الإنترنت، وهو عبد الرازق المنصوري بسبب كتاباته الناقدة، وصدر عليه حكم بالحبس لمدة عام ونصف.

وتخضع وسائل الإعلام لسيطرة صارمة. وتخلو البلاد من أية محطات مستقلة للإذاعة أو التلفزيون، وتفرض السلطات الحكومية أو حركة اللجان الثورية، وهي تنظيم عقائدي قوي يعمل على تعزيز مبادئ ثورة الفاتح، سيطرتها على الصحف الرئيسية في البلاد. والسبيل الوحيد للإطلاع على الأنباء والمناقشات التي لا تخضع للرقابة هو برامج محطات التلفزيون الفضائية والإنترنت، وقد انتشرت هاتان الوسيلتان على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. وقد عمدت الحكومة في بعض الأحيان إلى حجب بعض مواقع الإنترنت، وفي عام 2005، حُكم على عبد الرازق المنصوري، وهو أحد كتاب الإنترنت، بالسجن لمدة عام ونصف العام بسبب كتاباته التي تتسم بالانتقاد، على ما يبدو"، وفق تقرير المنظمة الحقوقية الدولية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف