مسؤول كبير: محاكمة صدام تتعرض لضغوط كبيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن : اجل قاضي المحكمة الجنائية العراقية محمد العريبي الخليفة جلستها الى يوم غد الاربعاء بعد ان قام بطرد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين المتهمين بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 حيث اكدت مشتكيات اغتصاب فتيات في معسكر الاعتقال .. بينما وجه متهم لكمة الى احد حراسه واصفا القضاة بانهم خونة وقوادون .. في حين اكد نائب رئيس الوزراء العراقي سلام الزوبعي ان المحكمة تتعرض لضغوط داخلية وخارجية كبيرة .
وبعد جدل بين صدام والقاضي محمد الخليفة طرد القاضي صدام من القاعة للمرة الارابعة خلال الاسبوعين الاخيرين وكذلك بقية المتهمين وامر بجعل الجلسة مغلقة . وقد حاول صدام الكلام مبتدءا بالاية الكريمة (وقاتلهم يعذبهم الله) ثم جرى نقاش حاد بينه وبين القاضي وحدثت فوضى وقطع الصوت حيث امر الخليفة وقد ظهر محتدا ويؤشر الى قفص الاتهام بطرد صدام من قاعة المحكمة تبعه بقية المتهمين الستة بالخروج وتم تحويل الجلسة الى مغلقة .
وقد وجه المتهم حسين التكريتي لكمة الى احد الحراس الذذي حاول اقتياده من القصف ووجه سبابا الى رئاسة المحكمة قائلا (انتم خونة وقوادون) اما علي حسن المجيد فقد صرخ قائلا (اصدروا الحكم الان ونيرد ان يكون الاعدام لنخلص) .. اما سلطان هاشم فقال انه يفضل اطلاق الرصاص عليه بدل توجيه اهانة له .
وفي بداية الجلسة طلب المدعي العام منقذ ال فرعون تشكيل لجنة طبية لفحص المشتكين المصابين بالاسلحة الكيمياوية فقرر قاضي المحكمة محمد العريبي الخليفة مفاتحة وزارة الصحة بتشكيل هذه اللجنة من ثلاثة خبراء .
كما اعترض القاضي على محاولة صدام الكلام غير ان هذا الاخير قال انه لاشيء لديه سوى طلب اوراق وقلم لتسجيل ملاحظات فاستجاب الخليفة لطلبه .
المحكمة استمعت لاربع مشتكين
وقالت المشتكية الاولى وهي من محافظة السليمانية من وراء ستار ومن دون ذكر اسمها ان قريتها تعرضت لهجوم القوات العراقية ليلا ربيع عام 1988 مما دفع السكان الى الهرب الى الجبال والبقاء ليلتين هناك الى ان حضرت القوات واقتادت الجميع بسيارات عسكرية ثم فصلت النساء عن الرجال وكان بينهم زوجها واقارب لها حيث ارسلوا الى محتجز نقرة السلمان في صحراء السماوة الجنوبية . واضافت ان الجنود في المعتقل قد وقعوهم على اوراق ريعرفون ماهيتها ثم بعد ايام نقلوهم الى معسكر دبس الذي بقوا فيه ستة اشهر في ظروف قاسية . واضافت انه بعد ايام حضر اشخاص ورشوا اجساد المحتجزين بمادة غير معروفة انتشرت بعدها الامراض بينهم كما توفي عدد من الاطفال . ووصفت عملية ولادة قريبة لها هناك حيث اقتيدت الى المرافق الصحية ووضعت تحتها اوراق صحف حيث تمت الولادة وغطي الطفل ببقايا قماش متسخة كما تم قطع الحبل السري للطفل بقطعة زجاج .
واوضحت انها وجدت ان عددا من افراد عائلتها قد فقدوا وطلبت ذكر اسماءهم من دون اذاعتها وهنا قطع البث لمدة ثلاث دقائق واوضحت ان احد اقاربها استشهد في الحرب مع ايران لكن صدام اعتقل شقيقه الذي فقد منذ ذلك الوقت . وذكرت ان النظام السابق استقدم عوائل من تكريت للسكن في قراهم بينما هم ذهبوا الى مناطق عربية للعمل كاجراء .
ثم طلبت المشتكية الادلاء بمعلومات من دون بث صوتها الذي امر القاضي بقطعه لمدة 17 دقيقة بدا خلالها وهو يناقش صدام حسين لكنه لم يعرف فيما اذا كانت تحدثت عن حالات اغتصاب لمعتقلات لانها اشارت الى اخذ فتيات ليلا حيث كانت معلومات اشارت الى ان المحكمة ستستمع الى اقوال ضحايا اغتصاب من النساء . وقالت انه كان يموت ثلاثة او اربعة اطفال يوميا في المعتقل وقدرت مجموع المتوفين بالف طفل خلال ستة اشهر من الاحتجاز . .
وتحدثت امراة كردية من خلف ستار قائلة ان قوات الامن قبضت عليها مع جدتها في نيسان (ابريل) عام 1988 ثم ما لبثت هذه الاخيرة ان "توفيت في المعتقل في وقت لاحق". واضافت المشتكية التي لم يعلن عن اسمها من خلف ستارة ايضا "عشنا ظروفا بالغة القساوة بحيث اصبت بامراض جلدية كانوا يحقنون النساء بمواد توقف الطمث وتتسبب بتورم والام في البطن والفخذ". واتهمت "ضابطا يدعى جعفر الحلاوي بالتحرش بالنساء وامسك مرة بفتاة جميلة جدا من كويسجنق قائلا لها "انت لي" فبصقت في وجهه ثم امرها بان تشتم الملا مصطفى بارزاني ثم بصقت في وجهه مرة اخرى فقام بتمزيق ثيابها واغتصابها امام والديها".
واكدت انه قتلها بعد ان اغتصبها" . وروت قائلة "في احدى الليالي سمعت فتاة اخرى تتنهد وتبكي وعرفت في اليوم التالي انها اقدمت على الانتحار بعد ان تم اغتصابها الامر الذي اثار غضبا في صفوف السجناء الذين قرروا ضرب الضابط الحلاوي". وقالت "بعد ايام قام السجناء بضرب الحلاوي فدخل علينا عشرات الجنود الذين ضربوا الجميع حتى الاطفال واثر ذلك تم نقلنا الى نقرة السلمان حيث كانت عمليات الاغتصاب كثيرة خصوصا بعد عزل النساء عن الرجال والشابات عن العجائز". وقالت ان "الوفيات كانت ترمى لتاكلها الكلاب قرب اسوار المعتقل".
كما تحدث مشتكيين اخرين وصفوا عمليت مهاجمة القوات العراقية لقراهم ونفيهم الى محتجز نقرة السلمان الصحراوي حيث فقدا عددا من افراد عوائلهم .
وبانتهاء جلسة اليوم تكون المحكمة قد استمعت الى 44 مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من شهر اب (اغسطس) الماضي .
مسؤول عراقي : ضغوط كبيرة تتعرض لها المحكمة
وجه مسؤول عراقي كبير انتقادات لمجريات المحكمة مؤكدا انها تتعرض لضغوط داخلية وخارجية كبيرة ووصفها بالمعركة .
وقال سلام الزوبعي وهو النائب السني لرئيس الحكومة نوري المالكي ان المحكمة "تشهد خروقات واضحة وكبيرة.. وعدم وضوح بالرؤيا." واضاف في تصريح لوكالة اصوات العراق المستقلة اليوم ان ضغوطات "كبيرة" تمارس على اجراءات سير المحكمة "التي نتمناها ان تكون عادلة ونزيهة وان ياخذ الشعب العراقي حقة من النظام السابق في معرفة الحقائق."
واضاف "انا اتكلم بلسان رجل الشارع العراقي الذي يريد محاكمة عادلة ونزيهة وان ياخذ المتهم حقه في الدفاع عن نفسه." وتساءل قائلا " انا لا افهم لماذا القضاة كلهم من الشباب ولا تتجاوز اعمارهم الاربعين عاما... مع العلم ان هناك قضاة عراقيون كبار لديهم من الدراية والخبرة مايمكنهم من ادارة سير هذه المحكمة بنجاح." وحذر من ان المحكمة قد تحولت الى وسيلة دعائية وانها عززت من موقف رئيس النظام السابق.
واضاف الزوبعي مبينا ان محاكمة صدام تتعرض الى ضغوطات وتدخلات "كبيرة داخلية وخارجية " لكنه رفض تسمية الاطراف التي تمارس هذه الضغوطات والتدخلات واكتفى بالقول "انها اطراف واضحة." واكد ان قضية محاكمة رئيس النظام السابق قد " اصبحت ورقة رابحة بيد هذه الاطراف."
المشتكون في جلسة امس واعتراضات صدام
وروى اربعة مشتكين امس هما رجلان وامراتين تفاصيل عن قصف القوات العراقية لقراهم ربيع عام 1988 ثم دخولها واحراقها وتدميرها واقتياد سكانها الى الاحتجاز القسري في منطقة نقرة السلمان بصحراء السماورة الجنوبية لمدة سبعة اشهر توفي خلالها العديد منهم . كما تحدث المشتكون عن فقدان العديد من افراد عوائلهم منذ ذلك الوقت حيث تاكد قتلهم فيما ابرز رئيس الادعاء العام منقذ ال فرعون وثائق تؤكد صحة ماقاله المشتكون من خلال ابراز هويات المفقودين وقد عثر عليها في مقابر جماعية وخطابات رسمية اصدرها النظام انذاك وعرضها على المحكمة .
وقد استؤنفت الجلسة التي بدات بالاستماع الى اقوال مشتكية جديدة صباح اليوم بحضور جميع المتهمين ووكلاء الدفاع الذين انتدبتهم المحكمة ومقاطعة هيئة الدفاع الاساسية للمحاكمة. وكان خليل الدليمي المحامي الرئيسي في فريق الدفاع اعلن الاحد الماضي ان صدام طلب من الفريق خلال لقائه معه مطلع الشهر الحالي مقاطعة جلسات محكمة الانفال بسبب ما اسماه بتدخل الحكومة العراقية.
ومن المنتظر ان تستمع المحكمة في جلساتها المقبلة الى 30 شاهداً قبل البدء بالاستماع الى شهود النفي الذين لم تقدم هيئة الدفاع قائمة بأسمائهم الى هيئة المحكمة بعد باستثناء عدد قليل من المسؤولين في الحكومة السابقة ومنهم طارق عزيز نائب رئيس الوزراء السابق .
وفي جلسة امس اعترض صدام حسين الذي بدا هادئا امس بعد ان كان طرد من قاعة المحكمة في جلسات سابقة على طريقة توجيه المترجم من اللغة الكردية الى العربية اسئلة القاضي الى المشتكين وقال انها ايحائية تقود المشتكين الى الادلاء باقوال لم يكونوا يريدون قولها .. وقد ايد ذلك القاضي محمد الخليفة وكذلك المدعي العام منذر ال فرعون . كما شكك مدير الإستخبارات العسكرية في النظام السابق المتهم صابر الدوري في وجود معتقل "نقرة السلمان" الذي قال المشتكون انهم اعتقلوا فيه وتعرضوا للتعذيب .
المتهمون والتهم في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".