الواقع الفلسطيني في رمضان: أحزان على موائد الافطار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هكذا أصبح واقع الفلسطيني
مقاهي خالية وأحزان على موائد الافطار
بشار دراغمه من رام الله: أفعال وردود عليها، خلافات تتفاقم وإسرائيل تصعد، كل ذلك يحدث في شهر رمضان بحضور حالة غير مسبوقة من العوز والفقر. ومنغصات شهر الفرح حاضرة بقوة هذه المرة في فلسطين. ألم لا يتوقف، معاناة لم تنهها الأيام، ذكريات جسدتها الصور، وحزن لم يمحه طول الزمان، الكل حائر والكل مهموم وحزين، رمضان يأتي مرة أخرى بينما أطفال يبحثون عن أمهاتهم فلا يسمعون لهن صدى بعد أن غُيبن خلف القضبان، وأمهات يبحثن عن أبنائهن فلم يجدن سوى صورة على الجدار كفيلة بإهاجة تلك الأم بالبكاء، أما الجسد فقضت عليه بضع رصاصات. وجسد آخر لا زال رهن الاعتقال. ليتحول البيت الفلسطيني في رمضان إلى فاقد لأحد أركانه الاساسية. أب وأم قتلى، أبناء كذلك، آخرون في المعتقلات ويبقى الحال على ما هو عليه. قصف إسرائيلي عند السحور في قطاع غزة ومائدة الطعام تتحول إلى ركام بينما رواد المائدة أصبحوا أشلاء وجزء من الدمار. قتل وأخذ بثأر في شوارع غزة والخلاف هذه المرة "فلسطيني - فلسطيني" وطرفيه كبرى الحركات الفلسطينية "فتح وحماس".
طابور يطول في انتظار الدور من أجل الحصول على وجبة إفطار يتقوت عليها أطفال جياع ينتظرون في منزل آيل للسقوط. مقاهي السهرات الرمضانية تحولت إلى مدن أشباح خالية إلا من مقاعدها العتيقة ومن حولها عشرات المسلحين يجوبون بعض الطرقات تحسبا لأي تجدد في المواجهات الفلسطينية الداخلية.
كلها مشاهد تعيشها فلسطين في شهر رمضان. فأختفت معالم الفرح وتمسمر مكانها أجواء رعب وقلق، فقر وجوع، وانتظار لما هو آت.
المواطن إبراهيم السميح من نافذة بيته التي تكسر نصف زجاجها يبعث عيناه إلى شارع امتلأ بالمسلحين يقول بحالة تشبه الصمت "الله يستر".
سألناه عن حاله في رمضان فيقول:" حال بات العيش فيه محال، نبحث عن الأمن فلا نجده، نبحث عن الطعام لكنه بات زائر غريب علينا، نتمنى أن توقف إسرائيل عدوانها لكن دون جدوى".
سهرات على وقع الرصاص
فلسطين التي تميزت بسهراتها الرمضانية لم تعد على حالها. وتلك المقاهي والمتنزهات لم تعد تحلم برواد تعج بهم مثلما اعتادت سابقا وبات كل شيء خاويا.
مراد صاحب مقهى تميز بسهراته الرمضانية يفسر عدم قدوم الزبائن إلى المقهى بأمرين قائلا:" لم نستغرب هذا الانقطاع عن المقهى هذا العام، فمن أين يأتي الرواد وقد انقطعت مصادر الدخل لدى غالبية الفلسطينيين بسبب عدم تقاضيهم رواتبهم منذ ثمانية أشهر وما حصلوا عليه لم يكن سوى سلف محدودة لم تكف للجزء الأقل من الاحتياجات الأساسية، أما السبب الآخر فهو الوضع الأمني فالكثير من المواطنين يخشون من الخروج بعد الإفطار خشية وقوع اشتباكات مسلحة".
غائبون عن موائد الإفطار
أم محمد من بلدة نابلس القديمة لا تتخيل نفسها وهي تجلس على مائدة الإفطار وهي مفتقدة ابنها محمد الذي استشهد قبل أربعة أشهر، بعد توغل مفاجئ للقوات الإسرائيلية في المدينة. تقول ام محمد : لا احد يستطيع تعويضي عن ابني محمد الذي خطفته مني القوات الإسرائيلية لكن الصبر عنوان جميل لنا حتى نواصل درب التحرير الذي بدأنها بدماء الأبطال، ومعاناة الأسرى في سجون الاحتلال". وتضيف: لا استطيع وصف شعوري الصعب خاصة ان شهر رمضان هو الاول الذي يغيب فيه ابني عن البيت، لكن الحمد لله، أصلي وأدعو له بالرحمة، لكن هذا الوضع الجديد أثر على أبنائي جدا، خاصة ان محمد لم يمض على استشهاده سوى بضعة شهور أنظر إليهم ونحن على مائدة الإفطار فأرى عيونا حبست دموعا في مآقيها لأن هناك كرسي فارغ كان مخصص لمحمد"
وتوضح ام محمد : لن انسى ابني في الايام العادية، لكن الميزة في شهر رمضان الذي يجتمع فيه كافة افراد العائلة على نفس الطاولة، حيث له عظيم الاثر في انفسنا، لكن نتمنى ان يعيننا الله على هذا الوضع الصعب".
ومن جانبها تقوم فاطمة والدة الأسير عمار والمحكوم عليه بالسجن ستة سنوات بان شعور الام في شهر رمضان صعب جدا حينما تفقد ابنها ولا تجده على مائدة الإفطار وتقول:" المسؤول الأول والأخير الاحتلال الإسرائيلي عن هذه المأساة، هذا هو العام الثالث الذي يأتي فيه شهر رمضان دون ان نلتقي مع عمار على مائدة الإفطار، لكن الامل لدي في ان يمن الله عليه بالفرج العاجل لاجل العيش معنا والعودة الى ممارسة حياته الطبيعية".
وتتابع : الأمهات الفلسطينيات كتب عليهن هذا الحال ، لكن العنوان الأساس لنا هو الصبر على كل ما نعاني منه على آمل ان يتغير الحال".
أم غائبة وطفلة تكبي
أماني طفلة ذات سبعة أعوام بدأت هذه السنة صيام شهر رمضان لأول مرة. لكنها لم تفتقد والدتها المعتقلة بالسجون الإسرائيلية بالقدر الذي شعرت به هذا العام. تقول آماني:"في كل البيوت هناك أم تجهز طعام الإفطار، تصحو مع الفجر تجهز السحور، تمر على أطفالها توقظهم جميعا، لكنني افتقد هذا الشعور، وأشعر بالحزن عندما أسمع صديقاتي يتحدثن عن رمضان".
جيوب خاوية
ومع مرور الشهر الثامن على الفلسطينيين دون رواتب أدى هذا الأمر إلى وجود ظاهرة فقر غير مسبوقة في المدن الفلسطينية. وأصبحت الكثير من العائلات غير قادرة على توفير قوت أطفالها. وفي الجهة الأخرى هناك فقراء ازدادوا فقر هذا العام بفعل الظروف الراهنة.