سجن إسرائيلي عقبة في العلاقات مع روسيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وبهذه المناسبة تبادلت الرسائل بين وزيري خارجية البلدين، وحسب بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية فان كل طرف أشاد "في رسالته بحجم العلاقات الثنائية ونوعيتها".
ووجدت تيسبي ليفني، كما يتضح من خلال رسالتها لنظيرها الروسي، الكثير مما تشير إليه بشأن العلاقات الثنائية من "الدور الفعّال الذي لعبه الاتّحاد السوفيتي في تحرير أوروبا ومعسكرات الموت التي أنشأها نظام الحكم النازي إبان الحرب العالمية الثانية" إلى التذكير بان الاتحاد السوفيتي كان "من الدول السبّاقة إلى الاعتراف بدولة إسرائيل فور إنشائها عام 1948" وحتى الهجرة اليهودية الواسعة من دول الاتحاد السوفيتي السابق.
ولكن كل هذه الاشادات من ليفني، لم تستطع التغطية على الأجواء الخريفية التي تلقي بظلها على العلاقات بين دولة صغيرة عمرها اقل من 60 عاما ولكنها قوية في محيطها وتحظى بدعم لا محدود من اعظم دولة في العالم، ودولة أخرى وريثة قرون من مجد الإمبراطوريات، يسعى رئيسها إن لم يكن استعادة دورها السابق، ولكن بالتذكير به كلما سنحت الفرصة.
وبالنسبة لإسرائيل هناك مسائل كثيرة تطلب إجابات لها من الاتحاد الروسي، مثل الموقف من الملف النووي الإيراني، أو وصول أسلحة روسية عن طريق التهريب إلى مقاتلي حزب الله، وهي قضايا تعتبرها إسرائيل في غاية الأهمية، أما الاتحاد الروسي فقذف وبشكل غير متوقع في وجه إسرائيل قضية الأملاك الروسية في فلسطين الانتدابية، والتي تسيطر على كثير منها إسرائيل الان والتي تحاول التملص من الإجابة على هذا الاستحقاق الذي اصبح بالنسبة لروسية أمرا حيويا.
ووفقا لمصادر إسرائيلية فان قضية الأملاك الروسية التي تريد استعادتها، تتفاعل الان بشكل يؤثر فعلا على العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الروسي، وان كل ذلك يجري بعيدا عن وسائل الإعلام، وان هذه القضية تثير قلقا جديا لدى الدوائر الحاكمة في اسرائيل، التي لا تستطيع ان تنكر الحقوق الروسية ولكنها لا تريد الايفاء باستحقاقاتها.
وترتبط كثير من الأملاك الروسية في فلسطين، التي تسيطر عليها الان إسرائيل، بجزء هام من التاريخ الفلسطيني، وللعلاقات الوثيقة والمتعددة بين روسيا وفلسطين، ومن هذه الأملاك ما اصبح الان مقار لوزارات إسرائيلية، بينما تقع أملاك أخرى في مناطق دينية بالغة الأهمية، مثل الأملاك الروسية على الضفة الغربية لنهر الأردن في موقع المغطس، حيث تغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلية مناطق واسعة، لأسباب عسكرية، ولا تسمح بالدخول إليها إلا في أيام معدودة كل عام بمناسبة احتفالات الطوائف المسيحية بتعميد المسيح.
الجيش الاسرائيلي بين اريحا والقدس (عدسة ايلاف) وتتسع الأملاك الروسية لتشمل كثير من المواقع ذات البعد الديني والثقافي كالمدارس، في معظم المدن والبلدات الفلسطينية مثل القدس، والناصرة، وحيفا، ويافا وغيرها.
ولعبت بعض هذه المنشات دورا في تاريخ الحركة الثقافية العربية، مثل دار المعلمين في الناصرة التي أطلق عليها اسم (السمنار الروسي) وكان الهدف منها تخريج المعلمين ليدرسوا في نحو 100 مدرسة أنشأتها روسيا في فلسطين وبلاد الشام.
ومن بين خريجي السمنار الروسي عشرات من الذين اثروا الحياة الثقافية العربية مثل ميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، وخليل بيدس..وغيرهم.
ولا يعرف حجم الأملاك الروسية التي سيطرت عليها إسرائيل، ولكن أبرزها الان بناية المسكوبية بالقدس الغربية، التي حولتها إسرائيل إلى مركز لشرطة القدس ومعتقل للتحقيق مع النشطاء الفلسطينيين يشرف عليه جهاز الأمن العام (الشاباك) وحسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية فان المعتقلين الفلسطينيين في هذا المعتقل يتعرضون لأنواع تعذيب متعددة إلى حد انه يطلق عليه وصف (المسلخ).
وتم تأسيس المسكوبية، وهي مجمع روسي ضخم، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكان أول بناء خارج البلدة القديمة، ويعتبر مؤشرا على حداثة القدس المعاصرة وتطورها.
وخصصت لاستقبال آلاف الحجاج الذين يفدون إلى فلسطين، ووفرت لهم المرافق التي يحتاجونها في هذا المجمع والتي تناسب رعايا إمبراطورية قيصرية، ومن بين هذه المرافق مستشفى، ومبنى القنصلية، وكنائس، ومكاتب إدارية، ودور استقبال ومنامة..الخ.
وعندما احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917، لم تجد افضل من مجمع المسكوبية بالقدس لتضع يدها عليه وتستخدمه لأمور تتعلق بحكمها لفلسطين، وجعلت السجن المركزي في المسكوبية، الذي دخله العشرات من الزعامات الفلسطينية، ورجال دين مسيحيين ومسلمين، والثوار الذين قادوا العمل المسلح ضد بريطانيا، بالإضافة إلى مثقفين ومناضلين من سوريا ولبنان وحتى المغرب، بعضهم كان يحرر في الصحف التي تصدر في فلسطين والبعض الأخر ناضل في صفوف الأحزاب الفلسطينية.
وورثت إسرائيل هذا المبنى عنها، وساعدت القطيعة في العلاقات بين إسرائيل وروسيا في ظل الحرب الباردة، إلى عدم طرح قضية الأملاك الروسية في فلسطين، بل أن تلك السنوات شهدت اعتداءات إسرائيلية على رهبان وراهبات روسيات وصلت إلى حد القتل.
والان يريد بوتين استعادة أملاك بلاده في وطن محتل، ويريد بسط سيطرته عليها، واولمرت يريد من روسيا مواقفا ضد إيران وسوريا والفلسطينيين وحزب الله.
وكلا من بوتين واولمرت يراوغان، ويتجنبان دفع أي ثمن، بينما تتكفل بيانات وزارتي خارجيتهما بالتغطية على الخلافات العميقة، بكم كبير من العبارات الإنشائية، لا يعرف إلى متى ستنجح في منع انفجارا قد يكون متوقعا في علاقات البلدين.