تدريس مجزرة كفر قاسم في إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس : في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، سيكون بوسع طلبة المدارس في إسرائيل، الاستماع لشرح عن مجزرة كفر قاسم، التي ارتكبتها وحدة من حرس الحدود الإسرائيلي يوم 29-10-1956. ويأتي هذا بقرار من وزيرة المعارف الإسرائيلية اليسارية، يولي تامير، تخصيص ساعة تدريسية على الأقل للحديث عن مجزرة كفر قاسم في الذكرى الخمسين لوقوعها، في كافة المدارس الإسرائيلية، التي سيحيها العرب في إسرائيل بفعاليات ضخمة هذا العام.
وهذه المرة الأولى، التي سيتمكن فيها طلبة المدارس الإسرائيلية، وبقرار رسمي، الاستماع إلى شرح عن المجزرة التي ذهب ضحيتها 49 من أبناء بلدة كفر قاسم، الذين قتلوا على يد أفراد من وحدة لحرس الحدود، بعد عودتهم إلى بلدتهم في أثناء فرض حظرا للتجوال على البلدة، والذين لم يكونوا على علم بها، لانهم كانوا خارج قريتهم لدى فرضه.
وكانت محكمة إسرائيلية آنذاك أدانت ثلاثة من جنود حرس الحدود، بارتكاب عمل غير قانوني، إلا أن هذا الحكم لم يرض الجمهور العربي في إسرائيل، الذي يطالب قياديوه حتى الان إسرائيل بالاعتراف بمسؤوليتها عن المجزرة.
وزعمت تامير، بان المجزرة والمحكمة التي أعقبتها، وضعت حجر أساس للمجتمع الإسرائيلي ولقادة الجيش فيما يتعلق بما وصفته الحد الأخلاقي الذي يمكن العمل به، وهي تشير بذلك إلى ما أطلق عليه معايير (الراية السوداء) التي تعطي الحق للجنود بعدم تنفيذ تعليمات غير قانونية من قادتهم.
ووصف سامي عيسى، رئيس بلدية كفر قاسم، قرار تامير، بتدريس المجزرة في المدارس الإسرائيلية، بالموقف الإيجابي وبأنه خطوة في الطريق الصحيح، قائلا بأنه يجب أن يتبعها إقرار حدث المجزرة في المناهج الإسرائيلية.
وافاد بان قرية كفر قاسم ستحي الذكرى الخمسين للمجزرة بثلاث فعاليات، الأولى المسيرة التقليدية إلى النصب التذكاري لضحايا المجزرة، والثانية افتتاح متحف لاحياء ذكرى شهداء المجزرة، والثالثة تنظيم مهرجان قطري.
واستقبلت شخصيات يهودية وعربية ومؤسسات حقوقية قرار تامير بالترحاب، وان كان بعضهم اعتبره ناقصا، بدون اعتراف إسرائيلي رسمي بالمجزرة.
وقال الدكتور دوف حنين، عضو الكنيست عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بان "التدريس عن المجزرة ليس سرد قصة من الماضي إنما إدارة نقاش آني حول حاضر ومستقبل علاقة الدولة بالمواطنين العرب وحق هؤلاء غير القابل للمساومة بالعيش بكرامة في وطنهم الذي لا وطن لهم سواه".
وعبر حنين عن أمله في أن يتم "التطرق خلال هذه الساعة التدريسية إلى أهم ما تمخضت عنه محاكمة سفاحي كفر قاسم، ألا وهو معيار (الراية السوداء) والذي يعرّف التعليمات غير القانونية، والممنوع تنفيذها حتى وان صدرت من جهات عسكرية عليا، مثل هذه المضامين قد تعزز لدى الشباب النظرة النقدية إلى المؤسسة بشكل عام والمؤسسة العسكرية بشكل خاص، وهو المطلوب."
وكان حنين طالب، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بان يشارك رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، شخصيا أو ينتدب ممثلا عنه في فعالبات إحياء الذكرى الخمسين لمجزرة كفر قاسم، وبتقديم اعتذار رسمي عن المجزرة.
وقال حنين، بان هدف المجزرة كان يستهدف بقاء المواطنين العرب الذي بقوا في أرضهم ضمن حدود دولة إسرائيل.
واضاف حنين في خطاب له أمام الكنيست في الذكرى الخمسين للمجزرة عقدت يوم الأربعاء الماضي "بعد خمسين عاما على ارتكاب المجزرة فقد حان الوقت للاعتذار على ارتكابها ان كانت الحكومة تعتزم وبحق تغيير سياسة التمييز ضد المواطنين العرب".
وانتقد النائب العربي في الكنيست إبراهيم صرصور تغيير رئاسة الكنيست لاقتراحه لجدول الأعمال والذي كان (الذكرى الخمسين لمجزرة كفر قاسم: دروس وعبر) إلا انه تم استبدال كلمة مجزرة بكلمة أحداث.
ورأى صرصور وهو من كفر قاسم، في هذا التغيير "إشارة إلى مدى استخفاف مؤسسات الدولة بدماء العرب رغم ثبوت الجرائم الإسرائيلية الرسمية ضدهم".
وتساءل صرصور "هل هنالك في البرلمان وفي إسرائيل من لا يعتبر ما حدث في كفر قاسم في العام 1956 مذبحة ومجزرة بكل ما تعني الكلمة من معان؟ وهل يمكننا أن نرى في هذا الإجراء تنكرا إسرائيليا مستمرا حتى من السلطة التشريعية لحقيقة الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في كفر قاسم رغم مرور خمسين عاما على المجزرة؟ وهل نفهم من ذلك ابتداء أن إسرائيل مصرة على اعتبار المجزرة حدثا أشبه ما يكون (بطوشة) بين حمولتين انتهى بالصلح وتناول الطعام، وبذلك أغلق الباب على الجريمة؟".
وشدد على أهمية فتح ملف المجزرة من جديد قائلا بأنه لا يمكن القبول بمعالجة "هذه الجريمة بالطريقة التي عولجت فيها في تلك الأيام، والتي لم تكن سوى مجزرة أخلاقية فرضت إسرائيل فيها شروطها على ذوي الضحايا تحت التهديد والوعيد والإرهاب".
وقال صرصور "كفر قاسم لم تنس المجزرة ولا أسبابها ولا مرتكبيها، ولن تنسى ذلك كله، كما أنها لم ولن تغفر وستبقى تطالب بحقها في دفع الدين الإسرائيلي الثقيل المتراكم عبر نصف قرن من الزمان، كما لن تشعر كفر قاسم والجماهير العربية معها بالأمن والأمان ما لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها الكاملة عن المجزرة وعن المجازر التي تلتها".
ويذكر بان مجزرة كفر قاسم أثرت في الوعي الفلسطيني والعربي، واستلهمها كثير من الشعراء في قصائدهم، وأنتجت المؤسسة العربية للسينما عام 1976، فيلما عنها من إخراج اللبناني برهان علوية.
وبمناسبة الذكرى الخمسين للمجزرة، اعد واخرج الدكتور زياد محاميد، كليب فني، مدته 10 دقائق، وهو عبارة عن مزج بين مقاطع شعرية لتوفيق زياد ومحمود درويش وآخرين، مع لوحات الفنان التشكيلي الفلسطيني عبد التمام عن كفر قاسم.