أخبار

انتقام رخيص للعسكرتارية البريطانية من شبكة اخبار اي.تي. في

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


عادل درويش من لندن : تتعرض شبكة اخبار التلفزيون المستقلة ITV لمنع مصوريها وصحفييها ممن تغطية الخطوط الأمامية في الحروب بعد تقرير مصور عن علاج الجنود البريطانيين من جروح الحرب في مستشفيات وزارة الصحة، واتهامات بعرقلة المحققين معرفة ظروف مصرع مراسل المحطة برصاص الجنود الاميركيين قبل ثلاثة اعوام.

وقد ساءت العلاقة بين المحطة وبين خبراء العلاقات العامة ومسؤولي الدعاية والصحافة في صفوف الحكومة، خاصة وزارة الدفاع التي قررت سد الطرق امام مصوري وصحفي المحطة من الالتحاق بوحدات الصفوف الأمامية القتالية في المناطق الساخنة كالعراق وافغانستان في الأسابيع الاخيرة.

وكان مراسلي الشبكة بثوا سلسلة من التقارير الصحفية من الخطوط الأمامية، ومن المستشفيات الميدانية في العراق وافغانستان، ومقابلات مع اسر الجنود المصابين، ومن عنابر مستشفيات وزارة الصحة العامة حيث يجد الجنود انفسهم يتلقون العلاج بجانب المدنيين من الجنسين في عنابر مفتوحة. وكان جندي مصاب باصابات خطيرة من شظايا في الرأس والصدر والرقبة، يعالج في احدى المستشفيات وتعرض للاهانة والتهديدات بالاعتداء من جانب اسلامي راديكالي في عنبر مفتوح في احدى المستشفيات المدنية لأنه غاضب من سياسة الحكومة البريطانية في العراق، والتي يعتبرها الراديكاليون المسلمون، " حربا صليبية على الاسلام."

واتهم المسؤولون في وزارة الحربية البريطانية تقارير الشبكة " بعدم الدقة والانتقائية، و تجاوز حدود اللياقة المقبولة بتطفلها على خصوصيات جنود مرضى وجرحى اثناء فترة العلاج في المستشفيات."

وعبرت مصادر اي تي في عن الدهشة والغضب، مما اعتبرته سياسة تهديدات ومحاولة من الحكومة البريطانية لتكميم الصحافة ومنعها من نشر وبث تقارير تعتبرها الحكومة " سلبية" بشأن اوضاع الجيش في افغانستان والعراق.

ويستغل الجنود البريطانيون وذويهم، وجود الصحفيين، بالصدفة بينهم، لتسريب معلومات عن سوء المعاملة، وعدم توفر الغذاء والدواء وقلة جودة المعدات، بالمقارنة بالرفاهية التي يتمتع بها الجنود الأميركيين، على أمل ان يثير الصحفيون اهتمام المسؤولين لتوفير مايطلبه الجنود من معدات وحاجات، خاصة وان التقاليد العسكرية البريطانية، والتسلسل القيادي المنضبط، يجعل من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، ايصال الطلب للقيادة العليا، ومنه الى القيادات السياسة للاستجابة للطلبات.

ويجد الصحفيون انفسهم في موقف صعب، فالأمانة الصحفية والدقة، والرغبة في تغطية كل جوانب الخبر، تضطرهم الى ادراج هذه المعلومات، اما من الجنود والضباط مباشرة، او من اقارب واسر الجنود، واغلبهم يشتري المعدات وعلب الطعام المحفوظ من ميزانيتهم الخاصة من السوق، ويرسلونها مباشرة لأبنائهم على الجبهة، خاصة وان متوسط سن الجنود هو مابين ال 18 و 22 عاما. وبالطبع يخفي الصحفيون الأسم الحقيقي وشخصيات الجنود.
ومع انتشار التلفون ( المحمول) مع الجنود، وامكانية كثير من اجهزة التليفون التقاط الصور والفيديو وارسالها برسالة عادية الى اجهزة كمبيوتر الصحفيين، يصعب على رقابة الجيش منع وصول هذه الصور للصحفيين التي يتضمنونها في تقاريرهم المصورة.

ويحشد الصحفيون بجانب نقابة الصحفيين قواهم في جبهة موحدة استعدادا لمعركة مع الحكومة امام الرأي العام، تعيد للذاكرة المعركة بين "بي بي سي" ورقم 10 داوننج ستريت قبل عامين، بعد تقرير قال فيه المحرر العسكري للمحطة ان مصدارا من قسم المخابرات العلمية والبيولويجة، في وزارة الدفاع، اخبره ان الستر كامبل، الرئيس السابق للمكتب الصحفي في داوننج ستريت، شحذ وعدل من تقارير المخابرات كي تقنع الحكومة نواب البرلمان بالاشتراك في الحرب على العراق بسبب تهديد اسلحة الدمار الشامل، التي لم يعثر لها على اثر بعد غزو العراق.
وانتهت الأزمة الى استقالة المحرر العسكري للبي بي سي، اندرو جيليجان، ومدير المحطة جريج دايك ، والستر كامبل نفسه، بعد انتحار عالم الحرب البيولوجية دافيد كيللى، الذي كان مفتشا على اسلحة الدمار الشامل في العراق،عقب ان تعمدت وزارة الدفاع تسريب اسمه للصحافة كمصدر لمعلومات جيليجان.

وتسربت منذ بضعة ايام محتويات بريد الكتروني ارسله جيمس كلارك ، مدير مكتب الأخبار والصحافة في وزارة الحربية البريطانية الى شبكة التلفزيون المستقل، يتهم فيه مراسلي "اي تي في " بمزج وترقيع لقطات رخيصة" في تقرير وصفه بالانحياز والانتقائية."
وقال احد الزملاء في "اي تي في" - شريطة عدم ذكر اسمه، ان خبراء الدعاية في حكومة توني بلير، مصابين بهوس السيطرة على مصادر ومنافذ الأخبار وتصفيتها من اي شيء يعتبرونه سلبيا، وهم يفضلون ان يلتحق المراسل بالوحدة العسكرية حسب النظام الأميركي embedded بدلا من التحرك بشكل مستقل. وقال الزميل ان الجو العام في غرفة الاخبار يتهم الحكومة والمسؤولين في وزارة الدفاع باستخدام اسلوب بلطجة لتخويف الصحفيين، مثل بلطجة التلميذ الضخم الجثة الخائب في الدراسة والذي يحاول تخويف بقية التلاميذ في حوش المدرسة.
واضاف الزميل ان الطريقة الوحيدة لمواجهة الابتزاز والبلطجة هو التصدي للمبتز وعدم السماح له بالحصول على مايريد بالابتزاز.

وقال زميل آخر، من محطة مختلفة، انه سمع اثنين من المسؤولين في وزارة الحربية في لندن يتحادثان ويشتكيان من " تسلل" مراسل من "اي تي في" بشكل مستقل والذهاب لأفغانستان ولقاء الجنود والضباط البريطانيين، دون المرور بالقنوات البيروقراطية العادية للوزارة والحصول على التصاريح المختومة من الوزارة، واضاف الزميل ان المسؤولين يريدون معاقبة الصحفيين المسقلين بحجبهم عن مصادر المعلومات.

وبعد ان انتشرت اخبار الصراع بين الصحفيين في وستمنستر، علمت "إيلاف" ان وزارة الحربية بعثت برسالة اخرى الى "اي تي في" جاء فيها ان الوزارة لاتسعى الى منع الشبكة من التغطية في العراق وافغانستان، او مقابلة " المتحدثين الرسميين من الوزارة هنا او في مسارح العمليات"، وبالطبع لاحظ الصحفيون ان الوزارة تطلب منهم بشكل غير مباشر الحصول على المعلومات من مصادر رسمية فقط وعدم مخاطبة الجنود مباشرة، وهذا مالايرضى به اي صحفي يحترم التزامه المهني.
وفي الوقت نفسه الحقت الوزارة الفقرة في خطابها بشرط آخر، وهي انها لاتسعى الى منع الصحفيين من متابعة اخبار الحرب بشرط ان تتلقى الوزارة " اجابات مرضية عن الأسئلة التي اثيرت" وتقصد الاتهامات بالانتقائية واللقطات الرخيصة، وحتى يتم تلقي هذه الاجابات، تمضي الرسالة، فإن الوزارة تشعر بان العاملين فيها لن يتلقوا الاحترام المطلوب لخصوصيته، وتصويرهم بشكل عادل في التقارير الأخبارية.

وتعرضت قيادة الجيش البريطاني لانتقادات حادة من الصحافة ومن لجنة تحقيق قضائية في الاسابيع الماضية، اتهمتها بعدم التعاون مع المحققين وحجب المعلومات وعرقلة مهام محققين استأجرتهم شبكة التلفزيون المستقلة للتحقيق في مصرع واحد من اقدم صحفييها وأكثرها خبرة وهو الصحفي تيري لويد الذي مات برصاص الجيش الاميركي في الأيام ألاولى من حرب العراق في آذار(مارس) 2003.

وقد ثبت من التحقيق القضائي، ان لويد، وهو صاحب خبرة ثلاثين عاما في تغطية الاخبار الخارجية والحروب، ذهب مع مصوره عبر الحدود الكويتية، مستقلا عن قوات الجيشين البريطاني والاميركي. ورغم وجود علامة صحافة بشكل واضح باللغتين العربية والانجليزية على سيارة "اي تي في" فإنها تعرضت للرصاص اثناء تبادل اطلاق النار بين العراقيين ولاميركيين. وعندما وضع مدنيين عراقيين لويد المصاب بجروح في سيارة نقل حولت لآسعاف، وعليها علامات الاسعاف، اطلق الأميركيون النار عليها، فاصبته طلقة من عيار 23 مم من المدفعية المضادة للطائرات، التي استخدمها جنود اميركيون لاطلاق النار على سيارة النقل المحولة الى سيارة اسعاف، اثناء نقل لويد وعدد من الجرحى الى المستشفى. وقال تقرير الطبيب الشرعى ان الطلقات اخترقت جانب السيارة وهشمت احداها رأس لويد، وثبت من فحص الطلقة انها اميركية.

وطلبت اسرة لويد من مكتب المدعي العام البريطاني تقديم طلب للبنتاغون واستدعاء الجنود المسؤولين وتقديمهم للمحاكمة. ويلقى الطلب تعاطفا كبيرا من الصحافة والرأي العام في بريطانيا.
وقد طرح زعيم حزب الأحرار المعارض منزيس كامبل السؤال على رئيس الوزراء توني بلير في مجلس العموم في الثانية عشرة والنصف ظهرا اليوم، وماذا يتم بشأن التحقيق في مصرع لويد ونقل اللب للمدعي العام الاميركي . رد بلير بانه متعاطف مع اسرة الفقيد، فإنه من غير اللائق ان يعلق علنا على سير تبادلات قضائية.
لكن السؤال بالطبع اثار انتباه الصحافة وسيكون له اثر كبير على شعبية بلير بين الصحفيين في الايام المقبلة.

واثناء التحقيق القضائي، اتهم ستيوارت بيرفيس المدير التنفيذي لاخبار "اي تي في "، الجيش البريطاني ووزارة الحربية بعرقلة مهمة الشبكة لثلاث سنوات أثناء التحقيق لمعرفة الظروف التي قتل فيها المراسل لويد، واختفى فيها مصوره ألاسباني الجنسية، واضاف انه لولا العثور على شهود عراقيين لما تمكن احد من معرفة الظروف المحيطة بالمأساة.

واضاف بيرفيس انه استخلص نتيجة مفادها ان العسكرية البريطانية لديها معلومات مفصلة اكثر شمولا واتساعا مما افضت به للمحققين.

وتفسر الضغوط من نواب البرلمان ومن نتائج استطلاعات الرأي غير الراضية عن ان وجود القوات البريطانية في العراق، سبب انزعاج وزارة الحربية البريطانية من تقارير التلفزيون، والتي هي بعكس التقارير الصحفية، تقتحم غرفة جلوس الأسر من كافة الطبقلت، وتعرض صور تؤثر سلبا على شعبية حكومة العمال الجديد بزعامة توني بلير.

وقد دعم نواب المعارضة من حزبي المحافظين، والديموقراطيين الأحرار في مجلس العموم الليلة الماضية، مطالب عدد من نواب حزب الحكومة اليساريين في المقاعد الخلفية بالدعوة الى جلسة مناقشة برلمانية مفتوحة حول اخراج القوات البريطانية من العراق. وقال وليام هيج، زعيم المحافظين السابق، ووزير خارجية حكومة الظل، انه من الضرورة ان يناقش مجلس العموم الوضع في العراق في اسرع مناسبة. وقال السير منزيس كامبل ان بلير والرئيس الاميركي جورج بوش هما " الشخصان الوحيدان في العالم الذين يعتقدون ان استراتيجيتهم في العراق ستحقق شيئا".

وكان المتحدث باسم رئيس الوزراء قال اليوم ان بلير مستمر في المناقشة والاجابة على اي اسئلة تتعلق بالعراق، وان القوات باقية حتى اتمام المهمة، لمنع تجنب الاجابة مباشرة حول ماتطرحه المعارضة من مناقشة برلمانية.

وكرر رئيس الوزراء ذلك في الأجابة على سؤال في مجلس العموم بأن رئيس الكتلة البرلمانية سيحدد وقتا للمناقشة، وان خطاب الملكة لافتتاح الدورة البرلمانية الشهر القادم سيتناول العراق، مكررا ان الجيش سيبقى هناك حتى تطلب الحكومة العراقية المغادرة عند تمكنها من حكم البلاد بشكل آمن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف