مبادرة بري تشتري الوقت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الغالبية تتجاوب مع التحفظ على حصر البحث ببندين
مبادرة بري تشتري الوقت
سيناريوهات عدة لتغيير الحكومة اللبنانية
القوة الثالثة في المشهد اللبناني
ورغم شعور بالخيبة ساور قوى الغالبية حيال رئيس مجلس النواب الذي حدد مرة جديدة موقعه في "الكتلة الشيعية" عند المحطات المفصلية، فإنها تبدي تفهما لظروف الرجل والاعتبارات التي أملت عليه خفض سقف مبادرته والحد من جدول أعمال التشاور وحصره في النقطتين اللتين تهمان "حزب الله" وحليفه الجنرال ميشال عون. ولعل رئيس" اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط هو أكثر من يتفهم بري ويراعي موقفه ويضغط في اتجاه تلبية دعوته أيا تكن التحفظات عن "تشاور" مبتور لا يلبي طموحات الغالبية ولا مصالحها السياسية. وما يدفع جنبلاط الى اعتمادهذا الموقف المرن هو توافقه الضمني مع بري على قراءة سياسية واحدة للأزمة القائمة التي يجب منع وصولها الى "الشارع" وقطع كل خطوطها وامتداداتها الاقليمية والدولية التي تحوّل لبنان ساحة صراع ومساومة ومفاوضة.
والأرجح أن هذا التوافق الضمني بين بري وجنبلاط سيؤدي إلى توسيع غير معلن لجدول أعمال جلسات التشاور، بما يقود إلى فتح الملف الحكومي تركيبة وبرنامجا وفتح باب النقاش حول مواضيع أخرى متعلقة بسلاح" حزب الله " والمحكمة الدولية وأزمة الحكم، اضافة الى التأكيد على تنفيذ القرارات المتخذة سابقا في موضوعي العلاقة مع سوريا والسلاح الفلسطيني. وهذا "التوسيع" سيقود حتما الى تمديد مهلة ال ١٥ يوما والى ان يمتد "التشاور" لأسابيع وربما يستهلك كل الفترة الفاصلة عن مؤتمر "باريس - ٣ " لدعم لبنان الذي سيعقد منتصف كانون الثاني/ يناير في باريس.
وفي أفضل الأحوال سيؤدي نجاح المبادرة إلى توسيع الحكومة الحالية بدلا من نسفها واقامة حكومة جديدة. وهذا المخرج يميل اليه الرئيس بري ويراه الأقل كلفة والأخف وطأة، والمطروح في هذه الحال، إكمال حلقة المشاركة السياسية باقفال ثغرة التمثيل المسيحي عبر اشراك كتلة الجنرال عون من دون ضم قوى سياسية من خارج مجلس النواب حليفة ل"حزب الله" وعون، مثل الرئيس عمركرامي والوزيرين السابقين سليمان فرنجية وطلال إرسلان ووئام وهاب والحزب السوري القومي وغيره ، وهي شخصيات وقوى لم تشارك في طاولة الحوار ولا مكان لها على طاولة مجلس الوزراء.
وبدا جلياً أن بري قدم أقصى وأفضل ما لديه حاليا واضطر الى تحجيم مبادرته بعدما اصطدم بمعطيات دولية واقليمية وداخلية غير مساعدة ، مثل التوتر الأميركي- الإيراني- السوري انطلاقا من العراق وصولاً إلى مشروع القنبلة النووية الإيرانية ، وكذلك الخلاف السعودي- السوري ، وعدم توافر ظروف زيارةرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الى دمشق ورفض الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله التجاوب مع مسعى بري لترتيب لقاء بينه وبين رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري ، إضافة إلى الفرز الحاد في المواقف السياسية الى حد يصعب معه التوفيق بينها والتوصل إلى قواسم مشتركة. والنقطة الأبرز اخفاق بري في اقناع قيادة "حزب الله "باضافة نقاط على جدول أعمال "التشاور"غير نقطتي الحكومة وقانون الانتخابات.
والخلاصة أن بري جارى "حزب الله" في شكل الدعوة وجدول أعمالها على أمل إحداث اختراق سياسي في جدار الأزمة واستحداث مسار حوار يتقدم على مسار المواجهة ويحد من اندفاعته، ولكن "مردود" هذه المبادرة يفيد قوى الأكثرية في شراء الوقت والوصول الى "باريس - ٣" وتمرير قانون المحكمة ذات الطابع الدولي ، وفي تفادي انعطافة خطرة للأزمة السياسية نحو الشارع ربما تكون الغالبية الخاسرة الكبرى فيها رغم ان جميع الأفرقاء اللبنانيين متساوون في المأزق حالياً.