حكومة وحدة فلسطينية وقصف بيت حانون مستمر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خلف خلف من رام الله: وسط الحديث عن اتفاق داخلي لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ترأسها شخصية فلسطينية مستقلة، ما زالت "غيوم الخريف" -الاسم الذي أطلقته إسرائيل على عمليتها العسكرية- تمطر حمما نارية على بيت حانون شمال قطاع غزة، جاعلة رائحة الموت والقتل تنبعث من كل مكان، وتحت مرأى ومسمع العالم، تتواصل في وسائل الاعلام نداءات الاستغاثة من أهالي البلدة ولا مجيب، أصوات تختلط بها عبارات السخط على الصمت العربي والدولي إزاء ما يجري من مجازر يومية بحق البشر والحجر.
حيث إنه على مدار ستة أيام، خلفت إسرائيل الدمار في بيت حانون التي يسكنها ما يزيد عن 40 ألف فلسطيني، ويقوم الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات إعدام بدم بارد بحق الشبان، حيث روى مسعفون فلسطينيون أمس أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على فلسطينيين من الخلف بعدما حققوا معهما وأطلقوا سراحهما، ما أدى إلى استشهاد أحدهما وإصابة آخر بجروح خطرة. وحسب الإحصائيات الطبية الفلسطينية فقد سقط أكثر من 250 فلسطينيا بين جريح وقتيل منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أطلقت عليها "تل أبيب" اسم "غيوم الخريف".
ويقول سكان بلدة بيت حانون إنهم لا يسمعون سوى صرخات أطفالهم وأصوات الصواريخ والرصاص والقذائف المتساقطة كالمطر على المنازل. هذا في وقت بدأت المواد الغذائية والحاجات الأساسية بالنفاد، وتطعم بعض الأمهات أطفالها "الرز" بدلاً من الحليب الذي تحول إلى عملة نادرة في ظل الحصار الذي يلف البلدة منذ الأربعاء الماضي، وعزل الجيش الإسرائيلي البلدة بالكامل عن محيطها الخارجي وتمنع طواقم الإسعاف والصليب الأحمر الدولي من الدخول إليها. ويقول شاهر سالم احد سكان بيت حانون: إسرائيل دمرت البيوت في الحي الذي أسكنه، وأصبحت كل البلدة ثكنة عسكرية، فقدت ثلاثة من أصدقائي، والوضع يتجه نحو الكارثة، وأضاف سالم هاتفياً: هذا الهجوم أسمع الصم وانطق البكم، ولم يخرج العالم عن صمته.
الحاج أبو مؤيد من جانبه، أوضح أن قوات الاحتلال قامت بتدمير أجزاء من بيته ومن ثم حولته إلى ثكنة عسكرية وتمركز الجنود داخل غرفه، مبيناً أنهم قاموا باحتجاز عائلته في غرفة واحدة دون السماح لهم بالتنقل، وكما أنهم منعوه من التوجه إلى المسجد لأداء الصلاة. إلى ذلك، حذر بيان صادر عن الإدارة العامة للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية من أن صواريخ أرض- أرض التي تستخدمها قوات الاحتلال تؤثر بشكل أساسي على الطواقم الطبية المتحركة عدا عن أنها شديدة الانفجار وتترك حروقا رهيبة وتقطع أجساد الشهداء والجرحى، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ غير تقليدية ومحرمة دولياً.
وحذرت الإدارة العامة المواطنين من استخدام قوات الاحتلال لقذائف تترك دخاناً لونه اخضر ومن ثم احمر حيث يعتبر هذا الدخان ساماً ومحرما دوليا ويترك آثارًا سلبية وتلوثاً بيئياً سيئاً، ونددت الوزارة بتصعيد قوات الاحتلال لحربها ضد الطواقم الطبية الفلسطينية، مؤكداً أنه انتهاك لكافة القوانين والأعراف الدولية.
ويعيش أهالي بيت حانون بالإضافة إلى القتل والخنق معاناة جراء نفاذ الأغذية والأدوية وانقطاع الكهرباء عن أحياء في البلدة. وأصبحت الإذاعات المحلية وسيلة الاتصال الوحيدة لأهالي البلدة مع العالم الخارجي يطلقون من خلالها الاستغاثات خصوصا للصليب الأحمر للتدخل لإنقاذ حياة المرضى والعائلات المحاصرة وذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين.
فيما تمنع قوات الاحتلال الصحافيين ومختلف وسائل الإعلام من الدخول إلى البلدة بعد أن أعلنت عنها منطقة عسكرية مغلقة الأمر الذي دفع الصحافيين إلى التجمع فوق أسطح عمارات مرتفعة على مشارف البلدة في محاولة لمتابعة الأحداث الجارية.
بيت حانون البلدة الحدودية الهادئة الوادعة تنام وتصحو على أزيز الدبابات يعانقها الموت يومياً، ويمتهنها الجيش الإسرائيلي محولاً إياها إلى ساحة حرب ووغى يتقن فيها القتل والتخريب والدمار. حين تسير بشوارعها تشتم رائحة بارود وبقايا حريق اندلع هناك ولم يخمد بعد، فهذا الطفل فقد قدمه برصاصة قناص إسرائيلي، وهذا التاجر فقد مصدر رزقه بسبب تدمير متجره، وذاك الشيخ يعاني "الأمرين" لعدم مقدرته على توفير الدواء لزوجته. وتستغل إسرائيل الصمت الدولي لتنفيذ مزيد من عملياتها العسكرية، حيث ناقشت الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها يوم أمس النتائج العملية، واستمع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى تقرير مفصل قدمه وزير الدفاع عمير بيرتس عن مجريات الهجوم ونتائجه.