باراك حسين أوباما هل يصبح أول رئيس أسود لأميركا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: تكرر لفظ اسم السيناتور الشاب باراك حسين اوباما في وسائل الإعلام الاميركية والمجلات التي تراقب باهتمام وعن كثب مجريات الانتخابات الاميركية وتداعياتها السياسية في الداخل والخارج، وتزامن تسليط الضوء على اوباما مع بدء تعداد المرشحين للفوز برئاسة الولايات المتحدة الاميركية عام 2008. وتصدر السيناتور الشاب اهتمام وسائل اعلام متعددة منها مجلة تايم التي أفردت مساحة كبيرة للحديث عن طموح أوباما السياسي وفرص وصوله إلى المكتب البيضاوي في عدد23اكتوبر تحت عنوان " لماذا يمكن أن يكون أوباما الرئيس القادم؟"، وعلى أثير إذاعة NBR كان هناك أكثر من مقابلة وتحليل عن مستقبل أوباما السياسي ،وعلى شاشات شبكات أخبار CNNوABC ، NBC وعلى صفحات الجرائد والانترنت. وفي المكتبات، حيث تزين صورة غلاف كتاب أوباما الجديد أرفف بوردرز Bordersوبارنرز أند نوبلBarnes and Nobleأكبر محلات الكتب في الولايات المتحدة.
ويتزامن الحديث عن طموح أوباما السياسي مع ارتفاع سخونة الاستعدادات لانتخابات الكونغرس وافتقار الحزب الديمقراطي إلى زعامات كاريزمية قادرة على منافسة الزخم الخطابي لزعماء وقادة الحزب الجمهوري. والخوف من نتائج اختيار قاعدة الحزب الديمقراطي لهيلاري كلينتون المرشحة لانتخابات الرئاسة عام 2008. ذلك في الوقت الذي تتعالى فيه بعض الأصوات خاصة أصوات السود الأميركيين مطالبين أوباما بخوض غمار التجربة رغم كل ما تنطوي عليه من مغامرة.
باراك حسين اوباما
ولد باراك حسين أوباما في شهر آب / أغسطس من عام 1961 في ولاية هاوي لأب كيني مسلم أسود كان يدرس في أحد برامج جامعة هاوي وأم أميركية بيضاء من ولاية كنساس.واسم باراك هو النطق السواحيلي( اللغة الوطنية في كينيا) للكلمة العربية بارك، حيث إن مئات الكلمات في اللغة السواحلية ذات أصول عربية. انفصل الزوجان وباراك في الثانية من عمره ليعود الأب إلى كينيا وتصبح الأم مسؤولة عن تربية الطفل. انتقل أوباما إلى جاكرتا صغيرا بعدما تزوجت أمه من مهندس بترول أندونيسي، حيث ولدت أخته غير الشقيقة مايا، ويذكر الكاتب الروائي سكوت تورو أحد أصدقاء أوباما أنه في تلك الفترة انتظم لمدة سنتين في مدرسة إسلامية ثم التحق بعد ذلك بمدرسة كاثوليكية. وعندما بلغ أوباما العاشرة من عمره عاد إلى ولاية هاوي ليعيش حياة مرفهة مع جده وجدته لأمه، وفي تلك الأثناء التقى أوباما والده الكيني. وقد عانى أوباما في سنوات المراهقة من مسألة تنوع أصوله العرقية وتحديد هويته الثقافية لدرجة تناوله لفترة وجيزة مخدر الماروانا والكوكايين.
التعليم والوظيفة والزواج
التحق أوباما بإحدى جامعات كاليفورنيا قبل أن ينتقل إلى جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك، حيث تخرج فيها عام 1983 حاصلا على بكالريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية. عمل بعدها في مجال العمل الأهلي لمساعدة الفقراء والمهمشين كما عمل كاتبا ومحللا ماليا لمؤسسة بزنس انترناشونال كروبرشن. انتقل أوباما للإقامة قي مدينة شيكاغو عام 1985 بعد أن حصل على وظيفة مدير مشروع تأهيل وتنمية أحياء الفقراء. وفي هذه الأثناء سافر أوباما إلى كينيا لزيارة والده عندما علم بوفاته في حادث سير.وفي عام 1991تخرج باراك أوبامافي كلية الحقوق في جامعة هارفارد. ودرس القانون كمحاضر في جامعة الينوي في عام 1993.
في صيف عام 1989وخلال عمله في شركة للمحاماة في مدينة شيكاغو التقى أوباما ميشيل روبنسون لتبدأ قصة حب وإعجاب متبادل تكتمل بالزواج في 18 اكتوبر عام 1992. لأوباما وميشيل ابنتان هما ماليا ونتاشا. تعيش الأسرة في منزل تاريخي كبير يزيد سعره عن المليون ونصف المليون دولار في الجانب الجنوبي لمدينة شيكاغو.
أوباما الشاب في مجلس الشيوخ
كانت أول خطوة فعلية دفعت بالشاب أوباما إلى معترك السياسة في عام 1992 عندما أصبح مديرا لمشروع التصويت في إلينوي، حيث ساعد 150 الف شخص من الفقراء على تسجيل أسمائهم في سجلات الناخبين. وفي عام 1996 انتخب أوباما لمجلس شيوخ ولاية الينوي لينخرط بشكل رسمي في أنشطة الحزب الديمقراطي. ولا يزال خطاب أوباما الذي ألقاه في المؤتمر الانتخابي للحزب الديمقراطي في تموز /يوليو 2004 عالقا في أذهان الأميركيين ومبشرا بميلاد سياسي بارع في استخدام الأسلوب الخطابي.وفي تشرين الثاني /نوفمبر من عام 2004 فاز باراك أوباما في انتخابات الكونغرس عن ولاية الينوي بنسبة 70% من إجمالي أصوات الناخبين في مقابل 27% لمنافسه الجمهوري، ليصبح واحدا من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنًا وأول سيناتور أسود في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي. ومنذ تلك اللحظة أخذ نجم أوباما السياسي في الصعود، حيث ورد اسمه ضمن قائمة أكثرعشرين شخصية في العالم تأثيرا في تحقيق لمجلة تايم عام 2005 نظرا للنجاح السريع الذي حققه سياسيا في فترة قصيرة ولتأثيره الكبير في أوساط الحزب الديمقراطي. وقبل نهاية العام نفسه وضعته صحيفة نيو ستاتسمان ضمن قائمة عشرة أشخاص يمكن أن يحدثوا تغيرا في العالم.
موقف أوباما من ملف الشرق الأوسط
معظم أنشطة ومواقف وتصريحات السيناتور أوباما منذ أن انتخب عضوا في مجلس الشيوخ تنصب على الواقع الداخلي في الولايات المتحدة في قضايا الفقر والتعليم والهجرة والشفافية ومحاربة الفساد. ولكن من خلال بعض الأنشطة واللقاءات يمكن أن نرصد بعض مواقف أوباما في ما يتعلق بالشرق الأوسط، ففي مسألة الحرب في العراق ، يتخذ أوباما موقفا وسطا فقد أعلن أوباما في أكثر من مناسبة أن الحرب كانت خطأ وأن النظام العراقي السابق لم يكن لديه أسلحة دمار شامل أو أي صلات بالإرهاب.وينتقد أوباما سياسة الرئيس بوش في العراق ولكن ذلك لم يمنعه من تأييد ودعم القوات الأميركية معنويا من خلال الزيارة التي قام بها للعراق في كانون الثاني /يناير 2006. وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قام أوباما بزيارة الأردن إسرائيل والأراضي الفلسطينية،والتقى سلفان شالوم وزير الخارجية الإسرائيلي أنذاك ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية. وفي لقائه مع مجموعة من الطلاب الفلسطينيين قبل أسبوعين من فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية نقلت شبكة ABC الأميركية عن أوباما قوله إن الولايات المتحدة لن تعترف بفوز مرشحي حماس قبل أن تعلن الحركة عن تغير بند تدمير إسرائيلفي ميثاقها. وبعد فوز حماس قال أوباما إن الأمل يحدوه بعد أن تخوض حماس تجربة المسؤولية عن تقديم الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني من كهرباء وجمع للقمامة إن تدرك أن الوقت قد حان للخطاب المعتدل.
جرأة الأمل
بمناسبة مرور عشر سنوات على اتخاذ قرار خوض غمار المعترك السياسي وتقدمه بالترشح إلى مقعد في المجلس التشريعي لولاية الينوي وهو في الخامسة والثلاثين من عمره ، أصدر السيناتور أوباما كتابا جديدا في 17اكتوبر الماضي بعنوان "جرأة الأملThe Audacity of Hope" وهي العبارة التي استخدمها أوباما في خطابه أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي قبل انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2004. ويبدو أن ملكة الكتابة واحدة من مهارات باراك أوباما فقد نشر من قبل مذكرات أيام الطفولة والشباب في عام1995 في كتاب بعنوان "أحلام من أبي Dreams from My father".
وإذا كان كتاب أوباما الأول قد تناول حياته الشخصية والعائلية وصراع العرق والهوية ، فإن جرأة الأمل يشهد تحولا في المضمون نحو السياسة والعمل الحزبي ورؤية وأفكار أوباما السياسية.يرى أوباما أن العودة إلى الأسس والمبادئ التي بني عليها الدستور الأميركي وإصلاح العملية السياسة من أساسها كفيلان بإعادة الاعتبار والثقة في العمل والحياة السياسية في الولايات المتحدة .ويدعو أوباما في كتابه الجديد الساسة والمجتمع الأميركي إلى انتهاج نمط جديد من السياسة يتجاوز الاختلافات التقليدية بين الجمهوريين والديمقراطيين من أجل مواجهة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع، وتحقيق الحلم الأميركي.
طموح أوباما الرئاسي
منذ صعود نجم أوباما وكثرة الحديث معه وعنه في وسائل الإعلام والسؤال الرئيس هو هل السيناتور يفكر في الترشح لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2008، وكانت إجابة أوباما دائما غير حاسمة أو مستبعدة.
لكن موقف أوباما تغير يوم الأحد 22 أكتوبر، حين اعترف في برنامج قابل الصحافة Meet the Press الذي تبثه شبكة أخبارNBC بأنه فكر في الترشح لانتخابات 2008، وأنه سوف يتخذ القرار في هذا الشأن بناء على نتائج انتخابات الكونغرس في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وقد دافع أوباما في المقابلة التلفزيونية عن قدراته ومؤهلاته لتولي مهام الرئاسة عندما أشير في المقابلة إلى صغر سنه وقلة خبرته وتاريخه في التمثيل السياسي قائلا " لست متأكدا من أن أي رئيس كان مستعدا لأن يكون رئيسا. ولكني أثق في حكم وبصيرة الشعب الأميركي."
عدد غير قليل من الصحافيين وكتاب مقالات الرأي يعتقدون أن فرص أوباما في الترشح والفوز في انتخابات 2008 كبيرة، ففي مقال نشر في عدد كانون الأول /ديسمبر 2005 من مجلة نيو ربابلكNew Republicأكد كاتب المقال أن انتخابات 2008 هي الفرصة الأفضل لأوباما كمرشح لمنصب الرئيس أو نائبه في ظل وجود مرشح جمهوري جديد غير الرئيس بوش. وفي مقال آخر نشر في جريدة شيكاغو تربيون في شهر تشرين الأول /أكتوبر الماضي قارن كاتب المقال بين تجربة أوباما في 2008 وتشابهها بتجربة نجاح الرئيس جون كينيدي في الفوز بانتخابات عام 1961.
ورغم رغبة البعض في وصول أوباما إلى منصب الرئاسة، ورغم الطبيعة الكاريزمية التي يتمتع بها السيناتور أوباما، فضلا عن طموحه السياسي، فإن المعلقين السياسيين يرون أن مهمة أوباما في الفوز في الانتخابات القادمة ستكون صعبة. ويعتقدون أن فرص اوباما يمكن أن تكون افضل اذا لم يتعجل وانتظر انتخابات عام 2012. ذلك في الوقت الذي يسخر البعض من هذه الفكرة على الإطلاق مستبعدين حدوث سيناريو أوباما حتى بعد مئة سنة في مجتمع تحددقواعد الحياة السياسية ونتائج الانتخابات فيه ثقافة الرجل المسيحي الأبيض.
*تقرير واشنطن