أطفال فلسطين ضحية لإضراب سياسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ولكن الأمهات الفلسطينيات رفعن هذه الشعارات، هذه المرة ليس في وجه قوات الاحتلال، وانما خلال اعتصام أمام عيادة صحية حكومية في مدينة الخليل، التي تعتبر اكبر المدن في الضفة الغربية، احتجاجا على استمرار إضراب الموظفين الحكوميين والذي شمل القطاع الصحي.
ويطالب الموظفون الحكومة الفلسطينية بدفع الرواتب، في حين أن الحكومة تقول بأنها لم تتمكن من الإيفاء بالالتزامات تجاه موظفيها، بسبب الحصار المفروض عليها، وأنها مع ذلك تمكنت من دفع سلف لكافة الموظفين.
ووصفت الأمهات المحتجات الإضراب بأنه سياسي الهدف منه إسقاط حكومة حركة حماس، مطالبات بوقف الإضراب ما دام أن حركتي فتح وحماس تتحدثان عن أجواء إيجابية بينهما والتوصل لاتفاق حول حكومة وحدة وطنية، وبالتالي فان الهدف السياسي للإضراب لم يعد مقبولا.
وقالت إحداهن لايلاف "دفع أطفالنا في السابق ثمن عدم اتفاق الحركتين، وهل من المعقول أن نستمر في دفع الثمن بعد أن اتفقتا؟".
وطلبت أخرى الكلام "أرجو أن تسأل من من المسؤولين ابنه لم يتلق التطعيم أو العلاج؟ والإجابة واضحة لانه لديهم الإمكانية للتوجه للعيادات الخاصة".
واغلقت المحتجات مدخل مدينة الخليل، رافضات كما قلن أن يكون أطفالهن ضحية إضراب سياسي، وقالت إحدى المحتجات بغضب "المصلحة الوطنية تقتضي تقديم العلاج المطلوب لهؤلاء الأطفال الذين سيكون عليهم رفع الراية ومواصلة النضال ضد الاحتلال".
واكدت أن الإضراب المستمر منذ 3 اشهر يؤثر على صحة أطفالهن، وان "امتناع المضربين عن تقديم التطعيمات اللازمة للأطفال، والخدمات الطبية الأخرى، يعتبر جريمة لا يمكن أن تغتفر".
وطالبت امرأة أخرى قادة الإضراب بالتوقف عن "الزج بالأطفال الفلسطينيين في صراع سياسي، واستغلال معاناتهم من اجل تحقيق مآرب حزبية ضيقة".
وعبر مواطنون حضروا إلى مكان الاعتصام عن دعمهم لمطالب الأمهات، واعتبر أحدهم "الاستمرار في الإضراب شكلا من أشكال الإيذاء الذاتي غير المبرر أبدا لجماهير شعبنا الذين يتحدون المعاناة ويصمدون في وجه الممارسات الاحتلالية".
وقال مواطن آخر "الإضراب انتحار ذاتي، انظر ماذا حدث لمدارسنا، فبعد التعطيل والإضراب منذ بداية العام الدراسي، اضطر المعلمون للعودة، والخاسر هم طلبتنا" في إشارة إلى قرار فك الإضراب الذي اتخذه المعلمون. وتأثر من إضراب المعلمين نحو مليون و700 ألف طالب، وأدى إلى إغلاق نحو 1800 مدرسة، في حين أن الفلسطينيين طالما اتهموا سلطات الاحتلال باستهداف العملية التعليمية وكانوا يحملونها مسؤولية إغلاق مدارسهم.
وفي حين فك المعلمون إضرابهم، استمرت قيادة الموظفين، الموالية لحركة فتح، في إضراب باقي القطاعات، بما فيها القطاع الصحي، وأصدرت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم بيانا حذرت فيه من خطورة تصعيد الإجراءات الاحتجاجية للمضربين على حياة الفلسطينيين, واصفة ذلك بالإجراءات اللامسؤولة ومحملة الداعين لها مسؤولية كل ما يترتب عليها وطنيا وقانونيا خاصة في ظل وصول العديد من الشكاوى من مرضى تم إهمالهم.
وجاء في البيان "نفاجأ بخطوات تصعيدية غير مبررة وصلت لحد المس المباشر بحياة المواطن, الأمر الذي يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا وكل الأعراف والقوانين التي تنظم الإضرابات حتى أن أكثر من مؤسسة دولية أكدت على خطورة هذه الخطوات الاحتجاجية على الوضع الصحي الفلسطيني مما يضعف موقفنا كفلسطينيين أمام المجتمع الدولي".
وأضاف البيان "لم تأل وزارة الصحة جهدا في بذل الجهود الجبارة من أجل فك الحصار ودفع رواتب الموظفين من خلال مؤتمرات دولية ولقاءات داخل الوطن وخارجه, الأمر الذي ترتب عليه تفعيل الآلية المؤقتة لدفع الرواتب مما أثمر عن قبول الإتحاد الأوروبي لدفع جزء منها ليصل ما تم دفعه لجانب ما دفعته الحكومة من سلف على عدة دفعات ما يزيد عن 75% من إجمالي رواتب موظفي وزارة الصحة إلى جانب جهود أخرى بذلتها الوزارة للتخفيف عن الموظف من خلال سعي الوزارة لتحقيق مطالب تجاوزت سقف ما يطلبه الداعين للإضراب سواء ما يتعلق بفتح سقف الساعات الإضافية وساعات بدل الأمومة والترقيات والتعيينات ورؤية الوزارة للهيكلية".
ونظرا لحساسية القطاع الصحي، دفع الاتحاد الأوروبي سلف لموظفي هذا القطاع، في حساباتهم مباشرة، دون المرور عبر الحكومة. واعتبرت الوزارة بان "الإضراب أصبح بهذا الشكل تجاوزاً لحدود المسؤولية الوطنية وضد الصالح العام وضد صحة المواطن بشكل خاص". ودافعت قيادة الإضراب في القطاع الصحي عن نفسها إزاء الانتقادات المتصاعدة ضدها، وأعلنت أنها اتخذت بعض الإجراءات التخفيفية استجابة لمطالب المرضى وحاجتهم الماسة للعلاج.
ومن بين هذه الإجراءات ما يشمل أقسام الطوارئ في المشافي، وأقسام العناية المركزة وعناية القلب والحضانة وغسيل الكلى وأمراض الدم والسرطان. وفتح عيادات التطعيم للأطفال يوم السبت من كل أسبوعين بدءاً من 25-11-2006م، وفتح العيادات في الرعاية الصحية الأولية للأمراض المزمنة يوم الأربعاء من كل أسبوعين بدءاً من 22-11-2006م.
ولم يخلو البيان من التهديد "إن قيامنا بهذه التخفيفات ليس ضعفا فينا ونحن من أثبتنا للقاصي والداني أننا مستعدون للذهاب في هذا الإضراب إلى أبعد ما يتصوره عقل هذه الحكومة، ونؤكد أن أي محاولة من قبل بعض أفراد عشيرة الحكومة استغلال هذه الإجراءات الجديدة بطريقة سيئة سنضطر للعودة فورا ودون سابق إنذار إلى أبعد مما كنا فيه قبل صدور هذا البيان ولعلنا نكون قد أوصلنا رسالة واضحة لكل من تعنيهم صحة الوطن وخاصة الحكومة أننا على قدر المسؤولية في العودة عن كل ما سبق إذا واصلت هذه الحكومة دفن رأسها في الرمال وعدم اكتراثها بصحة المواطنين".
وبين موقف وزارة الصحة الفلسطينية وقادة الإضراب، فان أطفال الخليل الذين حضروا اليوم مع أمهاتهم لتلقي التطعيمات اللازمة لمن هم في مثل سنهم، عادوا إلى بيوتهم، دون تلقيها.