أخبار

التايمز: اغتيال الجميل اجهاض للانفتاح على سوريا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن : تناولت الصحف البريطانية الصادرة اليوم حادث اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل واتجهت نحو الإيحاء بأن الجهة التي تقف وراء الحادث كانت تسعى أساسا للإطاحة بالحكومة، مع التلميح بأن الحادث قد يجهض الجهود الرامية لإعادة سورية إلى الحقل الدبلوماسي وإشراكها في جهود إحلال السلام بالمنطقة.

امتحان حقيقي

صحيفة الديلي تلجراف اعتبرت أن التعاطف الدولي غير كاف لإنقاذ حكومة فؤاد السنيورة الغارقة أصلا في تلابيب أزمة خانقة بعد استقالة ستة وزراء في وقت سابق.
وقالت إنه مع اغتيال الجميل، فإن استقالة وزيرين آخرين أو تعرضهما للاغتيال سيكون كافيا لإسقاط الحكومة طالما أنها ستفقد النصاب القانوني. وتمضي التلجراف قائلة إن بيير سليل عائلة عرفت بعدائها للنفوذ السوري في لبنان. وتنقل عن جوزيف أبو غزالة، القس في كنيسة القديس أنتوني المارونية غير البعيد عن موقع الحادث، اتهامات له بضلوع سوريا في الحادث، إذ يقول بهذا الصدد: " طبعا إنها سورية وحتى إذا لم تكن سورية فإنها سوف تستفيد من الوضع."

ويضيف الغزالي قائلا: " ثلاثون سنة من الاحتلال لم تكن كافية. هاهم يواصلون محاولاتهم لاغتيال أفراد أسرة الجميل. ولكنهم بهذا الاغتيال إنما اغتالوا جميلا واحدا وخلقوا الآلاف منه في نفوس الشعب اللبناني." وفي مقال تحليلي آخر اعتبر محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة أن الوقت قد حان لوضع ثورة الأرز أمام الامتحان الحقيقي.

ويقول تيم باتشر إن هذه الثورة التي أزاحت الوجود السوري عن بيروت قبل عامين كان ينظر إليها على أنها مقدمة لتغييرات في منطقة الشرق الأوسط ودليلا على أن التغييرات الجوهرية يمكن أن تحدث دون إراقة للدماء. ويضيف قائلا إن اغتيال بيير الجميل أمس أظهر أن الثورة قد تتحول إلى ثورة دموية.


بيار الجميل ينتمي لعائلة من السياسيين عرفت بعدائها لسورية

ورحب البيت الأبيض حينها بالحركة الاحتجاجية التي شهدها لبنان "انطلاقا من رؤيته بأن الديمقراطية هي السبيل للتخلص من العداء للولايات المتحدة وأطلق عليها ثورة الأرز." وتضيف الصحيفة أن التسمية كانت موفقة نوعا ما ولكنها كانت أيضا نذير شؤم، ذلك أن شجرة الأرز ترتبط في لبنان بحزب الكتائب، وهو ما جعل الكثيرين لا يتفاعلون مع هذه التسمية. ويمضي كاتب المقال قائلا إنه رغم الصدمة التي تركتها عملية الاغتيال، إلا أنها تندرج في الواقع ضمن سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات التي توحي بأن الممارسة السياسية في لبنان لم تخضع للثورة أيضا في ربيع عام 2005.

فالحكومات اللبنانية ظلت ضعيفة كعادتها رغم المساحيق التجميلية الناجمة عن الانتخابات. ويعتبر باتشر أن الامتحان الحقيقي لما إن كانت السياسة في لبنان قد تغيرت أم لا سيكون في الأيام المقبلة. ويقول: " عندما تعرض جد بيير الجميل الذي كان يحمل الاسم ذاته لمحاولة اغتيال توفي فيها أربعة أشخاص قام أعضاء من حزبه بتصفية 27 عاملا فلسطينيا، مما أشعل فتيل حرب أهلية طاحنة في البلاد.

ويستخلص كاتب المقال أنه " إذا أثارت عملية الاغتيال يوم أمس ردة فعل مماثلة، فإن الجانب السلمي لثورة الأرز سيصبح جزءا من الماضي السحيق."

البعد الاقليمي

وفي مقاربة مماثلة، تقول الجارديان إن عملية الاغتيال هزت حكومة لبنان المحاصرة وأحدثت هزات ارتدادية عبر منطقة الشرق الأوسط بكاملها، حيث زادت في تعقيد الجهود الرامية لإيجاد تسوية إقليمية للحرب في العراق، لا سيما بعد توجيه البيت الأبيض لأصابع الاتهام إلى كل من سورية وإيران بعد أن كانت الترتيبات جارية لإشراكهما في محادثات السلام. وتنقل الصحيفة عن السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة جون بولتون قوله تعليقا على الحادث: " لقد حذر البيت الأبيض قبل أسبوعين من أن سورية وإيران ربما تقتربان من ارتكاب محاولة انقلابية في لبنان. وبإمكان المرء أن يتساءل ما إن كان هذا الاغتيال الحقير الرصاصة الأولى ضمن هذه المحاولة الانقلابية."

كما تنقل تصريحات للسفير السوري لدى المنظمة الدولية بشار جعفري قال فيها إن سوريا "طرف في الحل وليست طرفا في المشكلة".

إجهاض الانفتاح

من جانبها اعتبرت صحيفة التايمز أن اغتيال الجميل يهدد بإجهاض مبادرة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالانفتاح على سورية بعد أن وجهت إليها الاتهامات. وفي مقال تحليلي داخلي اعتبرت الكاتبة الصحافية برونوين مادوكس أن التفاتة بلير نحو سورية تبدو الآن سخية أكثر من اللازم بعد حادث اغتيال الجميل الذي ينبغي، برأيها، أن تظل سورية المتهمة الرئيسية فيه رغم إنكارها المتواصل. وتعتبر كاتبة المقال أن سورية وإيران - والعراق أيضا- تسير نحو رسم مستقبل المنطقة بعيدا عما تريده لها الولايات المتحدة وبريطانيا.

وتضيف أن توقيت الحادث والأهداف الكامنة وراءه يجعلان ظلال الشك تحوم في المقام الأول حول سورية وحلفائها في حزب الله. " فالجميل كان ضمن أعضاء الحكومة الذين صوتوا قبل أيام على قانون يدعو للدفع بالتحقيق الدولي حول اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. كما أن اغتيال الجميل يضع حكومة السنيورة على شفا السقوط، إذ يكفي استقالة عضو فيها لتسقط دستوريا، وهذا هو القصد"، على حد رأي كاتبة المقال.

ويوضح المقال كيف أن مبادرة بلير بالانفتاح على سورية جاءت مخالفة لتصورات الإدارة الأمريكية وارتكزت على مبدأين اثنين: كون سورية خيار أفضل من إيران صاحبة البرنامج النووي المثير للجدل وسعي الدول الغربية الدائم لعزل سورية عن حليفها الإيراني وجرها نحو العالم العربي. وتختم مادوكس مقالها التحليلي بالقول: "إن على بلير، فصيح الكلام، ألا يتصور بأن الحوار يؤتي أكله دائما أو أنه إذا توافق العراق وسورية فإن ذلك قد يخدم مصالحه بالضرورة. وما حدث بالأمس يظهر درجة العدوانية التي تضمرها سورية والمتعاطفين معها".

ضربة لتوني بلير

وبدورها اعتبرت الفيننشل تايمز أن جهود إعادة سورية إلى الحقل الدبلوماسي باءت بالفشل بمقتل بيار الجميل. وقالت إن الحادث قد يشكل ضربة لتوني بلير الذي أوفد مبعوثا له إلى دمشق في وقت سابق في محاولة لحمل سورية على إعادة التفكير في مواقفها المعادية لإسرائيل والحكومة اللبنانية. كما قالت الصحيفة إن الحادث يهدد بقاء الحكومة اللبنانية التي عانت الأمرين لتحقيق الوحدة الوطنية بعد المواجهة الحربية بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله الصيف الماضي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف