محكمة الانفال : مشتك يؤكد مشاهدته دفن اكراد احياء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن : اكد مشتك جديد في محكمة الانفال التي تنظر في ابادة 180 الف كردي المتهم فيها الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين ان جنودا عراقيين دفنوا عددا من المعتقلين الاكراد في حفرة حتى الموت وقال انه كان الناجي الوحيد من بين 180 معتقلا بينما سرد اخر تفاصيل عملية اطلاق جنود عراقيين النار على مجموعة من النساء والاطفال كان هو ووالدته وشقيقاته وخالته وابناءها من بينهم فقتلوا جميعا في حين اصيب هو وتظاهر بالموت الى ان تمكن من الهرب ليلا في حين رفعت الجلسة الى يوم غد الثلاثاء .
المشتكي الثاني
بعد استئناف المحكمة لجلستها بعد الظهر اثر استراحة استمرت ساعة ونصف الساعة ادلى مشتك جديد قال انه من مواليد 1969 وكان عنصرا في قوات البيشمركة الكردية . واضاف انه في عام 1988 بتاريخ 8 اب (أغسطس) وبعد شهرين ونصف من المعارك مع الجيش العراقي اصيب جراء الاشتراك في المعارك . ثم صدرت أوامر من قيادة البشمركة بسحب القوات من تلك المنطقة إثر معارك شديدة بسبب عدم التكافؤ ولم أتمكن من الانسحاب معهم بسبب الإصابة فبقي مع بعض الأشخاص. واوضح انه سلم نفسه بعد ان علم بصدر عفو لكنه تم تسليمه لدائرة الأمن وذلك في 15 اب عام 1988 وكان يبلغ من العمر19 عاماً. وقال "هناك أخذوا اسمي وعمري وعنواني، وهناك كان شخصاً أمنياً و قام أحدهم باستجوابي ثم نقلوني في اليوم نفسه إلى دائرة الأمن في أربيل .. وبلغ عددنا 97 معتقلاً ونقلونا بسيارت إلى كركوك وكنا كلنا من الأكراد والمشرفين علينا كانوا من المغاوير والحرس الخاص".
واضاف ان التعذيب الذي تعرض له المعتقلون كان شديداً ومن أصناف التعذيب السير حفاة على أرضية غرفة مليئة بالزجاج المكسور وكذلك ربط المعتقلين فوق مصطبة ويسكبون عليهم من كيس ماء بارد وعدم السماح لهم بالبقاء في دورات المياه اكثر من ثلاث ثوان والشخص الذي يتأخر بعد العد كان يتعرض للضرب الشديد بحيث أنه لا يقوى على السير بعده. ومن صنوف التعذيب الأخرى، تعذيب نفسي، أنهم فتحوا باب القاعة، حيث كان ثلاثة أشخاص معلقين في سقف الغرفة وكانت قناني غاز قد ربطت بأعضائهم الجنسية وهذا حدث مرة واحدة فقط، فيما استمرت عمليات التعذيب الأخرى أكثر من مرة. ومن حالات التعذيب الأخرى "أنهم عندما كانوا يفتحون باب القاعة كانوا يجبروننا على ضرب بعضنا البعض بعد إجبارنا على الوقوف".
وقال انه تم نقل المعتقلين الى جهة مجهولة حيث رموا ستة من المعتقلين في حفرة كبيرة واخذوا يهيلون عليهم التراب حتى رموه هو ايضا .. وبعد عودة الوعي اليه "كان التراب ينهال علينا حيث كان الجزء السفلي من جسمي مغطى بالتراب وتمكنت من تحرير نفسي مستغلاً الظلام واتجهت إلى الطرف الآخر من الحفرة، ورفعت نفسي وخرجت منها وانتظرت قليلاً وعندما أيقنت أن الحراس لم يشاهدونني تدحرجت بعيداً عن الحفرة". واكد انه كان من بين 18م معتقلا كان هو الناجي الوحيد منهم . واشار الى انه التقى سيارة نقلته بعيدا عن المنطقة حتى نجح في الوصول الى مدينة اربيل الشمالية في الثالث والعشرين من ايلول عام 1988 ومنها الى جبال المنطقة حيث التحق بمقر للحزب الكردستاني الايراني الذي ساعده منتسبوه الى العبور الى ايران والالتحاق مجددا بقوات البيشمركة .
المشتكي الاول
وفي الصباح باشرت المحكمة الاستماع الى مشتكين جدد كان اولهم تيمور عبد الله احمد من مواليد عام 1976 وهو المشتكي رقم 79 منذ بدء المحاكمة والذي يسكن العاصمة الاميركية واشنطن حاليا ويعمل كاسبا . وقال انه في نيسان (ابريل) عام 1988 قامت قوات عراقية واخرى كردية متعاونة معها باعتقال ابناء قريته كولوجد واقتادوهم الى معتقل قرة تو وبعد ثلاثة ايام نقلوا الى معتقل طوب زاوة في كركوك حيث تم فصل الرجال عن النساء والأطفال موضحا ان عمره وقتها كان 12 عاما واخذ مع النساء .
واشار الى انه بعد حوالى الشهر نقل الجميع الى مكان مجهول لم يعرفه بحافلات مظللة وحين وصولهم شاهدوا حفرا فيها جثثًا لأكراد اخرين ثم بدأ الجنود بإطلاق النارعليهم فأصيب بكتفه . واوضح انه يبدو ان الجنود كانوا مرغمين على اطلاق النار حيث إن الدموع كانت تنهمر من عيون احدهم . واضاف انه افتعل الموت واضطجع الى جانب اخرين وكان بينهم امرأة حامل اطلقوا النار على رأسها . وقال ان شقيقاته جيلاس ولاولاو وسمور ووالدته سارة محمد محمود وخالته معصومة واولادها وبناتها كانوا معه في الحفرة وشاهد الدماء تسيل منهم قبل موتهم..
وقدم قائمة بأسماء الضحايا تضم تسعة اشخاص مشيرا الى ان والده مفقود ايضا منذ ذلك الوقت . وقال انه بعد ذهاب الجنود وحلول الظلام خرج من الحفرة وسار على قدميه الى ان اقترب من خيمة خرج منها شخص عربي بدوي فقام بتجريده من ملابسه الكردية وإحراقها وإلباسه ملابس عربية بدلا منها . وبعد علاجه من الجروح التي اصيب بها تم نقله الى قرية اخرى لم يفصح عن اسمها حيث بقي هناك حوالى العامين والنصف . واشار الى انه طلب الاتصال بأقارب له ما زالوا على قيد الحياة فحضر اثنان من أعمامه فأخذاه وأعاداه الى منطقة كلار في كردستان في وقت كانت القوات العراقية تخرج من الكويت ثم وقعت الانتفاضة الكردية ربيع عام 1991.
محام يشتكي من تدخل اميركي
وفي بداية الجلسة الثالثة والعشرين للمحكمة في بغداد صباح اليوم التي انعقدت بحضور جميع المتهمين اشتكى المحامي بديع عارف عزت من قيام مسؤول اميركي في المحكمة بمحاولة فرض شهود على المحامين وقال إنه قدم له قائمة تضم حوالى 40 شاهدا وطلب منه تقديمهم كشهود نفي من دون موافقة المتهمين او المحامين الذين لايعرفون من هم هؤلاء الشهود وما هي المعلومات التي سيدلون بها . واضاف ان هناك مؤامرة يتعرض لها الدفاع وقال ان الحكم في القضية يبدو جاهزا . واشار الى انه يتعرض لمضايقات في مطار بغداد لدى عودته اليها من عمان مقر فريق الدفاع وكذلك مكان سكن عائلته التي يقوم بزيارتها بين فترة واخرى .
واوضح ان رئيس فريق الدفاع خليل الدليمي لم يتمكن من الحضور الى بغداد لوجود مذكرة اعتقال اصدرتها السلطات العراقية بحقه . وكان الادعاء العام في المحكمة قدم شكوى ضد الدليمي مشتكيا من تصريحاته التي يهاجم فيها المحكمة والادعاء . وقد رد عليه القاضي برفض تقديم أي اسماء من دون علم رئاسة المحكمة واكد ان تصرف هذا المسؤول الاميركي مرفوض وقال انه سيحقق بالامر .
ثم طلب المتهم صابر الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية السابق تأجيل جلسات المحكمة الى حين استتباب الامن في العراق موضحا ان الشهود الرئيسين ام مختفون او مغادرون للبلاد . وقال ان معظم الشهود يخشون الحضور الى المحكمة خوفا على حياتهم . ووجه عتابا لمن اسماهم برفاق السلاح السابقين الذين تخلوا عنهم واشار الى ان الحياة هي وقفة شرف وتخليهم عن الشهادة معيب .
وكان قاضي المحكمة محمد العريبي الخليفة قد اجل الجلسات في الثامن من الشهر الحالي ليفسح المجال امام المتهمين وفريق دفاعهم لتسمية شهود النفي . واكد المشتكون ان قراهم تعرضت لقصف الطائرات والمدفعية العراقية بالسلاح الكيمياوي وهرب الالاف من سكانها وقتل العشرات منهم خلال هذه العمليات واثناء الهروب باتجاه تركيا التي دخلوها وسكنوا عددا من مناطقها الجنوبية حتى عام 1991 حين اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد النظام العراقي السابق وانفصال اقليم كردستان عن الحكومة المركزية في بغداد .
وخلال الاسبوع الماضي زار وفد من المحكمة برئاسة القاضي العريبي ،مسؤول مكتب محافظة دهوك لمركز الأنفال في كردستان علي بندي الذي اوضح ان الزيارة استهدفت تطابق إفادات الشهود التسعة من محافظة دهوك والذين سبق لهم وان أدلوا بشهاداتهم في محاكمة صدام واعوانه عن جرائم الأنفال.
وأشار بندي في تصريحات نقلتها وسائل اعلام كردية إلى ان الوفد زار كلا من قرية كوريمي التي جرت فيها عملية إعدام جماعية ل 33 شخصا من أبناء القرية آنذاك وقلعة نزاركي التي شهدت الكثير من عمليات التعذيب والقتل الجماعي لضحايا الأنفال من قبل نظام صدام فضلا عن قرية برجيني التي تم قصفها بالسلاح الكيمياوي مشيرا إلى أن الوفد قام بإجراء كشف الدلالة والمخطط لموقع الجرائم التي اقترفها النظام في الأنفال. لكنه انتقد الزيارة قائلا إن وفد المحكمة تعمد عدم القيام بزيارة المواقع المهمة الأخرى التي توجد فيها أدلة وشواهد حية وملموسة تدين نظام صدام وتؤكد مدى الفظائع التي ارتكبها بحق الشعب الكردي ولا تزال الى اليوم شاخصة مثل قريتي أرمشتي وتويكا في قضاء زاخو وقرية أيكمالة في منطقة برواري بالا وعدة قرى من منطقة بري كاري وخاصة قرية كيزي التي فقد منها 96 شخصا خلال عمليات الأنفال.
ومن جانبه اكد المدعي العام للمحكمة ان لديه شريطا صوتيا ووثائق تثبت ان الرئيس العراقي السابق امر شخصيا بضرب الاكراد العراقيين في شمال العراق في الثمانينات بالغاز.وقال منقذ الفرعون ان لديه اشرطة صوتية لاجتماعات جرت في بغداد بين صدام وكبار مسؤوليه في قيادة حزب البعث شمال العراق وفي احدها يقول لهم انهم يجب الا يستخدموا مثل هذه الاسلحة الا بتفويض منه وقال لهم ان امر استخدام الاسلحة الكيماوية بيد صدام وحده. واشار الى ان الادعاء سيقدم الاشرطة الى المحكمة التي ستراجعها وتقرر ما اذا كان يمكن قبولها كأدلة. واضاف ان الادعاء لديه ايضا وثائق موقعة من صدام وصادرة من مكتبه امر فيها باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الاكراد اثناء حملة الانفال موضحا ان هذه الوثائق والاشرطة ستكون مفتاح الادعاء في إثبات المسؤولية الجنائية ضد صدام.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيميائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".