البابا يغادر تركيا برسالة سلام إلى المسلمين

أنقرة: غادر البابا بنديكتوس السادس عشر تركيا اليوم الجمعة بعد مبادرة "سلام" استثنائية تجاه المسلمين، الا انه تمسك بموقف حازم من دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، داعيا الى احترام الحريات الدينية. وبعد اقل من ثلاثة اشهر على الجدل العنيف الذي اثاره كلامه عن الاسلام في جامعة ريغنسبورغ في المانيا وعلاقته بالعقل والعنف، قام بنديكتوس السادس عشر الذي غالبا ما يؤخذ عليه افتقاره الى الكاريسما، ببادرة من شأنها تهدئة التوتر مع العالم الاسلامي.
فقد احتلت صورته وهو يصلي متوجها نحو القبلة داخل المسجد الازرق الى جانب مفتي اسطنبول، الصفحات الرئيسية في كل الصحف التركية التي كانت السباقة الى التنديد بكلام البابا عن الاسلام في ايلول/سبتمبر بينما اشادت اليوم الجمعة بما اسمته بادرة "سلام تاريخية".

مواقف

وقال مفتي اسطنبول مصطفى شاغرجي ان "صلاة" البابا في المسجد الازرق "لها دلالة اكبر من تقديم اعتذارات". واضاف المفتي "كانت بادرة رائعة من جانبه وجه من خلالها رسالة الى المسلمين". وقال الاستاذ في كلية الفقه الاسلامي في انقرة بيزا بيلجين "لقد ادرك انه جرح مشاعر المسلمين، وهو يحاول ان يصلح ذلك". وقال رئيس المجلس الاسلامي ومدير مسجد باريس دليل بوبكر ان في المبادرة التي قام بها البابا "بادرة سلام كبيرة". واضاف "لا يمكننا ان نرى فيها الا دليلا عميقا على الاخوة بين الاسلام والمسيحية. هذا عمل له دلالة رمزية ودينية وتاريخية كبيرة. انه لامر مؤثر جدا ان نلمس الاخوة التي بدا انها فقدت بعض الشيء".

وفي مقابل محاولته وضع حد للجدل العنيف الذي اثير حول كلامه عن الاسلام، ذكر البابا ايضا خلال زيارته الاولى الى دولة اسلامية بشروط الحوار مع الاسلام. وقال الثلاثاء ان "الوسيلة الفضلى لاحراز تقدم هو حوار حقيقي بين المسيحيين والمسلمين قائم على الحقيقة وينبع من الحوار الصادق بالتعارف بشكل افضل".

إنضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي

وفي الملف الحساس الآخر المتعلق بدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، عبر البابا عن انفتاح مع التمسك بشروط. وكان البابا عارض في 2004 وقبل وصوله الى السدة البابوية، دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، معتبرا ان تركيا لا تملك "تاريخيا وثقافيا" الا "قواسم مشتركة قليلة مع اوروبا". ونقل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن البابا في اليوم الاول من زيارته الثلاثاء، دعمه لدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي.

واوضح المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي في وقت لاحق ان "الكرسي الرسولي ينظر بايجابية ويشجع طريق الحوار والتقارب والتكامل (لتركيا) في اوروبا على قاعدة القيم والمبادىء المشتركة". وشدد البابا طيلة فترة زيارته على احترام الحرية الدينية وحقوق الاقليات، معتبرا ان هذا الامر يجب ان يشكل معيارا لدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي.

ويشكو المسيحيون في تركيا من القيود المفروضة على حرية تحركاتهم ومؤسساتهم. ولا يزال المحللون حذرين في الحديث عن "تحول" في موقف الفاتيكان من دخول تركيا الى الاتحاد. وقال الاستاذ الجامعي في اسطنبول المتخصص في الشؤون الاوروبية جنكيز اكتر "منذ عشرات السنين، والدبلوماسية التركية تحاول الحصول على جملة من الفاتيكان، من دون ان تنجح في ذلك. اذا تأكد دعم بنديكتوس السادس عشر لدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي بعد مغادرته تركيا، فسيشكل ذلك منعطفا تاريخيا".

وقد غادر البابا بنديكتوس السادس عشر الجمعة اسطنبول عائدا الى روما في ختام زيارة استمرت اربعة ايام. واقام البابا في اليوم الاخير من زيارته قداسا في كاتدرائية الروح القدس في حضور البطريرك المسكوني للروم الارثوذكس بارتلماوس الاول. واعلن قبيل مغادرته انه "يترك جزءا من قلبه" في اسطنبول، معربا عن الامل بان تساهم زيارته في "تفاهم افضل" بين الديانات.