الأنفال: مشتك يؤكد مقتل 26 من أفراد عائلته بالكيميائي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رفع جلسة محاكمة صدام حسين الى الاربعاء المقبل
الانفال : الاكتفاء بشهادات المشتكين والاستماع لشهود النفي
أسامة مهدي من لندن: قدم مشتك كردي اليوم تفاصيل مرعبة عن عمليات ضرب الطائرات العراقية لقريته بالاسلحة الكيميائية ومقتل 26 شخصا من افراد عائلته واقاربه بينهم والدته وزوجته وابناؤهما الخمسة وذلك قبل ان ترفع المحكمة الجنائية العراقية العليا جلستها السابعة والعشرين الى يوم بعد غد الاربعاء للبدء بالاستماع إلى شهود النفي في قضية عمليات الانفال التي شهدت ابادة 180 الف كردي عام 1988 المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من كبار مساعديه.واستمعت المحكمة في جلسة صباح اليوم الى مشتك واحد هو الاخير الذي سيدلي باقواله من بين المشتكين وشهود الاثبات بعد ان قرر القاضي محمد العريبي الخليفة الاستجابة إلى طلب رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون بالاكتفاء بالاستماع الى مشتكين جدد لان شهاداتهم اصبحت متشابهة حيث ستبدأ المحكمة الاربعاء المقبل بالاستماع الى شهود النفي الذين قدمهم المتهمون ومحاموهم.
وقال المشتكي واسمه عبد الله عبد القادر عبد الله من مواليد عام 1948 ويعمل حاليا مشرفا كيميائيا في مديرية تربية السليمانية انه في الثالث من ايار (مايو) عام 1988 قامت طائرات بقصف قريته بالاسلحة الكيميائية. واوضح انه في يوم القصف كان لديه 21 إبرة مضادة للقصف الكيميائي حيث تلقى تدريبا بحكم تخصصه في التدريس والإشراف على مادة الكيمياء في المدارس لسنوات طويلة. واكد انه شاهد 40 مصابا من جراء القصف في أحد المواقع في القرية. وقال انه شاهد طفلا يئن فأخذه على وجه السرعة إلى غرفة فيها مدفأة وخفف الدفء المنبعث من أثر المواد الكيميائية عليه.
كما شاهد امرأة منكفئة على وجهها قرب جدول ماء وعندما تعامل معها اكتشف أنها والدته وكان معظم السكان قد سارعوا إلى التخلص من آثار المواد الكيميائية في جدول مياه قريب " ثم اخذ الشاهد يبكي ويمسح دموعه" وقال انه حاول ان يقبلها ولكنه خشي اصابته بالمواد الكيميائية وقال "وهكذا حرمت حتى من قبلة الوداع".واكد انه راى على محاذاة الجدول جثة ابنته وكان عمرها عشر سنوات وقد فارقت الحياة وقرب البيت شاهد شقيقه الأكبر وكان معلما ملقى على ظهره والقيء يخرج من فمه وكان مازال يتنفس فحقنته بإبرة من مضادات الكيميائيات. واضاف انه على بعد مترين من شقيقه كانت زوجته ملقاة على ظهرها وفي حضنها طفلتان من أطفاله وقد فارقتا الحياة. واوضح انه اختبأ لفترة 18 يوما ثم لجأ سرا إلى أحد المجمعات السكنية للأكراد حيث تقص أخبار عائلته فوجد ان اثنين من بناته كانتا على قيد الحياة الى ان استطاع الهرب الى ايران.
مناقشات قانونية في جلسة اليوم الاثنين
ولدى بدء الجلسة صباح اليوم قال القاضي انه قرر الاكتفاء بالاستماع الى شهادات المشتكين الذين بلغ عددهم اكثر من ثمانين مشتكيا والانتهاء منهم اليوم ثم البدء بالاستماع الى اقوال شهود النفي الذين قدمهم المتهمون ومحاموهم.
وفي بداية جلسة اليوم طالب رئيس هيئة الادعاء العام منقذ الفرعون المحكمة بالاكتفاء بالشهود الذين استمعت لهم لحد الان موضحا ان هناك عددا كبيرا منالمشتكين لذلك فان شهاداتهم بدأت تتشابه. ودعا الى ضرورة العمل على اجراء محاكمة عادلة وسريعة لانجاز القضية مشيرا الى ان التهم المرتكبة ضد الانسانية والتي تلحق الضرر بمجموعات معينة هي محاكمات دولية لايمكن فيها احضار جميع الشهود . ولاحظ ان المتهمين ومحاميهم لم يقدموا الى المحكمة لحد الان أي شاهد نفي او أي وثيقة نفي.
ومن جهته طالب احد محامي الضحايا بوضع الحجز على اموال قادة النظام السابق البالغة عشرة مليارات دولار المودعة في بنوك اجنبية وذلك لانفاقها على تعويض الضحايا وكذلك حجز ممتلكات وقصور صدام حسين وبقية المتهمين معه في القضية. لكن احد محامي المتهمين اعترض على دعوة الادعاء بمحاكمة سريعة مشيرا الى ان ذلك سيكون على حساب حقوق موكليه وطالب بالاستمرار بسماع افادات الشهود وعدم الاستجابة لطلب الادعاء العام.
وطالب المحكمة باستمرار الاستماع الى افادات الخبراء الاجانب واصر على حق موكليه في استقدام خبراء دوليين محايدين على اعتبار ان الخبراء الذين استمعت لهم المحكمة لحد الان هم من الاميركيين وهؤلاء خصوم للمتهمين. واشار الى اثنين من الخبراء ينتميان الى مؤسستين عسكريتين وهما غير محايدتين. ثم طالب باجراء التحقيق في الاعتداء في جلسة سابقة على المتهم حسين التكريتي الذي اصيب بجروح فاستجاب القاضي لطلبه. كما اعترض المحامي على شهادات عناصر في قوات البيشمركة التي قال انها كانت عدوة للقوات العراقية وعملت على مقاتلتها. وطالب باحضار قادة قوات القبائل الكردية التي قاتلت الى جانب الجيش العراقي ضد ايران وضد البيشمركة للاستماع الى اقوالهم.
بعد ذلك طعن وزير الدفاع السابق سلطان هاشم باسم المتهمين بشهادات الخبراء الاجانب "لانهم غير حياديين ولهم غرض مسبق وهم جزء من قوات الغزو او لهم علاقة بالاجهزة الاميركية الخاصة". وطالب باستقدام خبراء محايدين مثلا من الصين ومصر وسويسرا وبلجيكا وفرنسا. واكد ان الجيش العراقي لم يقتل مواطنين اكرادًا وقال "ان الاكراد اهلنا وهم ناس طيبون وشجعان واهل دين واخلاق". واضاف ان الجيش العراقي قاتل الجيش الايراني لانه كان يسعى لاحتلال الاراضي العراقية رافضا اهانة الجيش العراقي الذي قدم خدمات جليلة للعراقيين.
وهنا اعترض المدعي العام على الطعن بالخبراء الاميركيين مشيرا الى انه ليس من المقبول الطعن بكل ماهو اميركي منوها بان اثنين من محامي المتهم صدام حسين هما من الاميركيين وكان احدهم وزيرا في اشارة الى رمزي كلارك وزير الزراعة الاميركي السابق.وقد استمعت المحكمة لحد الان الى 85 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي .
وفي اجابته على سؤال لمحامي الدفاع قال المشتكي انه فقد في عملية القصف جميع اوراقه الرسمية وصور اطفاله. ثم اقر بانضمامه إلى قوات البشمركة الكردية واوضح ان الحقن التي استخدمها لمعالجة بعض مصابي الاسلحة الكيميائية توجد عادة في المستشفيات للعلاج من المغص الكلوي. ثم اعترض الرئيس السابق على عدم السماح له بالكلام وكذلك فعل المتهم علي حسن المجيد الذي قال انه لايملك أي عقارات لتتم مصادرتها كما طالب محامو المشتكين.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيميائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيميائية.
وقد سميت الحملة "الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: "إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".