شروط سورية غريبة لفك الإرتباط مع إيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خاص بـ"إيلاف".. الآمر والناهي في دمشق:
شروط سورية "غريبة " لفك الإرتباط مع إيران
وبمرور الشرق الأوسط في حالٍ من التغير السريع والبحث عن توازن جديد للقوى ليكتسب الزخم، سيكون على القادة أن يقرروا المكان الذي يضعون فيه سوريا. هل يجب أن يتم التعامل مع النظام البعثي للرئيس بشار الأسد كصديقٍ محتمل أم كخصمٍ فاعل؟ هل إن الاعتماد السوري على الجمهورية الإسلامية في إيران لا يقبل التغيير؟ هل يجدر بالعرب دعم تغيير النظام في دمشق أو العمل على إحداث تغيير في السلوك عبر تغيير الشخصيات في النظام السوري الحالي؟
لن يكون من السهل الإجابة عن هذه الأسئلة، وبصورة خاصة لوجود إشارات متعارضة صدرت عن دمشق.
صدرت المجموعة الأولى من الإشارات عن عددٍ من المسؤولين السوريين والوجهاء الذين أبدوا عداوتهم للاعتماد السوري المتثاقل على إيران ويأملون في إعادة إحياء علاقات بلدهم الوطيدة مع الدول العربية.
وكانت قضية هؤلاء قد عُرِضت الأسبوع الماضي من قبل مسؤول سوري كبير وأحد أقرباء الرئيس الأسد في اجتماعٍ صغير للدبلوماسيين والخبراء والمسؤولين في لندن. وأفصح هذان الرجلان عن نيتهما إرسال رسالة إلى دول مجلس التعاون الخليجي والقوى الغربية الكبرى يوضحان فيها ثلاثة مواضيع:
1. أُجبِرَت سوريا على التحالف مع الجمهورية الإسلامية في إيران بفعل الدول العربية والقوة الغربية الهادف إلى عزل دمشق.
2. تدرك دمشق أن إعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد وتأثير إيديولوجية الخميني فيه هو خطر يحدق بكل الدول في المنطقة، ومنها سوريا التي حاولت بناء نظام سياسي علماني منذ استقلالها.
3. لا تؤيد سوريا سياسة الدولة الواحدة التي تتبعها طهران بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، وهي مستعدة للعمل على أساس صيغة الدولتين الاثنتين.
وبتوضيحهما النقطة التي تذكر أن دمشق مستعدة لسماع "العروض" المطروحة، عرض الرجلان ثلاثة مطالب كبديلٍ لتخلي سوريا عن الجمهورية الإسلامية:
1. تجميد تحقيق الأمم المتحدة في تورط سوريا المزعوم في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وبدلاً من ذلك ستستعمل سوريا سلطتها القضائية بالتعاون مع القضاء اللبناني لتحديد هوية الجناة وتقديمهم للعدالة وفق مطالب الأمم المتحدة.
2. يجدر بالدول العربية معاودة تقديم المساعدة الاقتصادية إلى سوريا، وهذا سيقلل من اعتمادها على الدعم الإيراني النقدي والمعنوي.
3. يجدر بالدول العربية والقوى الغربية دعم إنشاء حكومة وطنية في لبنان مع مشاركة كاملة لحلفاء سوريا اللبنانيين. كما أن سوريا مستعدة لسحب دعمها للرئيس إميل لحود كبديلٍ لاتفاقٍ على مرشح يُجمع على اختياره.
قد يكون التحليل الذي عرضه الرجلان والعروض التي قدماها جذابة أو غير ذلك. ولكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت وجهات نظرهما تعكس تفكير دائرة انتخابية لها من القوة ما يكفي لتغيير سلوك سوريا. ألا يجدر بالخطوة التي اتخذاها أن تعتبر حيلة لنثر بذور الشقاق عشية قمة دول مجلس التعاون وتتسبب في تمزق الدول العربية الست حول هذا الشأن، كما يأملون؟
يرى بعض المحللين أن المسألة كذلك بالضبط، إذ أكدت شخصية لبنانية كبيرة ترتبط بعلاقاتٍ وثيقة مع دمشق على هذه الرؤية. وأوضح أن قرار تشكيل تحالف إستراتيجي مع إيران كان قراراً اتخذه الرئيس الأسد بنفسه عندما بدا أنه متورط بمجابهة مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب.
وكما أخبرنا المصدر اللبناني نفسه فقد "حكم بشار على أن الصراع حول مستقبل الشرق الأوسط أصبح محتوماً. كما أنه يعتقد أن الأميركيين وحلفاءهم لا يملكون الجلد لقتالٍ حقيقي وسيستسلمون، الأمر الذي سيسمح لإيران وحلفائها بوضع الأجندة. وكان ينوي أن يصبح الشريك الرئيس لإيران، في حين يعتمد أيضاً على روسيا والصين في لعب دور محوري لإنشاء شرق أوسط جديد."
وحسب هذا التحليل اعتبر بعض المقربين من الرئيس الأسد كأخيه ماهر ونسيبه بهجت سليمان أن هذه الإستراتيجية " غريبة وخطرة". كما أنهم ادعوا أن الرئيس نفسه قد صادق على جميع الاغتيالات السياسية التي جرى تنفيذها في لبنان، ومنها الاغتيال الأخير الذي قضى على حياة وزير الصناعة بيار الجميل.
ولتعقيد الأمور أكثر مما هي عليه، أخبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك كلاً من واشنطن والعواصم العربية أنه لن يدعم أي تقارب مع سوريا إلا في حال تمت الإطاحة بالرئيس الأسد أو تنازل عن الحكم.
وينضم إلى شيراك في وجهة نظره الحزب الاشتراكي المعارض في فرنسا الذي دعت مرشحته الرئاسية السيدة سيغولين رويال إلى تغيير النظام في دمشق.
قال المصدر اللبناني الذي يرتبط بعلاقاتٍ وثيقة مع عائلة الأسد: "أقنع بشار نفسه أنه استراتيجي عظيم وصانع للتاريخ. وهو يظن أن بإمكانه أن يتخلى عن كلٍ من جاك شيراك وجورج دبليو بوش ويعيد تأكيد الموقف السوري كفاعلٍ أساسي في المنطقة."
وبوصفه من قبل الحملة الإعلامية السورية الحالية والاستفزازات في لبنان فإن الرئيس الأسد يتصف بميلٍ للمواجهة.
هل تعتبر فكرة إجراء إصلاح شامل في دمشق ملغاة؟ هل أقفلت الأبواب في وجه إقناع الأسد بتغيير تصرفاته؟ هل أصبح تغيير النظام الخيار الوحيد؟
هذه هي الأسئلة التي سيفكر فيها قادة دول مجلس التعاون في حين يناقشها الإستراتيجيون في واشنطن والعواصم الأوروبية في السر.