السعودية تطرد عبيد من منصبه بعد مقاله عن سنة العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وعمل عبيد سابقا بوظيفة باحث زائر في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني (واشنطن انستتوت) وهو معهد تفرع عن اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة "ايباك"، الذي تنحصر مهمته في دعم دولة إسرائيل. ويعمل عبيد في مايمسى مشروع تقييم الأمن الوطني السعودي، والذي لايعرف تفاصيله وموارد دعمه.
وولد عبيد الذي لايجيد العربية بطلاقة في سويسرا لأم لبنانية، وتعمل عمته ثريا عبيد ثريا أحمد عبيد هي المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان. وقالت السعودية انه لا صحة لما نشر في مقال كتبه مستشار أمني سعودي وأشار فيه الى أنها ستساند السنة في العراق اذا اتسع نطاق الصراع الطائفي. ونشرت وكالة الانباء السعودية يوم الجمعة بيانا نسبته الى "مصدر مسؤول" رفض أفكار عبيد.
وقال البيان "ما نشرته جريدة واشنطن بوست الاميريكية في عددها الصادر يوم الاربعاء... منسوبا للكاتب نواف عبيد ليس له أساس من الصحة."
وأضاف "كما أن الكاتب لا يمثل أي جهة رسمية في المملكة العربية السعودية وأن ما نشره لا يمثل سوى وجهة نظره الشخصية ولا يعبر بأي حال من الاحوال عن سياسة ومواقف المملكة التي تؤكد دائما على دعم أمن ووحدة واستقرار العراق بجميع طوائفه ومذاهبه."
وأكد عبيد في المقال أن اراءه التي طرحها شخصية وليست اراء الحكومة السعودية. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الخميس انه مدرك بأن المقال لا يعبر عن السياسات السعودية مضيفا أنه على اتصال بالحكومة السعودية وهي تدرك ضرورة حماية العملية الديمقراطية.
وقال دبلوماسي غربي في الرياض ان النفي الرسمي يؤكد اعتقاد الدبلوماسيين بان ما تضمنه مقال عبيد لا يجسد السياسة السعودية. وأضاف ان المقال في معظمه ربما كان "تحذيرا".
ويقول دبلوماسيون إن السعودية وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة قلقة من أن تكون واشنطن فقدت السيطرة على العراق وتطورات الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي تقول حكومات عربية انه يحرك التطرف الاسلامي والمشاعر المعادية للولايات المتحدة في المنطقة.
وذكر دبلوماسي أن زيارة نائب الرئيس الاميريكي ديك تشيني الاسبوع الماضي جاءت بناء على طلب الرياض لابداء القلق بشأن القضيتين.وتثور مخاوف من ان يتحول النزاع الطائفي بين السنة والشيعة لحرب شاملة تخشى السعودية ان تمتد الى داخل حدودها.
ويعيش في السعودية اقلية شيعية وقد توجه بعض المتشددين السعوديين السنة الى العراق للانضمام الى المسلحين الذين يقاتلون حكومة بغداد المدعومة من الولايات المتحدة. وتراجع استعداد السعودية لدعم السنة بسبب مخاوف من متشددي القاعدة السنة الذين يعارضون الحكومة السعودية ايضا.
وتضغط الادارة الامريكية على جيران العراق من اجل بذل المزيد لدعم السلطة المركزية وقمع العنف. ويقول دبلوماسيون انه من المحتمل ان تكون السعودية بدأت عملية تمويل محدودة لبعض القبائل السنية في العراق لكن شخصية قبلية سعودية بارزة شككت في وجود اي تمويل على نطاق كبير.
وقال تركي الرشيد من قبيلة شمار التي تمتد الى العراق ان القبائل السنية تطلب من السعودية المال منذ سنوات ولم يحصلوا على اي شيء قط وذلك لان السعودية تشعر بالقلق من القاعدة.
واضاف انه ليس هناك احد يريد من السعودية التدخل سوى الامريكيين الذين يحاولون ايجاد مخرج سريع من العراق. واضاف ان السعودية لن تقاتل او تزج بنفسها بشكل خطير في العراق.
وتحت عنوان "السعودية وإيران تستعدان لخوض معركة فوق جثة العراق" كتب فيليب شرويل في صحيفة صنداي تلغراف يقول إن إيران الشيعية والسعودية السنية، القوتين العسكريتين الرئيسيتين في الخليج، تدعم كل منهما الطائفة الموالية لها في العراق.
وأشار إلى أن هذا ينذر باحتمال تفجر صراع مفتوح بينهما على أنقاض هذا البلد، في ظل توقع كلتا الدولتين لانسحاب وشيك للقوات الأميركية. وأضاف أن السعوديين ربما بدؤوا بالتفكير الجدي في توفير الدعم المالي واللوجستي وحتى العسكري للقادة العسكريين السنة كما تفعل إيران منذ فتر ة للمليشيات الشيعية.
وأضافت الصحيفة أن الإستراتيجية السعودية التي كشف عنها نواف عبيد، المستشار الأمني للحكومة السعودية في مقال له الأسبوع الماضي، تنذر بنشوب حرب بالوكالة بين الدولتين مما يعد تطورا في شكل الصراع الطائفي الوحشي بين العراقيين.
وقال شرويل إن هذا سيعني أن السعودية التي تعتبر أهم حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي تفكر في دعم التمرد المناهض لأميركا في العراق لخشيتها من أن يترك السنة في العراق يواجهون مصيرهم سياسيا وعسكريا حسب ما تمليه الأغلبية الشيعية.
لكن شرويل نقل عن مسؤول سعودي قوله أمس إن ما قاله عبيد لا يعبر عن وجهة النظر السعودية، إذ أن "سياسة المملكة ترتكز على دعم أمن واستقرار العراق بكل طوائفه".
وأكد الكاتب أن زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى الرياض الأسبوع الماضي جاءت استجابة لطلب قدمته السعودية للرئيس الأميركي بأنها تريد أن تجري مباحثات على مستوى عال مع الولايات المتحدة.
وأضاف أنها أخبرت تشيني أن إيران تحاول تحويل نفسها إلى القوة المهيمنة في المنطقة عن طريق تعزيز نفوذها في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية.
وقال شرويل إن المخاوف السعودية تفاقمت بعد ما تبين أن مسؤولين سامين في الاستخبارات الأميركية حثوا إدارة بوش على التخلي عن المحاولات اليائسة للوصول إلى حل وسط مع المقاتلين السنة، وأن تطبق بدلا من ذلك سياسة "الحل بنسبة 80%" أي إقصاء السنة الذي يمثلون 20% من سكان العراق البالغ عددهم 26 مليونا.
ونسب لمؤيدي هذه الفكرة قولهم إن المحاولات الأميركية الطموحة لجذب المقاتلين السنة فشلت كلها، بل أصبح هناك خطر في أن تضر بعلاقات واشنطن مع زعماء الشيعة، مما يتركها بدون حليف سياسي قوي في العراق.
من جهة أخرى نقل شرويل عن محسن ريزاي، الأمين العام للمجلس الاستشاري للزعيم الشيعي آية الله خامنئي، قوله إن الخدمة التي قدمتها لنا واشنطن -رغم كل حقدها علينا- لا تعوض، إذ دمرت كل أعدائنا في المنطقة من طالبان إلى صدام حسين... وهم الآن عالقون في العراق وأفغانستان وإذا استطاعوا العودة إلى بلادهم دون أن يتمزقوا فعليهم أن يحمدوا الله على ذلك.
وتحت عنوان اتجاه "ميكيافيلي" لحل الأزمة كتب كلود صالحاني في صحيفة واشنطن تايمز يقول في تحليله للتصريحات السعودية المتشنجة: ثمة مدرستان فكريتان متعارضتان عندما يتعلق الامر بسحب القوات الاميريكية من العراق. تقول الاولى ان الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق قبل ان يملأ العراقيون الفراغ الامني، وذلك لمنع المزيد من التدهور في ما يوصف منذ بعض الوقت بأنه "حرب أهلية".
لقد كرر الرئيس بوش مرات عدة انه لن يسحب الجنود الاميريكيين من العراق ويتركه ارضاً مفتوحة للارهابيين والمتمردين البعثيين، لكن من يضمن الا يحدث هذا؟
وترى المدرسة الاخرى، التي تتسم نظرتها بـ "الميكيافيلية"، ان هناك فرصة فريدة لإيقاع العالم الاسلامي في فخ حرب أخوية تشغل القوات الاسلامية لسنوات طويلة مقبلة ان لم يكن لعقود.فإذا ما اختارت الولايات المتحدة فعلاً سحب جنودها من العراق، وأدت هذه العملية لتعريض السنة فيه للخطر، لن يكون أمام المملكة العربية السعودية عندئذ الا خيار التدخل لتبدأ بعد ذلك حرب سنية - شيعية لا يعلم احد متى تنتهي.
ويضيف: لاشك ان مثل هذا المنعطف للأحداث من شأنه ان يشكل اسوأ كابوس للمملكة والدول الأخرى في المنطقة. إلا أن بعض صناع السياسة يرون انه يمكن ان يكون حلاً لمشكلة خطيرة لم يتمكن اقوى وافضل جيش بالعالم تدريباً وتسليحاً من حلها رغم محاولته ذلك منذ ثلاث سنوات.
لكن طبقاً للسيناريو الثاني، سيبقى الجنود السعوديون ودولارات البترول عالقين في قتال لسنوات ضد المتمردين الذين تساندهم ايران في العراق. بل هناك احتمالات لامتداد مثل هذا الصراع بعد ذلك الى المملكة والأردن وايران، وربما لأبعد من هذه البلدان ايضاً.
من الواضح ان التفكير الذي يؤيد هذه النظرية يستند في مبرراته الى أن مثل هذا السيناريو سيقيد القوى الأصولية في كلا الجانبين لسنوات طويلة. اذ ان انهماك المملكة في تمويل جنودها والسنة في العراق سيفرض عليها تحويل النظر عن الانفاق على مشاريع سعودية اخرى مثل تمويل المدارس الاسلامية والمساجد في أوروبا وشمالي افريقيا.
كما أن اقتتال المسلمين من شأنه ان يضعف الشيعة في العراق وايران ايضا، وسوف تصبح طهران عندئذ اقل ميلا للاستمرار في برنامجها النووي وفي اثارة الاضطرابات خارج حدودها. وهذا بخلاف ان انشغالها بالاقتتال على حدودها سيضعف تأييدها لحزب الله في لبنان.
يبدو أن هذا السيناريو اثار قلقاً كبيراً لدى العاهل السعودي الملك عبد الله لدرجة دفعته لعقد اجتماع عاجل مع نائب الرئيس الأميريكي ديك تشيني الذي انطلق مسرعا في رحلة جوية قطع خلالها 18000 ميل ذهابا وعودة من أجل الالتقاء لساعتين فقط مع الملك.
غير ان هذا الاجتماع بدد مشاعر القلق قليلاً الآن برأي عبيد، فهو يقول ان الرئيس بوش ابلغ الملك عبد الله ان واشنطن لن تقدم على سحب قواتها سريعا من العراق. وتعهد الملك بالمقابل الا تتدخل المملكة في شؤون هذا البلد رغم مطالب العشائر السنية المتكررة للمملكة للقيام بمثل هذا التدخل، إلا أن هذه المطالب سوف تتحقق - كما يلاحظ عبيد - اذا ما انسحب الجنود الأمريكيون من العراق ووجد السنة فيه انفسهم امام خطر التطهير العرقي.