أخبار

بينوشيه.. الدكتاتور الذي افرح موته قلب التشيلي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تباهي بالسيطرة حتى على اوراق الشجر
بينوشيه.. الدكتاتور الذي افرح موته قلب التشيلي

بينوشيه وزوجته سانتياغو-عواصم:اعلن سكرتير الحكومة ريكاردو لاغوس فيبر الاحد انه لن تقام مراسم تشييع رسمية ولن يعلن الحداد الوطني على الدكتاتور التشيلي السابق اوغوستو بينوشيه الذي توفي اليوم، بل ستقتصر جنازته على المراسم العسكرية. وقال المتحدث باسم الحكومة ان "الحكومة اجازت تنكيس الاعلام على المنشات العسكرية"كما ستحرص الحكومة على "تامين الهدوء والاستقرار في البلاد".وذكر بيان عسكري ان قداديس ستقام اليوم الاثنين وبعد غد الثلاثاء في المدرسة العسكرية لراحة نفس بينوشيه.

هذا و اندلعت حوادث عنيفة في سانتياغو مساء أمس بين متظاهرين كانوا يحتفلون بوفاة بينوشيه، وبين الشرطة، قبالة قصر لا مونيدا الرئاسي، كما افاد شهود.وقد وقعت المواجهات عندما ارادت الشرطة صد مجموعة ضمت اكثر من الف متظاهر كانوا يتقدمون في جادة الاميدا القريبة من القصر الرئاسي في وسط سانتياغو.واستخدمت الشرطة خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لصد المتظاهرين الذين ردوا برمي الحجارة والزجاجات الفارغة.

و قد بدا معارضو بينوشيه النزول الى الشوارع للاحتفال بوفاتهمع اعلان النبأ. و اطلقت ابواق السيارات وتجمع مئات الاشخاص في ساحة ايطاليا بالقرب من مركز سانتياغو للاحتفال. وساحة ايطاليا هي المكان التقليدي للتجمع في سانتياغو.ورقص المعارضون ومعظمهم من الشباب في الشوارع ورفعوا اعلام تشيلي بحسب المشاهد التي نقلها التلفزيون الوطني التشيلي.

وفي المقابل انفجر زهاء 20 من انصار بينوشيه كانوا متجمعين على مشارف المستشفى العسكري بسانتياغو، بالبكاء لدى وصول خبر وفاة بينوشيه اليهم.

و قد توفي الدكتاتور التشيلي السابق يوم أمس عن عمر يناهز 91 عاما، وبوفاته تطوى صفحة سوداء في تاريخ التشيلي التي كان فرض فيها احد اعتى الانظمة العسكرية في اميركا الجنوبية.وتوفي بينوشيهفي المستشفى العسكري في سانتياغو حيث كان اودع لاصابته بنوبة قلبية والتهاب رئوي. وكان بينوشيه نقل الى قسم العناية الفائقة في المستشفى العسكري. وبعد الحديث عن تحسن في وضعه الصحي، حصل تدهور مفاجىء صباح امس واصيب بنوبة قلبية عند الساعة 30،13 قبل ان يلفظ النفس الاخير بعد اقل من ساعة.وقال الطبيب انياسيو فيرغارا انه "كان محاطا بافراد اسرته" عند وفاته.

ردود افعال دولية

على المستوى الدولي علقت لندن على وفاة الديكتاتور التشيلي السابق بالاشادة بالتقدم الديموقراطي في التشيلي منذ رحيله عن السلطة في 1990.وقالت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت "اخذنا علما بوفاة الجنرال بينوشيه ونريد ان نشيد بالتقدم اللافت الذي احرزته تشيلي على مدى 15 عاما بوصفها ديموقراطية مفتوحة ومستقرة ومزدهرة".

في المقابل اعربت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر عن "عميق حزنها" لوفاة بينوشيه.ودعمت تاتشر التي تولت رئاسة الوزراء البريطانية من 1979 وحتى 1990، بيونشيه وقالت انه قدم الكثير من المساعدة لبريطانيا اثناء حرب الفوكلاند ضد الارجنتين في العام 1982.

وفي اسبانيا قالت الاحزاب اليسارية واليمينية ان بينوشيه "مات دون عقاب" ووصفته "بالدكتاتور الدموي غير المأسوف عليه".

من جانبه، اكد الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ان بينوشيه "كان تجسيدا لحقبة مظلمة من تاريخ اميركا الجنوبية".وفي بيان اصدره الجهاز الاعلامي للرئاسة، اشار الرئيس البرازيلي الى ان حكم بينوشيه (1973 - 1990) "كان ليلا طويلا اختفت فيه انوار الديموقراطية التي اطفاتها الانقلابات الاستبدادية".واضاف الرئيس البرازيلي الذي ناضل ضد الدكتاتورية العسكرية في البرازيل (1964 - 1985)، "نتمنى الا تتهدد ابدا الحرية في المنطقة وان تتمكن الشعوب دائما في كل بلد من ان تسوي خلافاتها بطرق سلمية".

وفي واشنطن قال توني فراتو احد المتحدثين باسم البيت الابيض ان "فترة استبداد اوغوستو بينوشيه شكلت احد اصعب الفترات في تاريخ هذا البلد (تشيلي)"، مضيفا "ان قلوبنا تتجه اليوم الى ضحايا عهده والى اسرهم".

على صعيد متصل، اكدت منظمة العفو الدولية على ضرورة ان تكون وفاة اوغوستو بينوشيه مناسبة للسلطات الرسمية في العالم لادراك اهمية الاسراع في الاجراءات القضائية ضد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان.وقالت المتحدثة باسم منظمة العفو ان "وفاة الجنرال بينوشيه يجب ان تذكر السلطات التشيلية والحكومات الاخرى في العالم باهمية الاسراع في الاجراءات القضائية التي افلت منها بينوشيه نفسه حول الجرائم المتعلقة بحقوق الانسان".

واضافت المتحدثة "يجب الا تشكل وفاته نهاية التاريخ. فمنظمة العفو الدولية تدعو السلطات التشيلية الى اعلان قانون العفو لاغيا واجراء تحقيقات وملاحقة جميع المتورطين في الاف حالات الاختفاء والتعذيب والاعدام خلال فترة حكم بينوشيه".واوضحت المتحدثة ان "منظمة العفو الدولية ستواصل حملتها لتحصيل حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبت ابان نظام بينوشيه".

نبذة عن حياة بينوشيه

تولى الدكتاتور السابق اوغوستو بينوشيه قيادة احد اشد الانظمة العسكرية تعسفا في اميركا اللاتينية من 1973 الى 1990.

كان الدكتاتور التشيلي السابق اوغوستو بينوشيه ، يتباهى بالسيطرة حتى على اوراق الشجر خلال بقائه الطويل في الحكم، منذ انقلاب ايلول/سبتمبر 1973 وحتى 1990. ففي احد الايام، قال الجنرال بينوشيه الذي قاد واحدا من اشد الانظمة العسكرية تعسفا في اميركا اللاتينية، "لا تتحرك ورقة شجرة في هذا البلد اذا لم احركها بنفسي، فليكن هذا واضحا".وكان السلوك المشاغب لاوغوستو بينوشيه اوغرات، المولود في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1915 في فالباريزو (100 كلم غرب سانتياغو)، سببا لطرده من المدرسة، فلم يتمكن من متابعة دروسه. وهو ابن عسكري متحدر من عائلة فرنسية غادرت سان مالو في بريتانيا مطلع القرن الثامن عشر.

وفي الخامسة عشرة من عمره رغب بينوشيه في دخول المدرسة العسكرية، لكنه لم يقبل فيها الا بعد المحاولة الثالثة في 1932.وفي العام 1940، تزوج من لوسيا هيريارت التي انجب منها ثلاث بنات وصبيين. وبعد سبع سنوات، تولى الكابتن بينوشيه في ايكويك (شمال) الاشراف على معسكر كان يسجن فيه قادة الحزب الشيوعي الذي حظره الرئيس غابرييل غونزاليس فيديلا (1946 - 1952).

وعندما انتخب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيسا في الرابع من ايلول/سبتمبر 1970، رقي اوغوستو بينوشيه الى رتبة جنرال. وعندما استقال الجنرال كارلوس براتس من قيادة الجيش في اب/اغسطس 1973، اوصى بالجنرال بينوشيه خليفة له، قائلا انه "قدم ما لا يحصى من الادلة عن ولائه".الا ان بينوشيه قام بعد ثلاثة اسابيع، في 11 ايلول/سبتمبر 1973، بانقلاب اطاح الليندي وادى الى انتحاره.

وحين شارف حكم بينوشيه نهايته، قال اكثر من 53% من التشيليين الذين دعيوا الى الادلاء باصواتهم خلال استفتاء في 1988، "لا" لطلبه البقاء في الحكم عشر سنوات اضافية. وفي 1990، تخلى عن السلطة للديموقراطي المسيحي باتريشيو ايلوين.ومنذ ذلك الحين، وبعد توقيفه في لندن والحكم عليه بالاقامة الجبرية في منزله من تشرين الاول/اكتوبر 1998 الى اذار/مارس 2000، بدات ملاحقته ووجهت اليه في تشيلي التهم في بضع قضايا خطيرة الا انه لم يحاكم على اي منها.

وصل الى سدة الحكم بمساعدة أميركية

و كان الدكتاتور التشيلي السابق اوغوستو بينوشيه قد استفاد من حماية الولايات المتحدة التي ساعدته كثيرا خلال الانقلاب الذي وقع في 11 ايلول/سبتمبر 1973.ولم يتسلم بينوشيه السلطة على اثر تدخل اميركي مباشر، لكن العمليات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه) منذ 1970، جعلت انقلابه ممكنا، بعد انتخاب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيسا للجمهورية التشيلية.

وخشية ان يستغل السوفيات انتخاب حكومة اشتراكية في تشيلي لاقامة نظام شيوعي في اميركا الجنوبية، قررت واشنطن التحرك بطريقة سرية عبر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، لمحاولة اطاحة سلفادور الليندي واستبداله برجل من اليمين يعتنق مبادىء العقيدة الاميركية.ولان الثروات المعدنية في التشيلي كالنحاس مثلا كانت في تلك الفترة في عهدة شركات اميركية، تخوفت الولايات المتحدة ايضا من تاميم هذه الثروات المعدنية المهمة، بعد وصول رئيس اشتراكي الى سدة الحكم.

وكان الهدف الاول لانقلاب 11 ايلول/سبتمبر 1973 الذي امرت به واشنطن وساندته، القضاء على الحكومة الاشتراكية برئاسة الليندي، وهي الحكومة اليسارية الاولى والوحيدة التي ابصرت النور في اميركا اللاتينية في تلك الفترة.ولدى تسلم بينوشيه مقاليد الحكم، اعربت الادارة الاميركية في ذلك الوقت عن تاييدها له، واشادت بقدرته على بسط الامن والنظام وانعاش الاقتصاد التشيلي، باعتماده المعايير النقدية والليبرالية لمدرسة شيكاغو.

لكن الجنرال بينوشيه اتخذ ايضا تدابير دشن بها القمع على الصعيد السياسي والاقليمي، متوسلا التعذيب وقتل الرعايا الاجانب.ولاشتباهه في ان السلطات الاميركية كانت متورطة في تلك التجاوزات او على الاقل مطلعة عليها، طلب القاضي التشيلي خوان غوزمان تابيا في تموز/يوليو 2001 استجواب وزير الخارجية الاميركية الاسبق هنري كيسنجر، في اطار تحقيق حول اغتيال الصحافي الاميركي تشارلز هورمان خلال عهد بينوشيه (1973 - 1991)، لكن طلبه ذهب سدى.

وكان عناصر في الاستخبارات التشيلية اعتقلوا في 17 ايلول/سبتمبر 1973، تشارلز هورمان الذي اوحى اغتياله فيلم "المفقود" للمخرج كوستا غافراس، بعد الانقلاب بستة ايام، لاقدامه على انتقاد تحركات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ضد نظام الليندي.وقد اختفى هورمان في الاستاد الوطني في سانتياغو الذي تحول انذاك مركزا للاعتقال والتعذيب، وعثر على جثته في 1974 في حفرة جماعية بالمدافن العامة للعاصمة.

وادى اغتيال اورلاندو لوتولييه وزير الخارجية التشيلية السابق والسفير التشيلي السابق في الولايات المتحدة وسكرتيرته، الاميركية روني موفيتي، في 21 ايلول/سبتمبر 1976، الى بداية تدهور العلاقات بين بينوشيه والولايات المتحدة.ولدى وصول الديموقراطي جيمي كارتر الى البيت الابيض في كانون الثاني/يناير 1977، بدات الولايات المتحدة بالتخلي عن خطة كوندور. وكانت هذه الخطة التي اعدت في 1975 تحت اشراف بينوشيه، ترمي الى القضاء على المعارضين اليساريين للدكتاتوريات في اميركا اللاتينية.

وعندما ضاق الخناق القضائي على اوغوستو بينوشيه بتهمة التهرب من دفع الضرائب، قدمت السلطات الاميركية الى القضاء التشيلي معلومات عن ودائع عائلة بينوشيه في الولايات المتحدة.وحين سعت الابنة الكبرى لبينوشيه، لوسيا بينوشيه، المتهمة بالتهرب من دفع الضرائب في تشيلي، للحصول على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2006، لم تمنحها السلطات الاميركية حق دخول اراضيها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف