أخبار

أبعاد ندوة الهولوكوست في الصحافة البريطانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن: تساءلت بعض الصحف البريطانية الصادرة اليوم عن دواعي تنظيم إيران لندوة دولية حول وقوع الهولوكوست معتبرة إياها مجرد تجمع للمعادين للسامية. وبينما قالت صحف أخرى إن إنكار المحرقة فيه ضرر كبير بالمصالح الفلسطينية، رأت بعض التحليلات أن التيار المحافظ في إيران يسعى لحشد التأييد في العالم الإسلامي وتكريس عزلته الدولية وإغلاق باب الحوار مع الولايات المتحدة حول الوضع في العراق.

البعد الفلسطيني
صحيفة "التايمز" ربطت بين المظاهرات الطلابية التي شهدتها العاصمة الإيرانية طهران أمس وبين ندوة الهولوكوست الدولية ونقلت عن أحد الطلاب قوله إن المظاهرات نظمت على خلفية الندوة التي وصفها بأنها "وصمة عار" وكذلك بسبب منع بعض الطلاب الناشطين من حضور المحاضرات في الجامعة، مضيفا بأن الندوة "استقطبت كما هائلا من العنصريين والنازيين من مختلف أنحاء العالم".

وحسب الصحيفة فإن المشاركين في الندوة " تساءلوا حول ما إن كانت سحب الدخان قد ارتفعت فعلا من مداخن أوشفيتز" منتقدين الشريط السينمائي " لائحة شيندلر" الذي تحدث عن النازي الذي قام بإنقاذ أكثر من ألف يهودي.

وتشكل الندوة حرجا كبيرا برأي الصحيفة بالنسبة للعديد من الإيرانيين وذلك نظرا "لإحساسهم بما سيكون لها من تأثير على صورة بلادهم" حتى أن بعضهم قال إنه يجد حرية أقل في التعبير عن آرائه بخصوص قضايا أخرى أكثر إلحاحا كالبرنامج النووي الإيراني الذي جر البلاد نحو تهديدات بفرض عقوبات دولية عليها.

وركزت " التايمز" في زاوية أخرى مخصصة لمقالات الرأي على ما أسمته "الإنكار الإجرامي". ومما جاء في المقال المذكور أن " نفاق الإيرانيين بشأن الندوة يثير الغثيان". فوزير الخارجية منو شهر متقي قال في الندوة إن الغرض منها ليس هو إنكار مقتل ستة ملايين يهودي أو إثبات ذلك بقدر ما هو إتاحة الفرصة أمام المفكرين للإعراب عن وجهات نظرهم بحرية تامة، في إشارة إلى القوانين المعمول بها في كل من فرنسا وألمانيا والنمسا والتي تفرض عقوبات حبسية على من يتورط في إنكار وقوع المحرقة.

واعتبرت الصحيفة أن إيران رفعت بذلك من قيمة هؤلاء المشاركين إلى مستوى "المفكرين". وقالت إن منظمي الندوة "بعيدا عن إعطاء الناس في منطقة الشرق الأوسط فرصة لمناقشة هذا الحدث التاريخي (وهي فرصة قلما تتاح لهم في بلدانهم حسب الصحيفة) فإن المنظمين صادروا وثائق الحكم في القضية من خلال رفضهم منح تأشيرة الدخول لمحام فلسطيني بارز قال إن إنكار وقوع "الفظائع الوحشية" يضر بالقضية الفلسطينية".

واعتبرت "التايمز" أن موقف المحامي الفلسطيني صائب تماما على اعتبار أن "إنكار الحدث أو التقليل من أهميته سيقابل كما قال الكاتب الليبرالي الإسرائيلي أموس أوز، بالإشمئزاز والتقزز في مختلف أنحاء العالم."

وتضيف الصحيفة بأن احتضان إيران للندوة يؤكد بأن القصد من وراء تنظيمها لا تمليه دواع علمية كما يروج لذلك. فإيران "سبق أن اعتبرت إسرائيل ورما خبيثا ينبغي استئصاله من الأرض. وعلى الفلسطينيين أن يشعروا بالقلق لكون قضيتهم ستكون عرضة لسوء الفهم." وتتابع الصحيفة قائلة " أيا كان الحال فإن وقوع المحرقة من عدمه لا يعني في شيء المحافظين في إيران، بل إنهم يغتنمون هذه القضية بالنظر إلى قيمتها العاطفية في كل من إسرائيل وأوروبا وخصوصا في الولايات المتحدة. "

كما أن انعقاد الندوة في هذا الظرف لا يعتبر ضربا من ضروب الصدفة، برأي التايمز، فالمتشددون " يسعون لحشد تأييد واسع لهم في المواجهة مع الغرب في مسألة البرنامج النووي وضرب أي فرصة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول الوضع في العراق".

وتتساءل التايمز في نهاية مقالها التحليلي قائلة: " أي وسيلة أفضل لتحقيق العزلة من إنكار واحد من أكثر الأحداث إثارة للاشمئزاز في تاريخ الدول الغربية"؟

"أكذوبة كبيرة؟"
أقر اليهود الأورثودوكس المشاركون في الندوة بوقوع المحرقة وقالوا إن ذلك لا يبرر اضطهاد الفلسطينيين
الفايننشل تايمز قالت إن انطلاق أعمال المؤتمر أعاد فتح الحرب الكلامية بين إيران والدول الغربية. ونقلت الصحيفة عن متقي قوله " ليست هناك حاجة لإبداء مشاعر القلق إزاء ندوة علمية". كما نقلت عن الصحافي الإصلاحي في إيران أحمد زيدابادي قوله إن الرئيس نجاد "إنما يسعى من خلال تنظيم المؤتمر إلى إذكاء شعبيته في العالم الإسلامي، ناهيك عن إرضاء أنصاره الذين ضافقوا ذرعا بسبب فشله في الوفاء بوعوده السياسية بالقضاء على الفقر ومحاربة الفساد والتضخم والدعارة والبطالة".

وضمن متابعتها لأعمال الندوة العلمية تابعت الصحيفة تدخلات لبعض المشاركين فيها ومنهم الكاتب الفرنسي جورج تيل الذي اعتقل لإنكاره بوجود المحرقة. ونقلت عنه قوله إن " الرواية السائدة حول الهولوكوست ما هي إلا أكذوبة كبيرة. صحيح أن اليهود قد اضطهدوا، صحيح أنهم قد هُـجّـروا ولكن لا وجود لآليات التعذيب في أي من المخيمات ولا وجود لغرف الغاز المزعومة".

ومن الأصوات الأخرى في المؤتمر الحاخام الأورثودوكسي البريطاني أرون كوهين الذي قال إنه من المؤكد أن الهولوكوست واقع حقيقي، ولكن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال ارتكاب الفظائع في حق الفلسطينيين"، متسائلا عن "السبب الذي يجعل العرب والمسلمين يدفعون ثمن الجرائم النازية إذا ثبت من خلال الندوة أنها فعلا حقائق ملموسة."

وقالت الصحيفة إن من بين من حضر الندوة ديفيد ديوك الرئيس السابق لمنظمة الكوكلوكس كلان ذات الميولات العنصرية وبعض حاخامات اليهود المناهضين للصهيونية. وفي المقابل، هاجمها كبير ممثلي الطائفة اليهودية في البرلمان الإيراني، موريس معتمد، معتبرا إياها "إساءة لكافة اليهود الذين لهم حساسية خاصة إزاء هذا الخط الأحمر في تاريخهم".

وضمن ردود الفعل الأخرى تسوق الصحيفة موقف مدير متحف الهولوكوست ياد فاشيم الذي اعتبر الندوة "محاولة لرسم أجندة متطرفة بريشة علمية."

وتضيف الفايننشل تايمز أنه رغم الاهتمام الكبير الذي لقيته الندوة في الخارج فإن الكثير من الأشخاص الذين تحدث إليهم مراسلها في طهران لم يعلموا بنبأ انعقادها. كما اعتبرت أن رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية بدا بدوره غير مهتم بالموضوع حيث ختم زيارته الرسمية لطهران قبل يوم واحد من بدء أعمال الندوة.

"لهيب الحقد"
منو شهر متقي قال إن الغرض من البندوة هو إتاحة الفرصة أمام المفكرين للإعراب عن وجهات نظرهم بحرية تامة
وتحت عنوان "الإيرانيون يشعلون لهيب الحقد بتنظيم مؤتمر حول الهولوكوست"، كتبت صحيفة الديلي تلجراف تقول بأن بعض الإيرانيين أعربوا عن شعورهم بالحرج من هذه الندوة التي جاءت بعد إعلان طهران عزمها تنظيم مسابقة للرسوم الكاريكاتيرية حول الهولوكوست في شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

وأضافت الصحيفة بأن "هناك عناصر من داخل النظام الإيراني تشعر بأن الندوة إنما ستزيد في تعميق عزلة إيران على الصعيد الدولي في وقت تمر فيه علاقاتها بالمنتظم الدولي بمرحلة حرجة بسبب برنامجها النووي."

وأشارت التلجراف بدورها إلى مشاركة اليهود الأرثودوكس المناهضين للصهيونية في الندوة، إلا أنها نقلت أيضا عن أحد كبار ممثلي الطائفة اليهودية في بريطانيا قوله إن "هؤلاء شرذمة قليلون يسعى خصوم إسرائيل لتوظيفهم لخدمة أغراضهم بتدمير إسرائيل وربط وجودها بذلك الاحساس بالذنب الذي تشعر به الدول الغربية."

أما الاندبندنت فرأت أن الندوة شارك فيها مراجعون للتاريخ يفتقدون للشهرة وعنصريون وآخرون معادون للسامية. واستثنت من هؤلاء الحاخامات اليهود الذين أقروا في الندوة بوجود المحرقة وأكدوا أنها لا ينبغي أن تكون سببا لممارسة الاضطهاد في حق الفلسطينيين.

ووصفت الصحيفة أجواء إحدى القاعات التي شهدت معرضا للكتب والأشرطة والأقراص المدمجة الرافضة لفكرة المحرقة أو تلك التي تعتبرها مبالغا فيها وكذلك صورا للهولوكوست حملت تعليقات تتحدث عن "الأساطير".

كما نقلت عن مصطفي محمدي الطالب بجامعة طهران الذي أشرف على تنظيم المعرض قوله: " لقد قتل ما بين 150 و300 ألف يهودي بسبب الظروف الطبيعية للحرب كالمجاعة والغارات الجوية. وللأسف لا زالت المدارس الإيرانية تلقن تلامذتها التاريخ الرسمي الذي وضعه الغرب. وإننا لنبذل ما في وسعنا لتغيير ذلك الأمر."

وفي السياق قال ديفيد ديوك في الندوة: " إنه لأمر مخجل أن تنهض إيران لتتساءل عن الأسباب التي جعلت مؤرخا يحظى بشهرة عالمية يقبع في السجون لمجرد الإعراب عن وجهة نظره."

أما المؤرخ الأسترالي فريديريك توبين فشارك بصور تجسد أحد المخيمات لإظهار عدم وجود غرف الغاز المزعومة مؤكدا أنه يواجه قد يواجه بعقوبة السجن بعد عودته إلى بلاده.

وعرضت الجارديان بدورها وجهات نظر العديد من المشاركين في الندوة ومنهم ديفيد ديوك الذي اعتبر أن "إسرائيل دولة إرهابية " وأنها "أكبر دولة إرهابية في العالم" والحاخام الأسترالي موشي أيري فريدمان الذي قال إن "عدد الستة ملايين استوحاه يهود إسرائيل من نبوءة لثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية قبل قيام الحرب العالمية الثانية."

إلا أنها ختمت استعراضها لتلك المواقف بتصريحات نقلتها عن محافظ متحف الهولوكوست في بريطانيا ستيفن سميث قال فيها " إن تنظيم الندوة يتعارض مع وعي البريطانيين الصغار بحقيقة وقوع المحرقة"، مضيفا بأن ثلاثة أرباع الشبان في بريطانيا يعلمون متى وقعت المحرقة وأن 84% منهم سمعوا بأحداث أوشفيتز على حد قوله.

ويضيف سميث في الأخير بأن "المعرفة هي الخطوة الأولى نحو منع تكرار ما حدث وأن الإنكار هو الخطوة الأولى لإعادة تكراره."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف