إستنكار في الغرب ضدّ الحكم بالإعدام على الممرضات البلغاريات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تأييد الحكم بإعدام ممرضات الإيدز في ليبيا صوفيا: عبرت بلغاريا ودول غربية عدة عن استنكارها الحكم بالاعدام الذي صدر الثلاثاء في ليبيا على الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني المتهمين بنقل فيروس الايدز عمدا الى نحو 400 طفل ليبي.ووصفت السلطات البلغارية هذا الحكم القضائي ب"العبثي" مؤكدة ان وراءه دوافع سياسية. وطالبت ليبيا بعدم تنفيذه.
ورفض الاتحاد الاوروبي الذي ستنضم اليه بلغاريا في الاول من كانون الثاني/يناير المقبل حكم الاعدام هذا وطلب من طرابلس "الرافة انسانيا" بالمتهمين.وجاء في بيان للرئاسة الفنلندية للاتحاد ان الاتحاد الاوروبي يعارض عقوبة الاعدام في كل الاحوال" و"ينتظر من المحكمة العليا (الليبية) السماح بتسوية عادلة ومنصفة وانسانية لهذه المسالة".
وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو للصحافيين "نشعر بخيبة امل لهذا الحكم" متحدثا عن امكان استئنافه.وعلقت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس خلال استقبالها في مكتبها وزير الخارجية البلغاري ايفايلو كالفين "لقد خاب املنا كثيرا"، واضافت متوجهة الى الوزير "نريد ان تعلم اننا مستمرون في عملنا بهدف عودتهم".
واكد الرئيس البلغاري ورئيس الوزراء "رفضهما القاطع" لاتهام الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني الذي اعتبرا انه لا يقوم على اي اساس.وصرح الرئيس غورغي بارفانوف في اعلان مشترك مع رئيس الوزراء سيرغي ستانيشيف تلي على الصحافيين "ندين بشدة ونرفض رفضا قاطعا تاكيد عقوبات الاعدام" معربين عن "استهجانهما الشديد" لهذا الحكم.واشارا الى ان القضاء الليبي لم ياخذ في الاعتبار شهادات الخبراء الدوليين في الايدز الذين اكدوا ان ظهور الفيروس يرجع الى 1997 اي قبل وصول المعالجين الستة الى ليبيا وان تفشيه ناجم عن سوء الظروف الصحية والنظافة في المستشفى الليبي.واضافا "ندعو السلطات الليبية الى التدخل فورا لاطلاق سراح الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني" وحثا المجتمع الدولي على ممارسة الضغوط على ليبيا. وقد اعرب اهالي الممرضات البلغار عن شعورهم بالياس ووجهوا نداء اخيرا الى المسؤولين السياسيين.وقالت والدة الممرضة كريستيانا فالتشيفا ان "الليبيين مجرمون. باي حق يحتجزون هؤلاء الابرياء منذ ثماني سنوات ويطالبون علاوة على ذلك بتعويضات؟".
وحذر المفوض الاوروبي للقضاء فرانكو فراتيني حكومة معمر القذافي متحدثا عن "عقبة امام التعاون مع الاتحاد الاوروبي".وقال فراتيني في بروكسل "امل كثيرا ان تعيد السلطات الليبية النظر في هذا القرار" الذي يشكل "بادرة خطيرة".واضاف ان "التعاون مع الاتحاد الاوروبي يجب ان يقوم على الحقوق الاساسية ولا استطيع تصور تنفيذ هذه الاحكام"، مؤكدا ان "القيادة الليبية لديها الوسائل للعودة في هذا القرار".
من جانبه اعتبر مجلس اوروبا ان تصرف السلطات الليبية يستحق "ادانة شديدة وواضحة" كما جاء في بيان صدر في ستراسبورغ.كما دانت منظمة العفو الدولية الحكم. وقال مالكولم سمارت مسؤول المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان للشرق الاوسط وافريقيا في بيان "ناسف لهذه العقوبات ونحث السلطان الليبية على ان تعلن فورا انها لن تطبقها".
ودعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ليبيا الى اثبات تسامح حيال المدانين، وقالت في هلسنكي "امل وادعو الحكومة (الليبية) الى اعطائهم فرصة، انه حكم رهيب".واعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن "صدمته واسفه الشديدين" لحكم الاعدام بحق الممرضات البلغاريات، وتعهد ان تواصل فرنسا جهودها لبلوغ "حل ينسجم مع العدالة".واعرب رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي عن "تخوفه الشديد" حيال احكام الاعدام، وامل في بيان ان "تعيد السلطات الليبية النظر في هذا القرار.
احكام الإعدام سياسيةبحسب المحللين
وقال محللون ان قرار المحكمة الليبية باصدار حكم الاعدام بحق خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني بعد ادانتهم بتهمة نقل فيروس مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) قد اتخذ بدوافع سياسية. وقال فريد ابراهامز من منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان هذه "محاكمة سياسية من اليوم الاول (...) فقد اعتقل (المتهمون) بسبب مخاوف داخلية واحتجزوا بسبب مخاوف دولية".وقوبل حكم الاعدام الذي صدر بحق الستة المسجونين منذ سبع سنوات بمشاعر الصدمة والغضب في المجتمع الدولي.واتهمت الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني بنقل فيروس الايدز الى 426 طفلا اثناء عملهم في مستشفى الفاتح في بنغازي. وقد توفي اكثر من خمسين من هؤلاء الاطفال حتى الان. وعقب صدور الحكم، قال محامي الدفاع انه سيتقدم باستئناف امام المحكمة العليا الليبية خلال المدة القانونية المحددة وهي 60 يوما، في اخر محاولة لانقاذ حياة المتهمين.
وينقسم المحللون حول ما تامل طرابلس في تحقيقه من هذه المسالة، حيث رأى البعض انها محاولة للحصول على صفقات افضل تتعلق بالنفط بينما قال الاخرون ان ليبيا تسعى من ورائه الى تحسين علاقاتها الدبلوماسية.وقال ابراهامز "بشكل عام فان (الزعيم الليبي معمر) القذافي يرغب في رد اعتبار بشكل كامل. ويرغب في ان يتم الاعتراف به على الساحة الدولية". ويخشى مركز دراسات السياسة الاوروبي كذلك ان تكون ليبيا تسير في الاتجاه الخاطئ.
وتقول غريغانا نوتشيفا الباحثة في المركز "هناك مخاوف جدية للغاية من ان القضاء الليبي ليس محايدا او مستقلا (...) لان كافة الادلة العلمية تشير الى ان المتهمين غير مذنبين". واضافت "لقد وردت مؤشرات او علامات على ان ليبيا تخرج من عزلتها وتحاول الانفتاح قليلا على الغرب وتقبل معايير غربية معينة (...) ولكنني لا اعتقد اننا نرى ذلك الان".
وفي عام 2003 اعلنت ليبيا تخليها عن اسلحة الدمار الشامل ونبذ "الارهاب".
وفي العام ذاته اعلنت تحملها مسؤولية تفجير طائرة بان اميركان عام 1988 فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية التي قتل فيها 270 شخصا، ووافقت على دفع تعويضات بقيمة عشرة ملايين دولار لعائلة كل من الضحايا.وفي عام 2004 دفعت ليبيا مبلغ 35 مليون دولار كتعويضات لضحايا التفجير القاتل في مرقص في برلين الغربية عام 1986 في خطوة مهمة لتحسين العلاقات مع المانيا.واستأنفت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية التامة مع ليبيا في ايار/مايو.
وقالت نوتشيفا "لا يزال امامنا استئناف الحكم".ولا يستبعد ان يتم الغاء الحكم خلال الاستئناف.وقال ابراهامز "هذه من طبيعة القذافي، فهو يبقي الباب مفتوحا (...) فلو كان مقتنعا بقوة ان المتهمين مذنبون لكانوا قد اعدموا. وهذا يظهر ان هناك مجال للمساومة".ويقول المحللون ان احدى المشاكل التي تواجه ليبيا هي انه اذا ثبت ان الطبيب والممرضات ابرياء، فمن الذي سيتحمل مسؤولية اصابة الاطفال بالايدز.واوضحت نوتشيفا "وهذا يعني ان اخرين يجب ان يتحملوا المسؤولية وهذا ما يحاول (الليبيون) تجنبه".
ودانت الرئاسة الفنلندية للاتحاد الاوروبي حكم الاعدام وقالت انها تتوقع ان تتوصل محكمة طرابلس العليا "الى حل عادل ومنصف وانساني لهذه القضية".ويهدف الاتحاد الاوروبي في سياسته تجاه ليبيا على المدى الطويل في ان تنضم ليبيا الى كتلة "سياسة الجوار الاوروبي".وتقول توتشيفا "حتى الان فانه لم يتم رفع مستوى العلاقات. وليبيا ليست شريكا في سياسة الجوار بعد ولن تكون كذلك لسنوات قادمة، هناك فقط الحديث عن امكانية حدوث ذلك في يوم من الايام. اعتقد انه بالنسبة لليبيين فان الاحتمال ليس واضحا جدا او جذابا".واعرب مفوض الاتحاد الاوروبي لشؤون القضاء فرانكو فراتيني عن "خيبة امله العميقة" في حكم الاعدام، وحذر من انه يمكن ان يضر بجهود ليبيا لتحسين علاقاتها مع اوروبا.وقال ان الحكم "عقبة في طريق التعاون مع الاتحاد الاوروبي الذي يجب ان يعتمد على الحقوق الاساسية".