أخبار

كلمة تعيد الوزراء الشيعة... ماذا بعدها؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اعتكفوا احتجاجاً على المحكمة الدولية ورجعوا بلا سبب
"كلمة" تعيد الوزراء الشيعة... ماذا بعدها؟

إيلي الحاج من بيروت: كأن شيئأً لم يكن، إقرأ أيضا

أثر إيجابي اقتصاديًا لكن المشكلة الأساسية لم تحل
عودة الوزراء بداية لفتح الملفات اللبنانية السورية

قصف متبادل بين إسرائيل وحزب الله

وببراءة الأطفال عاد الوزراء الشيعة الخمسة ممثلو "حزب الله" وحركة "أمل" إلى المشاركة في جلسات الحكومة اللبنانية بعد اعتكاف استمر منذ يوم اغتيال النائب والصحافي جبران تويني يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. لكن عودتهم من دون أساس تعني أن الأزمة مرشحة للتكرار عند أي مفصل، خصوصاً أن السبب الذي دفعهم إلى قرار الاعتكاف هو طلب الحكومة ، أو الغالبية فيها إلى مجلس الأمن الدولي، بعد تأجيل وتحت وطأة إغتيال تويني، تشكيل محكمة ذات طابع دولي للنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وشمول مهمة اللجنة الدولية للتحقيق كل جرائم الاغتيال السياسي ومحاولات الاغتيال التي وقعت منذ اغتيال الحريري. أما الرجوع عن الاعتكاف فكان بذريعة غير مقنعة ولا تحفظ حتى ماء الوجه ، وهي أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة صرح إن المقاومة وطنية . وهو في الواقع لم يقل مرة غير ذلك!

ولم يخف "حزب الله"، الذي يقود التحالف الشيعي الثنائي مع حركة "أمل" في أي مناسبة عدم موافقته على سياسات الحكومة العامة ، رغم مشاركته فيهاعلى أساس بيانها الوزاري. وقد هدد بمحاولة فرطها المرة الأولى لرفضه مناقشة خطاب الرئيس السوري بشار الأسد المهين في حق لبنانيين ورموز لهم بمقدار ما كان مهيناً للحزب ومسؤوليه ورموزه ، ولا سيما عندما عندما وصف رئيس حكومة لبنان بأنه "عبد مأمور عند عبد مأمور". كثر رأوا في تلك الحقبة أن موقف "حزب الله" يثير القلق، إذ كيف لحزب لبناني أن يصطف مع دولة أخرى ضد دولته واللبنانيين الآخرين.

وما لبث أن تكرر التهديد باسقاط حكومة الرئيس السنيورة من خلال التلويح والتحضير لما سمي ب"ثورة مازوت" بالتزامن مع إطلاق الاسد خطاباً آخر اعتبره مراقبون حربا على استقلال لبنان وعلى اللبنانيين.

وكان خطابا الأمين العام للحزب اللهي السيد حسن نصرالله في الاستعراض العسكري الذي نظمه الحزب في "يوم القدس" ويوم تسلم جثث المقاومين الذين سقطوا في عملية الغجر الاخيرة، يشيان بنظر فئات واسعة ومتنوعة باصطفافه الصريح الى جانب منطق النظام السوري ، وجاء التحالف العلني مع إيران أحمدي نجاد التي تنازع المجتمع الدولي ، من دون التفات حقيقي صوب الشركاء في الداخل اللبناني ليصعّد مخاوف لبنانيين كثر من بقية الطوائف حيال الحزب ، خصوصاً أن هؤلاء لم ينسوا تظاهرة الثامن من آذار/ مارس التي شكرت النظام السوري بعد أقل من ثلاثة اسابيع على اغتيال الحريري ، مما حملهم على النزول بقوة إلى "ساحة الحرية في 14 آذار / مارس لئلا تبدو غالبية اللبنانيين موالية لسورية.

سيناريو العودة
وبالعودة إلى فك قرار الاعتكاف يتبين من مراجعة تطورات الأيام الماضية أن الرئيس السنيورة مدعوما من رئيسالأكثرية سعد الحريري قام ب "الخطوة الاولى" وبادر الى تمهيد الأجواء لإنهاء المشكلة مع التحالف الشيعي عبر مقدمات وخطوات كان من أبرزها الموقف الذي أعلنه الحريري في واشنطن حول القرار ١٥٥٩ والحوار الداخلي بشأنه، وهو ما اعتبره" حزب الله" موقفا ايجابيا وان غير كاف. ومن ثم زار السنيورة السيد نصرالله وكانت بينهما مناقشة وُصفت بأنها إيجابية لم تتوصل الى نتيجة عملية لكنها تركت الباب مفتوحا أمام التسوية مع حصول السنيورة على تأكيد أن الوزراء الشيعة باقونفي حكومته وليسوا في وارد الاستقالة... ولكن الخطوة الأهم جاءت من جانب الرئيس السنيورة في جلسة مجلس النواب عندما جدد تأييده ل المقاومة التي "لم ولن تكون الا مقاومة وطنية".

وأدى رئيس مجلس النواب نبيه بري دورا أساسيا في ترتيب هذا المخرج بعد محاولة اولى بذلها في جلسة البرلمان الاثنين الماضي عندماساهم في وضع "توصية" تصدر بإجماع المجلس افي حضور الحكومة وموافقتها وتحوي العبارة التي وصفت بأنها "سحرية " وهي : "إن المقاومة ليست ميليشيا" على أمل واه من "حزب الله" في أن يجنبه ذلك المزيد من الضغط الدولي والداخلي لحل جهازه العسكري وتسليم ما للدولة إلى الدولة . إلا أن اعتراض رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط بشكل أساسي أدى الى تعطيل هذه المحاولة، إذ طلب "اضافات" على الصيغة المقترحة تتناول دور المقاومة مستقبلا والوضع القانوني الدولي لمزارع شبعا التي يعتبرهاالمجتمع الدولي سورية ويجب تثبيت لبنانيتها.

ولكن بري لم يحبط ، بل حاول مجددا عبر صيغة جديدة "غير خطية" إخراج الأزمة من الطريق المسدود من دون إحراج لأحد. فأوحى لأحد نواب حزب الله ،علي عمار، ان يتوجه بسؤال الى الحكومة حول حادث مقتل راع لبناني برصاص اسرائيلي على الحدود وموقف الحكومة من هذا الخرق الاسرائيلي الفاضح على أرض لبنانية. وطلب بري من السنيورة عندما التقاه قبل الجلسة النيابية أن يكون رده ايجابيا في حال طرح عليه اي سؤال يتعلق بالوضع الحدودي والمقاومة. ولم يكد السنيورة ينهي كلامه الايجابي حول المقاومة حتى تلقف بري موقفه وبادر الى التصفيق له وتبعه النواب الحاضرون بمن فيهم نواب "حزب الله. " وحرص بري على ألا تفلت هذه الفرصة السانحة من يده فسارع إلى استثمار هذا الموقف وبنى عليه وطوّره وضخمه إلى حد ما جاعلا إياه في حجم "مبادرة" تلبي متطلبات الموقف الشيعي وتبرر عودة الوزراء الى الحكومة.

وبدا ان هذا المخرج جرى ترتيبه ما بين بري والسنيورة والحريري ونصرالله، وان جنبلاط لم يكن مشاركا في هذه العملية ولا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ولذلك جاءت ردود الفعل حيال هذا التطور متفاوتة بين أركان تحالف "قوى ١٤ آذار/ مارس" . ففي حين بادر الحريري الى الترحيب بعودة الوزراء الخمسة والى اجراء اتصالات بقيادتي "حزب الل" وأمل مثنيا على خطوتهما، قلل جنبلاط من شأن ما حصل معتبرا "اننا أمام تصريح لرئيس الحكومة وليس أمام نص مكتوب وأن رئيس الحكومة كرر تأكيد ما ورد في البيان الوزاري. وظهرت علامات تعجب لدى جعجع خلال حديث كان يدلي به إلى برنامج "كلام الناس" في "المؤسسة اللبنانية للإرسال" إذ سأل محاوره الزميل مارسيل غانم : " لماذا خرج هؤلاء الوزراء من الحكومة أساسا ، ولماذا عادوا اليها؟!".

وبديهي أن هذا المخرج لا يشكل انتصارا أو هزيمة كاملة لأحد، فالرئيس السنيورة يمكنه التأكيد أنه لم يقدم تنازلا عمليا مكتوبا وملزما ولم يأتِ على ذكر القرار ١٥٥٩ ، وحتى انه لم يقل" العبارة السحرية" المتضمنة في ثلاث كلمات ("المقاومة ليست ميليشيا") بل ذكّر فحسب بموقفه السابق ولم يقدم جديدا. في حين يستطيع "حزب الله"، إذا أراد، القول أن ثمة اعترافاً من الحكومة بأن مقاومته "وطنية" بما يحمل في التأويل القول إنها ليست ميليشيا لينطبق عليها القرار الدولي 1559 الذي تلتزم الحكومة تطبيقه.

لكن أزمة الاعتكاف التي استمرت نحو شهرين وانتهت على النحو الذي انتهت اليه، لا تخلو من التباسات وقطب مخفية وتساؤلات مبررة منها: هل انتهت على أساس المخرج المعلن أم على أساس تفاهمات أخرى مبطنة ولم يكن الموقف من المقاومة الا الجزء الظاهر منها؟ وهل في هذه التفاهمات ما يشمل مسألة التشاور والتوافق المسبق حول القضايا المصيرية والأساسية قبل ان تطرح على التصويت في مجلس الوزراء؟ وبالتالي هل يكون الفريق الشيعي حصل على موقف معنوي في ما خص المقاومة وعلى مكسب عملي في ما خص موضوع الشراكة في الحكم؟ ولماذا انطلقت الأزمة من مكان وانتهت في مكان آخر؟! لماذا انسحب الوزراء الشيعة معترضين على طلب المحكمة الدولية والتوسع في التحقيق الدولي ثم تحولت شروطهم للعودة صوب القرار ١٥٥٩ والمقاومة؟ وهل أن ما حصل يخفي مقايضة او تبادلا بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" وفق معادلة : " تشكيل المحكمة الدولية في مقابل توفير التغطية ، أقله موقتاً ، لسلاح المقاومة"؟.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف