من قلب شارع مار مارون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رواية حية من قلب شارع مار مارون في بيروت :
" مجزرة أكبر من البوسطة... لو فتحنا النار "
في إيلاف أيضا
إجماع لبناني حول عناصر مدسوسة تسببت بأعمال الشغب
28 جريحا والدنمارك تدعو رعاياها للمغادرة
صفحة صور من مقر القنصلية الدنماركية
وأخبرني أنه انتظر وجيرانه الرجال والشبان على الأدراج، يسمعون ما يجري في الخارج، ويتناوبون على مراقبة البوابة. وكان السلاح في متناولهم . معكم سلاح ؟ سألته. أجاب: " هنا كانت خطوط التماس ، ولم نرحل عن هذا الحي يوماً . السلاح في كل بيت ".
وحكى أنه عفوياً وزع المهمات على الرجال في المبنى لخبرته الماضية في الحرب ، ولم يكن في الخارج رجال أمن بل جموع أناس يصيحون "الله أكبر" ويدمرون ما يقع تحت أيديهم بالعصي والحجارة . "لو حاولوا اقتحام المبنى لفتحنا النار فورا، أعدادهم ضخمة، لكانت حتماً مجزرة ... عادت إلى ذهني صورة بوسطة عين الرمانة"، قال.
قلت للطبيب المرابط على درج شقته : "تعني أن خبرة الحرب نفعتك؟". "نعم ، أستطيع التمييز بين المفرقعات وإطلاق النار، جلبوا معهم مفرقعات لبث الرعب على الأرجح" .
وأوضح أن سكان البنايات المجاورة فعلوا الأمر نفسه ، وكانوا جميعاً على اتصال في ما بينهم عبر الهواتف.
كنت في حي مجاور أسمع الهتافات، والطلقات النارية أو المفرقعات لا أعرف، وصفير سيارات الإسعاف والإطفاء، سألته إن كان يحتاج شيئاً ، فقال بهدوء : "سلامتك ، هدأت الآن إلى حد ما، ولكن لا نزال على الدرج، على سلاحنا، كأنها الحرب . الله ستر".
كان تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للإرسال" بث مشاهد مباشرة لهجوم بالحجارة والعصي على كنيسة مار مارون المجاورة ، والتي كانت تضم مصلين في قداس ، ولكاهن خرج منها وتحدث بغضب، مندداً واصفاً المتظاهرين بأقسى العبارات. وعلمت "إيلاف" أن تجمعات ضمت عشرات الشبان شوهدت على الأثر في بعض أحياء الأشرفية، الدورة، عين الرمانة ، الحدث، الدورة، وجونية وغيرها. ولم يظهر فيها أي سلاح ، ولكن القلق والغضب كانا باديين على الوجوه . ولم تستمر هذه التجمعات أكثر من ساعة، إذ تفرق من كانوا فيها بناء على توجيهات مباشرة من سمير جعجع عبر المسؤولين في حزبه " القوات اللبنانية".
إلا أن الأمر نفسه لم ينطبق على أهالي بلدة الكحالة، الواقعة على "طريق الشام" بين بيروت وعاليه، فنزلوا إليها وقطعوها بالدواليب المحروقة على وقع أجراس كنائسهم . وبما أن هذه الطريق شديدة الحساسية والرمزية، سياسياً واقتصادياً، ولقربها من مقر وزارة الدفاع وقيادة الجيش، زار قائد الجيش العماد ميشال سليمان الأهالي لتهدئتهم ولإتاحة فتح الطريق بهدوء. وفتحت لاحقاً ولكن ليس لقوافل العائدين من التظاهرة في بيروت إلى البقاع، إذ كان على هؤلاء أن يسلكوا بمعية قوى أمنية طرقاً التفافية حول الكحالة للوصول إلى عاليه ، أو إخفاء الشعارات والصور التي تشير إلى أنهم شاركوا في تلك التظاهرة.
وقال ل "إيلاف" أحد النافذين الكحالة إن أبناء البلدة بمختلف انتماءاتهم لم ينتظروا إذناً من أحد ، لا السياسيين ولا غيرهم لقطع الطريق على من يعتدون على الكنائس. وبدا واضحاً أن القيادات الأمنية عالجت موقفهم بالحكمة.
ولفت تصريح للنائب السابق فارس سعيد أن الجرحى الذين نقلوا نتيجة المواجهات ليسوا لبنانيين، وآخر لرئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط الذي قال: "وصلت رسالة التخريب،وبالأمسضبط الجيش اللبناني 20 قاطرة سلاح مرسلة من سورية"، في حين تحدث آخرون عن مشاركة كبيرة في أعمال الشغب لعناصر جمعيات إسلامية موالية لسورية والنظام الأمني السابق، مثل "جمعية المشاريع" ( الأحباش) و"حركة التوحيد الإسلامي" الطرابلسية و"عصبة الأنصار" المتمركزة في مخيم عين الحلوة والتي تشيع بين وقت وآخر بعض أفرادها ممن يلتحقون بجماعة "أبي مصعب الزرقاوي" في العراق . وقد علمت "إيلاف" أن 200 حافلة صغيرة أوصلت مشاركين في التظاهرة من الجنوب ، وبينهم مجموعات من الفلسطينيين .وذكر رئيس الحكومة فؤاد السنيورةأن القوى الأمنية أوقفت نحو مئتين من مرتكبي أعمال الشغب معظمهم سوريون وفلسطينيون ، لا سيما من "الجبهة الشعبية- القيادة العامة" التابعة لأحمد جبريل الوثيق الصلة بسورية. وتردد أن أنصار دار الفتوى و"الجماعة الإسلامية" شاركوا بكثافة لكنهم انسحبوا عندما اندلعت الصدامات وعجزوا عن ضبط الموقف.
الرابعة بعدالظهر عاودت الاتصال بالطبيب فكان الصوت مشوشاً بعض الشيء ، سألته أين أنت؟ فأجاب : " هدأت تماماً في الحي ، والطقس جميل ... أخذت الأولاد إلى الجبل ليلعبوا قليلاً على الثلج. لا أريدهم أن يتذكروا مثلنا ما حصل ".