من حصار عرفات إلى حصار حماس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إسرائيل و"محور الشر"ّ بين غزة ودمشق وطهران
من حصار عرفات إلى حصار حماس
نصر المجالي من المنامة: حتى وفاته مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 وسط شكوك بقيام إسرائيل بتسميمه، فإن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي رفض اقتراحات أميركية حول التسوية بعد لقاء البيت الأبيض الشهير (كلينتون ـ باراك ـ عرفات) واجه الحصار مرتين في غضون عشرين عاما، الأول في بيروت 1982 ، أما الثاني كان مطلع 2002 حين اتهمته اسرائيل بإيواء "إرهابيين" فلسطينيين في مقر الرئاسة في رام الله الذي ظل فيه إلى حين وفاته،، والحصار الأخير يبدو أنه سيتكرر ثانية في شكل آخر مع حركة حماس التي تستعد للمشاركة في شكل قوي في القرار الفلسطيني نتيجة فوزها في الانتخابات التشريعية.
كانت حكومة شارون تتهم الرئيس الراحل بتوفير الحماية لقتلة وزير السياحة رحبعام زئيفي في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 وهم كانوا عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثاروا لاغتيال زعيم الجبهة أبو علي مصطفى، لكن خليفة شارون، إيهود أولمرت يرى في حركة حماس عدواً أخطر، فهو يستعد لحصارها ومعها الشعب الفلسطيني كله في غزة والضفة الغربية.
وترى إسرائيل في حركة حماس خصما عنيدا يهدد أمنها فضلا عن أنها لم تعترف بحق إسرائيل في البقاء إلى اللحظة، كما أن تل ابيب تذهب بعيدا في الحديث عن اتهام حماس بالانضمام الى ما تسميه محور الشر الممتد من حزب الله في لبنان مرورا بدمشق الى طهران.
كما أن اسرائيل تجد في وجود حماس على قائمة الإرهاب الأميركية "حجة عليها وحظر التعامل معها"، ولذلك فهي تستعد لمحاصرة "الحركة الشريكة بقوة في السلطة الفلسطينية من بوابات اقتصادية ومالية" إلى جانب تقييد حركة زعمائها ما بين الضفة وغزة.
وكانت حكومة أولمرت أرجأت أمس الجمعة اتخاذ اجراءات تهدف الى الفصل تدريجيا مع السلطة الفلسطينية واعتبارها "كيانا إرهابيا" إلى يوم غد الأحد للتصويت عليها، وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بالوكالة ايهود اولمرت انه ارجأ اتخاذ قرار بشأن فرض قيود جديدة مشددة على الفلسطينيين الى يوم الاحد عندما تقترع حكومته على هذه الاجراءات.
وكان متوقعا ان يوافق اولمرت على خطة لحظر عمل الفلسطينيين في اسرائيل وحظر التنقل بين غزة والضفة الغربية الى ما بعد ان يؤدي البرلمان الذي تقوده حركة المقاومة الاسلامية (حماس) اليمين السبت. لكن مصادر الحكومة الاسرائيلية قالت ان اولمرت أرجأ القرار حتى اجتماع الحكومة يوم الاحد بعد ظهور خلافات بين كبار مستشاريه بشأن الاجراءات التي ستتخذ ضد حماس.
وقال مصدر دبلوماسي ان الاتحاد الاوروبي حث اولمرت على تأجيل الاعلان عن تلك الخطة التي بموجبها كان سيحظر على الفلسطينيين العمل في اسرائيل والسفر بين غزة والضفة الغربية بعد ان يؤدي المجلس التشريعي الفلسطيني اليمين.
وتدعو خطة أولمرت الى وقف تحويل ايرادات الضرائب الى السلطة الفلسطينية التي تعاني نقصا في الاموال في محاولة للضغط على حماس لحملها على نبذ العنف وتعترف بالدولة اليهودية وتلتزم باتفاقات السلام الموقتة.
وقال مصدر اسرائيلي كبير طلب عدم نشر اسمه "الشيء المهم هو ان يدرك الفلسطينيون عواقب تصويتهم"، وأضاف "لا اعتقد ان الشعب الفلسطيني عندما صوت لحماس اراد عزل غزة عن الضفة الغربية. ولذلك عليهم ان يثيروا القضية مع ممثليهم".
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز اتهم من جانبه حركة حماس بالشروع في الاتصال بايران سعيا للحصول على تمويل وارشاد بشأن كيفية ادارة السلطة الفلسطينية.
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي تحرك عبر المفوض العام للشؤون السياسية والأمنية خافيير سولانا نحو تل ابيب حيث حثها يوم الجمعة على الانتظار حتى تتسلم حماس السلطة قبل ان تتخذ اي إجراءات وحذرها من اتخاذ أي خطوات قد يكون لها "عواقب خطرة بالنسبة الى الفلسطينيين".
واعترف جدعون مئير نائب مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية ان اسرائيل ليس لديها النية لجعل حياة الشعب الفلسطيني "بائسة"، وأضاف "هدفنا هو ان نوضح ان اسرائيل لن تتعامل مع منظمة ارهابية تدعى حماس".
وكانت هذه الحركة المتشددة وراء 60 تفجيرا نفذها فدائيون ضد اسرائيليين منذ بدء الانتفاضة في عام 2000 لكنها التزمت الى حد بعيد بالهدنة التي اعلنت في آذار (مارس) العام الماضي. ورغم الحملة الصارمة التي يتوقع ان ينفذها اولمرت ضد سلطة فلسطينية تهيمن عليها حماس فانه من المرجح ان تحتفظ اسرائيل بعلاقات مع الرئيس محمود عباس الذي كان خيارا معتدلا من وجهة نظر إسرائيل ودول غربية.
ومن جانبه، كان زعيم حزب العمل السابق والسياسي الاسرائيلي المخضرم شمعون بيريس قال لراديو الجيش الإسرائيلي "نحتاج الى ايذاء حماس وليس ايذاء الشعب الفلسطيني أو الرئيس الفلسطيني".
وانتهاج خط صارم ضد حماس يمكن ان يعزز الوضع السياسي لاولمرت في الفترة السابقة على الانتخابات العامة الاسرائيلية التي تجري يوم 28 آذار (مارس) المقبل. وتتوقع استطلاعات الرأي ان يفوز حزب كاديما ببرنامجه لفك الارتباط مع الفلسطينيين.
ورغم التوقعات بالتشدد الإسرائيلي في التعامل مع حكومة تقودها حماس، إلا أن مراقبين يعتقدون أن القيود المتوقعة على العمل والسفر ستكون رمزية الى حد كبير لان بضعة الاف فقط من الفلسطينيين هم الذين سيتأثرون. وفرضت اسرائيل قيودا صارمة على عدد من العمال من الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى السفر بين الاراضي الفلسطينية منذ بدء الانتفاضة في عام 2000 .
وكانت اسرائيل قد اشارت في السابق الى ان تحويل ايرادات الضرائب سيتوقف وانها لديها نتائج متباينة في اقناع الدول الاخرى بقطع التمويل والعلاقات مع سلطة فلسطينية تقودها حماس.
وبالاضافة الى القيود على الفلسطينيين يتوقع ان يجمد اولمرت خطط بناء ميناء في غزة واعادة بناء المطار. وبموجب اتفاقات السلام الموقتة ما زالت اسرائيل التي انسحبت من غزة في العام الماضي تسيطر على المجال الجوي والمياه الاقليمية. وقال مسؤولون ان اسرائيل قررت عدم قطع المياه والكهرباء عن الفلسطينيين.
يذكر أن حركة حماس لا تواجه ضفوطا إسرائيلية وحسب، بل إن الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، وهما مانحان رئيسان للمساعدات التي يحصل عليها الفلسطينيون، كانا طالبا حماس بالتخلي عن العنف والاعتراف باسرائيل منذ ان فازت بالاغلبية في الانتخابات النيابية الفلسطينية التي جرت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي. غير ان حماس رفضت هذه المطالب، وحذرت من ان وقف المساعدات سيضر بالشعب الفلسطيني.
وفي الختام، يشار إلى أن مجلس النواب الاميركي كان صوت الاربعاء الماضي ضد منح السلطة الفلسطينية مساعدة مباشرة ما دام سيسيطر عليها حزب يدعو الى تدمير اسرائيل، ملمحا بذلك الى حركة حماس. ووافق النواب على القانون بأغلبية 418 صوتا ضد صوت واحد. وقال برلماني أميركي "التصويت سيرسل رسالة واضحة، وهي ان الولايات المتحدة لن تساند المنظمات الارهابية". وكان مجلس الشيوخ قد أصدر قرارا مماثلا في وقت سابق من الشهر الحالي.
ويقضي القانون الذي تم التصويت عليه بان "لا يتم تحويل اي مساعدات مادية مباشرة للسلطة الفلسطينية في حال تمكن اي حزب سياسي يدعو الى تدمير اسرائيل من الفوز باكثرية مقاعد المجلس التشريعي". وقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الاربعاء امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي ان واشنطن لن تقدم اموالا لحكومة تشكلها حماس. الا انها اوضحت ان واشنطن ستستمر في تقديم المساعدات الانسانية للفلسطينيين، وذلك حسبما نقلت وكالة الانباء الفرنسية. ونقلت وكالة رويترز للانباء ان واشنطن كانت قد خصصت 150 مليون دولار كمساعدات للفلسطينيين في عام 2006.