وثائق إعدامات الدجيل حيرت صدام وأسكتته
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
علاقات الأكراد بالجعفري الى افتراق لصالح الحكيم
وثائق إعدامات الدجيل حيرت صدام وأسكتته
أسامة مهدي من لندن : تطوران مهمان شهدهما العراق اليوم على صعيد الاوضاع السياسية الحاصلة فيه حيث دخلت محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين مرحلة دقيقة بمواجهته بوثائق رسمية موقعة من قبله باعدام 148 مواطنا من ابناء بلدة الدجيل في قضية محاولة اغتياله عام 1982 واخرى تؤكد ضلوع اخيه غير الشقيق ورئيس جهاز استخباراته برزان التكريتي بعمليات تصفية معتقلين جراءها .. في وقت دخلت العلاقات المتأزمة اصلا بين الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الحكومة إبراهيم الجعفري طريقا مسدودا سيؤثر حتما على موافقة مجلس النواب على ترشيحه لتشكيل الحكومة الجديدة .
مصادر عراقية تحدثت معها "إيلاف" عقب تأجيل جلسة المحاكمة الى يوم غد اعتبرت ان جلسة اليوم الثالثة عشرة من محاكمة الرئيس السابق وسبعة من معاونيه السابقين التي بدات في التاسع عشر من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي قد دخلت اليوم مرحلة جديدة في تأكيد ادانة المتهمين الذين حاولوا خلال الجلسات الماضية تسييس المحكمة في محاولة لاخراجها عن اطارها الجنائي من خلال ترديد شعارات "وطنية وقومية" للعب بعواطف ملايين العراقيين والعرب المتابعين لها . ولاحظت ان الوثائق الرسمية التي عرضها رئيس الادعاء العام جعفر الموسوي اليوم والتي زادت على الثلاثين وثيقة وكان عثر عليها في القصور الرئاسية ومقرات الاجهزة الامنية السابقة بعد سقوط النظام المخلوع ربيع عام 2003 قد قدمت دلائل لا لبس فيها عن مسؤولية المتهمين الثمانية وخاصة صدام وبرزان وعواد البندر رئيس محكمة الثورة عن اعدام المواطنين ال 148 ونفي 680 اخرين الى صحراء السماوة الجنوبية المحاذية للسعودية لمدة ثلاثة اعوام .
وهنا اشارت المصادر الى ان وثائق الموسوي الدامغة قد ألجمت المتهمين وارغمتهم على الصمت طوال جلسة اليوم التي استمرت اكثر من ساعتين فلم يجد صدام ما يعترض عليه غير نظراته الزائغة التي بدت حائرة امام وثائق الادعاء التي حملت توقيع الرئيس السابق وشعار الجمهورية الرسمي ولذلك فقد تميز صدام في جلسة اليوم بالهدوء مكتفيا بالسؤال عن بعض المعلومات كتاريخ أحد المستندات وقالت ان برزان الذي حاول اثارة المتاعب كعادته لم يجد غير التراجع امام حزم القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن وقوة الوثائق المعروضة والتي اكدت احداها إعدام قاصر لا يزيد عمره على 14 عاماً.
واعتبرت المصادر ان اخطر الوثائق التي عرضها الادعاء العام كانت خطابا موقعا من صدام حسين في 27 . 5 .1984 باحالة 184 متهما الى محكمة الثورة لمحاكمتهم بتهمة الاشتراك في محاولة الاغتيال .. ثم خطاب من محكمة الثورة وقعه المتهم عواد البندر في 14 . 6 . 1984 يؤكد ادانة المتهمين جميعهم والحكم عليهم بالاعدام شنقا حتى الموت ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة . وتلي مرسوم جمهوري موقع من صدام حسين تاريخه 16 . 6 . 1984 يصادق فيه على حكم الاعدام .. وخطاب من الرئاسة مؤرخ في 12 . 3 . 1985 الى وزارات العدل والداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية يدعو الى تنفيذ الحكم فورا .. ثم خطاب من سجن ابو غريب في ضواحي بغداد تاريخه في 23 . 3 . 1985 يؤكد ان الحكم قد نفذ وان طبيب السجن ايد وفاة المعدومين فعلا ومفارقتهم الحياة . واشار الموسوي الى انه تم طبع 1150 نسخة من هذه الوثائق لتوزيعها على اعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين الثمانية ..
اضافة الى خطاب اخر وقعه برزان يوجه فيه باعدام عدد اخر من المتهمين بشكل سري ومحاولة دفنهم من قبل جهاز الاستخبارات دفعا لمشاكل لم يوضح طبيعتها .
المصادر العراقية اشارت الى ان الوهن الذي اصاب اداء المحكمة سابقا كان سببه ضعف شهادات الشهود الذين كانت تتراوح اعمارهم بين 8 و14 عاما لدى وقوع احداث الدجيل وقدم زمن الحادثة التي انست شهود اخرين تفاصيل مهمة لكنها اكدت ان جلسة اليوم اعادت الحياة للمحكمة ومنحتها اهمية جديدة لابد ان تسترعي انتباه الملايين غدا عندما يواصل الموسوي عرض وتلاوة وثائق جديدة .
وفي مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء جلسة اليوم الثلاثاء اشار الموسوي الى انه تقرر تأجيل الاستماع الى شهادات سبعة من الشهود المتبقين حاليا حيث ستتفرغ المحكمة غدا للاطلاع على بقية الوثائق والمستمسكات التي تداولتها اجهزة امن النظام السابق حول جريمة الدجيل .. لكنه لم يستطع تحديد موعد لانتهاء المحاكمة التي قال ان امامها مهمات الاستماع الى بقية الشهود واقوال المتهمين ومطالعتي الادعاء العام وهيئة الدفاع عن المتهمين .
علاقات طالباني والجعفري نحو مزيد من التوتر
اما التطور الثاني الذي شهده العراق اليوم فهو الهجوم اللاذع الذي وجهه الرئيس جلال طالباني الى رئيس الحكومة إبراهيم الجعفري على ضوء قيام هذا الاخير بزيارة إلى تركيا اليوم على الرغم من الظروف الدقيقة والخطرة التي تمر بها البلاد حاليا على خلفية العنف الطائفي الذي يضرب ارجاءها والمحاولات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة المرشح لرئاستها اضافة الى عدم ابلاغه لمجلس الرئاسة بها .
المصادر العراقية اعتبرت الزيارة القشة التي قصمت ظهر العلاقات المتأزمة اصلا بين المسؤولين الكبيرين حيث سبق ان وجه طالباني انتقادات لاذعة للجعفري لتحجيمه دور الوزراء الاكراد الستة في حكومته وعدم جديته في تنفيذ المادة 58 من قانون ادارة الدولة التي وضعت اسسا لتطبيع العلاقات في مدينة كركوك المتنازع عليها بين عرب واكراد وتركمان المدينة الشمالية الغنية بالنفط والتي يطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان الذي يحكمونه منذ عام 1991 فيما يرفض التركمان والعرب ذلك . كما المح طالباني في اكثر من مناسبة الى عدم قبول التحالف الكردستاني لترشيح الجعفري لتشكيل الحكومة الجديدة بسبب عدم تعاونه وعدم تمتعه بروح العمل الجماعية وتحويل مكاتب رئاسة الحكومة مقرات لحزب الدعوة الذي يترأسه والذي عين فيه العشرات من "المستشارين" لايملكون من الكفاءات غير انتمائهم إلى الحزب في وقت الح طالباني على ان رئاسة الحكومة يجب ان تكون لكل العراقيين وليس لحزب واحد .. لكن زيارات قام بها الجعفري لاقليم كردستان اواخر العام الماضي ليجتمع مع طالباني في السليمانية ومع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في اربيل لتقديم ضمانات على عزمه تطبيع الاوضاع في كركوك دفعت الاكراد الى التغاضي عن ترشيح الائتلاف الشيعي الموحد الفائز في الانتخابات النيابية الاخيرة له رئيسا لحكومة مقبلة امدها اربع سنوات .
واليوم شهدت العلاقات بين الرجل تأزما اخطر وعلنيا عندما اعترض طالباني على زيارة بدأها صباحا الجعفري الى تركيا وقال انها تؤكد اصراره على نهج الانفراد والتجاوز مؤكدا ان الحكومة العراقية غير ملزمة بما سيتوصل اليه هناك من اتفاقات . وقال طالباني في بيان رئاسي تسلمت " إيلاف" نسخة منه بعد ساعات من مغادرة الجعفري بغداد متوجها الى تركيا "ان رئاسة الجمهورية قد فوجئت بسفر رئيس مجلس الوزراء السيد إبراهيم الجعفري المنتهية ولايته إلى الجمهورية التركية من دون إخبار أطراف الحكومة العراقية التي تتألف وفق المادتين 24 و25 من قانون إدارة الدولة الذي ما يزال ساري المفعول من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئاسة الجمعية الوطنية ورئيس هيئة القضاء الأعلى". واضاف ان زيارة رئيس الوزراء إلى تركيا تتم من دون مراعاة حقيقة أن الوزارة الحالية مهمتها تصريف الأعمال مما لا يعطيها الحق في خوض محادثات مع دول أخرى قد تسفر عن اتفاق أو حتى إصدار بيان مشترك أو مذكرة تفاهم مما قد يفرض على الحكومة العراقية الدائمة التزامات لن تكون قادرة على الإيفاء بها.
واكد الرئيس العراقي قائلا "إننا إذ نعرب عن أسفنا البالغ لهذا القرار الذي لا ينسجم مع تأكيدات السيد الجعفري بأنه سيلتزم ضوابط العمل الجماعي الذي يعكس إرادة الحكومة نرى أنه وقبل أن يحوز ثقة مجلس النواب بالتكليف لرئاسة الوزارة يصر على نهج الانفراد والتجاوز والسعي إلى تكريس سلوك لا يجسد بأي حال الرغبة التي عبرت عنها كل المكونات الوطنية والقوائم الفائزة في الانتخابات في أن تكون الحكومة المقبلة توافقية تشاركيه تعكس إرادة الجميع ". واضاف انه "في ضوء هذا كله فان الحكومة العراقية غير ملزمة بأي اتفاق قد يتوصل إليه رئيس الوزراء مع الجمهورية التركية الشقيقة التي نحرص على إقامة أفضل العلاقات معها على أساس القانون وروابط حسن الجوار".
وتوجه الجعفري الى تركيا وسط انتقادات لمغادرته البلاد حتى من قبل الائتلاف العراقي الشيعي الذي ينضوي تحت لوائه وسط ظروف دقيقة وخطرة تمر بها على ضوء العنف الطائفي الذي يضربها وتواصل المباحثات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة المرشح لرئاستها .
وقالت المصادر ان زيارة الجعفري ستستغرق يومين ويرافقه فيها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة احمد الجلبي ووزراء النقل سلام المالكي والتعليم العالي سامي المظفر اضافة الى عدد من المستشارين حيث ينتظر ان يبحث مع رئيس الحكومة التركية طيب اردغان علاقات البلدين السياسية والاقتصادية وامكانية تزويد تركيا العراق بالطاقة الكهربائية وتوقيع اتفاقيات حول استيراد الغاز وتوسيع التبادل التجاري بالاضافة الى الاوضاع الامنية والسياسية في العراق .
المصادر العراقية اكدت ان زيارة الجعفري ستضيف مصاعب جديدة لقضية موافقة مجلس النواب الجديد على ترشيح الائتلاف له لتشكيل الحكومة وسط هذه الاعتراضات السياسية والقانونية على القيام بها .
وفي رد سريع علي بيان الرئيس الطالباني قال جواد المالكي عضو مجلس النواب الجديد عن قائمة الائتلاف الشيعي والقيادي في حزب الدعوة الذي يتراسه الجعفري نفسه إن زيارة رئيس الحكومة إلى تركيا "زيارة خاطفة.. ولن تتضمن عقد اتفاقيات." وأضاف " أن هذه الزيارة لا تتعارض مع مهمة حكومة الجعفري والتي هي حكومة تصريف أعمال كونها زيارة عادية وفق هذه المهمة.. ولن تتضمن عقد صفقات."
وبحسب قانون ادارة الدولة الموقت والذي استندت اليه كل التشريعات القانونية في العراق فان الحكومة العراقية تتألف بحسب المادتين الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئاسة الجمعية الوطنية ورئيس هيئة القضاء الاعلى. وباعلان النتائج النهائية لانتخابات البرلمان العراقي بداية الشهر الحالي فان الحكومة الحالية بحسب القانون العراقي تعتبر حكومة تصريف اعمال ولحين انعقاد الجلسة الاولى للبرلمان والتي كان متوقعا لها ان تنعقد الجمعة الماضية الا انها اجلت بسبب الاحداث الامنية التي تمر بها البلاد فيما ينتظر ان تشهد الجلسة الاولى للبرلمان التي يتوقع ان تعقد منتصف الشهر المقبل تسمية رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة. وكان الائتلاف العراقي الشيعي الموحد قد سمى الجعفري مرشحه لرئاسة الحكومة القادمة اثر فوزه بالانتخابات البرلمانية بعد ان حصل على 128 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 275 مقعدا حيث يتعين على الجعفري الان الحصول على ثلثي اصوات البرلمان المقبل للاحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة لولاية كاملة امدها اربع سنوات.
واعتبرت المصادر العراقية هذه المواجهة الجديدة لطالباني مع الجعفري خطوة في صالح زعيم الائتلاف الشيعي رئيس المجلس الاسلامي الاعلى للثورة الاسلامية السيد عبد العزيز الحكيم الذي يحتفظ بعلاقات قوية مع الرئيس طالباني حيث انها تضع مصاعب امام موافقة الاكراد على ترشيح الجعفري في مجلس النواب اضافة الى معارضة القوى الاخرى الفائزة وبشكل سيعجز الجعفري معه عن الحصول على الثلثين المطلوبين لرئاسته الحكومة وهو امر يتطلع الى حدوثه الحكيم ليتمكن من ترشيح عضو قيادته عادل عبد المهدي من جديد لرئاسة الحكومة المقبلة بعد فشله في التصويت على الترشيح امام الجعفري منتصف الشهر الحالي بفارق صوت واحد .