زيارة من العيار الفرنسي الثقيل إلى السعودية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
شيراك في الرياض للاقتصاد والقليل عن لبنان
زيارة من العيار الفرنسي الثقيل إلى السعودية
سلطان القحطاني من الرياض: وصل إلى العاصمة السعودية الرياض وفد فرنسي من العيار الثقيل على رأسه الرئيس الفرنسي جاك شيراك برفقة نحو 15 وزيراً وعدد آخر من رجال الأعمال الفرنسيين الذين يبتغون تعميق الروابط الاقتصادية مع الرياض ، في زيارة هي الرابعة من نوعها لشيراك للسعودية تستغرق أياماً ثلاثة ، ويتوقع خلالها ظفر الحكومة الفرنسية بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية أهمها توسيع نوعية التسلح للقوات الجوية السعودية بتزويدها بمقاتلات رافال الفرنسية.
وقد استقبل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز شيراك و الوفد المرافق له واستعرضا القوى العسكرية، ثم توجه شيراك الى قصر الضيافة حيث سيقيم خلال فترة زيارته. وسيشارك الرئيس الفرنسي مساء في عشاء رسمي على شرفه، تليه جولة محادثات اولى مع العاهل السعودي.
وإن كان قصب الأهمية سيؤول إلى الشؤون الاقتصادية وشجونها خلال مباحثات الزعيم الفرنسي مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم ، فإن الملفات السياسة التي تعج به المنطقة المشرقية لن تغيب عن طاولة المباحثات حتى وإن كانت بشكل مبتسر ، إذ سيناقش الطرفان السعودي والفرنسي آخر التطورات في الملف اللبناني الذي تعهداه بالمتابعة منذ اغتيال الحريري في 14 فبراير قبل نحو عام . ويشكل الاقتصاد السعودي المتنامي بفضل فائض العائدات النفطية الذي فتح الآفاق أمام مشاريع جديدة و ضخمة في البلاد الغنية بالنفط ، عامل جذب للشركات الفرنسية التي بدأت مؤخرا الاهتمام بالإمكانيات الهائلة التي تزخر بها المملكة ، معتبرة إياها "فردوس الشرق الأوسط المفقود" عقب تلك الخطوات الاقتصادية التي تعتزم بها الحكومة السعودية الولوج عبرها إلى ساحة التنافسية مع مجاوريها في دول الخليج.
ودلالة على هذا الاهتمام الجديد من قبل فرنسا وشركاتها،اللواتي يمتلكن "عين الذئب" كما رأى محلل اقتصادي لاحظ الاهتمام الفرنسي "الذكي" بالصعود الاقتصادي السعودي ، يصطحب الرئيس الفرنسي جاك شيراك في زيارته ، وفدا اقتصاديا فرنسيا رفيع المستوى خاصة من قطاع الدفاع (داسو وتاليس) والطاقة (توتال) والفنادق (اكور) والصناعة (الستوم) وحتى القطاع المصرفي (بي ان بي باريبا).
ويرى مراقبون أن العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والسعودية منذ ترسيخها عقبل لقاء بين الخليفة الثاني لمؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك فيصل بن عبدالعزيز والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول ليست على مستوى العلاقات السياسية بين البلدين ، حيث هناك ستون شركة فرنسية فقط لديها استثمارات في السعودية بقيمة لم تبلغ الخمسمائة مليون دولار العام الماضي،بينما على صعيد التبادل التجاري، فان حصة فرنسا محدودة جدا وهي في "تراجع" لتصل إلى 3.6% تقريبا كما يقول مختصون.
وحسب وسائل إعلام فرنسية فقد كانت مجموعة داسو أكدت في نيسان/ابريل الماضي أن محادثات تجري مع السعودية بعد أن تحدثت الصحيفة الاقتصادية "ليزيكو" عن مشروع شراء 48 طائرة "رافال" إلى جانب إمكانية الحصول على 48 طائرة أخرى، تبلغ قيمتها الإجمالية ستة مليارات يورو.
و"رافال" التي تعد برنامجا رائدا في الصناعة الدفاعية الفرنسية، طائرة قتالية متعددة الوظائف صممت في بداية الثمانينات وقادرة على القيام بمهمات اعتراضية وهجومية على الأرض والاستطلاع وحتى القصف النووي.
ولم تصدر فرنسا أيا من هذه الطائرات حتى الآن بعد أن اختارت سنغافورة في ايلول/سبتمبر الماضي الطائرة "اف-15" التي تنتجها المجموعة الأميركية بوينغ. لكن "داسو" تعتزم طرح طائرتها في مناقصة هندية. وتحتل فرنسا المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للأسلحة بعد الولايات المتحدة وبريطانيا بـ12% من السوق العالمية لمبيعات الأسلحة. والسعودية من أهم زبائنها.
وأشاد شيراك غداة زيارته للرياض بالدور الذي تلعبه السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي في المنطقة. وقال: "إن المملكة هي عنصر ضروري في الخليج وكذلك في منطقة الشرق الأوسط بأسره"،مشيداً في الوقت ذاته بـ "سياسة الحوار والتهدئة بقيادة الملك عبدالله الحكيمة الذي نعرف جميعاً خبرته ومواقفه المشجعة على الاعتدال".
وقال في حديث نشرته صحيفة الحياة اللندنية الصادرة اليوم:" أعبّر عن سروري بالعودة إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله. إذ أنّ زيارتي الأخيرة في 2 أغسطس (آب) الماضي كانت لحظة تأمل عميق وتكريم، وتقديم تعازي فرنسا إلى الملك عبدالله بعد وفاة المغفور له جلالة الملك فهد. يسعدني أن أعود إلى الرياض من جديد في زيارة دولة برفقة وفد كبير من الوزراء وأصحاب الشركات.تربط فرنسا بالمملكة العربية السعودية علاقات ممتازة رسّخها تاريخ طويل وصلات متينة قائمة على الثقة بين قادة البلدين. فقد كانت فرنسا من أوائل البلدان التي اعترفت بالمملكة حين تأسيسها العام 1932. ووضع اللقاء الذي تم بين الملك فيصل والجنرال ديغول في باريس العام 1967 أسس التقارب الضروري بين أوروبا ومنطقة الخليج. لقد أدرك هذان القائدان أن المصالح المشتركة بين فرنسا والمملكة تبرر تعاوناً طبيعياً وضرورياً".
وأضاف:"منذ تلك الفترة ، تعززت الصلات بين بلدينا بشكل متواصل. وجاء التوقيع على الشراكة الإستراتيجية العام 1996، خلال زيارتي إلى جدة ليتوّج دينامية التقارب. وشملت هذه الشراكة المجالات الدبلوماسية والسياسية، والعلاقات الاقتصادية، والتعاون على الصعيدين العسكري والأمني.كما تضمنت الفصل الثقافي الذي أعتبره جوهريا ويلزمنا تعزيزه. في الواقع، وفي عالم ينحو إلى الشمولية، يتوجّب على كلّ منّا أن يعمّق معرفته بثقافة الآخر. علينا أن نتعلم كيف نعيش سوياّ في ظل الاحترام المتبادل. وليس القسم المكرس للفنون الإسلامية في متحف اللوفر والذي شارك في تمويله بشكل خاص متبرعون سعوديون أسخياء إلا مثالا يحتذى".
وزاد في قوله :"إن المملكة العربية السعودية لاعب أساسي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وسوف تكون زيارتي مناسبة لتأكيد التقارب في وجهات النظر بين فرنسا والمملكة فيما يخص الملفات الحالية الكبرى. والمملكة هي أيضا عنصر ضروري في الخليج طبعاً وكذلك في منطقة الشرق الأوسط بأسره. وهي أيضا شريك عالمي نظرا لدورها في العالم الإسلامي ككل وللموقع الذي تحتله في مجال الطاقة".
ومضى قائلاً:"في مجمل هذه المسائل، تتابع المملكة العربية السعودية سياسة الحوار والتهدئة، بقيادة الملك عبدالله الحكيمة والذي نعرف جميعنا خبرته ومواقفه المشجّعة على الاعتدال. نحن نشارك القادة السعوديين الحرص على أمن واستقرار المنطقة. ومن هذا المنطلق سنتباحث وإياهم في الأوضاع في إيران والعراق و لبنان وسورية وعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
مشروع "ميكسا" لمراقبة حدود السعودية "سيتقدم" خلال زيارة شيراك
من جهة ثانية قال مدير عام مجموعة "تاليس" الفرنسية للتجهيزات الدفاعية الالكترونية دوني رانك اليوم ان المحادثات مع السعودية حول تزويدها بنظام "ميكسا" لمراقبة حدودها "ستتقدم" خلال زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى الرياض. وقال رانك في مؤتمر صحافي عقد في اعقاب ندوة حوارية في مقر الادارة العامة السعودية للاستثمارات "سوف يتم التطرق الى هذا الملف". واضاف "ان المحادثات ستتقدم ولكن يبقى ان نرى الى اي مدى ستتقدم". وردا على سؤال حول ما اذا سيتم التوصل الى اتفاق حول بيع هذا النظام للسعودية خلال زيارة شيراك، قال رانك انه يستبعد ذلك.
وكان الناطق باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون اكد الخميس ان مشروع "ميكسا" (الاحرف الاولى من وزارة داخلية المملكة السعودية بالانكليزية) سوف يتم "التطرق اليه" خلال زيارة شيراك الذي وصل لتوه الى السعودية. ويمثل مشروع "ميكسا" صفقة تبلغ قيمتها حوالى سبعة مليارات يورو على مدى 12 عاما لصالح مجموعة الصناعات الدفاعية الالكترونية "تاليس".
ويقضي الاتفاق بتسليم المملكة 225 جهاز رادر لكشف اي تسلل بري او بحري او جوي على امتداد الحدود السعودية التي يبلغ طولها خمسة آلاف كيلومتر، خصوصا مع العراق واليمن، وشبكة اتصالات وطائرات استطلاع وحوالى عشرين مروحية.
وكان مدير عام "تاليس الدولية" اعلن في كانون الاول(ديسمبر) 2004 ان هذا المشروع "موضوع على النار منذ 1994".
وكانت "تاليس" وقعت عام 1994 على عقد لتجهيز ثلاث فرقاطات للسعودية، وهي توظف حاليا في السعودية 500 شخص بينهم 150 اجنبيا.
ومشروع "ميكسا" هو احد عقدين محتملين سيتم التطرق اليهما خلال زيارة شيراك التي تستغرق ثلاثة ايام، الى جانب صفقة لبيع طائرات "رافال" التي تصنعها شركة "داسو". واكد بونافون في حديثه الخميس انه "من غير المتوقع اقامة مراسم لتوقيع اي اتفاق خلال الزيارة".