أخبار

إلزام الكنيسة القبطية بالسماح للمطلقين بالزواج

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ردود فعل متباينة داخل المجتمع القبطي
إلزام الكنيسة بالسماح للمطلقين بالزواج


نبيل شرف الدين من القاهرة : أثار حكم محكمة القضاء الإداري في مصر بإلزام الكنيسة القبطية بالتصريح للمسيحيين بالزواج بعد حصولهم على أحكام قضائية بالطلاق ردود فعل واسعة، فبينما أعلن ممدوح رمزي محامي البابا شنودة الثالث أن الحكم "صعب التنفيذ لانه يصطدم مع مفهوم المسيحية المدون، والذي لا يعترف بالتطليق الا في حالتي الزنا، وبطلان عقد الزواج"، وأضاف "بالتأكيد سنطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا" .

من جانبه قال د. نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان إن لهذا الحكم تداعياته الخطيرة على المجتمع القبطي، وأكد أن الحكم غير قابل للتنفيذ لأنه يصطدم بثوابت العقيدة المسيحية، باعتبار أن الكنيسة الأرثوذكسية القبطية لا تبيح الطلاق سوى في حالتي الزنا وبطلان عقد الزواج، موضحاً أن عقد الزواج يبطل إذا تضمن بيانات غير صحيحة أدلى بها أحد الزوجين، أو اذا ثبت أن الزوج عاجز جنسياً ولا يرجى طبياً أي أمل في شفائه .

حظر الزواج
وقال مصدر قضائي مصري إن مواطناً مسيحياً حصل على حكم بالطلاق، ويدعى عاطف يوسف أقام دعوى قضائية ضد البابا شنودة الثالث، والمجلس الملي، طلب فيها إلزام الكنيسة بالتصريح له بالزواج مرة أخرى بعد حصوله على حكم قضائي بالطلاق، فقضت محكمة القضاء الإداري بإلزام الكنيسة بالتصريح له بالزواج مرة أخرى، وقالت انها بهذا الحكم قد "أرست مبدأ قضائيا هاماً يلزم الكنيسة بالتصريح للمطلق بحكم قضائي بالزواج"، واضافت أن الكنيسة يجب أن تصرح بزواج المطلق ما لم ينص الحكم الصادر بطلاقه على حظر الزواج .

كما يترتب على هذا الحكم عدة حقوق غير مسبوقة، أهمها حق المُطلق والمطلقة في الزواج، ما لم يقض حكم التطليق بحظر الزواج، وانتهت المحكمة إلى حق المطلق في طلب التصريح له بالزواج مجدداً .

ويذكر أن مسألة الطلاق لدى المسيحيين الأرثوذكس الأقباط من المسائل الشائكة، وشهدت سجالات قانونية واجتماعية واسعة خلال السنوات الماضية وعرف عن البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة القبطية تشدده في هذا الأمر، إذ نادراً ما سمح بالطلاق إلا في حالات تعد على أصابع اليد الواحدة، وكانت أدلة هؤلاء من الوضوح بما لا يمكن تجاهلها، فضلاً عن قدرتهم على إثارة قضاياهم داخل أوساط الاكليروس والمجتمع القبطي من جهة، والرأي العام عموماً من جهة أخرى .

وبينما عبر بعض الأقباط الذين تحدثت معهم (إيلاف) عن سعادتهم وإن كان ذلك على استحياء، نافين قدرتهم على المجاهرة بآرائهم علانية، لكنهم أكدوا أن حرمان أي شخص من الزواج بعد فشل زيجته الأولى هو أمر غير مستساغ، ويفتح أبواباً كثيرة للزلل والخطيئة ويمزق شمل المجتمع بحسب رؤيتهم .

لكن أوساطاً قبطية أخرى أبدت مخاوفها من تداعيات هذا الحكم قائلة إنه "قد يفتح الباب لكل من هب ودب، ولكل من يريد أن ينال من الكنيسة ورئاستها، أو يبحث عن دور، أن يقيم دعوى بإلغاء القداس أو تقليل مدة الصيام أو تزويج الأساقفة والرهبان أو غير ذلك مما يصطدم بالجوانب العقدية الثابتة لدى المسيحيين .

ومن المقرر أن تحسم هذه المسألة بشكل نهائي المحكمة الإدارية العليا باعتبارها المحكمة الاعلى درجة في القضاء الاداري المصري، وبامكانها نقض الحكم، أو وقف تنفيذه لحين إعادة النظر في الدعوى .

تداعيات الحكم
واستعرض القاضي السابق د. نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري تداعيات هذا الحكم القضائي، وآثاره على المجتمع القبطي في عدة نقاط هي :

أولاً : أن نظام الزواج عند المسيحيين هو نظام ديني وليس عقداً مدنياً بمعنى أن أي عقد يمكن أن يفسخه طرفاه في حالة إخلال أحدهما بشروطه أو بأتفاق أفراده بينما عقد الزواج في الديانة المسيحية وبالأخص بالمذهب الأرثوزوكسي هو مكون من ثلاثة أطراف الرجل والمرأة ثم حلول ثالثهما وهو الروح القدس ومن ثم لا يجوز فسخ هذا العقد إلا باستئذان الطرف الثالث وهو الله سبحانه وتعالى لذلك سمي عقد الزواج في الديانة المسيحية بسر الزيجة والله هنا لا يأذن بفسخ هذا العقد إلا غي حالة الزنا وسوء السلوك أو الخروج عن شريعته لذا يبدو أن الأمر قد أختلط على من قدم هذه الدعوى أمام القضاء وصدر حكم بهذا الشأن.
ثانياً : أنه تبعاً لما تقدم في النقطة الأولى وإذا كان الزواج لدى المسيحيين هو سر مقدس مثل سر العماد أو المايرون ومن ثم لا يجوز لأي جهة قضائية أو غير قضائية أن تبحث هذا الموضوع أو تتغلغل فيه.
ثالثاً: أن أحكام القضاء وخاصةً أحكام محكمة النقض وهي أعلى محكمة في مصر والتي تعد أحكامها مبادئ قانونية قد أستقرت على أنه لا يجوز للجهة القضائية التغلغل أو البحث في الأعتقاد أو العقيدة وهي مسائل بحكم القانون تركت للجهات الدينية وشأنها وأنما للقضاء فقط أنت يبحث المظاهر الخارجية والرسمية ومن ثم فالطعن على هذا الحكم سوف يجعل القضاء أن يكون بمنأى عن نظر مسائل الأعتقاد الديني طبقاً لما أستقرت عليه أحكام محكمة النقض.
رابعاً : أنه من المعروف والمستقر عليه قانوناً أن الحكم ينفذ بمنطوقه بمعنى أن الحكم الصادر بتطليق شخص ما زوجاً أو زوجة يصدر على النحو التالي " حكمت المحكمة بتطليق فلان من فلان .." فقط ولا يشمل هذا المنطوق إلزام الجهة الدينية بتزويج الطرف المطلق أو الطرفين فكيف تلزم الكنيسة بتنفيذ شئ لم يرد في منطوق حكم الطلاق سيما أنه ليس بلازم أن من يحصل على حكم طلاق يستلزم حتماً تزويجه فكثير ممن يحصلون على أحكام بالتطليق أنما يبغوون مجرد أنفصال الرابطة الزوجية المدنية بحسب.
خامساً : أن العبرة في الأحكام هي بتنفيذها وإلا أصبحت حبراً على ورق وفي قراءة لحكم محكمة القضاء الإداري الأخير بإلزام البابا بأعطاء تصريح زواج للمطلقة هو حكم يستحيل تنفيذه لأسباب قانونية لأنه عتد الأمتناع عن تنفيذ أي حكم يعزل من يمتنع ويحبس شريطة أن يكون هذا الممتنع موظفاً عاماً بعد أعزاره، كما أن البابا ليس موظفاً عاماً ومن ثم يستحيل تنفيذ هذا الحكم قبله .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف