المهاجرون تحولوا من المغرب الى موريتانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
المهاجرون تحولوا من المغرب الى موريتانيا
وفد إسباني في نواكشوط لبحث موضوع الهجرة السرية
سكينة أصنيب من نواكشوط: لا شيء سيثني الأفارقة عن تحقيق حلمهم بدخول الأراضي الاسبانية مهما كانت نتائج تلك المغامرة ومهما شددت الدول من مراقبتها على الحدود، بعد المغرب كان دور موريتانيا لتشهد بدورها منذ فترة بحكم موقعها الاستراتيجي الرابط بين افريقيا وأوروبا، موجة من الهجرة السرية المنظمة، راح ضحيتها العديد من الأفارقة والآسيويين المرشحين للهجرة، بين مفقود في أعماق الصحراء أو ميت في أعالي البحار. ويعود السبب الرئيس لتعدد محاولات الهجرة انطلاقا من السواحل الموريتانية نحو جزر الكناري الاسبانية في الفترة الأخيرة الى نجاح الجهود المغربية في تشديد مراقبتها على السواحل الشمالية القريبة من اسبانيا أو الجنوبية المقابلة لجزر الكناري.
وقد تمكنت قوات البحرية الموريتانية يوم الجمعة الماضي من إلقاء القبض على 24 مهاجرا سريا على بعد200 كلم في عمق البحر قبالة سواحل نواكشوط بعد تعطل الزورق الذي كان يقلهم في اتجاه اسبانيا وبقائهم 11 يوما هائمين في عرض البحر. وكانت هذه المجموعة المكونة من 14 مهاجرا ماليا و6 موريتانيين و3 سينغاليين وغامبي واحد قد أبحرت من مدينة انواذيبو (أقصى الشمال) منذ 11 يوما في اتجاه السواحل الاسبانية قبل تعطل الزورق.
ولقي 24 مهاجرا غير شرعي حتفهم يوم الخميس الماضي قبالة السواحل الموريتانية بعد ما كانوا يحاولون سرا الوصول إلى جزر الكناري الإسبانية تحت جنح الليل. وذكرت السلطات الإسبانية التي أعلنت عن النبأ، أن سفينة إنقاذ إسبانية قامت بانتشال الجثث بعد العثور عليها طافية على سطح البحر، وأضافت أن مجموعة المهاجرين السريين انطلقوا من السواحل الموريتانية في محاولة للوصول إلى جزر الكناري التي تبعد 400 ميل بحري (740 كلم) جنوبا عن الشواطئ الموريتانية.
وبعد الضجة التي أثيرت في اسبانيا والتي تحدثت عن وجود نصف مليون مهاجر إفريقي في موريتانيا يحاولون الهجرة زار نواكشوط مؤخرا وفد اسباني رفيع المستوي برئاسة برناردينو ليون كروس كاتب الدولة للشؤون الخارجية وعضوية آنتونيو كاماشو فيزكاينو كاتب الدولة لشؤون الأمن.
وقد عقد الوفد الاسباني مع وزراء موريتانيين مكلفين بملف الهجرة اجتماعا هو الأول من نوعه جاء بعد سلسلة حوادث الهجرة السرية التي كانت الشواطئ الموريتانية منطلقا لها. وضم اللقاء عن الجانب الموريتاني وزراء العدل والخارجية والداخلية. وقال محمد احمد ولد محمد الأمين وزير الداخلية الموريتاني ان بلاده وضعت استراتيجية وطنية تشمل انشاء لجان جهوية لمكافحة الهجرة السرية ومراقبة الحدود البرية والبحرية والقيام بحملة تحسيس واسعة تشارك فيها الصحافة المستقلة ووسائل الإعلام الرسمية والدولية، مؤكدا أن مشكل الهجرة لا ينحصر فقط في الجانب الامني وانما هو كذلك مشكل اقتصادي واجتماعي تفرضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية لضحايا الهجرة السرية.
فيما أكد برنارديو ليون كاتب الدولة للشؤون الخارجية الاسباني استعداد بلاده والاتحاد الاوروبي لدعم موريتانيا في سعيها لمكافحة ظاهرة الهجرة السرية عبر تكوين مختصين موريتانيين في مجال الرقابة ودعم الأجهزة الموريتانية المكلفة بمكافحة الهجرة بوسائل مادية تمكنها من التصدي لهذه الظاهرة.
وأوضح المسؤول الاسباني عقب استقبال من طرف الرئيس الموريتاني علي ولد محمد فال أن "تقديرات الطرفين ايجابية جدا وقد مكنتنا هذه اللقاءات من الوقوف على الرؤية المشتركة بين موريتانيا واسبانيا وسنعمل على تطوير الآليات والتعاون الثنائي"، مشيرا إلى "ان موريتانيا حاليا تشكل منطقة عبور للكثير من الاشخاص الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لهذه المغامرة في عرض البحر". وأشار كاتب الدولة الاسباني إلى أن بلاده ستقيم أنظمة مراقبة لمواجهة هذه الظاهرة بالتعاون بين الاتحاد الاوروبي وموريتانيا".
وخلال الزيارة اطلع الوفد الاسباني على أوضاع المحتجزين في مركز الإيواء المعد للمضبوطين في محاولات الهجرة السرية، والذين بلغ عددهم 176 موقوفا كما عاين في ميناء الصيد التقليدي الزوارق والماكنات وكميات البنزين المضبوطة بحوزة هؤلاء في الأيام الأخيرة. كما تم على مستوى مدينة انواذيبو التي تعد المنطلق الوحيد لهؤلاء المهاجرين تشكيل لجنة جهوية تعمل على محاربة الهجرة السرية وتنظيم حملة تحسيسية تحارب هذه الظاهرة.
وتقول موريتانيا إنها وظفت وسائل كبيرة لمكافحة الهجرة السرية تجلت نتائجها في ترحيل 1397 افريقيا و347 أسيويا حسب المعايير الدولية لحقوق الانسان، كما أنها احبطت في ولاية داخلت انواذيبو شمال البلاد خلال شهر شباط (فبراير) الماضي حوالي 600 محاولة هجرة سرية الى اوروبا كما انقذت مئات الاشخاص في أعالي البحار من الموت المحقق .
حيث تقوم الاستراتيجية الموريتانية لمكافحة الهجرة السرية على عدة نقاط تصب كلها في محاربة هذه الظاهرة التي أصبحت تفرض نفسها بقوة البلاد، وتشمل هذه النقاط تنسيق الأنشطة المتعلقة بالهجرة السرية، وتنشيط الوسائل البشرية والمادية لمكافحة الهجرة، وتعزيز قدرة مصالح الرقابة والتفتيش، وبناء مركز استقبال للهجرة السرية، والبحث عن شبكات التهريب السرية، وتبادل المعلومات بين الفاعلين المعنيين بالهجرة السرية، وانشاء صندوق لدعم المصالح المكلفة بمكافحة الهجرة السرية.
وكان ميغل أنخيل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا قد أكد عزم بلاده على إنهاء مشكلة الهجرة السرية التي ظهرت مؤخرا بين اسبانيا وموريتانيا "بصورة عاجلة وبالكيفية نفسها التي تم حل المشكلة المماثلة بين إسبانيا والمغرب". وكشف موراتينوس، أنه أجرى مؤخرا اتصالا هاتفيا مع الرئيس الموريتاني علي ولد محمد فال وأعرب له عن قلق بلاده من تنامي ظاهرة الهجرة السرية التي اتخذت موريتانيا منطلقا لها.
وعزا موراتينوس ظهور الهجرة السرية أخيرا بين بلاده وموريتانيا إلى نجاح الاستراتيجية المشتركة التي اتبعها المغرب وإسبانيا اللذان أحكما المراقبة، واصفا مزاعم المعارضة اليمينية كونها مبالغا فيها إذ تتحدث عن وجود حوالي 500 ألف مهاجر سري فوق الأراضي الموريتانية يتحينون الفرصة للإبحار نحو الشواطئ الإسبانية.
وينطلق هؤلاء المهاجرون من عدة دول جنوب الصحراء وخاصة من غانا وساحل العاج وغامبيا وليبيريا ويدفعون مبلغ ألف يورو لسماسرة التهجير مقابل إيوائهم ونقلهم الى أراضي الاتحاد الاوروبي في قوارب باتت تعرف بـ"قوارب الموت" نظرا لما تسببه من كوارث بشرية كان آخرها قد أسفر عن غرق 56 شخصا قبالة السواحل الموريتانية قبل عشرة أيام.