ايران: التدخل العسكري كخيار لحل الأزمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: هلاخفاق الجهود الدبلوماسية الحالية في حمل ايران على وقف انشطة تخصيب اليورانيوميعني اللجوءفي مرحلة قادمة الى الخيار العسكريأي شن ضربات جوية ضد المنشآت النووية الايرانية بواسطة الولايات المتحدة او اسرائيل.الولايات المتحدة لها القدرة على دلك بواسطة صواريخ كروز او قاذفات "بي-2 استيلث" المزودة بقنابل موجهة بواسطة الاقمار الاصطناعية. غير ان المنشآت النووية الايرانية تبدو موزعة في انحاء البلاد، كما ان بعضها موجود في اعماق الارض، ما يعني ان الضربات الجوية يجب ان تكون قوية وواسعة النطاق. اسرائيل قد تكون قادرة على شن ضربات مماثلة، فقبل وقت قصير اشترت اسرائيل من الولايات المتحدة قنابل قادرة على اختراق الملاجيء المحصنة.
لكن لا احد من المنخرطين في الجهود الدبلوماسية مع ايران يقول ان تلك الخيارات مطروحة الآن في هذا الوقت. بيد ان الرئيس الامريكي جورج بوش اشار بوضوح الى ان بلاده لن تسمح بامتلاك ايران اسلحة نووية. ومن المحتمل انه يتعامل مع البرنامج النووي الايراني بوصفه تهديدا، على الرغم من ان طهران كررت التأكيد غير مرة بأنها لا تنوي صنع قنبلة نووية وانها تحتاج فقط الى الطاقة النووية للاستخدامات السلمية المسموح بها بموجب معاهدة منع الانتشار النووي.
وكان نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني قال العام الماضي إن اسرائيل ربما تقوم بعمل عسكري بمفردها "ثم تدع بقية العالم يقوم بتجميع العملية الدبلوماسية عقب ذلك". اما جون بولتون احد كبار الصقور في الادارة الامريكية، ومندوب الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة، فقد حذر ايران مؤخرا من "عواقب مؤلمة" ومن أن الولايات المتحدة ستستخدم كل الوسائل المتاحة لديها ضد ايران مالم توقف برنامجها النووي. وفي المحصلة النهائية، فان الولايات المتحدة ربما تقترب مما يسمى على نطاق واسع "لحظة ماكين"، وهو تعبير يشير الى جملة اطلقها السيناتور جون ماكين قبلا واشار فيها انه ليس هناك ما هو اسوأ من اللحظة التي تختبر فيها واشنطن الخيارات العسكرية.
مهما يكن من امر، فان الازمة تبدو اكبر من ذلك بكثير، لان ايران قد لا تصبح دولة تمتلك اسلحة نووية، بل دولة تمتلك قدرات نووية فقط. فاذا لم تتحول ايران الى المسار النووي العسكري، وهو مسار تقول انها لا ترغب فيه، فان حكومات كثيرة ستجادل بأن ايران يحق لها امتلاك التكنولوجيا النووية، وانه ينبغي السماح لها بتخصيب اليورانيوم تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ووفقا لتوازنات القوى في مجلس الامن، فلا يبدو ان المجلس قادر على عمل الكثير فيما يتعلق بفرض عقوبات دولية على ايران، خاصة بسبب معارضة روسيا والصين. وقد يكون سرا ان الولايات المتحدة واسرائيل اعدتا خططا عسكرية سرية لشن ضربات ضد ايران، وهذا الامر قد لا يكون مفاجئا، لأن معظم الجيوش تعد مثل تلك الخطط في معظم الاحوال.
وكانت اسرائيل شنت في يونيو/حزيران عام 1981 ضربة على مفاعل تموز النووي العراقي، الى الجنوب من بغداد، وقد تم اعتبار تلك الضربة نموذجا لما يمكن ان يحدث مع ايران هذه المرة. غير ان تلك الضربات تثير الاسئلة بشأن جدوى تلك الضربات وتأثيراتها على المدى الطويل. فالضربة الجوية الاسرائيلية ضد المفاعل العراقي قد تكون دمرت ذلك المفاعل، الا انها دفعت العراق الى تطوير قدرات نووية في السر. وقد يجادل الاسرائيليون بأن تلك الضربة تسببت في عرقلة المساعي العراقية، وانها اثبتت بأنها كانت حاسمة في الخصوص، الا ان التاريخ قد لا يعيد نفسه كل مرة.
فايران على سبيل المثال، يمكنها ببساطة الانسحاب من معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، والتوجه مباشرة نحو تطوير برنامجها النووي في الاتجاه العسكري، وهذا الامر قد يهيئ الساحة من اجل شن المزيد من الضربات ولفترة زمنية اطول. وقد تقوم ايران بالانتقام من الولايات المتحدة عبر استهداف مصالحها في العراق والخليج، كما قد تستخدم حزب الله في جنوب لبنان لشن هجمات على اسرائيل، والمنطقة قد تشتعل على الأثر.
وبسبب كل هذه الاسباب، ودون شك بسبب تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق، فان الخيار العسكري لا يحتل مكان الصدارة في قائمة الاولويات الامريكية. لكن مجموعة صغيرة من المحللين والخبراء تعتقد ان الامور ستتجه في النهاية نحو الخيار العسكري.
ويقدم مقال كتبه المراسل العسكري المخضرم سيمور هيرش ونشر في مجلة "نيويوركر" عام 2005، اشارات تعزز تلك القناعة. ونسب هيرش الى مسؤول رفيع المستوى في اجهزة الاستخبارات قوله :" في الخطوة التالية سيكون لدينا الحملة الايرانية. لقد اعلنا الحرب، والاشرار اينما كان مكانهم سيكونون خصوما لنا". يقول المسؤول ان "الحرب" ربما لا تكون على هيئة غزو وانما حملة تقودها الولايات المتحدة على امل تغيير النظام في ايران وربما تشمل ضربات جوية اذا تطلب الامر. وعلى الضفة الاخرى من الاطلسي، يتوصل دان بليستش الباحث في مدرسة لندن للدراسات الشرقية والافريقية الى نتيجة مماثلة. فهو يعتقدان الولايات المتحدة قادرة على تدمير البنية التحتية الايرانية.
لكن كل ذلك لا يعني بأن الضربات العسكرية ستحدث، غير انها تعني ان النقاش بشأنها قد بدأ.