برودي لتنشيط السياسة الخارجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
روما : مع اعلان نتائج الانتخابات التشريعية الذي جاء في ختام حملة انتخابية شرسة يستعد تحالف اتحاد يسار الوسط المعارض بزعامة رومانو برودي لقيادة حكومة ايطالية جديدة قد تتجه لتغيير ملامح السياسة الخارجية الايطالية المقبلة.
وشدد برودي زعيم تحالف يسار الوسط الذي قاد حكومة بلاده بعد نصره الأول على بيرلسكوني عام 1996 على ان وضع ايطاليا ودورها داخل الاتحاد الأوروبي يعد مصيريا على المستوى الاستراتيجي وخاصة في اطار الواقع العالمي الحالي الذي يتجه نحو تغيرات تاريخية عظمى ببروز وزن آسيا بعملاقيها الصين والهند.
ويؤمن خليفة بيرلسكوني أن أوروبا تمر بمرحلة حرجة تستدعي استئناف الدفعة الاولية التي غيرت من تاريخ القارة القديمة وانتقلت بها من ساحة للحروب والصراع الدائم الى آفاق الاستقرار والرخاء وهو من هذا المنظور يتهم بيرلسكوني بالمساهمة في شق الصف الاوروبي وحقن الفتور في شرايين التعاون الاوروبي.
ويرى برودي والتحالف السياسي الذي يتزعمه وهو من أحزاب تضرب جذورها في الحياة السياسة الايطالية التقليدية التي أفررتها الحرب العالمية الثانية أن بيرلسكوني الذي يقود قوى وأحزاب غريبة عن عقيدة ايطاليا في السياسة الدولية "همش دور ايطاليا التقليدي في أوروبا والذي انطلقت منها بذرة عملية التكامل والتوحيد التي انتهت الى الاتحاد الأوروبي الحالي".
ومن هذا المنظور الاستراتيجي الذي مثل أحد الثوابت في السياسة الخارجية الايطالية وفي اطار نظرة أوسع للعالم وللتطورات الجوهرية التي تعتريه وبروز النهضة الآسيوية يتفق برودي مع الاتجاه نحو عودة البحر المتوسط الذي تنغمس شبه الجزيرة الايطالية في مياهه كبؤرة العالم وطريق التجارة العالمية ومستودع الطاقة الحيوية في العالم.
وشرح برودي بوضوح في لقاء عقده بالصحفيين الاجانب الأربعاء هذا المفهوم بالتأكيد على أن محور السياسة الخارجية الايطالية يمتد من أوروبا الى المتوسط الذي اعتبره حيويا ومصيريا بالنسبة لبلاده ولكامل أوروبا بل وللسلام العالمي كله.
ورغم الاتهامات التي حفل بها الجدل السياسي في ايطاليا بوجود نزعة معادية للولايات المتحدة لدى برودي وحلفائه أكد رئيس الوزراء الايطالي المقبل على استرايتجية التحالف الأوروبي الأمريكي الجوهري لضمان الأمن والسلام لكلاهما وللعالم. واعتبر أن صداقة بلاده للولايات المتحدة "ليست موضع نقاش" وأن معارضته للحرب على العراق كانت حول الأسلوب الذي اعتبره خاطئا واسفر عن نتائج عكسية لكنه وضح أن علاقة ايطاليا مع الولايات المتحدة يجب أن تكون في الاطار الأوروبي بين ندين لمصلحة الطرفين. وفي هذا السياق شدد على ضرورة تفعيل دور ايطاليا داخل أوروبا من ناحية وداخل المتوسط والشرق الأوسط من أجل ضمان الأمن والسلام عبر التعاون والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في بلدان المنطقة.
وفي اجابة على سؤال آخر حول موقفه من القضايا الساخنة في المنطقة انتقد برودي اللجنة الرباعية الدولية التي "لم تقم بدور فعال في ظل دور أوربي ثانوي لحل القضية الفلسطينية التي أكد على جوهريتها من أجل احلال الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة والعالم". ونوه الى اعتقاده بامكانية تعايش دولتين فلسطين واسرائيل وأن ثمة مساحة للحوار السياسي منبها الى ضرورة وجود ايطاليا أكثر توازنا وفعالية داخل دور أوروبي نشط وفعال.
وفيما عبر عن معارضته لفرض عقوبات على أي بلد بسبب ما تسفر عنه العملية الانتخابية قال "ان حكومته المقبلة تعترف بالحكومة الفلسطينية ولكنها تنوي في هذه المرحلة على الأقل اتباع الخط الاوروبي" الذي ناقشه مع مسؤول الأمن والخارجية خافيير سولانا حوله مشيرا الى مشكلات تتعلق باعتراف حماس باسرائيل والقبول بالاتفاقات السابقة وموضع العمل المسلح.
وحول موقفه من العراق جدد برودي التأكيد على سياسة تحالفه في الاسراع بسحب القوات الايطالية في أسرع وقت على أن يتم ذلك بالتفاهم مع الحكومة العراقية لضمان سلامة الجنود وأمن السكان موضحا أن ذلك لا يعني تخلي ايطاليا عن مساعدة العراق في الوصول الى الاستقرار واعادة البناء. وأعلن في هذا الصدد أن حكومته التي توقع تشكيلها في مايو المقبل ستبادر بارسال بعثات مدنية للمساهمة الفعالة في مساعدة الحكومة العراقية على بناء مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية.
وعلى صعيد الازمة المحتدمة مع ايران حول ملفها النووي شدد على ضرورة مواصلة الجهود الدبلوماسية وأكد رغبته في العودة بايطاليا التي ترتبط بعلاقات اقتصادية هامة مع طهران الى اللجنة الاوروبية للمساهمة في عملية. ومن هذا المنطلق ومن واقع الجغرافية السياسية ينتظر أن تندفع حكومة برودي من أجل تدفئة العلاقات مع البلاد العربية والعودة الى التوازن والواقعية في التعامل مع القضايا الرئيسية في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ثم الاصلاحات السياسية والاقتصادية وتحقيق منطقة التجارة الحرة التي تنشدها ايطاليا.
وفي اجابة طريفة لرئيس الحكومة الايطالية المقبلة عن سؤال حول الخصائل التي ستميز سياسته الخارجية لاستعادة صورة ايطاليا بعد خمس سنوات من حكم بيرلسكوني قال "أولا الأدب وثانيا المصداقية".
و قد اعلن البيت الابيض انه سيتعامل كما في السابق مع الحكومة الايطالية الجديدة ايا تكن.وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان "اعتقد اني اعرف ان الانتخابات قد تسببت في جدل على غرار ما حصل" في الولايات المتحدة. وكان يشير الى معركة النتائج في الانتخابات الرئاسية الاميركية في 2000.لكنه اضاف ان ايطاليا شريك قوي وحليف صديق، وأن هذا لن يتغير.في حين رفض التعليقعلى النتائج.