أخبار

نواب مفلسون يواصلون التحدي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أسامة العيسة من القدس: حتى قبل أيام كان محمود الخطيب، النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، يتنقل من مخيم اللاجئين الذي يسكن فيه، إلى مكتبه، بسيارات المواصلات العامة (السرفيس) وكان يدفع 2 شاقل (الدولار: 4.60 شاقل) ولكن مع استمرار عدم صرف الرواتب، اخذ ينتظر الحافلة (الباص) ليدفع 1.5 شاقل، ويوفر نصف شاقل، بسبب الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.

وقال الخطيب لايلاف بأنه لم يتقاضى راتبا منذ أربعة اشهر، وانه مثل معظم النواب الجدد في المجلس التشريعي الفلسطيني الذين جاءوا من مخيمات اللاجئين أو من طبقات فقيرة، لا يجدون الان مصروفهم اليومي، ومع ذلك فانهم يواصلون تحدي ما يصفونه مؤامرة لإفشال تجربة حركة حماس في قيادة السلطة الفلسطينية. ويحظى الخطيب الذي لم يكمل الثلاثين عاما، باحترام كمسؤول نظيف اليد، وهو اصغر أعضاء المجلس التشريعي سنا في الضفة الغربية.

وأشار الخطيب إلى أن الأزمة المالية استفحلت، ورغم ذلك كما يقول يصر النواب على أن يكونوا آخر الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم.

وبالنسبة لنواب المجلس التشريعي فان فترة من التقشف قد بدأت فعلا، ومنذ بداية شهر نيسان (ابريل) الجاري تم إلغاء اتفاقية مع إدارة فندق الستي إن الحديث في مدينة البيرة، والذي كان النواب يقيمون فيه خلال وجودهم في مدينة رام الله لحضور الجلسات. وقال النائب أنور زبون لايلاف "الأسعار غالية في هذا الفندق، والنائب يتقاضى مبلغا مقطوعا عن كل جلسة للمجلس التشريعي يحضرها، وهو مبلغ متواضع، مطلوب أن يسد احتياجات الغذاء والنوم، وهو لا يكفي".

وفي حين اقدم بعض النواب على استئجار شققا في مدينتي رام الله والبيرة، فان معظم النواب المفلسين، يتدبرون إقامتهم في مدينة رام الله، بالنوم لدى أقربائهم أو معارفهم، بطريقة وصفها الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي بحياة البدو الرحل.

وفيما اعتبره البعض تراجعا عن وعود انتخابية، أعلن عدد من نواب حركة حماس رفضهم لاقتراح تقليص راتب النائب من ثلاثة الاف دولار إلى النصف. وقال النائب زبون "لا نعتقد بان رواتب النواب هي المشكلة، ونحن لم نعد بتقليصها إلى النصف، ما حدث أن الأخ مشير المصري أعلن ذلك، خلال الحملة الانتخابية، وعندما راجعناه قال بأنه موقف ورأي شخصي". وأضاف زبون "ما يجب أن يعرفه الرأي العام، أن النائب بعد الحسومات الضريبية يتقاضى نحو 2700 دولار، تصرف له حسب السعر الرسمي، وهو مبلغ غير كاف للنائب".

ويشير زبون إلى انه شخصيا وبعد أن اصبح نائبا زادت مصاريف سيارته، من الوقود، وأيضا فاتورة الهاتف النقال، ويقول بان على النائب مسؤوليات اجتماعية مثل حضور مناسبات تتطلب التبرع بمبلغ مالي، ومصاريف أخرى كثيرة، لهذا فهو يعتقد أن راتب النائب قليل. ويقول زبون، بان زملاء له في كتلة حماس يخالفونه الرأي، وسيتم دراسة هذا الموضوع داخل الكتلة بشكل مستفيض، وهو يؤيد تقليص بنسبة معينة في راتب النائب.

ويؤيد النائب الخطيب ذلك أيضا، قائلا بان إسماعيل هنية رئيس الحكومة أعلن انه سيتبرع بنصف راتبه، بالإضافة إلى مبادرات أخرى من نواب آخرين، وهي ملزمة لهم، ولكنها لا تعتبر قرارا لحركة حماس. ويشير زبون إلى أن النواب الجدد اتخذوا خطوات تقشفية قد تكون أهم من مسالة الراتب مثل تنازلهم عن تخصيص سيارات جديدة لهم، وفقا للقانون، وهذا وفر على الخزينة نحو 2.6 مليون دولار. ويضحك زبون قائلا "المهم الان أن نستلم رواتبنا، منذ أربعة اشهر لم يدخل إلينا أي مبلغ".

وليس فقط النواب الذين لم يستلمون رواتبهم، ولكن أيضا الوزراء، وبعضهم لم يعد له مصدر دخل غير وظيفته، لانهم جاؤوا من مؤسسات أكاديمية كانوا يدرسون فيها، واستقالوا منها بعد تسلمهم مهامهم الوزارية.

ولم يستلم محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية، أيضا راتبه، ولكن لم تظهر الأزمة في مكتبه، بسبب وجود مخصصات ثابتة من ميزانية السلطة كمصاريف للمكتب وموظفيه، كان توصف بأنها باهظة.

وتعهد إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية، بان يكون آخر شخص يستلم راتبه، وما زال يقيم في منزله بمخيم الشاطئ في مدينة غزة، ورفض كما قال أن يكلف خزينة الدولة أية مبالغ إضافية، وهو ما قاله أيضا الدكتور الدويك رئيس المجلس التشريعي الذي قارن بين وضعه ووضع سلفه روحي فتوح، الذي كان يملك منزلين في رام الله وفي رفح ولديه 32 مرافقا.

وفي حين لم تبدو الأزمة المالية ظاهرة على نواب حركة فتح، انتقد نبيل عمرو، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ما وصفه بالتقشف الاستعراضي لنواب حماس كأكل الفلافل أمام الكاميرات، والامتناع عن قبض الراتب قبل الآخرين واستخدام سيارات الأجرة على الحواجز. ولكن زبون يقول "بان المسالة ليست استعراضية أبدا انه واقع، لقد جئنا إلى التشريعي بعد أن استقلنا من أعمالنا السابقة، ولم نتلقى رواتبنا منذ أربعة شهور".

أما الخطيب فيقول "الصورة التقليدية السائدة عن النائب أو المسؤول انه يكون من أسرة ثرية أو صاحب أعمال، ولكننا نحن أتينا من مخيمات اللاجئين، وما زلنا نعيش بين إخواننا، وليس لدينا سيارات خاصة، ونستخدم المواصلات العامة، أين الاستعراض في ذلك". ووفقا للقانون، فانه يخصص لكل نائب نحو 1500 دولار كمصاريف مكتب خاص شهريا يشمل رواتب موظفين، ودفع نحو 15 ألف دولار لمرة واحدة كتحسين وضع، ولكن في ظل الظروف الحالية، فانه لم يصرف أي شيء من هذه المبالغ. ورغم هذه الظروف، فان زبون والخطيب، يعتقدان بان الأزمة ستكون عابرة، وبان أي ضغط مالي "لن يكسر شوكة شعبنا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف