تصعيد متبادل بين نادي القضاة والحكومة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نبيل شرف الدين من القاهرة: لليوم الثاني على التوالي رفض فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ( البرلمان) المصري مناقشة عدد من "البيانات العاجلة" التي قدمها نواب معارضون وآخرون مستقلون، لمناقشة مسألة إحالة اثنين من القضاة الى محاكمة تاديبية بسبب "تصديهما لتزوير الانتخابات"، وقال سرور إن مناقشة هذا الأمر يعد تدخلاً في شؤون القضاء، ويصطدم مع المبدأ الدستوري الذي يفصل بين السلطات الثلاث في الدولة"، على حد تعبيره.
وبينما يعقد مجلس إدارة نادي القضاة اجتماعا عاجلا مساء اليوم الثلاثاء لبحث كيفية مواجهة قرار قرار احالة القاضيين للمحاكمة التاديبية، فقد تقدم العديد من نواب المعارضة والمستقلين بطلبات رسمية للادلاء ببيانات عاجلة حول هذه الأزمة، خاصة وأن مساءلة القاضيين الإصلاحيين ستبدأ في 27 من نيسان (أبريل) الجاري.
وقرر وزير العدل المصري إحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي على "مجلس صلاحية" لإدلائهما بتصريحات صحافية طالبا فيها بالتحقيق مع القضاة الذين ثارت شكوك حول مشاركتهم في تزوير نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) الماضيين
وتوقع المستشار محمود مكي ـ وهو أحد القضاة المطلوبين على مجلس الصلاحية ـ أن يؤدي هذا التصعيد لمردود عكسي في اوساط القضاة واكد ان إحالته وزملاءه للتحقيق نوع من الاقتصاص منهم لأنهم تحدثوا إلى وسائل الاعلام، وكشفوا الانتهاكات التي شابت الانتخابات البرلمانية .
سدنة العدالة
ويرى الدكتور محمد السيد سعيد- نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية أنَّ موقفَ الحكومة من القضاة دليل كافٍ على صحةِ ما يقوم به القضاة وعلى أنها قضية استقلال، موضحًا أنه لا يجوز التعامل مع سدنة العدالة على أنهم موظفون في الدولة وأن قرار النائب العام يؤكد الحاجة الشديدة لمصر إلى نائب عام منتخب إما من الشعب وإما من الجمعية العمومية لنادي القضاة ويكون في هذه الحالة جزءًا من النظامِ القضائي وينتهي تعيينه من جانب وزير العدل.
وأضاف أن هذا القرار إثبات إضافي على أن كل المنظومة القضائية محكومة بالسلطة الإدارية الأمر الذي يجعل انتخاب النائب العام ضرورة حيوية الآن.ووصف مشروع استقلال القضاة بأنه مشروع وطني وقومي ليس مشروعًا مهنيًّا فقط، وأنه جزء أساسي من الصمود في وجه السلطة الغاشمة في مصر"، على حد تعبيره .
وكانت الرسالة التي أراد حشد من القضاة الإصلاحيين في مصر إيصالها، مفادها أنهم ماضون بإصرار نحو المطالبة بإقرار مشروع القانون الخاص بالسلطة القضائية، الذي أعده "نادي القضاة"، وهو كيان شبه نقابي ينتخب أعضاء مجلس إدارته من بين جموع القضاة، خلافاً لمشروع القانون الحكومي الذي أقره "المجلس الأعلى للقضاء" وأعلن قضاة النادي للصحف رفضهم صراحة هذا المشروع الحكومي، وهددوا بتصعيد الأمر إلى أبعد حد ممكن .
وتعاطفت مع هؤلاء القضاة كافة ألوان الطيف السياسي المعارض، وبدا أن كل من اعتادوا الدفاع عن مواقف الحكومة قد أسقط في أيديهم، فليس بوسعهم مهاجمة القضاة وهم يصرون على مطالب مشروعة وإن كان هذا لم يقف حائلاً دون أن يهاجم صحافيون حكوميون هؤلاء القضاة من جهة التورط في العمل السياسي، واللهاث وراء شهوة الإعلام ولو كان ذلك على حساب هيبة القضاء حسب مزاعمهم .
ومن هنا التقط النائب العام التصريحات التي كان قد أدلى بها القضاة، وحصل بالفعل على موافقة مجلس القضاء الأعلى بالتحقيق مع هؤلاء القضاة في ما وصفه القضاة بأنه محاولة لتخويفهم لمطالبتهم بالتحقيق في اتهامات بالتزوير في الانتخابات التشريعية الماضية وتمسكهم بالدعوة لمشروع قانون يكفل استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية .
وتعد الإحالة على مجلس الصلاحية أقسى إجراء يمكن أن يتخذ ضد أي قاض في مصر، باعتبار أن الإحالة قد تنتهي بإقالة القاضي من منصبه القضائي، أو نقله إلى وظيفة غير قضائية، ويتألف مجلس الصلاحية من سبعة من كبار القضاة، برئاسة المستشار فتحي خليفة رئيس محكمة النقض "أرفع المحاكم في مصر"، ورئيس مجلس القضاء الأعلى الذي تعينه الحكومة ولا يجري انتخابه من بين القضاة، على غرار ما يجري في نادي القضاة.