البرلمان المصري يدعو للخلوة الشرعية بالسجون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف تستطلع آراء علماء الشريعة والقانون والاجتماع
البرلمان المصري يدعو للخلوة الشرعية بالسجون
تحقيق نبيل شرف الدين من القاهرة: "سحر" فتاة في الثلاثين من عمرها، تقضي عقوبة السجن المؤبد في أحد السجون، عندما سألتها عن رأيها في الخلوة الشرعية تكلمت بجرأة قائلة: "من حقي كأنثي ممارسة حقي الشرعي والانساني مع زوجي لأن حرماني من هذا الحق قد يدفعني لممارسة الشذوذ، فنحن نعيش داخل السجن في ظروف صعبة"، سألتها عن الشذوذ داخل السجن، فردت ببساطة: موجود. س
هذه الدعوة إذن لتطبيق الخلوة الشرعية في السجون المصرية، خرجت من دائرة اقتراحات الصحافيين ودعاة الإصلاح إلى البرلمان المصري، حيث تبنتها لجنة حقوق الانسان في مجلس الشعب (البرلمان) في إطار مشروع متكامل أبرز بنوده هو السماح للمسجونين بالخلوة الشرعية داخل السجن في أماكن خاصة تعد لذلك في إطار سعيها إلى تحقيق الحقوق الاساسية للسجناء . وأكدت اللجنة البرلمانية أن تنفيذ ذلك من شأنه أن يسهم في القضاء على أي ثغرة تظهر من خلالها أمراض خطرة بين المساجين وفي مقدمتها الايدز والحفاظ على التواصل الاسري.
أشهر الخلوات
وظهرت هذه الدعوة قبل سنوات في مصر على استحياء، وتحديداً خلال عقد السبعينات من القرن الماضي، غير أن الدعوة إلى تطبيقها عادت لتطرح مجدداً خلال الأيام الماضية ، وتلقى تأييداً وقبولاً من جانب قطاعات عديدة في المجتمع المصري باعتبارها حقاً من حقوق السجين وزوجته أيضاً فضلاً عن إقرار الإسلام وكافة المواثيق الدولية لهذا الحق ، وقيام عدة دول عربية بتطبيقها، من بينها السعودية وليبيا وتونس واليمن الى جانب دول أوروبية عديدة, ودفع هذا التأييد إلى الدعوة لمناقشة هذه القضية بمشاركة ممثلين لوزارة الداخلية وعلماء النفس والاجتماع ورجال القانون وجماعات حقوقية، ما يعطي الأمل في اتساع رقعة المطالبة بها ما قد يؤدي في النهاية الى الاقرار بتطبيق الخلوة الشرعية في السجون ليصبح من حق السجين الاختلاء بزوجته ومعاشرتها، رغم غرابة هذا التصور حالياً.
والطريف أن أول خلوة شرعية في السجون المصرية حدثت عام 1952 في عهد الملك فاروق عندما سجن وزير الحربية حينذاك اللواء حسين سري عامر بعد فشله في رئاسة نادي الضباط، وفوز اللواء محمد نجيب فتم إيداع اللواء سري السجن وطلب رؤية زوجته فسمحوا له بالاختلاء بها لتكون أول خلوة شرعية في مصر، وهو ما انتقدته الصحف حينئذ واعتبرته سلوكاً مشيناً.
أما أشهر خلوة شرعية في السجون المصرية فقد كان بطلها، كما تؤكد مصادر أمنية، الشيخ عمر عبد الرحمن زعيم تنظيم "الجماعة الإسلامية"، والسجين حالياً في الولايات المتحدة، إذ قال سجانون عاصروا الفترة التي سجن فيها الشيخ عمر إنه كان يختلي بزوجته داخل خيمة في فناء السجن، وأنها أنجبت أثناء سجنه صبياً واحتفل بذلك مع أعضاء الجماعة.
آراء وفتاوى
ويجمع فقهاء الشريعة وخبراء القانون وعلماء الاجتماع على أهمية الخلوة الشرعية، ويتوقعون انخفاض معدل انحراف وطلاق زوجات السجناء، فضلاً عن تراجع الممارسات الجنسية الشاذة في السجون، حيث يؤكد عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر محمد رأفت عثمان أنه لا يوجد في الشرع ما يمنع التقاء الزوجين وممارسة حقوقهما الزوجية بطريقة تضمن عدم اطلاع أحد عليهما وفق ظروف إنسانية لا تخدش حياء السجين أو زوجته .
ويرى علماء النفس أنه لا ينبغي أن تدفع الزوجة ثمن الجرم الذي ارتكبه زوجها السجين، فتضطر للانحراف أو طلب الطلاق وبالتالي هدم بنيان الأسرة، حيث يمنح قانون السجون في مصر زوجة السجين الحق في طلب الطلاق من زوجها اذا حكم عليه بالسجن عاماً واحداً، لأن الغياب لمدة عام يدخل تحت مبدأ الهجر، وبالتالي سيؤدي تنفيذ فكرة الخلوة الشرعية الى وجوب تغيير النص القانوني الخاص بتطليق زوجة السجين متى شاءت ذلك.
ويطالب البعض بأن يتمتع بهذا الحق بعض السجناء دون غيرهم، حيث ترى رئيسة رابطة المرأة العربية هدى بدران أن الخلوة الشرعية فكرة تنسجم مع الطبيعة الانسانية والاجتماعية للفرد وتعبر عن أسمى حقوق الانسان "لكن ينبغي التفرقة بين السجناء في التمتع بهذا الحق وفق ضوابط موضوعية تأخذفي الاعتبار التزام السجين بالسلوك الطيب".
وتتفق معها في هذا الرأي وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة عائشة راتب والتي تطالب بألا يتمتع بها عتاة المجرمين ممن أضروا بالمجتمع ، أو ارتكبوا جرائم ماسة بالشرف والاعتبار كما يرى رئيس البرلمان المصري السابق د. صوفي أبوطالب أن هذه الفكرة تصلح للمعتقلين السياسيين لكن يجب إجراء مناقشات واسعة قبل التطبيق لضمان إسهامها في تهذيب واصلاح السجين", واذا كان النظام الحالي للسجون المصرية لا يسمح بتطبيق فكرة الخلوة الشرعية، فان وزير الداخلية الراحل حسن أبو باشا كان أول من اقترح اقامة سجون خاصة لهذا الغرض .
وإذا كانت الحديث عن تطبيق فكرة الخلوة في السجون يجري الآن على استحياء، فمن يدري هل سيأتي ذلك اليوم الذي تستعد فيه المرأة بأبهى زينتها قبل ذهابها إلى السجن لزيارة زوجها السجين بدلاً من أن تتشح بالسواد كما يحدث الآن عند لقاء زوجها القابع خلف القضبان .