الجزر الثلاث بين مطالبة الإمارات وإصرار إيران
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
والموقف الإماراتي لم يتزحزح يوما عن التأكيد على سيادة الإمارات الكاملة على هذه الجزر الثلاث، التي دخلتها القوات البحرية الإيرانية في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1971 قبل أيام معدودة فقط من انتهاء معاهدة الحماية البريطانية لمشيخات ساحل عمان وقيام دولة الإمارات.
خطوة إيران، التي كانت يومها تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، جاءت لتحسم نزاعا تمتد جذوره إلى القرن الثامن عشر وكان دائما موضع مد وجزر، وأخذ ورد، تجاوبا مع أصداء التغيرات الإقليمية والدولية.
السيادة عصب النزاع
واليوم، بعد ربع قرن ونيف من إطاحة الثورة الإسلامية بحكم الشاه وإقامة الجمهورية الإسلامية، ومع وقوف إيران على أعتاب النادي النووي، يستمر الموقف الإماراتي في التأكيد على أن الجزر جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة لا يسقط الحق فيه بالتقادم أو بفرض الأمر الواقع أو تغير موازين القوى.
وهذا الموقف يوجزه الأكاديمي الإماراتي الدكتور حسن قائد الصبيحي، حيث يقول لل " بي بي سي" : "جزر الإمارات مطلب عادل. ليس هناك أدنى شك في أن هذه الجزر جزر إماراتية، والوثائق الدولية تؤكد هذا الكلام".
ويعرب عن اعتقاده بأن "التسليح الذري الإيراني لا يغمطنا حقنا في المطالبة بهذه الجزر". ويردف قائلا: "حينما تأتي هذه المسألة إلى مسألة إعادة الحقوق فالحقوق تُستَعاد".
ويستشهد بتجربة التحرر من الاستعمار وتمكّن الكثير من الدول النامية من نيل استقلالها الناجز من دول مُستَعمِرَة مسلحة بأنياب نووية. ويعيد الصبيحي التأكيد على أن "مسألة تصفيات هذه الأزمات والقضايا، وإعادة الحقوق إلى أصحابها سوف تعود، سواء كان بإيران العادية أو بإيران الذرية".
قلق متعاظم
ولكن، وبعيدا عن مسألة الجزر، فإن امتلاك إيران لناصية التكنولوجيا النووية، بما نجم عنه من ردود فعل دولية عاصفة، دفع باحتمالات حدوث مواجهة بين الغرب وإيران إلى الواجهة وهو ما يشكل عامل قلق لدى الكثيرين في الإمارات.
ويقول الصبيحي إن تداعيات الملف النووي الإيراني تثير "قلقا كبيرا جدا، جدا" في المنطقة. ويستطرد قائلا: "ونحن في حذر وترقب ونشعر بأن تأزيم هذه القضية من قبل الأمريكيين أو الإيرانيين لا يخدم المنطقة، ولا يخدم مستقبلها، ولا يخدم مشاريع التنمية التي تأخذ مداها بشكل قوي جدا في الوقت الحالي".
إزدواجية المعايير
ودواعي القلق من مخاطر المواجهة لدى البعض في الإمارات تتواشج مع هواجس قديمة حيال أسلحة الدمار الشامل في المنطقة أجمع والشكوى المزمنة من ازدواجية المعايير في التعاطي الدولي مع الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط.
ويعزو الأكاديمي الإماراتي الدكتور إبراهيم راشد الحوسني بعض مفردات القلق إلى كون "الملف الإيراني قريب جدا منا، جغرافيا، على أقل تقدير، واقتصاديا". ويوضح بأن من أشد ما يقلق في الملف النووي الإيراني هو كونه يحمل في ثناياه "ملامح حرب جديدة في المنطقة أو على أقل تقدير ملامح توتر يصعب إيقافها إلى حد كبير".
ويخلص إلى القول: "وبالتالي يعني هناك استمرار لعدم الاستقرار الذي يُراد للمنطقة أن تستمر فيه". ويستطرد قائلا: "وأنا بصراحة أرى فيه أيضا من جانب آخر إزدواجية معايير". ويوضح متسائلا: "يعني لماذا يُسمَح لإسرائيل (بامتلاك التكنولوجيا النووية) ولا يُسمَح لإيران؟" ويشدد على ضرورة "إزالة عناصر التوتر النووي من الطرفين؛ من إسرائيل وأيضا من إيران". ويعرب عن قناعته بأن "إزدواجية المعايير هذه لا تعطي مصداقية للأمر أمامنا ولا أمام العالم".
الدبلوماسية معقد الأمل
و مما لا شك فيه أن دور ونفوذ إيران الإقليميين قد تناميا مؤخرا، وخصوصا مع تكشف غرق الولايات المتحدة في رمال العراق المتحركة على شفا الاحتراب الأهلي وما يضج به من احتمالات تفجيرية تحيق بالمنطقة كلها.
ولكن الأمل ما يزال معقودا عند بعض الإماراتيين بأن الجهود التي تبذلها حكومتهم عبر القنوات الدبلوماسية ستثمر في خاتمة المطاف تسوية سلمية للنزاع مع إيران حول الجزر.
ويرى الدكتور حسن قائد الصبيحي "أن الموقف الحالي بالنسبة لإيران هو موقف نظام سياسي". ولذا فإنه يعرب عن اعتقاده بأنه "لا بد أن يأتي يوم من الأيام ينصت (فيه هذا النظام) لصوت العقل ويعيد هذه الجزر لأصحابها". ويمضي إلى القول: "مع احترامنا للإخوة في إيران، هم جيراننا وإخواننا والمصالح المشتركة بيننا وبينهم كبيرة جدا، جدا. لكن النظام الذي يدير الآن إيران يرى بأن هذه الجزر إيرانية ولا يجوز الحديث أو الحوار حولها".
ويشير إلى أن المسئولين الإيرانيين "حتى رفضوا أن يجلسوا في موقع تحكيم دولي مثلا، أو الخضوع للقانون الدولي، أو حتى الحوار الثنائي الجدي". إلا أنه يستدرك قائلا: "لكن أنا متأكد، في يوم من الأيام، الموقف المتصلب الإيراني هذا لا بد أن يلين".
ومن المؤكد في ظل الظروف الحالية أن دعوة الصبيحي للطرف الإيراني إلى التخلي عن الجزر الثلاث لن تلقى آذانا صاغية. فالموقف الإيراني يتسلح بدوره بحججه وتخريجاته القانونية، ورؤيته التاريخية لتطور النزاع، وفوق ذلك كله بحقائق الأمر الواقع. ولكن دعوته إلى الإنصات لصوت العقل في الأزمات السياسية لها وقع خاص، لاسيما وأنها تأتي في وقت تحبس فيه المنطقة أنفاسها جراء ما يشهده الملف النووي الإيراني من تصعيد، وما يثيره من رياح سموم ساخنة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف