فضيحة التنصت بحجة الإرهاب تتفاقم أميركيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف: خرج الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم عن صمته في قضية الفضيحة المتعلقة باطلاع اجهزة الاستخبارات على سجلات الاتصالات الهاتفية لملايين الاميركيين مؤكدا في خطابه الاذاعي الاسبوعي ان السلطات من خال التنصت تحاول مطاردة تنظيم القاعدة.
واثار نشر صحيفة "يو اس ايه توداي" الخميس معلومات عن قيام وكالة الامن القومي المكلفة بالتجسس الالكتروني بالاطلاع على سجلات الاتصالات في اطار مكافحة الشبكات الارهابية، غضب الكثير من الاميركيين وجدد الجدل حول ايجاد توازن بين مكافحة الارهاب والدفاع عن الحريات.
وقال بوش في خطابه الاسبوعي الذي تبثه الاذاعة "من المهم ان يعي الاميركيون ان نشاطاتنا موجهة حصرا ضد القاعدة وشركائها المعروفين". كذلك اعتبر الرئيس الاميركي ان عمليات الاستخباراتية التي سمح بها كانت "قانونية" وان اعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديموقراطيين اطلعوا على الموضوع بطريقة مناسبة.
وشدد بوش على ان "كل النشاطات التي نقوم بها تحترم الحياة الخاصة لكل الاميركيين" مضيفا ان "الحكومة لا تتنصت على المكالمات الهاتفية الداخلية الا بعد الحصول على موافقة مسبقة من المحكمة". ولم ينف الرئيس بوش حصول عمليات تنصت من دون تفويض من المحاكم على مخابرات الاميركيين عقب اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز". بيد ان الحكومة اوضحت منذ ذلك الوقت ان الامر لم يكن متعلقا باتصالات داخلية بل باتصالات بين متحدثين في الولايات المتحدة والخارج.
ويبدو ان الرأي العام لا يشاطر الصحافة والبرلمانيين اللقلق ذاته حيث اكد استطلاع للرأي اجري الخميس ان نحو ثلثي الاميركيين (63%) يعتبرون ان التنصت كان مبررا في حين يعتبر 65% منهم ان التحقيق في تهديدات ارهابية محتملة "اكثر اهمية" من احترام الحياة الخاصة.
دعوى ضد "فيريزون"
إلى ذلك بدأ مشتركون في كبرى شركات الاتصالات الاميركية "فيريزون" في الولايات المتحدة ملاحقات قضائية ضد هذه الشركة التي يطالبونها بتعويضات تبلغ قيمتها خمسة مليارات دولار عن الاضرار التي يرون انها لحقت بهم في قضية جمع السجلات الهاتفية. وبدأت الدعوى الجمعة في نيويورك.
وقال المدعون ان الشركة خالفت القانون بقبولها تسليم وكالة الامن القومي المكلفة التجسس الالكتروني، هذه الكشوفات. وهم يرون ان شركات الهاتف يجب الا تتعاون مع الوكالة بدون تفويض حسب الاصول من محكمة يستند الى "اشتباه في نشاط ارهابي او اي نشاط اجرامي آخر".
وكانالكاتب يوجين روبنسون من صحيفة الواشنطن بوست رأىأن الاسم الذي أطلقته إدارة بوش على عملية التجسس على الأميركيين دون البحث عن موافقة المحكمة - وهو برنامج مراقبة الإرهاب - كان كذبة مكشوفة. ويتعين على مجلس الشيوخ أن يطرح أسئلة على الجنرال مايكل هايدن الذي سلّمه جورج بوش رئاسة وكالة المخابرات المركزية في جلسات التعيين.
وبينما كان هايدن يدير وكالة الأمن القومي، حسب مقالٍ نشرته USA Today فقد جمعت الوكالة تسجيلات شاملة للمكالمات الهاتفية التي أجراها "عشرات الملايين من الأميركيين". فإذا كانت خدمة الهاتف مقدمة من قبل ATamp;ampT، Verizon أو BellSouth فإن هذا يعني جميع المكالمات منذ 2001، حسب الصحيفة، إلا إذا كانت مقدمة من قبل Qwest التي أعلنت أنها رفضت التعاون في هذا المجال.
ولم يكن الادعاء - الذي رفض الرئيس أن يصدق عليه أو ينفيه - هو أن المتجسسين "يستمعون إليك حين اتصالك بالبيت تطمئن على الأولاد أو حين اتصالك بالمصرف لإعادة تمويل ما رهنته"، بل هو بالأحرى قدرتهم على مراقبة رقمٍ هاتفي والاطلاع على جميع المكالمات الصادرة والواردة خلال فترةٍ معينة.
ويضيف الكاتب "لا ترتبط الأسماء بالأرقام الهاتفية، ولكن يمكن لأحد المتطفلين الذين يستطيعون الوصول إلى الإنترنت أن يطابقوا بين رقم الهاتف واسم صاحبه، وبالتالي لا يسعنا تصور ما تستطيع الحكومة فعله".
وذكر في مقاله أنه عندما كشفت وكالة الأمن القومي السنة الماضية عن عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية والاطلاع على البريد الإلكتروني دون الحصول على تفويضٍ من المحكمة قبلاًَ، قال الرئيس إن "برنامجه لمراقبة الإرهاب" يستهدف الاتصالات الدولية التي يشترك فيها على الأقل حزب واحد، وبالتالي فإن حزباً واحداً على الأقل مشتبه بتورطه بصلاتٍ إرهابية. وعلى هذا الأساس، لا يجدر بأحدٍ أن يقلق حيال أمرٍ ما سوى الإرهابيين.
هناك نزعة مفهومة لهذه الإدارة للاستسلام لنوعٍ من "التعب الناشئ من الاستياء". فبعد السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية وسجن أبو غريب يسهل عليهم القول "ها هم يتسللون ثانيةً" ويحسبون بالشهور إلى أن يعود المُقرِّر إلى منزله في تكساس.
واعتبر الكاتب أن بوش والموالين له يحاولون أن يجعلوا من التعدي على القانون فضيلة إذا ما وجدوا أن القانون لا يناسبهم. "إذ حاولوا أن يغيروا من مفهومنا للخصوصية بشكلٍ جذري. ونحن نعلم الآن أن وكالة الأمن القومي تعمل على مراقبة المكالمات الهاتفية، إذن ما هو الأمر المهم هنا؟".
ويجيب "الأمر المهم هو علمنا بأن الإدارة تواصل تعقب المكالمات الهاتفية لملايين المواطنين الذين لا علاقة لهم بالإرهاب. ويحاول بوش أن يقنعنا بأن الغالبية العظمى من الأميركيين ليست متأثرة من المراقبة المحلية، ولكننا نعلم أن العكس هو الصحيح: الغالبية العظمى منا متأثرون".
وقال روبنسون أن ادعاء الرئيس - في بيانه المختصر على التقرير - الذي ذكر أن الحكومة "لا تنظر إلى الحياة الشخصية لملايين الأميركيين الأبرياء" كان ادعاءً مراوغاً. إذ لا توجد أي فائدة في جمع كل تلك المعلومات إذا لم يتم الاطلاع عليها وتحليلها، ولا في اعتبار حتمية معرفة ما يتعلق بأناسٍ عاديين يظن هؤلاء أنه ليس من شأن أحدٍ أن يعلم بها، ولا سيما الحكومة.
وكان رئيس اللجنة القضائية التابعة لمجلس الشيوخ آرلين سبكتر قد قال أنه يعتزم استدعاء أعضاء السلطة التنفيذية في كلٍ من ATamp;T، Verizon وBellSouth للتأكيد على جلساتٍ عقدها هو، حيث لا تريد الإدارة الإفصاح عما تقوم به.
وبالطبع، فإن جلسات التعيين لهايدن تُعرض الآن على بساط البحث. وقد قالت السيناتور ديان فينشتاين - التي كانت من أقوى المؤيدين لهايدن - أن عمليات الكشف الجديدة للتجسس قد تخلق "عائقاً متزايداً" أمام تعيينه الذي كان متوقعاً أن يكون اجتيازه سريعاً.
واختتم روبنسون المقال بقول السيناتور باتريك ليهي: "من الخزي أن نكون تابعين إلى ذلك الحد، وأن نختم على كل ما تفعله الإدارة." لقد كان يقصد بذلك مجلس الشيوخ، ولكن يمكن أن يُقصد بذلك أيضاً الأمة بأسرها.