الكويت: صراع فتاوى الولاية في الانتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فاخر السلطان من الكويت: صراع الفتاوى السنية والشيعية بات مادة رئيسية في انتخابات مجلس الأمة في الكويت حيث لم ينحصر الموضوع في رأي رجال الدين بل توسع ليشمل ردود فعل وصلت إلى اجتماعات مجلس الوزراء. وهو صراع انصب معظمه على ولاية الزوج على الزوجة أو الأب على ابنته، في الانتخاب والترشيح أو في مخالفة الزوجة لزوجها أو البنت لأبيها في اختيار المرشح الذي يجب التصويت له، أو الخروج للتصويت من دون أخذ إذن الزوج أو الأب. ومن هذه الفتاوي ما قال به رجل الدين الشيعي البارز السيد محمد باقر المهري من انه ليس للأب ولاية على بناته في مسألة الانتخابات والتصويت لمرشح معين حتى وان كان الأب لا يوافق عليه، إذ ان ولاية الأب محدودة بخصوص نكاح البنت البكر فلا يجوز لها ان تتزوج من دون إذن أبيها. اما في المسائل الاخرى فلا ولاية للأب عليها فتستطيع الخروج من المنزل للتصويت لمرشح او مرشحة من دون إذن أبيها، ولا يحق للأب ان يضغط على ابنته لكي لا تمارس العمل الديموقراطي أو يمنعها من التصويت لمرشح معين، فإن الاسلام يحترم ويقدر ويكرم المرأة وتساويها مع الرجال في جميع القضايا الاجتماعية والسياسية وغيرها، نعم ليس لها حق القضاء.
وأكد المهري بأنه لا يحق بأي حال من الاحوال ان يمنع الزوج زوجته من التصويت للمرشح الذي تختاره ولا ينبغي له ان يمنع زوجته من الخروج من المنزل فللزوجة حق ان تشترك في العرس الديموقراطي وتذهب الى المقار الانتخابية وتختار من تشاء. ونصح المهري الرجال بعدم التعسف ومنح النساء حقهن في التصويت، فان الدستور ضمن لهن هذا الحق الديموقراطي وممارسة العملية الانتخابية، والاسلام لا يمنع من ذلك.
واعتبر المهري فتوى عميد كلية الشريعة والدراسات الاسلامية في الكويت الدكتور محمد الطبطبائي (سني) القاضية بوجوب طاعة الزوجة لزوجها في اختيار المرشح للانتخابات (والتي نفاها الطبطبائي لاحقا) قائلا بأنها لا تتطابق او تنسجم مع روح الاسلام والفقه الاسلامي الاصيل. وقال ان الفتوى المنسوبة الى الدكتور الطبطبائي لا تتطابق مع الشريعة الاسلامية التي اعطت المرأة حقوقها كاملة ورفعت من شأنها وجعلتها كفؤة للرجال لا فرق بينهما الا في بعض القضايا الخاصة كالقضاء مثلا.
واضاف المهري: ان الزوج لا يحق له اطلاقا ان يجبر زوجته على ان تصوت لمرشح معين بل لها حق الاختيار والانتخاب وليس للزوج في الاسلام حق على المرأة الا في خصوص الاستمتاع منها وان تنتقل مع الزوج ان اراد ذلك ويستطيع الزوج ان لا يأذن لزوجته بالخروج من المنزل، اما في غير هذه الموارد فلا يحق للرجل ان يجبر زوجته على امر تكرهه الزوجة. واضاف ان هذه الفتاوى تشوه سمعة الاسلام وصورته الناصعة وتعطي ذريعة لاعداء الدين لكي ينتقدوا الاسلام الذي هو دين الحرية والديموقراطية وصالح لكل زمان ومكان ومنسجم مع روح العصر ومواكب للتقنية الحديثة، بل ان الاسلام سبق العالم في اكرام واحترام المرأة حتى جعل امرأة فرعون قدوة للرجال والنساء وفي الحقيقة انني استغرب كثيرا من صدور هذه الفتاوى في هذا الزمان، وفي عصر النور والعلم والثقافة.
واكد المهري ان احتقار المرأة وسلب حقوقها السياسية لا يمت الى الاسلام بصلة ولا يعتبر ذلك من صميم الاسلام ولذا نرى ان جميع المراجع الدينية وفقهاء الاسلام وافقوا على حقوق المرأة السياسية وافتوا بانه لا يجوز شرعا ان يكره الزوج الزوجة في مثل هذه القضية وامثالها ولا يحق له ان يجبرها على التصويت لمرشح خاص. وختم المهري بيانه بالقول ان الاسلام الاصيل واحكامه وتشريعاته وفتاواه تؤخذ من المراجع العظام وعلماء الازهر الشريف ولا يحق لاحد ان يحسب ما قاله الطبطبائي على الاسلام المحمدي ولا يجوز له ان يتهجم على الاسلام بحجة هذه الفتاوى الباطلة الشاذة بل للمرأة الكويتية وغيرها حق اختيار اي مرشح كان ولو كان الزوج مخالفا لذلك فانه لا فرق بين الرجل والمرأة وكلاهما متساويان في الانسانية والاسلام والتفرقة بينهما من الجاهلية التي قضى عليها الاسلام. وكان الطبطبائي نفى صحة الفتوى المنسوبة اليه بوجوب طاعة الزوجة لزوجها في اختيار المرشح للانتخابات قائلا: من يترك اختيار الاصلح فيما يترجح له واختيار غيره فقد خان الامانة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين"، ومن الأثر "من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة او قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمؤمنين".
وحث الطبطبائي الناخبين على البحث عن المرشح الاصلح المستحق للتولية على اعتبار الكفاءة التي تتناسب مع المسؤولية الموكلة اليه كممثل للشعب دون اي اعتبار اخر، سواء القرابة الاسرية او القبلية او الصداقة او المذهب او الطائفية او لرشوة يأخذها او لضغينة على المرشح الاحق او لاي اعتبار دنيوي اخر.
واضاف الطبطبائي ان الواجب يحتم ان يختار الناخب من يراه الاجدر لحمل المسؤولية بحسب اعتقاده دون ان يملي عليه احد ذلك، فلا يحقق للاب ان يفرض على اولاده اختيار شخص معين كما لا يحق للزوج ان يجبر زوجته على اختيار احد المرشحين، والواجب عليها ان تختار من تراه جديرا بهذه الامانة والمسؤولية ولا يدخل ذلك في وجوب طاعة الزوجة لزوجها. واردف قائلا: ان الطاعة الواجبة للزوج على زوجته تكون بالمعروف فيما فيه مصلحة الحياة الزوجية، والزامها باختيار مرشح بعينه دون بقية المرشحين لا يدخل ضمن الطاعة. وقال: يجب الا يكون الاختلاف في اختيار المرشح سببا للخلاف والنزاع والافتراق بين الزوجين او افراد المجتمع، فقد تكون قناعة كل منهما مختلفة عنها لدى الاخر، وهذا امر مقبول لان اختيار الاكفأ محل اجتهاد ولا مانع من التحاور والتناصح دون الزام من احد للاخر. وشدد قائلا: انه لو صدر التوجيه من احد محل ثقة فلابد من ان يوافق قناعة لدى الناخبين.
وفي رد قوي ضد فتوى الطبطبائي قبل أن يتراجع عنها، قالت وزيرة التخطيط معصومة المبارك ان ما ورد على لسان الطبطبائي غير دستوري بالمرة، مؤكدة سرية حق التصويت في الانتخاب. وكشفت المبارك انها اثارت هذه الفتوى على طاولة مجلس الوزراء، وطالبت وزير العدل ووزير الاعلام بتوضيح ما صدر عن الدكتور الطبطبائي للناس.
واكدت المبارك ان النساء يشعرن بدرجة عالية من الغضب لان هناك من يفسر تفسيرات تصر على جعل المرأة كائنا تابعا لا حرية له ولا قرار ولا اختيار في ممارسة الحقوق السياسية. واستطردت المبارك قائلة ان الحق الدستوري والسياسي نصر عليه، وان مثل تلك الفتاوى من شأنها ان تفتح ابوابا اخرى للطعن في حق المرأة الدستوري، وبالتالي يعني الاصرار على جعل المرأة تابعة وليس لها حرية الاختيار والقرار وقالت: مثل هذه الدعوة غير مناسبة ومرفوضة على الاطلاق. واكدت المبارك ان وزارة الاعلام ووزارة العدل كليهما يقع على عاتقهما دور كبير في وضع حد للتجاوزات غير المقبولة.