المطلوبون الآن: السنة المرهقون من الحرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تخصيص 73 مليار دولار اضافية للحرب فى العراق وافغانستان
إيلاف - الرياض : رأى جون بيرنز في مقالٍ كتبه في مجلة نيو يورك تايمزأن القادة الأميركيون قاموا في السنة الأولى من الحرب بدورٍ كبير في جعل التمرد أسوأ حالاً, وذلك لأنهم طوروا طرقهم الملتوية التي تخدع الذات. وكان الزرقاوي هو الشخص الافتراضي الذي يُرجع إليه كلما بحث القادة الأميركيون عن سببٍ للنزاع, وفي الوقت نفسه بدؤوا بحساب خطتهم من خلاله.
لقد تنقل دون أن يُكتشف أمره في الفالوجة وبغداد والموصل, في خريطة مليئة بالعوائق من نقاط التفتيش وحظر التجول وانفجارات الطرق وحركة المرور التي كانت تدعم حركة القوافل الأميركية العسكرية, كان كل ذلك كافياً أن يتحول المسافر الأكثر هدوءاً ورباطة للجأش إلى حطاماً من القلق والاضطراب, هذا عدا عن كونه يتقاسم مع أسامة بن لادن الامتياز المَقيت بالحصول على 25 مليون دولار مكافأة على قتله.
كانت أعمال الأردني الذي اختار اسم أبي مصعب الزرقاوي تشمل انفجاراً انتحارياً هنا وقطعاً للرؤوس هناك واغتيالات في أماكن أخرى, وبأعداد كبيرة في صفوف العراقيين والاستخبارات الأميركية على حدٍ سواء. وخلال عمليات الهجوم التي قادتها القوات الخاصة الأميركية والبريطانية قُتل واعتُقل كثير من مساعديه.
وطالما توقع الجنرالات الأميركيون وفاته, وأمام السيل الذي لا يتوقف من الأخبار السيئة قادت فجوة المصداقية عند القيادة الأميركية اللقاءات الصحفية الأسبوعية إلى أحد التغييرات الأفضل تذكراً في هذه الحرب. وكان اللواء المتحدث ريك لينش قد قدّم جدولاً أُدرِجت فيه أسماء المعتقلين.
كانت تلك الأسماء لرجال الزرقاوي إما بعد وفاتهم أو رهن الاعتقال, وإذا كان صحيحاً فيبدو أن الجدول قد تنبأ بما قاله اللواء لينش بأنه يمثل مشكلة كبيرة للقاعدة.
وفي ذلك الوقت, حمل العنف الذي ارتكبته القاعدة القادة الأميركيين على اعتبار الزرقاوي وشبكة القاعدة العدو الرئيسي, وليس المتمردين العلمانيين الذين تكاثروا بعد إسقاط صدام حسين. وحسب قول أحد الجنرالات فإن: "سبب استمرار القاعدة في نشر العنف في أرجاء العراق هو أبو مصعب الزرقاوي."
وفي يوم الأربعاء, لم يكن يعلم الزرقاوي أن القوات الجوية الأميركية قد أرسلت طائرة F-16 لتحلق في سماء حبحب, التي تقع على بعد 35 ميلاً شمال بغداد, وأطلقت قنبلتين تزن الواحدة منهما 500 باوند على منزلٍ آمن حيث كان أبو مصعب الزرقاوي يلتقي مع "مرشده الروحي" الشيخ عبد الرحمن.
والآن بعد وفاته, يبقى السؤال ما إذا كان الإذلال الذي يأمل الأميركيون أن يصيب شبكة القاعدة قد تحقق أم لا, وما إذا كان ذلك بداية لكسر شوكة الجماعات الإرهابية تحت قيادته. وإذا كان ذلك صحيحاً, فهناك سؤال آخر هو ما إذا كان هذا الانخفاض في قوة القاعدة سيساعد الأميركيين في الوصول إلى السنة الأكثر اعتدالاً وإقناعهم بأن لهم مكان في الرؤية الأميركية للعراق. والسؤال الأكثر أهمية هو هل سيقلل ذلك من الاغتيالات التي تستهدف السياسيين السنيين الذين يحاولون أن يحضروا المتمردين إلى العملية السياسية؟
لم تخسر شبكة الزرقاوي الوقت في التعهد بمواصلة ذلك, ومن خلال التجربة في الحرب حتى الآن فإن هذه الشبكة تبدو كالأخطبوط قادرة على تنمية أذرع جديدة بدل تلك التي تفقدها وستواصل إرباك الأميركيين, يغذيها جيل من الرجال المسلمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا مستعدون للسفر والانتقال بين المساجد والمنازل الآمنة لكي ينتهوا إلى تفجيرٍ انتحاري في العراق.
لقد كان الزرقاوي, وكذلك ابن لادن, قائداً غير عادي. إذ ارتبط سلوكه العنيف بعبقرية منظمة وهيبة شخصية وقدرة على البقاء عالية حتى الأسبوع الأخير.
أطلقت القوات الأميركية الأسبوع الماضي عدة هجمات على أهداف أخرى من القاعدة في منطقة بغداد, وكان الجنرال جورج و. كيسي القائد الأميركي الأعلى يعمل على خطة لجعل المعركة أكثر احتداماً لفترة طويلة. وكانت استراتيجيته في العام الماضي تركز على المقاتلين التابعين للزرقاوي, باعتبار أنهم وخططهم بإقامة خلافة إسلامية في العراق يمثلون الخطر الأكبر على المشروع الأميركي هنا.
وعلى الرغم من أن عددهم أقل من العلمانيين, يبحث المتمردون من العرب السنة في استعادة الحكم السني, ويبدو أن الجماعات المرتبطة بالقاعدة كانت المسؤولة عن الهجمات على المساجد والأسواق وأماكن التجمعات الكثيفة.
ويرى الجنرال كيسي وأتباعه من القادة الأميركيين أن هذا هو السبب الرئيسي لاسترشاد العراقيين بالمؤسسات الديمقراطية التي تحاول أميركا بناءها, ويأملون الآن أن يتغير شيء ما. فبالتركيز على الجهود المتجددة لبناء الأمن في بغداد يتمنى الجنرال كيسي أن يعزز الجو الذي يُمكّن الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء نوري المالكي أن تبدأ في الحكم بفعالية وأن تحشد الدعم الشعبي.
ولكن حتى إذا انهارت شبكة القاعدة فإن الأميركيين وحلفائهم العراقيين سيواجهون تحدياً آخر وهو التمرد المحلي. وتفترض خطة كيسي أن الجماعات العربية السنية التي تقاتل من أجل استعادة صدام حسين أو الحكم البعثي ستُهزم في النهاية. ولذلك, فهو يعتقد أنه سيكون من الأيسر على القوات العراقية الجديدة وما يتبقى من الأميركيين أن يهزموا المقاتلين المسلمين في البداية.
وترى الخطة أن المفاوضات هي السبيل الأساسي للتعامل مع المجموعة الكبرى من "عناصر النظام السابق" الذين يشكلون أكثر من 50000 من المتمردين, الذين نجد منهم عراقيين معارضين للوجود الأميركي وقادة عشائريين يرون أن مناصبهم مهددة بسبب الديمقراطية الغربية والسنيين الذين ما يزالون غير راضين عن الحكم ذي الغالبية الشيعية.
وفي خطة كيسي, التي حسّنها مع السفير الأميركي خليلزاد, ما يزال الأمل معقوداً على أن المحادثات المفتوحة مع المتمردين السُنة ستكون أسهل.
كذلك ما تزال الآمال معقودة على وزير الدفاع الجديد عبد القادر محمد جاسم الذي كان جنرالاً في جيش صدام حسين ولكنه صُرف عام 1994 وسُجن لمعارضته احتلال الكويت. وازدادت الآمال بأنه يمكن أن يساعد حكومة المالكي ببناء جسور مع المتمردين السنة بعد أن حصل على موافقة البرلمان الجديد بعد أقل من ساعة على إعلان مقتل الزرقاوي. وقال جاسم أنه سيعمل ما باستطاعته لإقامة المصالحة بسرعة مع المتمردين.
ولكن الاحتمال الأسوأ هو أن يبقى التمرد السني معارضاً للحكم الشيعي حتى بعد التوفيق بينهم عن طريق التعديلات في تقسيم السلطات الذي تمثل في حكومة المالكي التي تتشكل من الشيعة والسنة والأكراد. وإذا حصل ذلك فإن الجماعات المتمردة التي تحكم معظم منطقة الأنبار إلى غرب بغداد بالإضافة إلى المناطق الأخرى التي تقع في المثلث السني يحتمل أن تواصل القتال مع الإبقاء على تحالفها مع القاعدة, الأمر الذي سيقحم الأميركيين في حربٍ يطول أمدها.
11 June 2006