عمّان: الإخوان فقدوا هويتهم وفصموا علاقتهم معنا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نصر المجالي من عمّان: كما كانت قد اشارت إيلاف في تقرير لها قبل أسبوعين بأن ما بين الأردن الرسمي وجماعة الإخوان المسلمين "فك رقبة" فإن هذا بدأ يدخل حيز التنفيذ عمليا وعلى أكثر من صعيد، إذ يقول الأردن الرسمي إن هذه الجماعة التي لذراعها السياسي المتمثل بجبهة العمل الإسلامي 17 نائبا في البرلمان ويسيطرون على العديد من المؤسسات والمعاهد الأكاديمية "خرجت من كونها إحدى ركائز الحياة السياسية المدنية الأردنية الى كونها صارت تمثل تهديدا صريحا للأمن الوطني والوحدة الوطنية"، وبالمقابل توالت موجات الاستنكار الشعبية لزيارة النواب الإسلاميين الأربعة لبيت عزاء القتيل الزرقاوي وهم امضوا ليلتهم الرابعة في معتقل الجفر الصحراوي (350 كلم جنوبي العاصمة)، وإليه، فإن عائلات بعض النواب المعتقلين روت كيفية اعتقالهم قبل ليالٍ خمس.
وفي تفاصيل ما يجري على الساحة الأردنية منذ مقتل الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي قبل أسبوع، فإن "المماحكة" بين عمان الرسمية انتقلت من الكلام إلى الصدام الفعلي الذي ينذر بتطورات ساخنة في قابل الأيام سياسيا وبرلمانيا، خاصة إذا ما تم اتخاذ قرار بغالبية من مجلس النواب بفصل النواب الأربعة الذين زاروا بيت عزاء الزرقاوي.
وإذا ما تم فصل النواب محمد ابو فارس وجعفر الحوراني وابراهيم المشوخي وعلي ابو السكر، فإنه يحتمل أن ينسحب بقية "رفاقهم" من البرلمان، الأمر الذي سيضطر الحكومة الأردنية إلى الدعوة لانتخابات تكميلية لتأمين نصاب مجالس النواب ليكتمل عديد أعضائه إلى 110 نواب.
يذكر ان عاما واحدا بقي من ولاية المجلس الحالي التي هي أربع سنوات، حيث ينتظر الدعوة الى انتخابات عامة في صيف 2007 ، ولا يعرف بعد ما إذا كانت جبهة العمل الإسلامي ستغامر بخوض المعركة المقبلة، رغم المآخذ التي تواجهها شعبيا ليس في الموقف من اعتبار الزرقاوي "شهيدا" بل لأنها في بيانات سابقة "كذّبت الرواية الأردنية الرسمية حول مخابئ أسلحة حركة حماس على الساحة الأردنية، بل أنها لم تخف ولاءها العلني للحركة التي تقود الحكومة الفلسطينية "وهذا يعني خروجها على الولاء الوطني".
وما أثار حفيظة الحكم الأردني هو ما صدر من تصريحات وردت على لسان أمين عام جبهة العمل الإسلامي زكي أبو رشيد أمس التي اعتبرت تحد سافر لمشاعر الأردنيين وثوابت الدولة الأردنية، وقالت المصادر الأردنية "ما صدر عن أبو رشيد يشير حتما إلى أن ان الحركة الاسلامية أخذت تفقد هويتها وتفقد صلتها العضوية بالاردن، مجتمعا ومؤسسات حكم ومعارضة، وأنها باتت تفكر وتعمل بطريقة اخرى تماما، تتناقض مع المبادىء التي قامت عليها الحركة، وقبلها الاردنيون على اساسها".
وكان امين عام جبهة العمل الاسلامي، قال "ان الموقوفين من الحزب على ذمة قضايا قضائية هم "رهائن". فهذا لا يحمل الا وجها واحدا للتأويل، وهو الوجه الذي يكشف صراحة مدى التحول داخل الحركة الاسلامية.. وخطورته!".
وعلقت صحيفة (الرأي) المتحدثة باسم الحكم الأردني على تعبير "رهائن" بقولها "هذه الكلمة لها ذات دلالات صريحة ومباشرة. واستخدام هذه الكلمة في سياق الحديث عن اجراءات قضائية يعني الكثير، ويفسر جوهر التناقض والخلل في اداء حزب جبهة العمل الاسلامي، عندما ينظر الى الدولة الاردنية بمؤسساتها وقضائها وتاريخها العريق، على نحو غير لائق بل و.. شائن!".
وقالت "الرهائن هم الذين يقعون في ايدي العصابات والتنظيمات المسلحة، ولا يوجد دولة في العالم تحترم نفسها وتتخذ "رهائن" مهما كانت الاسباب؛ والاردن بالذات كما يعرفه الاخوان المسلمون الحقيقيون، الذين نعرفهم ويعرفوننا، لم يلجأ الى هذا الاسلوب في اصعب مراحل تاريخه المعاصر".
وأضافت "لغة الرهائن، هي لغة عصابات، ولغة من لا يؤمنون بمبدأ الدولة، ومبدأ المؤسسات، ويعتمدون نهج التهويش والتخوين والبلطجة على الشعوب وعلى القيم وعلى مشاعر الناس!".
وأضافت الصحيفة " لو ان قصة قيام عدد من نواب جبهة العمل الاسلامي وقفت عند هذا الحد، لكان من الممكن ان تتم قراءتها على اكثر من تفسير.. ولكان من الممكن ان تقف عند هذا الحد.. حد النواب الاربعة، ولكن وبعد ان اصدر امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي تصريحاته المدوية؛ فمن الواضح ان الازمة أبعد واعمق مما تبدو عليه".
وقالت "وان جوهر الازمة يتلخص بأن الحركة الاسلامية أصبحت تفكر بعقلية الزرقاوي وذهنيته، وقد خرجت من ثوبها، وتبرأت من افكار ومبادىء الامام حسن البنا، القائمة على الدعوة السلمية والمشاركة والتصالح مع المجتمع بدلا من الاصطدام معه وتكفيره".
واشارت الى ان منطق التكفير هو الذي يسود لغة الحركة الاسلامية اليوم.. وخير دليل على ذلك وصف "الرهائن .. الذي يعني فيما يعنيه حالة الحرب، ووصف الدولة بانها دولة معادية لانها تأخذ "الرهائن" من الحركة الاسلامية.. وهذا هو، بالضبط جوهر فكر الزرقاوي، ومنطق حركات التكفير والهجرة، وازاء مثل هذا التحول المفصلي والخطير، يصبح من العبث افتراض حسن النوايا، والبحث عن تأويلات تجميلية. بل ان المطلوب الآن هو المزيد من الوضوح والصراحة والحزم، والتحدث مع الاسلاميين بمشاعر من القلق والريبة تجاه ما تشهده الحركة الاسلامية من تحولات خطيرة، تهدد أمن واستقرار البلد.
ونبهت (الرأي) إلى أن الحركة الاسلامية في الاردن، هي تقليديا، احدى دعائم الحياة السياسية والوحدة الوطنية. وقد نمت الحركة ونشأت واخذت مكانتها برضى الدولة، بل وبدعم مباشر منها "وقرار تحويل الحركة الى عصابة تكفيرية اقرب الى "جماعة الزرقاوي" لا يمكن ان يكون شأنا داخليا للحركة، ولا ان يترك امره الى السيد زكي بني رشيد وغيره من "عقلاء!" الحركة، لأن الثمن حينها سيكون غاليا جدا، وسيدفعه الاردن كل الاردن، وبلا استثناء!".
وتواصلت لليوم الرابع على التوالي اليوم ردود الفعل الشعبية الرافضة لزيارة أربعة نواب من جبهة العمل الإسلامي لبيت عزاء الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، في الوقت الذي طالبت فيه الحركة الإسلامية بالإفراج عن نوابها الموقوفين في سجن الجفر.
واعتبرت فاعليات شعبية وأكاديمية وسياسية أن ما قام به هؤلاء النواب خروج على الإجماع الوطني وتهديد للوحدة الوطنية، مؤكدة أن "الشعب الأردني لا يمكن أن يتعاطف مع العمليات الإرهابية لأنه يؤمن بالتسامح وبرسالة الإسلام الإنسانية".
وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من قرار المدعي العام لمحكمة أمن الدولة المقدم القاضي العسكري رائد ازمقنا توقيف النواب علي أبو السكر ومحمد أبو فارس وإبراهيم المشوخي وجعفر الحوراني، وجميعهم من أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي، 15 يوما على ذمة التحقيق في مركز إصلاح وتأهيل الجفر بتهمة النيل من الوحدة الوطنية وإثارة النعرات الطائفية والعنصرية والحض على النزاع بين عناصر الأمة.
وكان النواب الأربعة زاروا الجمعة الماضي بيت العزاء في الزرقاوي الذي وصفه أحدهم بـ"المجاهد والشهيد"، ما أثار ردود فعل شعبية عمت مدن المملكة وخصوصا من ذوي ضحايا تفجيرات فنادق عمان التي وقعت في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وتضمنت هذه التحركات مؤتمرا صحافيا عقده المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات والأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد ورئيس كتلة العمل الإسلامي النيابية عزام الهنيدي صباح أمس في المركز العام للإخوان بعمان، إضافة إلى اتصالات نيابية قادها الهنيدي إثر تصاعد مطالبات شعبية ونيابية تدعو لفصل النواب الأربعة من مجلس النواب.
روايات اعتقال الأربعة
وبمقابل روايات الصحف الأردنية اليومية التي توالت منذ زيارة النواب الأربعة حتى اعتقالهم، فإن صحيفة (السبيل) الناطقة باسم حركة الإخوان المسلمين تناولت في تقاريرها القصة من منظور آخر تماما، ونقلت في تقاريرها روايات لبعض عائلات النواب الأربعة المعتقلين حاليا في الجفر تمهيدا لتقديمهم بعد 15 يوما لمحكمة أمن الدولة.
وقالت الصحيفة الإسلامية إن الأجهزة الأمنية اعنلت النواب الأربعة من أعضاء كتلة جبهة العمل الإسلامي الأحد الماضي على خلفية تقديمهم العزاء لعشيرة الخلايلة من بني حسن وذوي أبو مصعب الزرقاوي، حيث تم تطويق منازل النواب بعدد من آليات الأمن العام المجهزة لمكافحة الإرهاب وبأكثر من 50 من رجال الشرطة المقنعين والمجهزين بأسلحتهم حسبما ذكرت عائلات النواب محمد أبو فارس وعلي أبو السكر وجعفر الحوراني وإبراهيم المشوخي لـ (السبيل)
وقالت زوجة النائب محمد أبو فارس لـلصحيفة إن الأجهزة الأمنية "حضرت للمنزل الساعة السابعة مساء، وقامت بتطويق المنزل من جهاته الأربعة بسيارات مكافحة الإرهاب المجهزة بالأسلحة والذخائر ورجال الشرطة المقنعين والمرتدين للألبسة الواقية للرصاص، ويحملون قنابل ورشاشات، وعندما فتحنا لهم الباب طلبوا من النائب الخروج معهم لاعتقاله فرفض، وقام الدكتور بإجراء اتصالات مع جبهة العمل لتبليغهم، ثم أدخلناهم لغرفة الضيوف وأخبرناهم أن الشيخ يجهز بنفسه، لكنهم أصروا على أن يتم اعتقاله مباشرة. وقام المسؤول عنهم بإعطاء الأوامر بالانتشار بالبيت وتفتيشه واعتقال النائب. وانتشر في البيت أكثر من 10 أفراد من رجال الأمن".
وأضافت زوجة النائب "عندما وصلوا لغرفة النوم منعتهم من دخولها لأن لها حرمة، كما أن النائب يجهز بنفسه ولا يريد الهروب من أي جهة، فقال المسؤول : إذا لم يخرج سنضطر لكسر الباب عليه، ثم خرج الشيخ وأمسكوا به من يديه وكأنه متهم وفار من وجه العدالة"، مشيرة إلى أن أفراد قوات الأمن "أخذوا تلفون ابنتي منها بحجة أنها قامت بتصويرهم وهم يعتقلون أباها".
وذكرت زوجة أبو فارس "أنهم منعوا النائب من الذهاب معهم بسيارته الخاصة، وقاموا باعتقاله بسيارات الأمن محاطا برجال الشرطة من الجهتين، وتحيط بهم سيارات مكافحة الإرهاب، دون أي اعتبار لكونه نائبا وممثلا للأردنيين".
وأكدت زوجة النائب أبو فارس ان التصريحات التي بثتها قناة العربية "ملفقة ومجتزأة من مقابلة مدتها 25 دقيقة أخذ منها 30 ثانية، لكنهم وللأسف حرفوا التصريحات بما يخدم أهدافهم".
وكان النائب محمد أبو فارس قد نفى ما نسب إليه من أقوال ليست في سياقها، منوها إلى أن "الذين قتلوا في اعتداءات الفنادق في عمان هم شهداء"، مضيفا أن الحركة الإسلامية "تحرم إراقة دم أي مواطن ولو كان غير مسلم"، مؤكداً أنه "يفتي بأن ضحايا اعتداءات عمان هم شهداء".
وذكر النائب أبو فارس في تصريح له على موقع الحزب يوم السبت الماضي أنه في مقابلته مع قناة العربية "فرّق بين نوعين من الشهداء الأول شهيد المعركة وحكمه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، والثاني شهيد الغرق أو الحرق أو الهدم وحكمه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وضحايا اعتداءات عمان هم من النوع الثاني".
رواية حمزة منصور
من جهته، قال رئيس مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور "اتصل بي النائب محمد أبو فارس الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الأحد وأبلغني أن مجموعات أمنية جاءت لتعتقله من بيته، وبعد قرابة العشر دقائق هاتفني مرة ثانية وأخبرني أنه تم اقتحام بيته واقتياده من قبل الجهات الأمنية، ولم يسمح له بمتابعة المكالمة حيث تم وقف المكالمة أثناء مهاتفتي له، وأكد ذوو النائب الخبر موضحين أن قرابة (50) عنصراً أمنياً يرتدون ملابس مختلفة، قاموا بمداهمة البيت واعتقال النائب".
وروت زوجة النائب علي أبو السكر لـ "السبيل" قصة اعتقاله قائلة "إن الأجهزة الأمنية حضرت للبيت الساعة الثامنة مساء لاعتقال النائب لكنه كان بالزرقاء، فبقوا حول البيت أكثر من ساعة ونصف حتى حضر النائب وتم اعتقاله، ولم يسمحوا له بالانتقال معهم بسيارته الخاصة"، مؤكدة على أن عددا كبيرا من رجال الشرطة وسيارات الأمن كان موجوداً حول البيت.
ووصف النائب علي أبو السكر في تصريح له قبل اعتقاله أن ما يجري هو إرهاب للمواطن الأردني من خلال إرهاب نوابه تعزيزاً لثقافة الخوف في المجتمع"، مشدداً على أنه "لا عقوبة إلا بنص، وأنه وزملاءه لم يقترفوا ذنباً بتعزيتهم لذوي الزرقاوي".
وشدد النائب أبو السكر في تصريحاته على أن موقف الحركة الإسلامية "واضح وجلي وقد أدنّا تفجيرات عمان التي أصيب فيها بعض ممن تربطنا بهم صلات قرابة، وأصدرنا بيانات بذلك وزرنا حينها بيوت عزاء شهداء التفجيرات"، مؤكدا على أن الحزب "يفرق بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب، فما يجري من احتلال في فلسطين والعراق من قتل وهدم وترويع هو الإرهاب، ويجب على الأنظمة العربية أن تحرص على وصفه بهذا الوصف".
أما محمد المشوخي ابن النائب إبراهيم المشوخي فروى حكاية اعتقال والده بالقول "كنا في جولة مع والدي في الزرقاء واتصل بنا ضابط يريد من النائب الحضور عندهم فقال والدي سأحضر بعد صلاة المغرب، لكننا فوجئنا لدى عودتنا للبيت بقوة أمنية كبيرة تحضر للمنزل لاعتقال والدي، شكلهم وكأننا في العراق أو أفغانستان وقاموا بإغلاق الطرق ونزلت القوات باتجاه البيت لكنهم لم يدخلوه، وخرج لهم والدي طالبا منهم أن يلحق بهم بسيارته الخاصة إلا أنهم رفضوا ذلك، وقاموا باعتقال النائب في سياراتهم يحيطون به من كل الجهات وكأنه مهدد لأمن البلد".
وذكر محمد أن والده "اكتفى بالقول معلقاً على ملاحقته قبل اعتقاله لا تخافوا سأكون بين أيدي أمينة فهؤلاء أهلنا وإخواننا".
وأخيرا، قال النائب الإسلامي المعتقل جعفر الحوراني أن "الأجهزة الأمنية جاءت لاعتقال النائب بعدة سيارات مكافحة إرهاب مجهزة وعدد من رجال الشرطة، وطلبوا منه مرافقتهم للمحافظ، وخرج معهم النائب بسيارته الخاصة وخرجوا معه كحراسة".