بلير يدافع عن سجله مع مسلمي بريطانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طالب زعماءهم بالتعاون في مكافحة الأرهاب
بلير يدافع عن سجله مع مسلمي بريطانيا
عادل درويش من لندن: دافع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اليوم امام لجنة برلمانية عن اجراءات حكومته لمكافحة ألارهاب وتعاونها مع المسلمين البريطانيين، وذلك في ضوء توجيه برلماني مسلم اتهامات إلى الحكومة بعدم اخذ استشارة المسلمين مأخذ الجد، واشارة استطلاعات الرأي الى زيادة عدد المتعاطفين مع "القاعدة" والجماعات المتطرفة. وكان بلير يواجه اسئلة صعبة على مدى ساعتين ونصف امام لجنة التنسيق البرلمانية المكونة من كبار النواب الذين يترأسون اللجان . أسئلة صدرت عن مختلف الأحزاب وتتهمه بانه مهتم بعناوين الصحف المثيرة التي تمتدح حكومته أكثر من اهتمامه بحل المشاكل التي يتحدث عنها، ووجه خلال إجاباته لوماً إلى المسلمين البريطانيين لعدم بذلهم جهودا كافية لمكافحة الأفكار المتطرفة التي تغذي الأرهاب. وقد اتهم النائب المسلم من حزب بلير الحاكم حكومته بالتكاسل في التفاعل بشكل أكثر عمقا ووثوقا مع المجتمعات الإسلامية في بريطانيا.
وكان النائب العمال صديق خان، عضو البرلمان عن دائرة توتينغ في جنوب لندن- حيث يقطن عدد كبير من المسلمين من مختلف ألاًصول العرقية والتي تضم عدداً من المساجد والمراكز الاسلامية- يتحدث قبل ثلاثة ايام من الذكرى الأولى للهجوم الارهابي الذي تعرضت له مواصلات لندن في يوليو الماضي واسفر عن سقوط 25 قتيلاً وجرح العشرات، على يد اربعة انتحاريين مسلمين ثلاثة منهم ولدوا ونشأوا في بريطانيا.
وقال خان ان خطة "قوة العمل" التي وضعتها الحكومة في اعقاب الهجوم - الذي تبنته "القاعدة" ضمناً ببث شريط سجله زعيم المجموعة الذي تحدث بلهجة انجليزية محلية من مقاطعة يوركشير خالية من اي لكنة اجنبية- لم تحقق أي انجازات تذكر من مجموعة الأهداف المحددة لها. لكن وزير شؤون الحكومات المحلية فيليب وولاس، ناقض خان بقوله ان انجازات كبيرة تحققت.
وكان خان القى محاضرة مساء امس في الجمعية الفابية، قال فيها ان خطة العمل تضمنت إنشاء سبع لجان عمل من المسلمين، وانه بعد عام كامل، لم تأخذ الحكومة سوى بثلاث من توصيات هذه اللجان. واعرب خان عن قلقه من تحول هذه اللجان السبع الى " مارش استعراضي" للحكومة امام كاميرات الأعلام والناس لتظهر كأنها تفعل شيئا.
وقال وولاس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ان مهمات مجموعة العمل واللجان التي تعرف بقوة مكافحة التطرف "شاقة وصعبة، والحكومة ليست في موقف تستطيع فيه ان تملي على المسلمين الخطوات التي يجب اتخاذها، بل عليها العمل مع المسلمين انفسهم ومع نواب مجلس عموم مثل النائب خان". واضاف ان "قوة العمل" قدمت 64 توصية، 27 منها فقط توصيات لجان حكومية والباقي توصيات اللجان الأسلامية والمسلمين انفسهم. واعترف بان هناك عددا كبيرا من شباب المسلمين يشعرون بالإغتراب من السياق العام للمجتمع الأسلامي البريطاني، ويحاولون البحث عن هويتهم كمسلمين بريطانيين.
وكان بلير التزم الخط نفسه في اقواله امام اللجنة البرلمانية صباح اليوم ان المشكلة ليست في عدم تحرك الحكومة او اتخاذ اجراءات حكومية، بقدر ماهي اثارة الجدل والمناقشات داخل المجتمعات ألاسلامية نفسها، مضيفا: " يجب ان يكون الجدل والحوار ذا طبيعة اساسية و جوهرية وبالغ العمق داخل المجتمع ألاسلامي البريطاني نفسه عندما تهب الأغلبية المؤمنة المسلمة في وجه المتطرفين وترفض افكارهم وليس وسائلهم فحسب". ويرى بلير انه "لايمكن دحر الإرهاب الا بدحر الأفكار التي تبرر الإرهاب وهذا واجب المسلمين انفسهم".
وكان نصف عدد المسلمين ( 1131) الذين سئلوا في استطلاع للرأي اجرته الأذاعة المستقلة "أي تي إن"، أبدوا اعتقادهم بأن الحكومة لاتبذل مايكفي من الجهد لمكافحة الأرهاب والتطرف داخل المجتمعات الإسلامية البريطانية. لكن مايزعج المراقبين هنا ان 7% من العينة يرون انه يمكن تبرير هجمات يوليو الماضي "بشروط معينة"، واذا كانت العينة ممثلة لمسلمي بريطانيا البالغ عددهم مليوناً و 600 الف، فسيعني هذا ان قرابة 112 الف مسلم قد يجدون مبررا لوقوع هجمات ارهابية ضد وطنهم.
وقال رئيس الوزراء بلير ان هزيمة الإرهاب مهمة مستحيلة امام اي حكومة وحدها دون دعم مواطنيها. وكانت حكومته اتخذت اجراءات لم يسبق لها مثيل في تاريخ بريطانيا مثل تعديل قوانين مكافحة الإرهاب، والتحرك لترحيل الأئمة المتطرفين الذين يبثون دعوى الكراهية، خاصة ان عددا كبيرا من المسلمين يعتقدون بأنهم مضطهدون على أيدي حكومات غربية، في حين انهم جزء من المجتمعات الغربية، كمسلمين بريطانيين. وكرر بلير مناشدته للمجتمع الأسلامي بقوله انه لايكفي ان يقول اغلبية المسلمين " من الخطأ ان تقتل الناس بطريق الأرهاب، بل يجب ان تقول الأغلبية لهؤلاء المتطرفين انهم مخطئون في الأفكار التي يروجونها عن الغرب". واضاف انه يعرف ان "غزو العراق عام 2003 لايلقي شعبية وانما معارضة كبيرة، لكن معارضة الحرب، كما يقول " لاتبرر هذه الأفكار [ المتطرفة ] المنتشرة والتي يتم تبادلها وترويجها بحرية داخل المجتمع الأسلامي اليوم."
شكوك واسعة
لكن رئيس اللجنة البرلمانية جون دينهام كرر على رئيس الوزراء سؤاله عن سبب تقاعس الحكومة عن تطبيق التوصيات. ودافع بلير بقوله ان الوزراء يحاورون المجتمع الأسلامي وتأسست لجنة من ائمة المساجد للتأكد من عدم بث خطب الكراهية.
وفي لقاء منفصل مع ال"بي بي سي"، برر دافيد بلانكيت، وزير الداخلية الأسبق، تراجع وزارة الداخلية عن تحقيق النجاح في الحوار داخل المجتمعات الاسلامية، بانشغال الوزارة بالتعديلات التي ادخلت على عملها وتغيير قيادتها في الأشهر الأخيرة، مما يعني انتقاد ضمنيا لإصلاحات بلير في الداخلية. وقالت البارونة اودين، وهي عضو مسلمة في مجلس اللوردات، ان اللجان العاملة امامها مرحلة من التوسع في الإتصالات بالنساء المسلمات في المجتمع البريطاني، وكررت انه لايكفي ان تدين النساء الارهاب، بينما يجب ان يدخلن في حوار مع الأبناء والأزواج لمحاربة الأفكار المروجة للأرهاب. واضافت هي الأخرى ان بلير قال ما فيه الكفاية، ويجب ان يبدأ العمل، مما يعني انتقادا ضمنيا لزعيم الحزب الذي تنتمي اليه بأنه يكثر من التصريحات دون الأفعال.
وابدى النائب المحافظ والوزير السابق تيم يو، نائب رئيس لجنة التنسيق التي استجوبت بلير ، عدم ارتياحه او اقتناعه بإجابات رئيس الوزراء بشأن مختلف القضايا، مضيفا انها اجابات أكدت شكوك اللجنة المبدئية في أن الرجل يطلق تصريحات يقصد منها اثارة عناوين صحافية ترفع من شعبيته دون وجود ما يدل على اتخاذ حكومته اجراءات لتنفيذ سياسة تحل المشاكل او تترجم تصريحاته الى حلول عملية.
وتهرب النائب العمالي جون دينهام رئيس لجنة التنسيق من توجيه لوم مباشر إلى زعيمه بلير بالأجابة عن سؤال الصحافيين عما اذا كان بلير تمكن ان اثبات برائته من تهمة اطلاق التصريحات المثيرة دون تطبيق عملي، فقال ان لدى اللجنة الآن فكرة عن مكمن المشكلة، وان هناك سوء تفاهم وعدم تواصل في الحوار؛ وخطورة الفشل تظهر في عدم استمرار العمل مع الشباب في المجتمع الأسلامي لمدة طويلة الأمد.
واضاف ان الحوار والعمل مع اللجان السبعةالأسلامية بدآ بحماسة شديدة قبل عام، لكن الحماسة فترت لاحقاً، وفقدت "قوة العمل" الزخم الذي بدأت به . وأشار الى ان فكرة انشاء لجنة للتماسك الأجتماعي وتلاحم المسلمين مع بقية المجتمع أعلنت قبل ستة اشهر، ولم يبدأ العمل بها في الواقع، مما يشير ضمنيا الى موافقته على الشك الذي يسود جميع اعضاء اللجنة . ومختصره ان بلير بارع في اطلاق تصريحات وصياغة افكار بمهارة بائع متجول يقنعك بشراء اي بضاعة، وينجح في تفجير عناوين مثيرة في الصحف، لكنه لايتبع هذه العناوين بخطوات عملية لمواجهة المشاكل.