أخبار

تعبير ثمن الحرب في الخطاب الإسرائيلي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسامة العيسة من القدس

إخلاء جندي قتيل لم يجد حزب الله صعوبة كبيرة، لتسويغ صمود اللبنانيين، أمام آلة الحرب الإسرائيلية، والثمن الفظيع الذي دفعوه وما زالوا يدفعونه، فاعتبر ذلك ثمنا للكرامة، وهو ما يظهر أيضا في التصريحات التي تبثها وسائل الإعلام للمهجرين والصامدين في قراهم الذين يؤكدون على أن ما يجرى لهم هو "ثمن الكرامة".

وقال السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، في خطابه المتلفز الذي بث في ساعة مبكرة من فجر اليوم بان البيوت التي هدمت ستبنى، وكذلك البنى التحتية أما المهم فهي الكرامة التي قال "لن نقبل أن يمسها أحد".

ومن بين الخرائب قال رئيس بلدية صيدا لقناة الجزيرة "الكرامة..المهم الكرامة، كرامتنا فوق كل شيء"، ويشبه هذا الخطاب ما يردده الفلسطينيون دائما، في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، التي دفعوا ثمنها الكثير.

ويظهر نصر الله في كثير من الكتابات، على مواقع المدونين العرب بصفته الشخص الذي يذود ليس فقط عن الكرامة اللبنانية ولكن ما تصفه تلك الكتابات بـ "الكرامة العربية والإسلامية".

وإذا كان اللبنانيون والفلسطينيون، يتحملون ويلات الحروب باعتبارها "ثمن الكرامة"، فلماذا يتحمل الإسرائيليون ما يصيبهم من جراء تلك الحروب، وان كان ذلك اقل بكثير مما جرى ويجري للبنانيين والفلسطينيين.

إسرائيليون لا يغادرون الملاجئ في بداية هذه الحرب على لبنان، نزل نحو مليوني إسرائيلي في شمال إسرائيل، إلى الملاجئ، بينما ذهب الاف منهم من القادرين ماديا إلى فنادق تل أبيب والقدس، ومنتجعات البحر الميت وايلات، معلنين دعمهم لحكومتهم، لكن مع سقوط قتلى وجرحى من بينهم كان لا بد للمؤسسة العسكرية أن تجد تسويغا تقنع فيه الإسرائيليين بالتحمل والصمود فأعلن دان حالوتس رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي الذي يقود المعارك، ويعتقد انه يجر السياسيين ورائه معلقا على الخسائر الإسرائيلية "..إنها ثمن الحرب".

والتقط الناطقون الإسرائيليون العبارة، وبشكل بدى وكأنه مدروسا، فاصبحت عبارة "ثمن الحرب" تتكرر في المؤتمرات الصحافية والايجازات التي يعقدها قادة الجيش الإسرائيلي لتقديم معلومات عن سير المعارك.

الشارع الإسرائيلي متوتر ومنقسم وانتقلت العبارة إلى وسائل الإعلام، فبعد سقوط أية صواريخ لحزب الله على المدن الإسرائيلية، أو الإعلان عن مقتل عسكريين ومدنيين، تتكرر عبارة "ثمن الحرب" و"هذا ثمن الحرب ويجب التحمل".

ولكن التحمل بالنسبة لكثيرين من الإسرائيليين يبدو انه اصبح أمرا صعبا وانهم بدو غير مقتنعين في دفع "ثمن الحرب"، فالذين ما زالوا داخل الملاجئ يجدون صعوبة كبيرة في تحمل ذلك، خصوصا مع ازدياد المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بينهم، وازدياد حالات السرقة لممتلكاتهم المهجورة، وتسجيل حالات عديدة للانفصال والطلاق والشجارات التي لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، بسبب الظروف الضاغطة في الملاجئ.

وارتفعت شكاوى الإسرائيليين محدودي الدخل من ضعف السيولة النقدية لديهم، ويصرخون عبر محطات التلفزة "ليس لدينا نقود، نريد نقودا".

وبداوا يطالبون الحكومة بصرف مساعدات، ولكن الأخيرة تتلكأ لعدم وجود قوانين تنظم صرف الأموال في مثل هذه الحالات، أما الذين امضوا أيام الحرب الأولى في المنتجعات وفنادق الوسط والجنوب، فأخذوا يعودون إلى الملاجئ بعد أن نفذت أموالهم، ليدفعوا من جديد "ثمن الحرب".

ويدرك السياسيون حالات الضغط المتصاعدة، فيحرص كثيرون منهم على النزول إلى الملاجئ لمواساة ساكنيها، مثل الوزير مئير شطريت، ورئيس الدولة موسى قصاب وغيرهما.

ولكن السياسيين لم يستطيعوا تحمل غضب ساكني الملاجئ ولم يقدموا لهم سوى الوعود بحل قريب مؤكدين أن عليهم تحمل "ثمن الحرب".

جنود إسرائيليون يواسون أنفسهم بعد مقتل جندي ومع دخول الحرب يومها الخامس عشر، يزداد تنبه الأقلام الإسرائيلية إلى مصطلح "ثمن الحرب" واخذ الصحافيون يتساءلون عن أي ثمن يتوجب دفعه؟ ولماذا يتوجب دفعه؟ وأية حرب هذه والى أي مدى ستستمر ومعها، سيستمر على الإسرائيليين دفع "ثمن الحرب"؟

اللبنانيون يدفعون الثمن من اجل الكرامة كما يقول نصر الله وغيره من فرقاء لبنانيين، أما الإسرائيليون فيريدون حربا، ولكن بدون ثمن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف