7 سنوات من حكم محمد السادس في المغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد نجيم من الدار البيضاء: تحل يوم غد الأحد (30 يوليو) الذكرى السابعة لوصول العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الحكم خلفا لوالده الراحل الملك الحسن الثاني. وإذا كان محمد السادس قد أكد في أولى حواراته أن أسلوبه في الحكم سيكون مختلفا عن أسلوب والده الذي حكم 38 سنة، فإن هذا الأسلوب تجلى في السنوات الأولى من خلال قيامه بإصلاحات تركزت بالأساس على الجانب الاجتماعي حتى أضحى العاهل الجديد يلقب ب"ملك الفقراء".
وهذه السنة كانت سنة جلب الاستثمارات العربية الكبرى، خاصة الإماراتية، فقد ارتفعت وتيرة الاستثمار الخليجي في المغرب بشكل لافت. وحسب الوزير الأول المغربي إدريس جطو فإن هذه الوتيرة تعود بالأساس إلى العلاقات القوية جدا والشخصية التي تربط الملك محمد السادس بملوك وأمراء دول الخليج. فقد ارتفع حجم الاستثمار الإماراتي في المغرب بشكل لافت في الأيام الأخيرة، إذ بلغ حجم استثمار "دبي القابضة" قرابة 12 مليار دولار، في حين وصل حجم شركة "إعمار" إلى 5،2 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات أخرى لمجموعة من المؤسسات الإماراتية منها "صندوق أبو ظبي للتنمية" الذي يصل حجم استثماراته إلى 300 مليون دولار. وأضخم هذه المشاريع إنجاز ميناء طنجة المتوسط والمنطقة المتوسطة في الشمال المغربي، بالإضافة إلى ذلك ستسند مهمة تسيير الميناء إلى مؤسسة "جبل علي" الإماراتية. وبذلك يتفوق الإماراتيون على المستثمرين الخارجيين التقليديين، وفي مقدمتهم الفرنسيون والإسبانيون.
وكان رئيس نادي المستثمرين العرب، السعودي جمال باعامر، أكد ل"إيلاف" أنه ينظر بفخر إلى هذا الاستثمار الإماراتي، مشيرا الى أن السعوديين كانوا أول من استثمر في المغرب، وقد ساعدت هذه التجربة العديد من الدول على الاستثمار في المغرب. وأكد أن رؤوس الأموال بدأت تعي اهمية الاستثمار في الدول العربية، لذا سيضاعف حجم الاستثمار في المغرب.
وقد شهدت الاستثمارات الإماراتية تحولات كبيرة، ففي الثمانيات من القرن المنصرم، اهتمت بالجانب الإنمائي والإنساني، عبر صندوق أبو ظبي للتنمية، وبدعوة من رئيس الإمارات الراحل الشيخ زايد، وساهمت تمويلات الصندوق في إنشاء موانئ وسدود ومطارات ومجمعات سكنية.
وتتوفر الشركات الإماراتية على أسهم في مؤسسات حكومية، فالشركة المغربية الإماراتية للتنمية تساهم في عدة قطاعات، مثل القطاع البنكي عبر "القرض العقاري والسياحي" والقطاع السياحي من خلال "النخيل للسياحة" بالإضافة إلى قطاعات الاسمنت والصيد في أعالي البحار والصناعة والتجارة.
وخلال التسعينات شهدت الاستثمارات الإماراتية نقطة تحول من خلال الاهتمام بالجانب الاستثماري، لا سبما قامت به شركة "عنتوت" للاستثمارات السياحية، التي يمولها وزير البترول السابق مانع سعيد العتيبة، وتملك هذه الشركة سلسلة فنادق "شيراتون" في المغرب، بالإضافة إلى فندقي "ميراج" بمدينة مراكش، كما دخلت على الواجهة شركة الاستثمار الإماراتية، إذ حازت على صفقة تهيئة محطة "مازاكان" بمدينة الجديدة، جنوب الدار البيضاء، بقيمة 500 مليون دولار.
وتظل أضخم الاستثمارات الإماراتية في المغرب خلال السنوات الأخيرة، ما أقدمت عليه شركتا "دبي القابضة" و"إعمار"، فهذه الأخيرة استثمرت في المغرب 5،2 مليار دولار، من خلال مشروع "خليج بهية" ب1،2 مليار دولار ومشروع سياحي عقاري في مراكش ب500 مليون دولار، ومشاريع استثمارية أخرى، وتدخل شركة "إعمار" الإماراتية في إطار تعاقدي مع مؤسسة "أونا" أكبر هولدينغ مغربي تابع للقطاع الخاص.
أما أكبر استثمار إماراتي فيبقى ل"دبي القابضة"، إذ وقعت أخيرا في المغرب اتفاقيات لاستثمار 12 مليار دولار ضمن مشاريع تطوير ضخمة في مدن أربعة مدن رئيسية في المملكة المغربية سيتم تنفيذها على مدى الخمس سنوات القادمة.
وتقوم شركة دبي الدولية للعقارات ذراع الاستثمار والتطوير العقاري الدولي لدبي القابضة بالاشتراك مع صندوق الإيداع والتدبير المغربي.
وأكد عبد الله القرقاوي، رئيس مؤسسة "دبي القابضة" أن "المملكة المغربية تأتي ضمن صدارة الأسواق التي تعتزم دبي القابضة الاستثمار بها، حيث تعد المشاريع التي تم الإعلان عنها اليوم باكورة سلسلة من مشاريع التطوير التي نعتزم تنفيذها بالمملكة المغربية، بكلفة استثمارية تصل إلى 12 مليار دولار أميركي، مما سيجعل من دبي القابضة ضمن أكبر المستثمرين الدوليين والعرب في المملكة المغربية"، مشيراً إلى أن استثمارات دبي القابضة والشركات التابعة لها في المغرب وبقية الدول العربية تأتي في ضوء توجيهات من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتعزيز التعاون مع الدول العربية باعتباره المحور الأساسي لنمو وازدهار المنطقة ككل".
وعزا القرقاوي اهتمام "دبي القابضة" بالمغرب إلى ما يتمتع به من "بيئة استثمارية تعد ضمن الأفضل من نوعها، ليس على مستوى منطقة الشرق الأوسط فقط وإنما على المستوى العالمي أيضاً"، بالإضافة إلى الثقة "بآفاق النمو المستقبلية للاقتصاد المغربي" في ظل قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
مشاريع "دبي القابضة" تتنوع من "مشروع "أمواج" في مدينة الرباط البالغ كلفته ملياري دولار، حسب فرحان فريدوني الرئيس التنفيذي لشركة دبي الدولية للعقارات، وأضاف هناك مشروعين آخرين سيتم تنفيذهما في مدينة الدار البيضاء، هما "دبي تاورز- كازابلانكا" البالغ كلفته 600 مليون دولار أميركي و"مارينا دي كازابلانكا" البالغ كلفته 500 مليون دولار أميركي، عقب إعلان شركة المنار التابعة لصندوق الإيداع والتدبير عن انطلاق الأشغال في المشروع أخيرا بحضور العاهل المغربي محمد السادس.
بالنسبة إلى مارينا دي كازابلانكا، فستكون "تحفة معمارية في الدار البيضاء، وستتكون من مساحات مكتبية فخمة، ومركز للتسوق والترفيه، وشقق سكنية، وفنادق فخمة، ونادي ومرفأ لليخوت".
كما أن الاستثمارات البحرينينة دخلت هي الأخرى هذه السنة إلى المغرب بفضل الصداقة الشخصية التي تربط ملكي البلدين، وستشرف شركة "بيت التمويل الخليجي" البحرينية على مشروع "بوابة المغرب" ب1،4مليار دولار من خلال مشاريع في مدينتي مراكش وطنجة في الشمال المغربي.
وقد تحسنت العلاقات المغربية القطرية بعد فترة فتور وتوجت خلال السنة السادسة لحكم الملك محمد السادس بزيارة أمير قطرالشيخ خليفة بن حمد ال ثاني إلى المغرب وتدشين مشروع استثماري في الشمال المغربي، إذ استثمرت "الديار القطرية للاستثمار العقاري والسياحي" في مشروع سياحي في منطقة هوارة في الشمال المغربي، وبلغت كلفة المشروع الذي حضر أمير قطر انطلاقته، في المرحلة الأولى170 مليون دولار, ويخص وعاء عقاريا تصل مساحته إلى230 هكتارا.
كما نشطت الاستثمارات الكويتية خاصة في بناء طرق السيار، وأعلنت شركة "كوارل" البترولية السعودية السويدية عن استثمار خلال هذه السنة بحجم 600 مليون دولار يخصص لتطوير وتجديد مصفاة شركة "لاسامير" التابعة ل"كورال".
ولم يكن الاستثمار العربي الوحيد، بل شهد المغرب ارتفاع وتيرة الاستثمار الخارجي من قبل شركات فرنسية وإسبانية وأميركية.
العاهل المغربي يركز كثيرا على نهضة اقتصادية مغربية من أجل القضاء على الفقر والبطالة وتحسين الدخل للمواطن، وفي هذا السياق أطلق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وجال مدن وقرى المغرب في أكبر رحلة يقودها منذ وصوله إلى الحكم، وأعطى انطلاقة مشاريع كثيرة ومتنوعة.
وعلى مستوى حقوق الإنسان، شهدت السنة السادسة من حكمه بداية النهاية لموضوع انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب من قبل الدولة، إذ اختتمت هيئة الحقيقة والإنصاف تقريرها عن الوضعية واكتشفت مقابر جديدة لضحايا أحداث الدارالبيضاء سنة 1981، كما سيتم الإعلان عن حجم تعويض الضحايا . ولعل الصورة الأكثر تعبيرا عن المصالحة بين الدولة والمواطن هي ذلك العناق الحار بين الملك محمد السادس وزوجة الجندي الديك، كان قد اعتقل في إحدى الانقلابات ضد الملك وتوفي في تازمامارت. وقد حدث ذلك يوم السادس من يناير (كانون الثاني) بالقصر الملكي عندما استقبل العاهل المغربي مجموعة من ضحايا وعائلات انتهاكات حقوق الإنسان.وكان العاهل المغربي أعلن في خطاب بالمناسبة في اليوم نفسه على أن مصالحة الصادقة للمغاربة مع ماضيهم "لا تعني نسيان الماضي، فالتاريخ لا ينسى. وإنما تعتبر بمثابة استجابة لقوله تعالى : "فاصفح الصفح الجميل". وإنه لصفح جماعي، من شأنه أن يشكل دعامة للإصلاح المؤسسي. إصلاح عميق يجعل بلادنا تتحرر من شوائب ماضي الحقوق السياسية والمدنية".
ومن تجليات هذه المصالحة كذلك إعداد تقرير عن 50 سنة من استقلال المغرب ودعوته إلى نشر التقرير كي يطلع عليه المواطن، وذلك "لتركيز الجهود للنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكافة مواطنينا، ولاسيما منهم الذين يعانون معضلات الفقر والأمية، والبطالة والتهميش".
غير أن ملف حقوق الإنسان لم يخل من احتجاجات كثيرة لجمعيات حقوقية، خاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، إذ اعتبرا نتائج ما توصلت إليه الهيئة الإنصاف والمصالحة التي عينها الملك ناقصة، كما دعا إلى ضرورة الكشف عن جميع الحالات وفي مقدمتها قضية الزعيم اليساري المغربي المهدي بنبركة، وطالبت الجمعيتان بمحاكمة المسؤولين عن تلك الجرائم وإبعادهم من مواقع المسؤولية.
وشهدت السنة تجليا آخر لاهتمام الملك بوضعية النساء، إذ تخرج أول فوج لواعضات دينيات في المغرب، وباشرن عملهن الميداني قبل أسابيع فقط، وهذه أول مرة في تاريخ المغرب تقتح النساء عالما ظل حكرا على الرجال.
غير أن أكثر الانتقادات التي وجهت إلى الملك هذه السنة، ركزت كثيرا على تهميش دور مؤسسة الوزير الأول، إذ لم تعد الأحزاب المشكلة للأغلبية في الحكومة بقيادة التقنوقراطي إدريس جطو تطبق سوى سياسة الملك محمد السادس، وتساءلت افتتاحيات كثيرة عن دور الأحزاب المغربية والوزراء، وما إذا كان الملك وراء كل المبادرات والمشاريع الكبرى التي يشرف عليها شخصيا وتتبعها حتى ساعات الصباح الأولى كما حدث قبل أسابيع لما زار ورش مشروع "أبي رقراق" الساعة الرابعة صباحا.
لقد شكلت السنة السادسة من حكم الملك محمد السادس تصعيدا في وتيرة المشاريع الكبرى في المغرب، وكانت سنة المشاريع الاقتصادية الكبرى، وينتظر المواطن أن تنعكس تلك المشاريع على وضعه اليومي.