وزيرة خارجية بريطانيا تراوغ في ادانة اسرائيل

عادل درويش من لندن: ازدادت الضغوط اليوم على حكومة توني بلير - الذي انخفضت شعبيته في استطلاعات الرأي -لإتخاذ موقف مستقل عن واشنطن بشأن الشرق الأوسط، بينما تعرضت لإنتقاد نواب من حزب العمال الحاكم، وعدد من الوزراء، بعد رفض وزيرة الخارجية مارغريت بيكيت وصف الغارة الأسرائيلية على قانا بانها استخدام مفرط وغير مناسب للقوة.

وكانت بيكيت تتحدث الى البي بي سي لتدخل بعدها في نقاش مع مذيع البرنامج الذي الح عليها ان تصف بكلمة واحدة ماحدث في قانا من جراء القصف الأسرائيلي الذي اسفر عن مصرع 60 مدنيا بينهم 37 طفلا، وسألها عما إذا كان رد الفعل الاسرائيلي غير مناسب ومفرط باستخدام القوة ؛ فراوغت وزيرة الخارجية في الأجابة وتحدثت عن ضرورو التوصل لإتفاق شامل. وكرر المذيع السؤال مطالبا بالإجابة المباشرة وماإذا كانت تشارك وزير آخر في مجلس الوزراء الرأي في استخدام الكلمة نفسها؟

وكان جاك سترو، زعيم مجلس العموم، وهو حامل حقيبة وزارية للشؤون البرلمانية، وشغل منصب وزير الخارجية حتى شهرين فقط، قال يوم السبت في لقاء في دائرته ان اسرائيل استخدمت القوة بشكال مفرط وغير مناسب.

وردت بيكيت بان الكلمات وانتقائها مهم لأنها تريد تجنب رد فعل سلبي من ألاسرائيليين فالمهم الآن، حسب قولها، هو ابقاء قنوات الحوار مفتوحة مع جميع ألاطراف بدلا من دفع الطرف الأسرائيلي " لآغلاق اذنيه ورفض الإنصات".

والح المذيع عليها مرة اخرى بسؤال عن سبب تأخر الضغط على الإسرائيليين بفرض وقف للقصف الجوي، والذي بدأ بـ 48 ساعة امس، بضغط مباشر من جانب وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. فقالت بيكيت ان الجهود تركز على وقف دائم وليس مؤقت لأطلاق النار والتوصل الى تسوية.
وهنا سألها المذيع بشكل حاد " الحقيقة هنا انه لو ضغطت اميركا على اسرائيل الأسبوع الماضي لكان الضحايا المدنيين وأكثرهم من ألاطفال في قانا لايزالون على قيد الحياة هذا الصباح، لأن وزيرة الخارجية الأميركة تقول للاسرائيلين اقفزوا فيقول الغسرائيليون : حاضر ... الى اي ارتفاع نقفز؟"

لكن وزيرة الخارجية البريطانية التي بدت مرتبكة ولاتعرف ماذا تقول بالضبط واجاباتها غير مقنعة، كررت بشكل ببغائي ما رددته من قبل وقلدت نظيرتها ألامريكية في توقع التوصل لتسوية هذا الأسبوع، بسبب تكثيف العمل الديبلوماسي، والتوصل الى اجماع عالمي على ضرورة وقف اطلاق النار.

وفي لقاء مع البي بي سي قال عضو الكنيست عن الليكود ووزير الخارجية الاسرائيلي السابق سيلفان شالوم ان اسرائيل لم تكن تعلم بوجود مدنيين في مبنى في قانا وادعى ان حزب الله اطلق الصواريخ منه، خاصة وان اسرائيل دعت السكان المدنيين لآخلاء المنطقة. لكن المذيع قاطعه وكرر عليه ان قصف اسرائيل للطرق وقصف قوافل السيارات منعت الناس من المغادرة.

وفي كاليفورنيا التي يزورها بدعوة من مليونير الصحافة روبيرت ميردوخ، طالب بلير الجميع " بممارسة اقصى درجات ضبط النفس"، وهو يقصد حزب الله وإسرائيل، لكنه لم يدعو الى وقف فوري الى اطلاق النار مثلما يطالب نواب العمال وغالبية الشعب البريطاني ومعظم افتتاحيات الصحف.

وفي استطلاع للرأي في عطلة نهاية الأسبوع اتضح ان شعبية رئيس الوزراء بلير تراجعت بشكل كبير بسبب التزامه بالخط ألاميركي، حيث اعربت الأغلبية من البريطانيين عن اعتقادها بان بريطانيا وامريكا هما القوتان الوحيدتان في العالم اليوم اللتان تعرقلان التوصل لإتفاق عالمي على وقف فوري لآطلاق النار في لبنان.

وقال 67 % من البريطانيين في استطلاع اجرته مؤسسة موري، قبل وقوع مجزرة قانا، انهم غير راضين عن اداء رئيس الوزراء بلير بينما قال 23 % انهم راضون عنه. وهذه اسوأ نسبة حصل عليها بلير اذا كانت اسوأ نسبة قبل شهر ونصف هي 44% . اما بين مؤيدي واعضاء حزبه الحاكم فقد قال اقل من النصف انهم راضون عن ادائه.

وقد اتفقت الصحف كلها هنا اليوم في افتتاحياتها على ان ماوقع في قانا هو مجزرة ضحيتها الأطفال، وراى بعض المعلقين ان حادثة قانا ستركز انتباه العالم على ضرورة العمل الديبلوماسي لوقف اطلاق النار، واجمعت الصحف على ان تقارب بلير مع الأمريكيين يضر بالمصالح البريطانية. بينما رأي معلق واحد فقط ان المأساة تكمن في ان الأسرائيليين يعتقدون انهم يحاربون معركة بقاء لأن حوب الله امتداد لأيدولوجية ايرانية تدعوا الى ازالة اسرائيل من على الخريطة.