أخبار

نصرالله للانتصار أو الشهادة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لعبة عض الاصابع من 1992 الى 2006
حسن نصرالله المحكوم بالانتصار ... او الشهادة

بلال خبيز: في شهر تموز(يوليو) من العام 1993 شنت اسرائيل حرباً جوية على جنوب لبنان استهدفت حزب الله ومقاتليه ومسؤوليه ومؤسساته. يومذاك اجتمع الرؤساء الثلاثة الياس الهراوي رئيس الجمهورية ونبيه بري رئيس المجلس النيابي ورفيق الحريري رئيس الحكومة بوزير خارجية الولايات المتحدة وارن كريستوفر في زحلة للتباحث في وقف العدوان، وقرر الرؤساء على الأثر ارسال الجيش إلى الجنوب. لكن قائد الجيش يومذاك العماد اميل لحود ابلغ القيادة السورية بما عزم عليه الرؤساء الثلاثة وافشل الخطة. كان حزب الله عام 1993 يخوض حرباً غير شعبية في لبنان بكل المقاييس، بل وكانت حركة امل ولسنوات قليلة سبقت هذه الحرب تصلي خيار مقاومة اسرائيل عداء جهيراً، فشعار حركة امل الشهير الذي خاضت على اساسه حروبها الداخلية كان: "لا للعودة إلى ما قبل 1982"، أي لا للعودة إلى الصراع غير المتكافئ مع العدو الإسرائيلي والذي كلف الجنوب والجنوبيين خسائر لا تعوض في الارواح والارزاق.

يومذاك لم يكن السيد حسن نصرالله قد اصبح زعيماً لبنانياً كبيراً. كان قد خلف السيد عباس الموسوي في منصب الامين العام لحزب الله بعد اغتيال الاخير في الشهر السادس من العام 1992، ولم يكن قد تعود اللبنانيون والشيعة عموماً على وجهه وإطلالته وما كانوا قد انتبهوا إلى بلاغته وفصاحته وترابط افكاره بعد. كان السيد حسن نصرالله يومها زعيماً ناشئاً في بدايات محاولته لشق مستقبله السياسي.

قيض لحزب الله ان يخوض حروبه الكبرى تحت قيادة السيد حسن نصرالله، في العام 1993 حين كان لا يزال حزب الله محاصراً حتى في وسط الطائفة الشيعية، استطاع السيد حسن نصرالله ان ينجو بحزبه من كافة الاخطار الداخلية والخارجية وان يخرج منها شبه منتصر، وفي العام 1996، وفي ظل قيادة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خاض السيد نصرالله حربه الكبيرة الثانية واستطاع ان يخرج منها شبه منتصر، وفي العام 2000 سجل السيد حسن نصرالله انتصاره الاكبر الذي تمثل بحلول قواته ومقاتليه محل الجيش الإسرائيلي وميليشات انطوان لحد المتعاملة معه في الجنوب اللبناني.

يمكن القول ان السيد حسن نصرالله قاد حزب الله في حروبه الكبرى كلها، وانه نجح دائماً في ان يخرج منتصراً. رغم انه لم يخض حرباً واحدة من حروبه الكبيرة في ظل ظروف مؤاتية داخلياً وخارجياً. كانت حروب نصرالله على الدوام محفوفة بالمخاطر واستطاع دائماً ان ينجح في تحقيق النصر والبقاء لاعباً اساسياً في المشهد السياسي اللبناني. لكن زعامة السيد نصرالله عرفت اوجها واعلى مراتبها بعد الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، ذلك ان الرهان الكبير الذي دخل فيه نصرالله وحزبه كان يشبه مغامرة كبرى، فلم يكن احد يستطيع ان يتخيل قبل العام 2000 ان ينسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني مرغماً بفعل ضربات المقاومة التي يقودها السيد نصرالله. كان النصر الذي حققه السيد نصرالله قائداً لحزب الله تاريخياً بكل معاني الكلمة، إلى حد ان زعامته التي تعاظمت وكبرت في عيون اللبنانيين والعرب بدت كأنها زعامة لن تتكرر حققت نصراً يصعب تكراره ان لم يكن يستحيل ذلك فعلاً.

حسن نصرالله زعيم الإنجاز الذي يصعب تكراره. وهو لهذا السبب يشبه إلهاً اغريقياً يأتي من الاساطير اليونانية. يبني مجده بالجهد والعض على الجرح والصبر ويستطيع في النهاية في لعبة عض الأصابع ان يصبر على الألم إلى حد لا يتحصل لأي زعيم آخر.

بطبيعة الحال لم يكن انجاز السيد نصرالله انجازاً فردياً بل ان تضحيات المقاتلين والمناضلين في حزب الله تكاد تعصى على الوصف فضلاً عن معاناة المواطنين واللبنانيين عموماً. لهذا السبب ربما كان هذا الزعيم الإستثنائي يستمد قوته المطلقة من قدرته على الوفاء بوعوده. فهو حين يعد اللبنانيين والعرب بالنصر يحقق النصر رغم الشكوك العميقة التي تأسر الجميع من حوله. وهو حين يعد بالأمان يحقق الأمان.

ارتبطت زعامة السيد نصرالله في اذهان اللبنانيين بقدرته على الوفاء بوعوده، وبحسن تبصره بما يجري من حوله، وقدرته على خوض المغامرات الرابحة، حين يقعد الجميع عن خوض المغامرات. لذا كان السيد طوال هذا الوقت محكوماً بالنصر. فلو حدث وان تعرض لهزيمة في معركة من المعارك لفقد اهم صفاته واكثرها تأثيراً في من حوله.

السيد نصرالله يخوض الحرب القاسية التي تدور رحاها اليوم في لبنان، وهو محكوم بالنصر. لأنه في معنى من المعاني من طراز الزعماء الذين لا يستطيعون ان يخلفوا بوعودهم. كما لو ان خطأه الأول هو خطأه الاخير. لطالما عاش السيد حسن نصرالله السياسي والمقاتل في وسط محيط يخشاه، يخشى مغامراته ويخشى شجاعته واقدامه، لكنه لطالما اثبت انه يستطيع الانتصار. وهو اليوم في هذه المحنة التي يواجهها حيث وجد نفسه في مواجهة العالم اجمع، ما زال محكوماً بالانتصار.

لا شك ان هذا الرجل استثنائي ومن قماشة نادرة. لا يتكرر كثيراً وليس ثمة من يشبهه في من نعرفهم من زعماء لبنانيين. فهو واحد من اثنين اما منتصر او شهيد. وفي كلا الحالين هو رجل استثنائي وفريد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف