أخبار

الحرب في لبنان: افتتاحية إسرائيلية ونهاية إيرانية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

موسكو: إن لبنان دولة سلمية ومسالمة وتعتبر من غابر الزمان جزيرة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الفوارة. ولكنه أصبح في هذه المرة عمليا ساحة لتصفية الحسابات بين إسرائيل وإيران.

ويقول رجب صفاروف رئيس مركز الدراسات الإيرانية المعاصرة مثلا إن حزب الله الذي تحاربه إسرائيل في الواقع في لبنان يعتبر نموذجا لفيلق حرس الثورة الإيرانية ولهذا تعتبر القيادة الإيرانية لا الحكومة اللبنانية الجهة المتنفذة بالنسبة له حاليا.

لقد كانت إسرائيل متفوقة في بداية الحرب من الناحيتين السياسية والعسكرية. وحددت إسرائيل أيضا عمق العمليات التي تنفذها وحدات الكوماندوس واستمرارية الحرب المحتملة كلها وكذلك الشروط الممكنة للهدنة وعمق منطقة الأمن في جنوب لبنان وعدد أفراد قوة السلام الدولية وكيفية نشرها في هذه المنطقة. ولكن هناك كل الأسباب لأن نتوقع أن تصبح المرحلة الختامية للملحمة اللبنانية نهاية إيرانية بحتة.

كيف حدث أن تفجر الوضع حالا في الجبهة اللبنانية الإسرائيلية التي لم يكن فيها في السابق أي تنويه باحتمال تصعيد التوتر بتاتا. هيهات أن تكون سببا لذلك عملية حزب الله التي أدت الى مقتل ثمانية جنود إسرائيليين وأسر اثنين.

ويرى بعض المحللين أن هذه العملية لم تكن مفاجأة بالنسبة لإسرائيل التي استغلتها كذريعة للقضاء على حزب الله. ويرى آخرون أنه يجب البحث عن مفاتيح تسوية الوضع في لبنان في طهران ويرون أنه لو اقتفينا الأحداث اللبنانية لوجدنا أن أثرها يقودنا الى إيران.

إن "الافتتاحية الإسرائيلية" في لبنان يجب اعتبارها فاشلة بالنسبة لتل أبيب. فقد دمرت البنية التحية المدنية في لبنان من جسور وطرق ومطار وغير ذلك وتزيد الخسائر عن عشرة مليارات دولار. والأهم مقتل أكثر من ألف مدني. وكانت ضربة إسرائيل الجوابية أشد وقعا على سكان لبنان المدنيين مما على حزب الله.

وجعلت العمليات غير الفعالة كثيرا للقوات المسلحة الإسرائيلية في هذه المرة للحد من حزب الله ناهيك عن تدمير بنيته التحتية إسرائيل رهينة تكتيكها الذي اختارته وهو الحرب حتى النصر. والوضع مشكوك فيه بالنسبة لإسرائيل. إذ يتعين عليها إما أن تعجل في خوض العمليات الحربية "حتى النصر" أو أن تبحث عن طرق دبلوماسية لوقفها لأن إسرائيل لم تنجح هذه المرة في الحرب الخاطفة. وفي الوقت نفسه ليست لديها عمليا وسائل دبلوماسية للخروج من الحرب بكرامة محتفظة بماء وجهها.

ولم تعزز طهران بدورها مواقعها في الشرق الأوسط خلال هذه المغامرة اللبنانية بالرغم من كل جهودها إذا لم نقل أنها أضعفتها بوضوح في لبنان. ويتعين على طهران أن تستعيد ما خسرته.

وظل نداء الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى قادة البلدان العربية بشأن تشكيل جبهة موحدة ضد إسرائيل مسموعا ولكنه لم يتحقق. وتجدر الإشارة هنا الى شيء آخر. إذ أعرب أحد الخبراء الروس البارزين في قضايا إيران المعاصرة عن مخاوفه من أن مجلس الأمن الدولي إذا اتخذ قرارا ضد إيران (حول البرنامج النووي الإيراني) فإن هذا من الممكن أن يدفعها الى القيام بأعمال أكثر فعالية في الشرق الأوسط ومن الممكن أن يتحول النزاع الإسرائيلي اللبناني المحلي الى حرب إقليمية كبيرة.

ولحسن الحظ، لا تتحقق كل توقعات الخبراء في هذه الحالة. فمثلا فضلت جامعة الدول العربية الاقتصار على إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان ولكنها رفضت تطبيق بند ميثاق الجامعة حول تقديم المساعدة العسكرية للبلد العربي المتضرر العضو في الجامعة.

بل يمكن القول إنه ما زالت هناك سيطرة على الوضع العام حول الأزمة اللبنانية ولا يُتوقَع اندلاع حرب واسعة النطاق بين العالم العربي وإسرائيل. وقد يبدو الأمر متناقضا ولكن "تصفية الحسابات" الحالية تجري في لبنان بين إسرائيل وحزب الله الموالي لإيران.

ويتعين على إيران الآن أن تنقذ محسوبها حزب الله. لقد عرّضت الأزمة اللبنانية التي أثارها حزب الله كيان الدولة اللبنانية الذي كان يعتمد على التوازن الطائفي للخطر. وقد لاءم هذا التوازن الهش الجميع في لبنان والمنطقة على السواء. ولكنه خُرق الآن بسبب أعمال حزب الله التي تتميز بروح المغامرة.

ولا شك في أن حزب الله سيبقى بين قوى لبنان السياسية البارزة ولكن هل سيحتفظ بحقه في أن تكون له فصائله المسلحة؟ إن المسألة مشكوك فيها. ومن الصعب القول كيف ستتصرف إيران في الوضع القائم. إلا أنه لا شكوك في أنها ستعزز بشكل ملحوظ نشاطها في المسار اللبناني وعبر كافة القنوات.

بقلم معلق وكالة نوفوستي السياسي بيوتر غونتشاروف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف