اسرائيل: سباق ربع الساعة الأخير في حرب لم تحقق أهدافها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس،لندن: لم تتمكن الصحف الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم، من إحصاء عدد قتلى الجيش الاسرائيلي امس في لبنان فتراوح عدد القتلى بالنسبة لها ما بين 13-15، إلا أن صحيفة هارتس كانت اكثر ذكاء فتحدثت عن مقتل 15 جنديا على الأقل، وهي على علم بسباق ربع الساعة الأخير، الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي لتحقيق ما يستطيع تحقيقه من أهداف أعلنت عنها إسرائيل منذ بدء الحرب، وتجد نفسها مع اقتراب وقف إطلاق النار، بعيدة كثيرا عن هذه الأهداف.
إسرائيل لن تنتصر
واستبق الصحافي ناحوم بارنياع، في مقال له على الصفحة الأولى في صحيفة يديعوت احرنوت أية نتائج يمكن أن يستخلصها الإسرائيليون من حربهم السادسة بالقول بشكل حاسم وحزين "الخسارة الكبرى في هذه الحرب هي أننا اكتشفنا بان جيش الدفاع لم يحقق طموحاتنا".
وكتب بارنياع الذي ينظر لما يكتبه في إسرائيل باهتمام "إسرائيل ذاهبة إلى التوقيع على قرار وقف إطلاق النار، وهي مكبلة، ربما انتهت الحرب في مجلس الأمن، إلا أنها مستمرة في الشمال". ورأى بارنياع في هذه الحرب بأنها "حصدت أرواحا وستحصد أرواحا أخرى، ولا بد من نقاش وتحقيق واسع في خفايا هذه الحرب، لقد ضربت إسرائيل وضربت لبنان، آلاف من الإسرائيليين تحولوا إلى لاجئين، وتهدمت بنى تحتية، والضارب معروف هو حزب الله، ولكن جيش الدفاع غير قادرة على تحقيق ما نريده منه".
وعنون بارنياع مقالة بكلمتين دالتين (لن ننتصر)، وكان قبل أيام كتب من قرية عين البيضا اللبنانية حيث رافق القوات الإسرائيلية إلى جبهة الشمال، ساخرا من القيادتين السياسية والعسكرية، ومتوقعا أن لا يحقق الجيش الإسرائيلي أي من أهدافه، وسقوط عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بكمائن حزب الله، محذرا من أي تقدم بري إسرائيلي.
وغمز المعلق اليكس فيشمان زميل بارنياع على صفحة يديعوت الأولى من فشل الجيش الإسرائيلي المتكرر في عدم أهدافه، مشيرا إلى أن الذي ينتصر على الأرض هو من ينتصر في السياسة. وكتب فيشمان "إذا لم ينجح جيش الدفاع في السيطرة على جنوب لبنان، فأي اتفاق لوقف إطلاق النار، سيكون لا قيمة له، مثل ورق الثوم".
بوش يتابع اولمرت
ولكن ايهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي بدأت السكاكين الداخلية تستل للنيل منه، حتى قبل أن تصمت المدافع، فرأى في الاتفاق بانه انتصارا للدبلوماسية الإسرائيلية، مستندا على ما يبدو إلى دعم غير محدود وغير مشروط من الرئيس الأميركي جورج بوش.
وذكرت الصحف العبرية بان اولمرت عندما وصلته مسودة القرار الاممي صباح الجمعة رأى انه، يتضمن ما اسماها تنازلات للجانب اللبناني، فخاض معركة دبلوماسية استمرت 24 ساعة، حتى إدخال تعديلات، وصدور القرار كما هو عليه الان، فاصبح بالنسبة له معبرا عن مصالح بلاده.
ورغم أن اولمرت نسب ما اسماه الانتصار في إدخال التعديلات المطلوبة على القرار لنفسه ولحكومته، إلا انه في الواقع كان يعرف بان قسما كبيرا من هذا الزعم غير صحيح، فبادر منتصف ليلة السبت، بالاتصال مع الرئيس الأميركي جورج بوش، واستمرت مكالمتهما 8 دقائق. شكر اولمرت بوش على دعم أميركا لإسرائيل في صدور القرار بالتعديلات التي أرادتها إسرائيل، ورد عليه بوش قائلا "ولا يهمك..نحن معك دائما".
وحسب الصحف الإسرائيلية فان بوش قاللاولمرت "تذكر بأننا دائما معك، نحن معك على طول الخط، وأنا أتابعك خلال هذه الحرب جيدا، وادرك صعوبة القرارات التي تتخذها، نحن معك دائما يا ايهود".
وسيترأس اولمرت صباح اليوم، مسلحا بدعم بوش وبما يصفه بانتصار الدبلوماسية الإسرائيلية، الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسرائيلي، حيث اصبح من المؤكد أن يصادق هذا المجلس على القرار الامني، ليدخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ غدا الاثنين. وحتى صباح الغد، فان المعارك في جنوب لبنان تزداد ضراوة، وتزداد معها خسائر الجيش الإسرائيلي، كما ونوعا، وفي هذا المجال توقفت الصحف الإسرائيلية عند خبر إسقاط حزب الله لمروحية عسكرية بصاروخ مضاد للطائرات، بالتحليل والتعليق.
المهزوم لا يبقى في موقعه
يدرك اولمرت، اكثر من غيره ما ينتظره بعد أن تسكت المدافع، وحتى قبل وقف إطلاق النار، فان القيادة العسكرية الإسرائيلية مجروحة الكرامة، بدأت ترفع صوتها، وتغمز من قناة السياسيين. وقال الجنرال اودي آدم، قائد المنطقة الشمالية، الذي تم عزله بقرار غير معلن، بان الخطط للمعارك البرية كانت جاهزة، وبان قواته كانت على أهبة الاستعداد، تنتظر قرارا سياسيا.
ونسبت الصحف الإسرائيلية لمصادر عسكرية قولها بان تردد القيادة السياسية وعدم اتخاذها قرارا بالهجوم البري مبكرا، جاء بنتائج عكسية، محملة هذه المصادر القيادة السياسية المترددة، النتائج غير المقبولة للحرب. وتحركت المعارضة الإسرائيلية اليمينية التي وقفت خلف حكومتها خلال الحرب، لتوجه سهامها لاولمرت وأركان حربه.
ودعا عضو الكنيست زفي هنديل، في حديث لصحيفة الجيروسالم بوست، المعارضة إلى استئناف جهودها لإسقاط الحكومة، وفتح تحقيق في كيفية إدارة اولمرت لهذه الحرب، قائلا "لا يجب أن يبقى اولمرت في مكانه حتى لو يوما واحدا". وقال عضو الكنيست والقطب الليكودي سيلفان شالوم، بان قرار وقف إطلاق النار أسوأ ما عرض على إسرائيل، وان بلاده لم تحقق أهدافها من هذه الحرب، وان المجال سيبقى مفتوحا لنشاط حزب الله، ومن بينها اختطاف جنود. واضاف شالوم "لو كنا نعلم أن نتيجة الحرب ستكون هكذا، لكان افضل لو لم نبدأها".
وكتب اري شافيت "لا يمكنك أن تقود الامه باسرها إلى حرب الوعد بالنصر فتنتج الهزيمة المذلة والبقاء في السلطة، لا يمكنك دفن 120 إسرائيليا، وابقاء مليون آخر في الملاجئ لمده شهر، وتفتت قوه الردع، وتجعل الحرب المقبلة قريبة جدا، ثم تقول: أنا أخطأت".
حيفا تؤيد ولكن
استطلعت الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، آراء رؤساء السلطات المحلية، الذين تعرضت مدنهم وقراهم لسقوط صواريخ حزب الله، وكانت الآراء مرحبة بحذر. وقال يونا ياهاف رئيس بلديه حيفا، التي تصدرت في مرات كثيرة، نشرات الأخبار خلال هذه الحرب، انه يؤيد وقف إطلاق النار، والترتيبات التي وضعتها الأمم المتحدة لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله. وتعرضت حيفا، التي يقطنها 270،000 نسمة، إلى سقوط اكثر من 150 صاروخ كاتيوشا، وأدى مقتل اثنين من السكان العرب في المدينة، إلى طلب السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، من سكان المدينة العرب إلى مغادرتها.
وقال ياهاف، رغم انه يعتقد بان القتال العنيف بين إسرائيل وحزب الله في طريقه للانتهاء، لكن ذلك لن يعيد الأوضاع في المدينة إلى سابق عهدها، ولان تصبح طبيعية بسهولة. واشار الى ان مدينته ستبقى مهددة بصواريخ حزب الله، أو بخطر المفجرين الفلسطينيين، واعتبر أن هذه الحرب كانت في حقيقة الأمر المواجهة الأولى مع إيران، متوقعا الأسوأ في الفترة المقبلة.
وقال "جيشنا يحارب في لبنان، ليس حزب الله، ولكن الجيش الإيراني"، مطالبا بان يكون ما يجري في حيفا محل اهتمام العالم العربي، رابطا ما تعرضت له حيفا، بما كشف عنه من مخططات لمنظمة القاعدة لتفجير الطائرات التي كشفت قبل أيام.
واعتبر ياهاف عدم تحقيق إسرائيل لأهدافها من هذه الحرب، سيجعل الخطر قائما وقال "إذا لم نتمكن من تحقيق أمور ثلاثة: عوده الأسيرين، وتفكيك حزب الله، ونشر القوة الدولية على طول الحدود، فان كل شيء آخر هو مضيعة للوقت". واضاف "إذا لم يتحقق كل ذلك، فان العنف سينفجر مجددا". وهو ما يعتقده الكثير من الإسرائيليين، الذين سيدخلون في مرحلة حساب عسيرة مع النفس، واستخلاص العبر، لا يعرف إذا كان مراجعة مشابهة ضرورية، ستجري في الطرف العربي على الجانب الآخر.
الصحف البريطانية
من جهة ثانيةتوقفت معظم الصحف البريطانية الصادرة اليوم عند مقال نُشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ينتقد rlm;سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، وذلك في معرض رصد نتائج الحرب في لبنان بعد rlm;أن أظهرت التطورات السياسية والدبلوماسية أنها مُشرفة على خواتيمها.rlm; وتحدّثت الصحف بالطبع عن قرار مجلس الأمن رقم 1701 الداعي لوقف القتال بين الطرفين اللبناني rlm;والإسرائيلي إلا أن التركيز الأكبر كان حول مرحلة ما بعد انتهاء العمليات العسكرية ولا سيّما على rlm;الجانب الإسرائيلي.rlm;
دعوات للاستقالة rlm;
في هذا الإطار اعتبرت صحيفة الـ"أوبزرفر" أن "مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي يتوقف عند قدرته rlm;على بيع مواطنيه فكرة أن بلاده منتصرة في حرب الشمال، في ظل تصاعد نبرة الانتقادات حول أدائه rlm;في الحرب مع بروز الأصوات الأولى التي تدعوه للإستقالة".rlm; ونقلت الصحيفة بعض المقتطفات من مقال "هآرتس" الذي جاء بعنوان "على أولمرت أن يرحل" والتي rlm;يقول فيها "آري شافيت" إن أولمرت جعل إسرائيل تبدو ضعيفة وهشّة في وجه "حزب الله" ذي الثقة rlm;المتزايدة.rlm;
وفي المقال الإسرائيلي أيضا: "بعد تنفيذ الهدنة، إسرائيل ستشهد اضطرابا. فقد كان ذلك حدثا مأساويا rlm;كبيرا في تاريخ إسرائيل ولا يزال من المُبكر معرفة ما هي النتائج السياسية التي ستنتج عنه".rlm; وأشارت الـ"أوبزرفر" إلى أن المحلّلين الإسرائيليين شددوا على أن الشعب توقّع أن تنتهي الحرب rlm;سريعا وأن الجيش سيسحق حزب الله، إلا أن الإنطباع العام هو أن الصراع طال شهرا كاملا دون أي rlm;إشارة إلى تحقيق هذا الهدف.rlm;
وكشف التقرير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت واجه شجارات كبيرة في حكومته بشأن rlm;الاتجاه الذي يجب سلكه، "في إشارة إلى الاضطراب الحاصل على أعلى المستويات في إسرائيل، rlm;أولمرت منع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من حضور جلسات مجلس الأمن في الأمم المتحدة، جاعلا rlm;من إسرائيل الدولة الوحيدة المعنية التي لم تكن ممثلة على مستوى وزير الخارجية".rlm;
لم ينتصر أحد
وفي الإطار ذاته، كتب محرّر الشؤون الخارجية في الـ"أوبزرفر" بيتر بومونت مقالا قال فيه: "لم rlm;ينتصر أحد، لكن إسرائيل لم تتمكن من هزيمة حزب الله".rlm; ويقول بومونت إن إسرائيل خسرت أحد أقوى أسلحتها وهو "الشعور النفسي بقوتها العسكرية التي لا rlm;تُقهر. في الأسبوعين الآخرين تعرّض الساسة كما الجيش في إسرائيل لانتقادات بسبب مواصلة rlm;الحرب. أما أكثر شخصية تبدو في خطر فهو إيهود أولمرت الذي حاول وفشل في أن يكون أقسى من rlm;معلّمه آرئيل شارون: أولمرت فشل في إنجاز ما تعهّد به وهو تدمير حزب الله".rlm;
واعتبر بومونت أن هذه الحرب بيّنت بقوة الحاجة الملحّة للعودة إلى خطة سلام للشرق الأوسط، تكون rlm;عبارة عن "عملية مفاوضات أقل كرما تجاه إسرائيل".rlm;
وحذّر من "خطر ان يضرّ دعم أميركا غير المشروط لإسرائيل بمصالحها السياسية الأوسع في الشرق rlm;الأوسط"، خاتما بسؤال " "من ربح. ليست إسرائيل. وأكيد أنه ليس لبنان بديمقراطيته الضعيفة والتي rlm;عادت سنوات إلى الوراء. غير أن الامتحان الحقيقي لحزب الله سيكون في لبنان الذي عليه أن يقرر rlm;إذا ما كان الثمن الذي دفعه لكي يتباهى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بما فعله، كبيرا جدا rlm;جدا".rlm;
واشنطن والثمن الغالي
من جانبها ركّزت صحيفة "الصنداي تايمز" على استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة rlm;النطاق في لبنان "بهدف انتزاع نصر عسكري بعد عملية عسكرية غير منتهية أثارت انتقادات واسعة rlm;في إسرائيل والخارج".rlm; واعتبرت الصحيفة أنه "بالرغم من موافقة الخبراء العسكريين على أن حزب الله ضعف جدا وأن rlm;التأثير الإيراني في لبنان تقلّص على الأقل مؤقتا، فإن واشنطن دفعت ثمنا باهظا لتخليها عن دورها rlm;التقليدي "كوسيط نزيه" في الشرق الأوسط".rlm; وتوقفت الصحيفة عند الدعم الكبير الذي لقيه حزب الله عربيا، وتوقفت في المقابل عند استطلاع للرأي rlm;نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والذي أظهرت نتائجه أن 20% من الإسرائيليين يعتبرون أن rlm;الحرب قد تُعتبر انتصارا إذا ما انتهت الآن.rlm;
حرب ثانية
وأعادت الـ"صنداي تايمز" أيضا نشر مقتطفات من مقال الـ"هآرتس" واختارت المقطع الذي يتوجه rlm;فيه الصحافي لأولمرت قائلا له: "لا يمكنك قيادة أمة كاملة إلى الحرب واعدا بالانتصار وتُنتج هزيمة rlm;مهينة وتبقى في الحكم".rlm; المقال ذاته ذكرته صحيفة الـ"صنداي تلغراف" التي قالت إن "إيهود أولمرت سيواجه "حربا ثانية" قد rlm;تجبره على الاستقالة من منصبه بعد وقف القتال في لبنان.rlm; وتحدّثت الصحيفة عن إمكانية انضمام حزب الليكود إلى الحزب اليميني "إسرائيل بيتنا" لتشكيل جبهة rlm;معارضة موحّدة ضد أولمرت.rlm;
غير ملائم
وخصّصت الصحيفة تقريرا كاملا حول الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي وصفه "توبي rlm;هارندن" بأنه "غير ملائم للغرض".rlm; وجاء في العنوان الفرعي للتقرير: "كوفي عنان أنّب دبلوماسيي مجلس الأمن للتأخر في التوصل إلى rlm;قرار بشأن لبنان، لكن الأمم المتحدة نفسها ليست فوق الانتقاد".rlm;
وجاء التقرير مفصلا مسيرة عنان الذي تولى منصبه الحالي عام 1996 متحدثا عن "دوره في فضيحة rlm;النفط مقابل الغذاء في العراق، وموقعه كرئيس لقوات حفظ السلام في رواندا وهو الذي سحب نصف rlm;هذه القوات قبل التطهير العرقي الذي شهدته البلاد عام 1994. عنان دعم هيئة حقوق الانسان عندما rlm;كانت دول كليبيا تترأسها".rlm;
وعاد التقرير إلى القرار رقم 1701 معتبرا أن "عنان يجب أن يفاوض على توقيف وقف إطلاق النار، rlm;وأن يكون وسيطا لاتفاق حول مزارع شبعا المحتلة من إسرائيل والمتنازع على هويتها، وأن يُشرف rlm;على "حل طويل الأمد" يوافق عليه كل من لبنان وإسرائيل".rlm; وأشار المقال إلى أن عنان ربما يأمل في أن تتوجّ مهمته في لبنان مسيرته في المنظمة الدولية.rlm;